مذكرة دفاع في جنحة بلاغ كاذب
مذكرة دفاع في جنحة بلاغ كاذب
مذكرة
بدفـاع كلاٍ من :-
1 – السيد / ……
2 – السيد / ….. ( متهمان)
النيابة العامة ( سلطة أتهام )
السيد / ……. ( مدعى بالحق المدنى )
فى الجنحة رقم …. لسنة 2008 جنح الدقى المحدد لنظرها جلسة 4/2/2008
أقام المدعى بالحق المدني الجنحة الماثلة بطريق الأدعاء المباشر بصحيفة متضمنة الموضوع والطلبات إنتهى فى ختامها إلى طلب الحكم على المتهمين الأول والثانى بصفتهما بتوقيع أقصى العقوبة المنصوص عليها بالمادة (305) من قانون العقوبات مع إلزامهما بأن يؤديا له مبلغ وقدرة (2001) جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت وذلك على سند من القول أنه بتاريخ 7/8/2007 أبلغ المتهم الأول كذباً وبنية الأضرار بالمدعى بالحق المدنى بقيامه بسرقة مبلغ نقدى قدره مائة وثمانون ألف جنيهاً من فندق براميزا مملوكين للمتهم الثانى وإسترسل فى صحيفة دعواه قائلاً أنه بتاريخ 21/8/2007 أكدت النيابة العامة برائته مما هو منسوب إليه معتبراً قرار النيابة العامة بحفظ المحضر لعدم كفاية الأستدلالات حكماً بالبراءة بالرغم من أن قرار الحفظ هذا لا يمكن أن يكون دليلاً على كذب البلاغ فقد أقام الجنحة الماثلة .
1 – الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمتهم الثانى:
جاء بصحيفة الجنحة الماثلة على لسان المدعى بالحق المدنى أن المتهم الثانى يعمل رئيس مجلس إدارة فندق بيراميزا بالدقى فى حين أنه وفى حقيقة الأمر ليس رئيس مجلس إدارة الفندق كما زعم المدعى بالحق المدنى بصحيفة دعواه وأنما هو مدير عام شركة جراند القاهرة كما هو ثابت من خلال السجل التجارى للشركة المقدم بحافظة مستنداتنا بجلسة اليوم ، الأمر الذى تنتفى معه صفة المتهم الثانى فى الجنحة الماثلة ويكون المدعى بالحق المدنى قد أقام دعواه على غير ذى صفة ، مما يصح معه الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمتهم الثانى .
2 – الدفع بأنتفاء الركن المادى لجريمة البلاغ الكاذب فى حق المتهمين :
من المستقر عليه فقهاً وقضاء أن الركن المادى للبلاغ الكاذب يقوم على عنصرين أساسين أولاهما عنصر الأخبار ، وفيه يتمثل النشاط الأجرامى ، والواقعة الكاذبة التى تستوجب عقاب مَنْ تسند إليه ، و تمثل هذه الواقعة موضوع ذلك النشاط الإجرامى .
أما عن عنصر الأخبار فهو إخطار السلطات العامة بنسبة واقعة إلى شخص معين ، وهو من حيث جوهرة نشاط من شأنه إتاحة علم السلطات العامة بواقعة وبتحليل عناصر الإخبار يتضح أنه تعبير عن فكرة يستهدف جعل الغير يعلم بها ، ويعنى ذلك أن الجانى تدور فى ذهنه فكرة ويريد أن يعلم بها غيره فيخرجها من طيات نفسه بالإفصاح عنها على نحو يتيح للغير هذا العلم ، والفكرة التى يعبر عنها الإخبار هى كون الصلة قائمة بين شخص وواقعة تستوجب بصدورها عنه عقاب ، ومؤدى ذلك أن الإخبار يقوم على عناصر ثلاثة وهى أنه تعبير عن فكرة وأنه تلقائى كما أنه يتضمن إسناد واقعه إلى شخص معين ومن ثم فإن الإخبار بالضرورة يكون متخذا صورة إحدى وسائل التعبير كالقول الشفوى أو الكتابة أو الإشارة إذا كان لها دلالة مفهومة والتعبير يفترض إتصالاً بالسلطات العامة لنقل معلومات إليها فإن لم يصدر عن المتهم هذا الإتصال ولم يكن نشاطه تبعاً لذلك متضمناً الإفضاء بمعلومات فلا يقوم بذلك الإخبار ومن ثم ينهار العنصر الأساسى من عناصر الركن المادى للجريمة مما تنتفى معه الجريمة .
( د0 محمد نجيب حسني – شرح قانون العقوبات – القسم الخاص ص724طبعة سنة 1986)
بالإضافة إلى ذلك فإن الإخبار وحده لا يكفى لتكوين جريمة البلاغ الكاذب فينبغى أن يكون موضوع البلاغ واقعة مكذوبة ، إذ أن التبليغ عن واقعة صحيحة يعاقب عليها القانون يعتبر حقاً لكل شخص يحقق إستعماله مصلحة للمجتمع فى الكشف عن هذه الوقائع وملاحقة مرتكبها و لذلك لا يجوز أن يعاقب القانون على أستعمال هذا الحق ، بل أن التبليغ على هذه الوقائع قد يكون واجباً مفروضاً ، ولا يتصور أن يطالب القانون الناس بالأبلاغ ثم يعاقبهم عليه .
والأبلاغ عن الواقعة الصحيحة لا تقوم به الجريمة ولو كان المبلغ سيىء النية معتقداً عدم صحة هذه الواقعة ، إذ لا يتوافر فى هذه الحالة إلا الركن المعنوى للجريمة وهو لا يكفى وحدة لقيامها 0
( د0 فوزية عبد الستار – شرح قانون العقوبات القسم الخاص صــ 614 طبعة سنة 1983)
أما إذا كانت الواقعة المبلغ عنها صحيحة فى مجموعها ، فإن جريمة البلاغ الكاذب لا تقوم و لو كان البلاغ قد إتسم بعدم الدقة فى الذكر تفصيلات الواقعة ، أو كان مشوباً ببعض المبالغة التى لا تخرج الواقعة عن إطارها الصحيح 0
( د0 رؤوف عبيد صــ 266 )
– وحيث أن كذب البلاغ يعتبر عنصراً من عناصر جريمة البلاغ الكاذب فلا يجوز الحكم بالإدانة إلا إذا ثبت أن الواقعة المبلغ عنها واقعة مكذوبة ، ومن المستقر علية أنه إذا رفعت دعوى البلاغ الكاذب بعد أن تكون النيابة قد أصدرت فيما يتعلق بالواقعة المبلغ عنها أمر بحفظ الأوراق ( يصدر أمر الحفظ من النيابة العامة بأعتبارها سلطة أدارية وليس بإعتبارها سلطة قضائية ولذلك لا يكون له أى حجية ، أيا كانت الأسباب التى يستند إليها ، فلا تتقيد به المحكمة التى تنظر دعوى البلاغ الكاذب )
( نقض 21 مارس سنة 1929 مجموعة القواعد القانونية ج 1 رقم 198 صــ 240 )
وبإنزال ما تقدم من قواعد قانونية على أوراق الجنحة الماثلة فسوف يتضح وبجلاء براءة المتهمان من تهمة البلاغ الكاذب المسنده إليهما وذلك على الوجه التالى 0
1- المتهم الأول وكما جاء على لسان المدعى بالحق المدنى بصحيفة الجنحة المباشرة يعمل مدير إدارة المراقبة والكاميرات بفندق بيراميزا ومن ثم طبيعة عمله هى المراقبة وبالتالى فإنه مكلف بشكل رئيسى بإكتشاف أى جريمة أو مخالفة تحدث فى نطاق عمله وقد إكتشف واقعة السرقة وهى واقعة صحيحة وثابتة وليست مكذوبة فقام بالإبلاغ عنها وهو ما تمليه عليه واجبات وظيفته حفاظًا على أموال الشركاء بالشركة حيث أنه يعمل بشركة مساهمة مصرية ولا ينال من صحة البلاغ الذى تقدم به
كون النيابة العامة قد أصدرت قرارًا بحفظ المحضر مؤقتًا لعدم كفاية الإستدلالات وقد قضت محكمة النقض :
” العبرة فى كذب البلاغ أو صحته هى بحقيقة الواقع وإكتفاء الحكم فى إثبات كذب الوقائع المبلغ عنها إلى مجرد القول بحفظ الشكوى إداريًا وأن شهود الواقعة لم يسعفوا الشاكى فى إثبات إدعائه دون أن يعنى ببيان أقوال هؤلاء الشهود ووجه دلالتها . يجعله قاصرًا ” .
( 15 /12/1988 ط 3029 لسنة 57 ق ) .
كما قضى أيضًا ” أن ثبوت كذب الواقعة المبلغ عنها ركن من أركان جريمة البلاغ الكاذب بحيث يجب للحكم بالإدانه أن يثبت كذب البلاغ . وإذن فمتى رأت المحكمة أن البلاغ قد يكون صحيحًا فإن حكمها بالبراءة يكون صحيحًا ” ، ولا يصح القول بأنه إذا عجز المبلغ من الإثبات فإن بلاغه يعتبر كاذبـًا ، إذ
العبرة فى كذب البلاغ أو صحته هى بحقيقة الواقع ، والأحكام الجنائية إنما تبنى على الحقائق لا على الأعتبارات المجردة ” .
( 26/2/1945 مجموعة القواعد القانونية ج 6 ق 510 ص 652 ) .
لما كان ذلك وكانت واقعة السرقة هى واقعة صحيحة فيكون قيام المتهم الأول بالإبلاغ عنها هو حق له بل واجب عليه بحكم طبيعة عمله .
هذا بالنظر لأوراق الجنحة الماثلة نجد أن المتهم الثانى قد أقحم كمتهمًا بها إقحامًا حيث أن المتهم الثانى لم يكن له ثمة دور فى الواقعة موضوع الجنحة الماثلة وذلك كون الإخبار بواقعة السرقة قد تم عمله وكون ذلك الأبلاغ واجبًا عليه حيث أن واقعة السرقة هى واقعة صحيحة وليست مكذوبة , والسؤال المطروح هنا هو ما هى علاقة المتهم الثانى بالواقعة موضوع الجنحة الماثلة ؟ فهو لم يقم بالإخبار ولم يبلغ بشىء وبالتالى ينهار فى حقه العنصر الأساسى من عناصر الركن المادى للجريمة ألا وهو عنصر الإخبار .
من جماع ما تقدم يتضح لعدالة المحكمة إنتفاء الركن المادى لجريمة البلاغ الكاذب مما يتعين معه ببراءة المتهمان مما هو منسوب إليهما .
3 – الدفع بأنتفاء الركن المعنوى لجريمة البلاغ الكاذب :
من المستقر عليه فقهًا وقضاءًا أن جريمة البلاغ الكاذب جريمة عمدية , يتخذ ركنها المعنوى صورة القصد الجنائى ، والقصد المتطلب فى هذه الجريمة هو القصد الخاص ، فلا يكفى لقيامها القصد العام ، والقصد الخاص يتمثل فى نية الأضرار بالمجنى عليه .
( د0 فوزية عبد الستار – شرح قانون العقوبات القسم الخاص صــ 623 )
– وقد قضت محكمة النقض أنه :
” يقوم القصد العام على عنصرى العلم والإرادة ، فيجب أن يكون الجانى عالمًا وقت تقديم بلاغه أن الواقعة المبلغ عنها تستوجب عقاب من أسندت إليه وأنه يقدم بلاغه إلى أحد الحكام القضائيين أو الإداريين ويجب أن يكون عالمًا علمًا يقينيًا لا يداخله أى شك بأن الواقعة التى أبلغ بها كاذبة ، وأن المبلغ ضده برئ منها ” .
( نقض 14 مايو 1972 مجموعة أحكام محكمة النقض س 23 رقم 155 ص 691 )
هذا ولا يكفى لتحقق الركن المعنوى فى جريمة البلاغ الكاذب أن يتوافر القصد العام وإنما يجب أن يثبت بالإضافة إليه توافر القصد الخاص وهو يتمثل فى إتجاه المبلغ إلى الإضرار بالمبلغ عنه ، وقد عبر المشرع عن ذللك ” بسوء القصد ” وعبر عنها القضاء بأنها ” إرادة إيقاع العقاب بالمبلغ فى حقه ” .
( نقض 7/11/1929 مجموعة القواعد القانونية ج 1 رقم 318 ص 362 )
وتطبيقًا لذلك قضى بأن ” مناط المسئولية فى جريمة البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ عالمًا علمًا يقينيًا لا يداخله أى شك فى أن الواقعة المبلغ بها كاذبة وأن المبلغ ضده برئ منها وأن ينتوى السوء والإضرار بمن أبلغ فى حقه ” .
( نقض 23/2/1975 مجموعة أحكام محكمة النقض س 26 رقم 40 ص 179 )
( نقض 11/6/1978 س 29 رقم 112 ص 587 )
( نقض 1/4/1979 س 30 رقم 101 ص 481 )
” ولما كان الركن المعنوى لا يقوم فى جريمة البلاغ الكاذب إلا إذا توافر القصد العام والخاص ، فإن حكم الإدانة يجب أن يعنى ببيان القصد بعنصريه ” .
( نقض 11/12/1950 مجموعة أحكام محكمة النقض س رقم 124 ص 338 ، نقض 9/4/1957 س8 رقم 105 ص 387 ) .
” وعلى ذلك يكون الحكم قاصرًا إذا إقتصر على بيان توافر القصد العام دون أن يبين توافر نية الإضرار بالمجنى عليه ”
( نقض 14/1/1963 مجموعة أحكام محكمة النقض س 14 رقم 3 ص 20 )
” أو إذا إقتصر على إثبات توافر نية الأضرار دون أن يبين أن المبلغ كان يعلم بكذب الواقعة المبلغ عنها وقت تقديم البلاغ ” .
( نقض 1/5/1939 مجموعة القواعد القانونية ج 4 رقم 383 ص 534 )
( نقض 8/5/1951 مجموعة أحكام النقض س 2 رقم 391 ص 1073 )
وبإنزال ما سبق من قواعد وأحكام على وقائع الجنحة الماثلة نجد إنتفاء الركن المعنوى لجريمة البلاغ الكاذب سواء القصد العام أو القصد الخاص حيث أن الواقعة المبلغ بها وهى واقعة السرقة واقعة صحيحة وأن نية المبلغ لم تتجه مطلقًا إلى الإضرار بالمبلغ ضده وإنما هو وكما سبق أن أوضحنا قام بالإبلاغ لأن ذلك مما تفرضه عليه واجبات وظيفته لا سيما وأن واقعة السرقة هى واقعة صحيحة وليست
مكذوبة فهو يعلم علمًا يقينيًا لا يداخله شك بأن تلك الواقعة أى واقعة السرقة هى واقعة صحيحة والعكس ليس صحيح .
يلتمس المتهمين من عدالة المحكمة :
أولاً : عدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمتهم الثانى .
ثانيًا : الحكم ببراءة المتهمان مما هو منسوب إليهما لإنتفاء أركان جريمة البلاغ الكاذب .