صيغة ونموذج مذكرة دفاع بعدم جواز الرجوع في الوقف – أبدية الأموال الموقوفة

وزارة العدل – مصلحة الخبراء
“مكتب خبراء شمال القاهرة”
عناية السيد الخبير الأستاذ/ مُصطفى صيام

مذكرة بأقوال ودفاع

هيئة الأوقاف المصرية (مدعى عليها)

ضـــــــد

السادة/ ورثة: عبد الحميد ********** (مدعين)

في الدعوى رقم 4 لسنة 2004 مدني كلي شمال القاهرة
والمحدد لمناقشتها أمام الخبرة الفنية جلسة يوم الاثنين الموافق 26/12/2011م

الوقائع
تقرر هيئة الأوقاف المصرية – بدايةً – بأنها لم تعلم شيئاً عن الدعوى الماثلة المقامة في أوائل سنة 2004، وطيلة أكثر من سبع سنوات كاملة، حتى فوجئت بإخطار الخبراء باستدعائها للحضور بجلسات مناقشة الخبرة الموقرة في تلك الدعوى في عام غضون عام 2011؟!! فإذا كانت هيئة الأوقاف المصرية مختصمة أصلياً في تلك الدعوى، فأين كانت توجه الإعلانات القضائية إليها؟!! وكيف لم يتصل علمها بتلك الدعوى خلال أكثر من سبع سنوات كاملة تداولت فيها تلك الدعوى في غيبة كاملة من هيئة الأوقاف المصرية؟!! ولماذا أقامها المدعون في محكمة شمال القاهرة، على الرغم من أن أعيان وقف التداعي بعضها في محافظة الغربية وبعضها في حلوان (التابعة لمحكمة جنوب القاهرة) كما إن مقر وزارة الأوقاف (سواء ديوان عام الوزارة أو مقر هيئة قضايا الدولة) كلاهما يتبع محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، كما إن مقر هيئة الأوقاف المصرية بالدقي يتبع محكمة الجيزة الابتدائية، فعلى أي أساس أقام المدعون دعواهم الماثلة في محكمة شمال القاهرة ودون إعلان صحيح قانوناً لهيئة الأوقاف المصرية طيلة أكثر من سبع سنوات كاملة؟!! وماذا يبتغي المدعون من وراء تلك الحيل بالتواطؤ مع بعض خربي الذمم من موظفي أقلام المحضرين (هذا إن كانوا قد دونوا عناوين مقر هيئة الأوقاف المصرية صحيحة من الأساس)؟!!
ولما كانت الدعوى الماثلة، حسبما تبين من مطالعة صحيفة دعواها أمام الخبرة الموقرة، هي: دعوى استحقاق في وقف التداعي. علماً بأن ذات المدعون قد سبق لهم أن أقاموا دعوى أخرى بذات الطلبات (وهي الدعوى رقم 3162 لسنة 1997 مدني كلي جنوب القاهرة) ولم يقض فيها بحكم نهائي حتى تاريخه؟!! حيث قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بوقفها تعليقاً لحين الفصل في الجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب والتي أقامتها النيابة العامة – بناء على شكوى وزير الأوقاف بصفته ضد المدعين في الدعوى الماثلة بتهمة التزوير واستعمال محرر مزور والاستيلاء على المال العام، وتلك الجنحة ما زالت متداولة أمام المحكمة الجنائية ولم يفصل فيها بعد. فما الهدف من إقامة ذات الدعوى من ذات المدعين مرة ثانية ولكن أمام محكمة أخرى مختلفة وغير مختصة وفي محاولة مضنية من المدعين لتغييب هيئة الأوقاف؟!!
وعلى كل حال، فسنتولى سرد دفاعنا في دعوانا الماثلة على ضوء ما تبين لنا من مطالعة لصحيفة الدعوى أمام الخبرة الموقرة، وذلك على النحو التالي:

أقوال ودفاع هيئة الأوقاف
1- أولاً- هيئة الأوقاف المصرية تدفع بعدم اختصاص عدالة محكمة شمال القاهرة محلياً بنظر الدعوى الماثلة، مع طلب إحالتها بحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية المختصة محلياً بنظرها:
مع تسليمنا بأن الخبرة الموقرة مختصة أصلياً بالمسائل الفنية البحتة، دون المسائل القانونية، إلا إنه يتعين علينا – قانوناً – إبداء وإثبات الدفوع القانونية (بدون الخوض في التفاصيل) لا سيما تلك التي يسقط الحق في التمسك بها بالكلام في الموضوع (ومن بينها الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً).

وهذا الدفع يستند إلى نص المادة 49 من قانون المرافعات والتي تقضي بأن:
“يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المُدعى عليه، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. فإن لم يكن للمُدعى عليه موطن في الجمهورية يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها محل إقامته. وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم”.
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أنه:
“لما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 49 من قانون المرافعات على أن “وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم” قد ورد في عبارة عامة مطلقة بحيث يتسع لكافة المدعى عليهم المتعددين في الخصومة تعدداً حقيقياً، والمقصود بهم هؤلاء الذين وجهت إليهم طلبات في الدعوى لا أولئك الذين اختصموا ليصدر الحكم في مواجهتهم أو لمجرد المثول فيها”.
(نقض مدني في الطعن رقم 1697 لسنة 55 قضائية – جلسة 23/2/1989 مجموعة المكتب الفني – السنة 40 – صـ 593 – فقرة 1).

لما كان ذلك، وكان موطن هيئة الأوقاف المصرية (وهو قانوناً: مركز إدارتها الرئيسي الكائن بالعقار رقم 109 بشارع التحرير بميدان الدقي بمحافظة الجيزة) يتبع محكمة الجيزة الابتدائية، كما إن موطن وزارة الأوقاف (الديوان العام في باب اللوق بالقاهرة) يتبع محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، كما إن موطن هيئة قضايا الدولة (بمجمع التحرير) تتبع محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، كما إن أعيان التداعي بعضها كائن بمدينة حلوان وهي تتبع محكمة جنوب القاهرة الابتدائية وبعضها أطيان زراعية بمحافظة الغربية، وليس من بين المدعى عليهم الحقيقيون موطن يتبع محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ومن ثم تكون عدالة محكمة شمال القاهرة الابتدائية غير مختصة محلياً بنظر النزاع الماثل، ومن ثم يتعين – والحال كذلك – إحالة الدعوى الماثلة لمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية لنظرها.2- ثانياً- هيئة الأوقاف المصرية تجحد كافة الصور الضوئية المقدمة من المدعين في الدعوى الماثلة:
حيث قدم المدعون في الدعوى الماثلة صوراً ضوئية لمستنداتهم بحوافظ مستنداتهم المقدمة في الدعوى الماثلة، وهيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها) تتمسك بجحد كافة الصور الضوئية المُقدمة من المدعين في الدعوى الماثلة.
لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء النقض أنه:
“لا حجية لصور الأوراق في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل إذا كان موجوداً فيرجع إليه كدليل في الإثبات. أما إذا كان الأصل غير موجود فلا سبيل للاحتجاج بالصورة إذا أنكرها الخصم ومن ثم لا تثريب على محكمة الموضوع بدرجتيها إن هي التفتت بالتالي عن صورة الورقة المقدمة من الطاعن ولا عليها إن هي لم تُجر تحقيقاً في هذا الشأن ولم ترد على ما أبداه من دفاع”.
(نقض مدني في الطعن رقم 407 لسنة 49 قضائية – جلسة 19/12/1982.
وفي الطعنين رقمي 598 و 55 لسنة 50 قضائية – جلسة 28/2/1984).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على أنه:
“… وإذ كان الطاعنون لم يقدموا للتدليل على أن وفاة المرحوم/ …… قد حدثت فى تاريخ سابق على قفل باب المرافعة فى الاستئناف سوى صورة عرفية من شهادة وفاة وإشهاد وراثة، بينما تمسك المطعون ضده الأول فى مذكرته بانتفاء أي حجية للصور العرفية، مما يتعين معه عدم التعويل عليها فى الإثبات، ويكون النعي بهذا السبب عارياً عن الدليل ومن ثم غير مقبول”.
(نقض مدني في الطعن رقم 308 لسنة 51 قضائية – جلسة 5/12/1985 مجموعة المكتب الفني – السنة 36 – صـ 1087 – فقرة 2.
وفي الطعن رقم 1314 لسنة 49 قضائية – جلسة 19/5/1980).
وأخيراً، فقد تواترت أحكام محكمة النقض على أن:
“استناد الخصم إلى الصورة الشمسية للمستند. التفات الحكم عن الورقة. لا قصور”.
(نقض مدني في الطعن رقم 1196 لسنة 53 قضائية – جلسة 1/2/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – صـ 410 – فقرة 4.
وفي الطعن رقم 687 لسنة 43 قضائية – جلسة 24/1/1978 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 279).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان المدعون في الدعوى الماثلة قد جاءت مُستندات دعواهم الماثلة خالية من أصولها، وكانت هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها) قد جحدت تلك الصور الضوئية المُقدمة منها، الأمر الذي يُفقدها حُجيتها في الإثبات، ومن ثم يتعين الالتفات عن تلك المستندات بالكلية وعدم العويل عليها عند وضع التقرير من الخبرة أو عند الفصل فيها من المحكمة.

3- ثالثاً- وهيئة الأوقاف المصرية تدفع بعدم قبول طلب الدعوى الماثلة لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في المنازعات:
حيث تنص المادة 1 من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها، على أن:
“ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المنازعات المدنية التجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة …”.
كما تنص المادة 4 من ذات القانون على أن:
“عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفاً فيها، وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية، أو تلك التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة، أو توجب فضها أو تسويتها أو نظر التظلمات المتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية أو يتفق على فضها عن طريق هيئات تحكيم، تتولى اللجان المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه، ويكون اللجوء إلى هذه اللجان بغير رسوم”.
كما تنص المادة 11 من ذات القانون على إنه:
“عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ. لا تقبل الدعاوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول وفقاً لحكم المادة السابقة”.
كما تنص المادة 14 من القانون سالف الذكر على أن:
“ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000”.
كما تنص المادة 115 من قانون المرافعات على أن:
“الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أي حالة تكون عليها الدعوى”.
ومن المقرر فقهاً أن:
“المشرع قد جعل اللجوء إلى لجان التوفيق وجوبياً في المنازعات الخاضعة لأحكام قانون لجان التوفيق، ومن ثم فلجوء صاحب الشأن إلى المحكمة مباشرة دون عرض النزاع على لجان التوفيق ودون مراعاة الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها في القانون في شأن المنازعات الخاضعة لأحكامه يترتب عليه أن تكون الدعوى غير مقبولة لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون”.
(لطفاً، المرجع: “قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة” – للمُستشار/ عبد الرحيم على محمد – الطبعة الثانية – صـ 13).
ومن المقرر فقهاً كذلك أن:
“صياغة نص المادة الحادية عشر سالفة البيان جاءت صريحة وواضحة في أن اللجوء إلى لجان التوفيق بالنسبة للمنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون قد أصبح وجوبياً حيث رتبت هذه المادة جزاء على مخالفة ذلك وهو عدم قبول الدعوى.
ولا يقتصر الوجوب على مجرد تقديم الطلب، بل يجب الانتظار إلى حين فوات ميعاد الستين يوماً المقررة لإصدار توصية اللجنة خلالها في حالة عدم إصدار اللجنة لتوصيتها.
فلا يجوز لذوي الشأن اللجوء إلى المحاكم إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية وفوات الميعاد المقرر لعرضها دون قبول وإلا كانت الدعوى غير مقبولة لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون”.
(لطفاً، المرجع: “قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة” – للمُستشار/ عبد الرحيم على محمد – الطبعة الثانية – صـ 242 ، 243).
علماً بأن الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها بالمادة الحادية عشر سالفة الذكر تتعلق بالنظام العام، وبالتالي فإن اللجوء إلى المحاكم المختصة مباشرة في منازعة خاضعة لأحكام هذا القانون دون مراعاة الإجراءات والمواعيد المذكورة يترتب عليه عدم قبول الدعوى وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
فالمقرر في قضاء محكمة النقض أن:
“الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم مراعاة الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها يعتبر دائماً مطروح على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في التمسك به ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها”.
(نقض مدني في الطعن رقم 504 لسنة 61 قضائية – جلسة 1/3/1998.
مشار إليه في: “قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة” – للمُستشار/ عبد الرحيم على محمد – الطبعة الثانية – صـ 243).
لما كان ذلك، وكانت الدعوى الماثلة ليست من المنازعات المستثناة من العرض على اللجان المنصوص عليها بالقانون رقم 7 لسنة 2000، وقد خلت أوراق الدعوى الماثلة مما يؤشر على سلوك المدعون هذا الطريق الإجرائي، ومن ثم يكون قد تنكبوا الدرب السديد مما يجعل اتصال المحكمة بهذا التدخل قد وقع على غير مراد الشارع، ويكون الدفع بعدم قبول التدخل قد صادف صحيح القانون لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000.

4- رابعاً- هيئة الأوقاف المصرية تدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها من غير ذي صفة:
حيث تنص المادة الثالثة من قانون المرافعات على أنه:
“لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيه مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون … وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها في أي حال تكون عليها الدعوى بعدم القبول في حالة عدم توافر الشروط المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين”.
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أن:
“الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة المدعي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو دفع موضوعي يقصد به الرد على الدعوى برمتها. ويترتب على قبوله أن يخسر المدعي دعواه بحيث لا يستطيع العودة إليها وتستنفد محكمة الدرجة الأولى بالقضاء فيه ولايتها في الفصل في موضوع الدعوى”.
(نقض مدني في الطعن رقم 185 لسنة 45 قضائية – جلسة 15/3/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 751.
مشار إليه في: “الموسوعة القانونية” – للمستشار/ كمال عطية CD).
كما تنص المادة 115 من قانون المرافعات على أن:
“الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبدائه في أية حالة تكون عليها …”.
وقد قضت محكمة النقض بأن:
“الدفع بعدم قبول الدعوى إعمالاً للمادة 115 مرافعات يرمي إلى إنكار سلطة المدعي في استعمال الدعوى، ويجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف”.
(نقض مدني في الطعن رقم 508 لسنة 45 قضائية – جلسة 11/5/1987 مجموعة المكتب الفني – السنة 29 – صـ 1228.

مشار إليه في: “الموسوعة القانونية” – للمستشار/ كمال عطيةCD ).
لما كان ما تقدم، وكان سند المدعون في الدعوى الماثلة هي إعلامات وراثة تزعم انتسابهم للواقف في وقف التداعي، وكانت تلك الإعلامات مزورة ومقام بشأنها العديد من الدعاوى المدنية ببطلانها (نذكر منها الدعوى رقم 15 لسنة 2008 أسرة السيدة زينب، والتي أحيلت لمحكمة باب الشعرية، ببطلان إعلام الوراثة رقم 18 لسنة 1998 وراثات السيدة زينب الجزئية للأحوال الشخصية الصادر بجلسة 19/1/1998 واعتباره كأن لم يكن وعدم الاعتداد به)، فضلاً عن دعوى جنائية متهم فيها المدعين في الدعوى الماثلة بتهمة التزوير في أوراق رسمية والاستيلاء على مال عام (وذلك بالجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب والتي أقامتها النيابة العامة – بناء على شكوى وزير الأوقاف بصفته – بتهمة التزوير واستعمال محرر مزور والاستيلاء على المال العام)، وجميعهم ما زالوا متداولين أمام المحاكم ولم يفصل فيها حتى تاريخه.
لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً، أن دعوى الاستحقاق في الوقف – لا تقبل إلا من ذي شأن له صلة بالوقف – وأن التعرض لموضوع الاستحقاق قبل تحقيق هذه الصلة والتحقق منها – خطأ.. حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن:
“دعوى الاستحقاق في الوقف لا تقبل إلا من ذي شأن له صلة بالوقف، هو ومن يدعي أنه تلقى الاستحقاق عنه، بحيث لا يكون لقاضي الدعوى أن يعرض لموضوع هذا الاستحقاق أو أن يمهد لقضائه فيه، قبل تحقيق هذه الصلة والتحقق منها. وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعنين أنكروا صلة المطعون عليهم بالوقف وبمن يدعون أنهم تلقوا الاستحقاق عنه، وكان الحكم المطعون فيه قد تخلى عن تحقيق هذه الصلة وأحال النظر فيها إلى محكمة أول درجة بعد أن كانت قد استنفدت ولايتها على الدعوى بالحكم في موضوعها، وعرض – مع ذلك – لموضوع الاستحقاق ومهد لقضائه فيه بقوله أن الوقف مرتب الطبقات ترتيباً إفرادياً وأن من مات صرف ما استحقه أو كان يستحقه إلى فرعه وفقاً للمادة 32 من قانون الوقف، ورتب على ذلك أن الدعوى تكون مسموعة شرعاً ومقبولة قانوناً ولا مانع من السير فيها لإثبات أنهم من ذرية الموقوف عليها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه”.

(نقض مدني في الطعن رقم 11 لسنة 33 قضائية “أحوال شخصية” – جلسة 30/6/1965 مجموعة المكتب الفني السنة 16 صـ 858.
مشار إليه في : “منازعات الأوقاف والأحكار في ضوء الفقه والقضاء والتشريع” – للدكتور/ عبد الحميد الشواربي – طبعة 1995 الإسكندرية – صـ 55).
وهدياً بما تقدم، ولما كان إعلام الوراثة سند المدعين في الدعوى الماثلة، مثار بشأنه دعوى ببطلانه لتزويره، وكان المدعون في الدعوى الماثلة محل اتهام في جنحة تزوير إعلامات الوارثة التي تزعم انتسابهم للواقف في وقف التداعي، ومن ثم فإن ذلك يقطع بتزوير سند المدعين في الدعوى الماثلة، وإنهم ليسوا من ورثة الواقف في وقف التداعي، ومن ثم تكون الدعوى الماثلة باستحقاقهم في وقف التداعي مقامة من غير ذي صفة، جديرة بعدم القبول، وما هو ما يتعين الحكم بمقتضاه.5- خامساً- هيئة الأوقاف المصرية تدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة، وبسقوط الحق فيها (على فرض وجود هذا الحق أصلاً) بمضي المدة الطويلة:
حيث تنص الفقرة الثانية من المادة 8 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أنه:
“لا تقبل دعوى الوقف أو الإرث عند الإنكار متى رفعت بعد مُضي ثلاثة وثلاثين سنة من وقت ثبوت الحق، إلا إذا قام عذر حال دون ذلك”.
وكان من المستقر عليه قانوناً أن الدعاوى التي يمنع من سماعها مضي 33 سنة هي الدعاوى المتعلقة بعين الوقف – منع سماع دعاوى الاستحقاق فيه بمضي 15 سنة؛ حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن:
“مفاد نص المادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية (المُقابلة لنص المادة 8 من القانون رقم 1 لسنة 2000) أن الدعاوى التي يمنع من سماعها مضي ثلاث وثلاثين سنة هي – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – الدعاوى المتعلقة بعين الوقف ولا تدخل في نطاقها الدعاوى التي يرفعها المستحقون على الوقف بثبوت استحقاقهم فيه إذ هي من قبيل دعوى المُلك المطلق التي يمنع من سماعها مضي خمس عشرة سنة. وإذ كانت دعوى المطعون عليهم لا تتعلق بأعيان الوقف وإنما تقوم على أساس ثبوت استحقاقهم حصصاً في الشق الأهلي من الوقف أخذاً بشرط الواقف، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع – بعدم سماع الدعوى – على سند من أن المدة المانعة من سماع الدعوى هي ثلاث وثلاثون سنة من تاريخ وفاة أصول المطعون عليهم متحجباً بذلك عن التحقق من مضي مدة الخمسة عشرة سنة الواجبة التطبيق فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون”.
(نقض مدني في الطعن رقم 9 لسنة 29 قضائية “أحوال شخصية” – جلسة 23/2/1961 مجموعة المكتب الفني – السنة 12 – صـ 186.
وفي الطعن رقم 22 لسنة 44 قضائية “أحوال شخصية” – جلسة 14/4/1976 مجموعة المكتب الفني – السنة 27 – صـ 954.
مشار إليهما في: “منازعات الأوقاف في ضوء الفقه والقضاء والتشريع” – للدكتور/ عبد الحميد الشواربي – طبعة 1995 الإسكندرية – صـ 92 : 96..
وكذلك في: “قوانين الوقف ومنازعاته في ضوء الفقه والقضاء” – للمستشار/ عبد الرحيم على على محمد – الطبعة الأولى 1999 القاهرة – بند 335 – صـ 216 وهامش 2 بذات الصفحة).
علماً بأن المدة المقررة لسماع الدعوى ليست مدة تقادم، ومن ثم فلا محل لتطبيق أحكام التقادم ووقفه في القانون المدني بالنسبة للمدة المنصوص عليها في المادة 8 – سالفة الذكر – لسماع الدعوى؛ حيث أنه من المقرر في قضاء النقض أن:
“مفاد المادة 375 من اللائحة (المُقابلة لنص المادة 8 من القانون رقم 1 لسنة 2000) أن المدة المقررة لسماع الدعوى ليست مدة تقادم يعمل في شأنها بقواعد التقادم الواردة في القانون المدني، وإنما مبناها مجرد نهي المشرع للقضاة من سماع الدعوى بمجرد انقضاء المدة المقررة لسماعها، ولا يقف سريانها إلا بقيام عذر شرعي بالمدعي يحول بينه وبين رفع الدعوى ما بقى هذا العذر قائماً، وأن المراد في اعتبار المدعي معذوراً – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون في وضع لا يتمكن معه من رفع الدعوى إن حقيقة أو حكماً”.
(نقض مدني في الطعن رقم 27 لسنة 48 قضائية “أحوال شخصية” – جلسة 12/5/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – الجزء الثاني – صـ 1430 – قاعدة 259.
وفي الطعن رقم 32 لسنة 29 قضائية “أحوال شخصية” – جلسة 2/5/1962 مجموعة المكتب الفني – السنة 13 – صـ 559.
مشار إليهما في: “قوانين الوقف ومنازعاته في ضوء الفقه والقضاء” – للمستشار/ عبد الرحيم على على محمد – الطبعة الأولى 1999 القاهرة – بند 343 ، 344 – ص 220 ، 221 وهامش 1 و 2 صـ 221).
لما كان ما تقدم، وكان القانون رقم 180 لسنة 1952 بشأن إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، قد صدر ونشر بالجريدة الرسمية في تاريخ 14/9/1952 إلا أن الدعوى الماثلة (للمطالبة بالاستحقاق في الوقف) لم ترفع وتقيد في المحكمة إلا في غضون عام 2004، أي بعد مُضي ما يقرب من 52 عاماً، مما يحق معه لهيئة الأوقاف المصرية الدفع بعدم سماع الدعوى الماثلة لمضي مدة أكثر من خمس عشرة سنة على نشوء الحق فيها – على فرض وجود هذا الحق أصلاً – وعدم رفعها مع التمكن من ذلك وعدم وجود عذر شرعي مقبول لعدم رفعها؛ وعليه يكون هذا الدفع قد صادف عين الحقيقة جديراً بالقبول والقضاء به.

6- سادساً- رد هيئة الأوقاف المصرية على زعم المدعين “ببطلان حجة التغيير الصادرة من زوجة الواقف”:
* من ناحية أولى: تنص المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن أحكام الوقف، على إنه:
“للواقف أن يشترط لنفسه – لا لغيره – الشروط العشرة أو ما يشاء منها وتكرارها، على ألا تنفذ إلا في حدود القانون”.
وحيث تنص المادة 60 من ذات القانون على أن:
“الأحكام النهائية التي صدرت قبل العمل بهذا القانون في غير الولاية على الوقف تكون نافذة بالنسبة لطرفي الخصومة ولو خالفت أحكام هذا القانون”.
كما تنص المادة 62 من ذات القانون سالف الذكر على أن:
“على وزير العدل تنفيذ هذا القانون ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية”.
صدر هذا القانون ونشر بجريدة الوقائع المصرية في 17 يونيو سنة 1946م بالعدد 61
لما كان ما تقدم، وحيث إن المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بشأن أحكام الوقف والتي يستند إليها المدعون في دفعهم ببطلان حجة التغيير الصادرة من زوجة الواقف بعد وفاته (الحجة الأخيرة المؤرخة 17/11/1931م)، لما كانت المادة 12 هذه قد صدرت بالقانون رقم 48 لسنة 1946 المعمول به اعتباراً من 17 يونيو سنة 1946 والذي نص فيه أيضاً على أن جميع التصرفات والأحكام النهائية التي صدرت قبل العمل بهذا القانون فهي سارية ونافذة طبقاً لصريح نص المادة 60 من ذات القانون المذكور، وحيث إن القانون رقم 48 لسنة 1946 قد نص على تاريخ سريانه الذي يبدأ في 17 يونيو سنة 1946 ولم يضع تاريخاً أسبق على سريانه، ومن ثم فإن جميع التصرفات والأحكام النهائية والمراكز القانونية التي استقرت قبل العمل به تكون سارية ونافذة طبقاً لصريح نص المادة 60 من القانون المذكور.
لما كان ذلك، وكان نص المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 والذي جعل الشروط العشرة مقصورة على الواقف فقط – لا غيره – وكان هذا النص لا ينطبق على وقائع الدعوى الماثلة حيث إن الواقف قد اشترط لزوجته الشروط العشرة بعد وفاته، وكان ذلك قبل تاريخ العمل بقانون الوقف رقم 48 لسنة 1946، كما إنه قد صدر به حكم نهائي، وبيان ذلك كالآتي:
– الواقف الأصلي لأرض التداعي هو/ محمد راتب باشا، وأوقفها بموجب حجة وقف صادرة من محكمة مصر الابتدائية الشرعية في 20 يونيو سنة 1900 ومسجلة بسجلات الإشهاد بها في 4 يوليو سنة 1901 برقم 690 مسلسلة ومسجلة بوزارة الأوقاف برقم 2686/40، حيث أوقف مساحة من الأرض قدرها 6س 20ط 626ف (ستمائة وستة وعشرون فدان وعشرون قيراط وستة أسهم) كائنة بناحية كتامة – مركز بسيون – محافظة الغربية، منها مساحة 16س 13ط 105ف (مائة وخمسة أفدنه وثلاثة عشر قيراط وستة عشر سهماً) في البند الأول من الحجة على مدفنه لعمارته ومرمته وقراءة القرآن والحديث، وأوقف باقي الأعيان المذكورة بحجة الوقف – والواردة في البنود من الثاني حتى الأخير – على نفسه حال حياته ثم على زوجته الست/ كلبري هانم الشركسية من بعده، ثم من بعدها يكون وقفاً على أخويه لوالده، محمود بك طلعت و علي بك رضا، وجعل النظر على الوقف لنفسه ومن بعده لزوجته، واشترط لنفسه الشروط العشرة.
– ثم بموجب حجة تغيير وتعديل صادرة عن محكمة مصر الشرعية بتاريخ 13 مارس سنة 1910 أجرى الواقف تعديلاً وتغييراً على حجة الوقف الأولى الصادرة في 20 يونيو سنة 1900 وذلك بأن اشترط في حجة التغيير لزوجته الست/ كلبري هانم – بعد وفاته – الشروط العشرة (الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال)، وحيث قد صدرت حجة التغيير هذه والتي اشترط فيها الواقف لزوجته – من بعده – الشروط العشرة في تاريخ 13 مارس 1910 من محكمة مصر الشرعية، أي قبل العمل بأحكام القانون رقم 48 لسنة 1946 المعمول به اعتباراً من 17 يونيو سنة 1946 (أي إن حجة التغيير قد صدرت من المحكمة الشرعية المختصة قبل صدور قانون الوقف المذكور بحوالي 36 عاماً)، ومن ثم فلا يسري حكم نص المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 على وقف التداعي، وعليه تكون حجة التغيير والتعديل الصادرة من المحكمة الشرعية المختصة في عام 1910 قد صدرت صحيحة وفق صحيح القانون (والشريعة السمحاء) ولم يشوبها أي بطلان كما يزعم المدعون.
– ثم بعد وفاة الواقف وحلول زوجته محله في النظارة على وقف التداعي، قامت – بما لها من الشروط العشرة التي اشترطها لها الواقف – بإخراج جميع المستحقين في حصة الوقف الأهلي الموقوف ريعها عليهم والواردة في البنود من الثاني حتى الأخير بحجة الوقف الأولى، ومن ثم أوقفتها جميعاً على نفسها حال حياتها وجعلتها بعد وفاتها وقفاً خيرياً صرفاً على الجمعية الجغرافية الملكية (وهي جهة بر عام لا تنقطع)، وأبقت على القدر الموقوف على مدفن زوجها، وذلك بموجب حجة التغيير الأخيرة الصادرة من المحكمة الشرعية المختصة في تاريخ 17 نوفمبر من سنة 1931 ومسجلة بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية برقم 8270/63 و 23717/90. وحيث صدرت حجة التغيير سالفة الذكر في عام 1931 ومن ثم فلا يسري عليها نص المادة 12 من القانون رقم 48 لسنة 1946 المعمول به اعتباراً من عام 1946 (أي بعد حوالي 15 سنة من صدور حجة التغيير المذكورة)، وعليه تكون حجة التغيير والتعديل الصادرة من المحكمة الشرعية المختصة في عام 1931 قد صدرت وفق صحيح القانون (والشريعة السمحاء) ولم يشوبها أي بطلان.
* هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية: فإن المادتين 187 و 188 من الدستور المصري تنصان على أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، وأن القوانين تنشر في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم صدورها، ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها إلا إذا حدد لذلك ميعاداً آخر في قانون الإصدار.
وعدم سريان القوانين بأثر رجعي قاعدة أصولية عامة معمول بها في كافة الشرائع والقوانين، وقانون أحكام الوقف ذاته أخذ بها حين نص في صدر المادة الأولى منه على أنه:
“من وقت العمل بهذا القانون لا يصح الوقف ولا الرجوع فيه ولا التغيير في مصارفه وشروطه ولا الاستبدال به من الواقف إلا إذا صدر بذلك إشهاد ممن يملكه لدى إحدى المحاكم …”.
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه:
“الأصل أنه لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، فليس للمحاكم أن ترجع إلى الماضي لتطبيق القانون الجديد على علاقات قانونية نشأت قبل نفاذه أو على الآثار التي ترتبت في الماضي على هذه العلاقات قبل العمل بالقانون الجديد بل يجب على القاضي عند بحثه في هذه العلاقات القانونية وما يترتب عليها من آثار أن يرجع إلى القانون الساري عند نشوئها وعند إنتاجها هذه الآثار”.
(نقض مدني في الطعن رقم 482 لسنة 39 قضائية – جلسة 23/2/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 18 – صـ 511).
وعلى ذلك تواتر قضاء محكمة النقض:
“الأصل ألا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب أي أثر بالنسبة لما وقع قبلها، ومن ثم فليس للمحاكم – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تعود إلى الماضي لتطبيق القانون الجديد على ما نشأ من علاقات قانونية وما يترتب عليها من آثار قبل العمل بأحكامه، وإنما يجب عليها وهي بصدد بحث هذه العلاقات وتلك الآثار أن ترجع إلى القانون الذي نشأت في ظله”.
(نقض مدني في الطعن رقم 210 لسنة 42 قضائية – جلسة 29/12/1982).
وبناء عليه، ولما كانت حجة الوقف الخامسة التي قامت فيها زوجة الواقف والمُستحقة الوحيدة فيه والناظرة الوحيدة عليها وبما أعطاه لها زوجها الواقف من حق في استعمال الشروط العشرة بتغيير مصارف الوقف وتحويله كله إلى وقف خيري، لما كانت هذه الحجة المذكورة قد صدرت في تاريخ 17/11/1931م فمن ثم تسري عليها لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والإجراءات المُتعلقة بها الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 المنشور بالوقائع المصرية بالعدد 53 “غير عادي” في تاريخ 20/5/1931.. ولما كانت هذا المرسوم بقانون قد جاء خلواً من أي نص يمنع أو يحظر على الواقف منح أو إعطاء الشروط العشرة لغيره فإن هذا الشرط الوارد في حجج أوقاف التداعي والتي استعملته زوجة الواقف في حجة الوقف الخامسة والأخيرة يكون جائزاً شرعاً وقانوناً ولا مخالفة فيه ولا يشوبه أي شائبة.
وعليه، فإن صدور قانون الوقف الجديد الصادر في عام 1946 والقاضي في المادة 12 منه بعدم إعطاء الحق في استعمال الشروط العشرة إلا للواقف نفسه دون غيره، ولكن بعد أن منح الواقف الشروط العشرة لزوجته من بعده، ومن ثم استعملت زوجة الواقف حقها في استخدام الشروط العشرة، فإن صدور هذا قانون الأوقاف الجديد (في عام 1946) لا يؤثر على التصرفات التي نشأت وتمت صحيحة قبل صدوره بمدة طويلة جداً.
* ومن ناحية ثالثة، فإنه في جميع الأحوال، لا يجوز طلب إبطال تصرف قانوني بعد مُضي أكثر من 73 (ثلاثة وسبعون عاماً) من صدوره، فحجة التغيير الخامسة سالفة الذكر صادرة في عام 1931 والدعوى الماثلة التي بنيت وأسست على بطلان هذه الحجة أقيمت في عام 2004 ؟!! أي بعد أكثر من 83 عاماً على صدور تلك الحجة المذكورة.
علماً بأن حجة التغيير الخامسة سالفة الذكر الصادرة في عام 1931 والتي استعملت بموجبها زوجة الواقف حقها في استخدام الشروط العشرة إنما جاءت بناء على حجة التغيير الثانية التي منح فيها الواقف الشروط العشرة لزوجته من بعده وتلك الحجة الثانية المذكورة صادرة في عام 1910 بينما الدعوى الماثلة مقامة في عام 2004 أي بعد الحجة الأساسية المذكورة (والمشروط فيها الشروط العشرة لزوجة الواقف من بعده) بحوالي 94 سنة كاملة؟!! أي ما يقرب من قرن كامل؟!!
لما كان ذلك، وكانت المادة 140 مدني تنص على أنه:
“يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات. ويبدأ سريان هذه المدة، في حال نقص الأهلية، من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب، وفي حالة الغلط أو التدليس، من اليوم الذي ينكشف فيه، وفي حالة الإكراه، من يوم انقطاعه، وفي كل حال لا يجوز التمسك بحق الإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد”..
ولما كانت المادة 141/2 مدني تنص على أنه:
“تسقط دعوى البُطلان بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد”..
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أن:
“النص في المادة 140 من القانون المدني يدل على أنه في العقد القابل للإبطال يسقط الحق في طلب إبطاله بانقضاء ثلاث سنوات دون التمسك به من صاحبه، حيث تتقادم دعوى طلب إبطال العقد في أحوال الغلط والتدليس والإكراه بأقصر الأجلين إما بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي ينكشف فيه الغلط أو التدليس أو من يوم انقطاع الإكراه، وإما بمضي خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد”.
(نقض مدني في الطعن رقم 1439 لسنة 51 قضائية – جلسة 28/12/1989).
وكذلك فمن المُقرر في قضاء النقض أن:
“سقوط دعوى البطلان المطلق بمضي خمس عشرة سنة من وقت العقد عملاً بالمادة 141 من القانون المدني”.
(نقض مدني في الطعن رقم 136 لسنة 41 قضائية – جلسة 25/11/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 1477).
و

يتبين من هذه النصوص أن الحق في إبطال العقد يسقط بالتقادم إذا مضت المُدة القانونية المُقررة، فلا يجوز بعد ذلك إبطاله لا من طريق الدعوى ولا من طريق الدفع، وبذلك يستقر العقد نهائياً بعد أن كان مُهدداً بالزوال، ويترتب على ذلك أن يصبح العقد صحيحاً بصفة نهائية.

7- سابعاً- هيئة الأوقاف المصرية تدفع بعدم قبول طعن المدعون بالتزوير على حجة التغيير الأخيرة في وقف التداعي لأنه غير منتج في الدعوى طبقاً لنص المادة 52 من قانون الإثبات، حيث إنه لا صفة ولا مصلحة في هذا الوقف:
حيث تنص المادة 52 من قانون الإثبات على إنه:
“إذا كان الإدعاء بالتزوير منتجاً في النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لإقناع المحكمة بصحة المحرر أو تزويره ورأت أن إجراء التحقيق الذي طلبه الطاعن في مذكرته منتج وجائز أمرت بالتحقيق”.
وقد قضت محكمة النقض بأن:
“قبول الإدعاء بالتزوير – شرطه أن يكون منتجاً في النزاع – وجوب الحكم بعدم قبوله إن كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى دون البحث في شواهده أو تحقيقها”.
(نقض مدني في الطعن رقم 851 لسنة 67 قضائية – جلسة 18/6/1998.
مشار إليه في: “موسوعة مبادئ النقض في الإثبات في عشرين عاماً” – للمستشار/ أحمد هبة – الطبعة الأولى، سنة 2004 – صـ 362).
كما قضت محكمة النقض بأن:
“يشترط لقبول الإدعاء بالتزوير طبقاً للمادة 52 من قانون الإثبات أن يكون منتجاً في النزاع، فإن كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحقيقها إذ لا جدوى من تكليف الخصوم بإثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجاً في موضوع الدعوى”.
(نقض مدني في الطعن رقم 2090 لسنة 54 قضائية – جلسة 13/12/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – ع2 – صـ 868.
مشار إليه في: “موسوعة مبادئ النقض في الإثبات في عشرين عاماً” – للمستشار/ أحمد هبة – الطبعة الأولى، سنة 2004 – صـ 363).
كما قضت محكمة النقض بأن:
“مناط قبول الإدعاء بالتزوير على ما تقرره المادة 52 من قانون الإثبات أن يكون منتجاً في النزاع فإذا كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقيم قضائها بعدم قبوله على أسباب سائغة تكفي لحمله”.
(نقض مدني في الطعن رقم 170 لسنة 54 قضائية – جلسة 18/19/1990 مجموعة المكتب الفني – السنة 41 – ع2 – صـ 523.
“موسوعة مبادئ النقض في الإثبات في عشرين عاماً” – للمستشار/ أحمد هبة – الطبعة الأولى، سنة 2004 – صـ 363).
لما كان ما تقدم، وكان المدعون في الدعوى الماثلة لا ينتسبون للواقف في وقف التداعي، وإعلامات الوراثة المقدمة منهم كسند لهم في الدعوى الماثلة مطعون عليها بالبطلان أمام المحاكم المختصة التي أصدرت تلك الإعلامات، كما إن المدعين جميعهم قد وجهت إليهم النيابة العامة تهمة التزوير في محررات رسمية (بتزويرهم تلك الإعلامات) واستعمال محررات مزورة والاستيلاء على المال العام (على نحو ما سلف بيانه – في الجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب)، ومن ثم فهم لا صفة لهم ولا مصلحة قانونية لهم في وقف التداعي، ومن ثم فقد بات طعنهم بالتزوير على حجة التغيير في وقف التداعي غير منتج في موضوع الدعوى الماثلة، لأنه وأياً ما كان وجه الرأي فيه فلن يؤثر على مسار الدعوى الماثلة لكونها مقامة من غير ذي صفة وممن لا مصلحة قانونية له في وقف التداعي، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن بالتزوير منهم عملاً بنص المادة 52 من قانون الإثبات.

8- ثامناً- تعليق هيئة الأوقاف المصرية على صورة تقرير الطب الشرعي المقدم في الطعن بالتزوير في الدعوى رقم 4287 لسنة 2003 مدني كلي طنطا:
قدم المدعون في الدعوى الماثلة صورة ضوئية (تجحدها هيئة الأوقاف المصرية) لتقرير مبدئي للطب الشرعي في الطعن التزوير المقام من ذات المدعين في الدعوى رقم 4287 لسنة 2003 مدني كلي طنطا، والذي انتهى إلى نتيجة مفادها:
1- أن الصورة طبق الأصل من الحجة الشرعية المؤرخة 7 رجب 1350هـ الموافق 17 نوفمبر 1931م موضوع البحث لم نجد لها ثمة أصل في سجل المضبطة رقم 15 والمثبت فيه الجلسات من 22 أغسطس 1931 حتى 27 فبراير 1932.
2- إن الصورة طبق الأصل من الحجة موضوع البحث تختلف عن مواد الجلسات المدونة في المضبطة رقم 15، ومن أبرز أوجه الاختلاف ما يلي:
أ‌. صورة الحجة موضوع البحث معنونة (الطبعة الأميرية 447 س 1930 – 147) بينما سجل المضبطة رقم 15 صفحاته معنونة (الطبعة الأميرية 309 س 1929 – 400).
ب‌. صورة الحجة موضوع البحث غير مذيلة بتوقيع (كاتب المادة) بينما في سجل المضبطة رقم 15 وجدنا جميع الجلسات المحرر به مذيلة بتوقيعات (كاتب المادة).
ت‌. اختلاف الأسلوب الكتابي في الديباجة، حيث إن صورة الحجة موضوع البحث تبدأ بـ (في يوم الثلاثاء 7 شهر رجب سنة 1350 هجرية الموافق 17 نوفمبر 1931 أفرنكية لدينا نحن …)، بينما سجل المضبطة رقم 15 تبدأ مواده بـ (بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية بجلسة التصرفات المنعقدة بها في يوم الأربعاء غرة رجب 1350 (11 نوفمبر 1931) أمامنا نحن …).
3- قد وجدنا نسخة أخرى من الحجة موضوع في سجل آخر رقم 518 قيد سندات صفحاته معنونة (سجل قيد السندات الشرعية – نموذج رقم 13 محاكم شرعية – الطبعة الأميرية س 1930 – 147) وهذا السجل يختلف عن باقي السجلات المودعة فيما يلي:
أ‌. لا توجد عليه أية ملصقات على غلافه الخارجي أو بيانات تبين محتواه، بينما قد حرر على أولى صفحاته بالمداد الجاف الأحمر العبارة (محكمة مصر الشرعية سجل قيد سندات شرعية 17 نوفمبر).
ب‌. إن السجل رقم 518 قيد سندات مكون من عدد 100 صفحة، وقد حررت نسخة الحجة موضوع البحث في عدد 6 صفحات الأولى فقط، بينما باقي صفحات السجل غير محررة وخالية من أية بيانات أو مواد جلسات.
وتعقيباً على ذلك التقرير قدمت هيئة قضايا الدولة (قسم كليات طنطا) مذكرة بدفاعها تضمنت الرد الكافي والشافي على ما انتهى إليه تقرير الطب الشرعي، وخلصت تلك المذكرة إلى أن ذلك التقرير شابته العيوب وتعلقت به المطاعن الآتية:

أ ) القصور ومخالفة الثابت بالأوراق:
حيث قدمت هيئة قضايا الدولة بجلستي 26/2/2009 و 26/3/2009 حافظتي مستندات بهما صور رسمية طبق الأصل من شهادة صادرة من نيابة القاهرة للأحوال الشخصية (قلم الحفظ – بمجمع التحرير) ثابت بها إنه يوجد بقلم الحفظ الحجة المؤرخة 17 نوفمبر 1931 الصادرة من محكمة مصر الشرعية باسم وقف/ محمد راتب باشا وإنها موجودة حتى الآن بقلم الحفظ بمجمع التحرير (وهذه هي الحجة المطعون عليها بالتزوير) وأرفقت مع هذه مذكرة الدفاع حافظة مستندات أخرى بها ذات الشهادة.
وهو ما كان يتوجب على الخبير أن ينتقل إلى قلم الحفظ بنيابة القاهرة للأحوال الشخصية بمجمع التحرير بالقاهرة للإطلاع على أصل الحجة المطعون عليها بالتزوير، إلا أن الخبير قد عزف عن ذلك، وبدلاً من الانتقال إلى نيابة القاهرة للأحوال الشخصية (قلم الحفظ – بمجمع التحرير) انتقل إلى دار الوثائق القومية وباشر مأموريته على مستندات لا صلة لها بموضوع الدعوى، وهو ما أدى إلى نتيجة غير صحيحة وتخالف الثابت بالأوراق وتخالف حقيقة الواقع ومن ثم جاء التقرير غير متصل بالدعوى وغير منتج فيها وذلك للقصور المدقع في مباشرة المأمورية لعدم الانتقال إلى الجهة المختصة بحفظ أصل الحجة المطعون عليها بالتزوير، ومن ثم تعين عدم الأخذ بتقرير الخبير فيما خلص إليه من أن الحجة المطعون عليها بالتزوير لا أصل لها في سجل المضبطة الموجودة في دار الوثائق القومية، إذ أن أصل الحجة المطعون عليها موجود طرف نيابة القاهرة للأحوال الشخصية (قلم الحفظ – بمجمع التحرير)، ولو أن السيد الخبير قد انتقل إلى هذه الجهة لوجد أصل الحجة المطعون عليها بالتزوير.

ب ) ومن ناحية أخرى، فإن تقرير الخبير قد اعتراه عيب التناقض:
وأية ذلك، إنه قرر تارة (في البند الأول من النتيجة النهائية) أن الحجة المطعون عليها لا أصل لها في سجل المضبطة رقم 15 .. ثم عاد تارة أخرى ليقرر (في البند الثالث من النتيجة النهائية) أنه وجد الحجة المطعون عليها في السجل رقم 518 قيد سندات في عدد 6 صفحات .. وهو ما يتناقض مع ما خلص إليه في البند أولاً من إنه لا أصل لحجة الوقف المطعون عليها.
وهو ما دعى هيئة الأوقاف المصرية لأن تبحث بنفسها في السجل رقم 518 قيد سندات الذي أشار إليه الخبير، وقامت باستخراج صورة طبق الأصل من الحجة المطعون عليها والمقدمة طي حافظة مستندات الدولة رفق هذه المذكرة، وثابت بها إن الست/ كلبري هانم زوجة الواقف قد أخرجت جميع المستحقين في الوقف المشار إليهم في الحجج السابقة (بما لها من حق الإخراج والإعطاء والحرمان وباقي الشروط العشرة المذكورة في الحجة) وأبقت – كما ورد بصفحة 5 من الحجة – على الوقف على الجمعية الجغرافية الملكية التي أنشأها المغفور له بإذن الله تعالى خديوي مصر السابق (إسماعيل باشا) وهو ما يؤكد صيرورة الوقف جميعه وقفاً خيرياً لا استحقاق فيه لأحد.
وذلك وفقاً للثابت من الحجة المؤرخة 17/11/1931م وكافة الحجج المقدمة للمحكمة ومقدم على حافة مستندات الدولة صورة طبق الأصل من الحجة الشرعية المؤرخة 1901م وهي الحجة الأولى للواقف والذي قام بعد ذلك بتعديلها بتغيير مصارف الوقف ثم قامت بعد ذلك زوجته الست/ كلبري هانم بالتغيير في مصارف الوقف وفقاً للثابت بالحجة الأخيرة المؤرخة 17/11/1931م (المطعون عليها بالتزوير).
ومرفق كذلك طي حافظة مستندات الدولة صورتين من تقريري الخبرة المودعين في الدعويين رقمي 7 لسنة 2008 و 226 لسنة 2008 مدني بسيون والذي انتهت فيهما الخبرة إلى أن وقف/ محمد راتب باشا وقف خيري ملك هيئة الأوقاف المصرية.

ج ) ومن ناحية أخرى، فإن تقرير الخبير قد أخل بحق الأوقاف في الدفاع:
ذلك أنه قد ترتب على عدم انتقال الخبير إلى جهة الاختصاص بحفظ الحجة المطعون عليها وهي نيابة القاهرة للأحوال الشخصية (قلم الحفظ – بمجمع التحرير) أن الخبير قد خلص إلى نتيجة من شأنها إهدار حجية الحجة محل الطعن في الإثبات وإفراغها من قوتها التدليلية في مواجهة الكافة بوصفها مستند رسمي يبرهن على ملكية وزارة الأوقاف لأرض التداعي بوصفها وقفاً خيرياً، ذلك أن الخبير حين خلص إلى أن الحجة المطعون عليها لا أصل لها – وهو ما يخالف حقيقة الواقع – فإنه بذلك يكون قد أضر وأخل بحق الأوقاف في الدفاع والإرشاد عن مكان حفظ أصل الحجة التي تعول عليها لإثبات خيرية الوقف محل التداعي، ومن ثم يكون تقرير الخبير على النحو المتقدم قد أخل بحق الأوقاف في الدفاع وتعين عدم الأخذ به.
وحاصل ما تقدم، إن تقرير الخبير قد شابه البطلان والقصور والتناقض ومخالفة الثابت بالمستندات وعدم الالتزام بالحكم الصادر بندبه وكذا الإخلال بحق الدفاع وهو ما يتوجب معه إطراحه وعدم التعويل عليه ورفض الطعن بالتزوير أو إعادة الدعوى للخبرة الفنية لبحث هذه الاعتراضات جميعها.
وبالفعل فقد استجابت محكمة مدني كلي طنطا لاعتراضات هيئة قضايا الدولة على تقرير الطب الشرعي (المقدم صورة ضوئية منه من المدعين في الدعوى الماثلة) وأعادت المأمورية إلى الطب الشرعي مرة أخرى لإعادة بحث المأمورية من جديد بناء على اعتراضات هيئة قضايا الدولة سالفة الذكر.

9- تاسعاً- هيئة الأوقاف المصرية تطلب وقف الدعوى الماثلة تعليقاً لحين الفصل نهائياً في موضوع الجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب والتي أقامتها النيابة العامة ضد المدعين في الدعوى الماثلة، بتهمة تزوير إعلامات الوارثة (سندهم في الدعوى الماثلة) واستعمال محررات مزورة والاستيلاء على المال العام:
حيث تنص المادة 129 من قانون المرافعات على إنه:
“فى غير الأحوال التى نص عليها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوازاً، يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم. وبمجرد زوال سبب الوقف يكون للخصم تعجيل الدعوى”.
كما تنص المادة 16/1 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على إنه:
“إذا دُفِعَت قضية مرفوعة أمام المحكمة بدفع يثير نزاعاً تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى، وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل في الدفع قبل الحكم في موضوع الدعوى، أن توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من الجهة المختصة”.
ومن المقرر في قضاء محكمة النقض أنه:
“من المقرر أن مناط الحكم بوقف السير فى الدعوى طبقا للمادة 129 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن ترى المحكمة تعليق الحكم فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى خارجة عن اختصاصها الوظيفي أو النوعي ويتوقف الحكم فى الدعوى الأولى على الفصل فيها”.
(نقض مدني في الطعن رقم 710 لسنة 60 قضائية – جلسة 2/2/1995 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – صـ 313 – فقرة 4).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على إنه:
“لما كانت المادة 129/1 من قانون المرافعات تنص على أنه “فى غير الأحوال التى نص فيها القانون على وقف الدعوى وجوباً أو جوازاً يكون للمحكمة أن تأمر بوقفها كلما رأت تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم”، وتنص المادة 16 فقرة أولى من القرار بقانون 46 لسنه 1972 بشأن السلطة القضائية على أنه “إذا دفعت قضية مرفوعة أمام المحكمة بدفع يثير نزاعاً تختص بالفصل فيه جهة قضاء أخرى وجب على المحكمة إذا رأت ضرورة الفصل فى الدفع قبل الحكم فى موضوع الدعوى أن توقفها وتحدد للخصم الموجه إليه الدفع ميعاداً يستصدر فيه حكما نهائيا من الجهة المختصة …”، ومفاد ذلك أن مناط الحكم بوقف الدعوى وفقا للمادتين سالفتي الذكر أن ترى المحكمة تعليق حكمها فى موضوعها على الفصل فى مسألة أخرى يتوقف عليها الحكم، وأن تكون هذه المسألة خارجة عن اختصاص المحكمة الوظيفي أو النوعي”.
(نقض مدني في الطعن رقم 2964 لسنة 61 قضائية – جلسة 28/12/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 1436 – فقرة 1).
كما تنص المادة 265/1 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه:
“إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية، يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائيا في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها”.
كما تنص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية سالف الذكر، على أن:
“يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بنى على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون”.
لما كان ما تقدم، وكان سند المدعين في الدعوى الماثلة هو “إعلامات وراثة” تزعم انتسابهم للواقف في وقف التداعي، وكانت تلك الإعلامات مزورة، ومقام بشأنها دعوى مدنية ببطلانها واعتبارها كأن لم تكن وعدم الاعتداد بها، فضلاً عن أن النيابة العامة – بعد تحقيقات مستفيضة وموسعة – قد أقامت ضد جميع المدعين في الدعوى الماثلة الجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب متهمة إياهم بتزوير إعلامات الوارثة التي تزعم انتسابهم للواقف في وقف التداعي وكذلك بتهمة استعمال محررات مزورة (حيث استعملوا تلك الإعلامات في إقامة عدة دعاوى يطالبون فيها بالاستحقاق في وقف التداعي) وأيضاً بتهمة الاستيلاء على المال العام (حيث استغلوا تلك الإعلامات المزورة في الاستيلاء على أعيان وقف التداعي)، وتلك الجنحة ما زالت متداولة أمام المحكمة الجنائية ولم يفصل فيها بعد. ومن ثم يحق لهيئة الأوقاف المصرية المطالبة بوقف الدعوى الماثلة تعليقاً لحين الفصل نهائياً في المسألة الأولية التي يختص بالفصل فيها القضاء الجنائي ألا وهي تزوير إعلامات الوراثة سند المدعين في الدعوى الماثلة.
ولما كان المدعون في الدعوى الماثلة قد سبق لهم أن أقاموا ذات الدعوى الماثلة بذات الطلبات وضد ذات الخصوم، وذلك بالدعوى رقم 3162 لسنة 1997 مدني كلي جنوب القاهرة وإذ تبين لعدالة محكمة جنوب القاهرة وجود جنحة تزوير إعلامات الوراثة ضد المدعين (وهي مسألة أولية لازمة للفصل في موضوع دعوى استحقاقهم في وقف التداعي) لذا فقد قضت بوقف تلك الدعوى تعليقاً لحين الفصل نهائيا في الجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب. فألتف المدعون على ذلك القضاء وأقاموا الدعوى الماثلة مرة أخرى ولكن أمام محكمة مختلفة وغير مختصة وبعدما بذلوا جهود مضنية في محاولة تغييب هيئة الأوقاف المصرية وعدم إعلامها بالدعوى الماثلة (طيلة أكثر من سبع سنوات من تاريخ قيد الدعوى الماثلة في عام 2004 حتى علم بها الهيئة مصادفة في عام 2011)؟!!

10- عاشراً- تعليق هيئة الأوقاف المصرية على صورة الحجة رقم 400 المقدمة من المدعين والتي تفيد تصرف الواقف في أطيان التداعي بالغربية بعد صدور الإشهاد على حجة وقفه الأولى؟!! :
قدم المدعون صورة ضوئية (تجحدها هيئة الأوقاف المصرية) تمثل عقد بيع تصرف بموجبه الواقف في أطيان الواقف الكائنة بمحافظة الغربية، وهذا التصرف كان في تاريخ تالي لتاريخ إصدار إشهاده على حجة الوقف الأولى، بما يزعم معه المدعون بأن الواقف قد رجع في وقفه.
وهذا الزعم مردود عليه بما يلي (على فرض أن هذا العقد صحيحاً، وهو ما لا نسلم به أصلاً):

أ‌. الشريعة الإسلامية (الخاضع لأحكامها مسائل الوقف، حيث إن نظام الوقف مستمداً أصلاً من الشريعة الإسلامية السمحاء) لا تجيز للواقف الرجوع في وقفه:
– خضوع مسائل الوقف لأحكام الشريعة الإسلامية:
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن:
“الوقف له حكمان: حكم من حيث إنه نظام قائم له شخصية قانونية، وحكم من حيث علاقاته الحقوقية بالغير. فأما ماهيته وكيانه وأركانه وشروطه والولاية عليه وناظره ومدى سلطانه فى التحدث عنه والتصرف فى شئونه، وما إلى ذلك مما يخص نظام الوقف فهو على حاله خاضع لحكم الشريعة الإسلامية. وقد قنن الشارع بعض أحكامه بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية وأخيراً بالقانون رقم 48 لسنة 1946، فعلى المحاكم الأهلية إعمال موجب ذلك عند الاقتضاء فيما يعترضها من مسائله. أما العلاقات الحقوقية بين الوقف والغير فهي خاضعة لحكم القانون المدني”.
(نقض مدني في الطعن رقم 11 لسنة 16 قضائية – جلسة 23/1/1947 مجموعة عمر 5ع – صـ 317.
وفي الطعن رقم 16 لسنة 14 قضائية – جلسة 1/3/1945 مجموعة عمر 4ع – صـ 574.
وفي الطعن رقم 203 لسنة 44 قضائية – جلسة 24/1/1979 مجموعة المكتب الفني – السنة 30 – صـ 338 – فقرة 5).

– الشريعة الإسلامية تقضي بأبدية الأموال الموقوفة:
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن:
“إن القواعد الشرعية تقضى بوجوب المحافظة على أبدية الأموال الموقوفة لتبقى على حالها على الدوام محبوسة أبدا عن أن يتصرف فيها بأي نوع من أنواع التصرفات من بيع أو هبة أو رهن أو وصية أو توارث. فالواقف وذريته، وناظر الوقف، والمستحقون فيه، والمستأجرين والمستحكرون له، وورثتهم مهما تسلسل توريثهم، ومهما طال وضع يدهم بهذه الصفات، لا يتملك أيهم العين الموقوفة بالمدة الطويلة، ولا يقبل من أيهم أن يجحد الوقف، أو أن يدعى ملكيته، أو أن يتصرف تصرفاً يخشى منه على رقبته، سواء أكان هو الواقف أو المتولي على الوقف أم المستأجر أم المحتكر أم أي شخص آخر آل إليه الوقف، وإلا نزع الوقف من يده ولو كان ما وقع منه قد وقع في غرة أو سلامة نية”.
(نقض مدني في الطعن رقم 89 لسنة 7 قضائية – جلسة 7/4/1938 مجموعة عمر 2ع – صـ 327 – فقرة 3.
وفي الطعن رقم 86 لسنة 6 قضائية – جلسة 22/4/1937 مجموعة عمر 2ع – صـ 151.
وفي الطعن رقم 207 لسنة 28 قضائية – جلسة 23/5/1963 مجموعة المكتب الفني – السنة 14 – صـ 708).

– الشريعة الإسلامية لا تجيز للواقف الرجوع في وقفه:
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن:
“الراجح فى مذهب الحنفية – وهو رأى الصاحبين وجمهور الفقهاء – أن تبرع الواقف بريع وقفه لازم، وأن الموقوف عليه يستحق نصيبه منه على سبيل التبرع اللازم، فلا يسوغ منعه أو صرفه إلى غيره إلا طبقاً لكتاب الوقف، ويحق له المطالبة به إذا لم يؤده إليه الواقف أو ناظر الوقف”.
(نقض مدني في الطعن رقم 10 لسنة 50 قضائية – جلسة 21/4/1981 مجموعة المكتب الفني – السنة 32 – صـ 1205 – فقرة 2).

– تواتر الفتاوى الإسلامية على عدم جواز الرجوع في الوقف:
فقد تواترت فتاوى علماء الإسلام على أنه:
“متى فعل الواقف ما يدل على الوقف أو نطق بالصيغة لزم الوقف بشرط أن يكون الواقف ممن يصح تصرفه، بأن يكون كامل الأهلية من العقل والبلوغ والحرية والاختيار، ولا يحتاج في انعقاده إلى قبول الموقوف عليه، وإذا لزم الوقف فإنه لا يجوز بيعه ولا هبته ولا التصرف فيه بأي شيء يزيل وقفيته.
وإذا مات الواقف لا يورث عنه لأن هذا هو مقتضى الوقف. ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما تقدم في حديث ابن عمر: “لا يباع ولا يوهب ولا يورث”.
والراجح فى مذهب الشافعية أن الملك في رقبة الموقوف ينتقل إلى الله عز وجل فلا يكون ملكاً للواقف ولا ملكاً للوقوف عليه. وقال مالك وأحمد: ينتقل الملك إلى الموقوف عليه.
وبناء على هذا نقول للسائل مادام الورثة قد اتفقوا جميعا على وقف هذا المال لله عز وجل فلا يجوز لهم الرجوع فى هذا الوقف وليحتسبوا أجره عند الله وسيعوضهم الله خيرا منه والله أعلم”.
(المصدر: موقع “نافذة الخير” على شبكة الإنترنت – وعنوانها كالتالي:
http://www.insanonline.net/news_details.php?id=824).
(وفتوى: اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، “فتاوى إسلامية” (3/23). المصدر: موقع: “الإسلام: سؤال وجواب” على شبكة الإنترنت – وعنوانه كالتالي:
http://knoz-hasanat.maktoobblog.com/1404698//).
(وفتوى: موقع “إسلام ويب – مركز الفتوى” – وعنوانه:
http://www.islamweb.net/fatwa/).
(وفتوى الدكتور/ سليمان بن قاسم العيد، رقم الفتوى 23992 ، تاريخ الفتوى 20/1/1429 هجرية موافق 28/1/2008 ميلادية.
المصدر: موقع “شبكة نور الإسلام” على الإنترنت – وعنوانها كالتالي:
http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa&task=view&Itemid=0&catid=501&id=23992).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، وبتطبيق القواعد الشرعية والقانونية سالفة الذكر، فإنه:
“طالما انعقد الوقف صحيحاً مستوفياً لشروطه وأركانه، فإن المال الموقوف يكون قد خرج عن ملك الواقف واعتباره على ملك الله تعالى، وبالتالي فقد لزم الوقف فلا يجوز الرجوع فيه أو التصرف فيه بأي تصرف ناقل للملكية لا بيع ولا هبة ولا ميراث، ومن ثم فإن عقد بيع الوقف – بعد ثبوت الإيقاف – يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لوروده على محل غير قابل للتعامل فيه بحكم الشرع والقانون ومن ثم فلا تلحقه الإجازة”.
(نقض مدني في الطعن رقم 207 لسنة 28 قضائية – جلسة 23/5/1963 مجموعة المكتب الفني – السنة 14 – صـ 708 – فقرة 1).
فضلاً عن أن أعيان وقف التداعي كانت دوماً في حيازة ناظر الوقف يدير شئونها ويتولى أمرها بدون منازعة من أي جهة أو أي شخص. كما إن من يدعون استحقاقهم في الوقف، بزعم إنهم من ورثة الواقف، قد سبق لهم أن أقاموا دعوى بعزل وزير الأوقاف من الحراسة وتعيين حارس قضائي منهم على أطيان وقف التداعي وبعد تعيين ذلك الحارس منهم شرع في بيع تلك الأراضي للغير، فكيف يستقيم ذلك مع زعمهم بأن الواقف قد تصرف بالبيع في الأعيان الموقوفة؟!!
ومن ناحية أخرى، فإن حجج وقف التداعي قد صدر بها إشهاد رسمي من المحكمة الشرعية المختصة (جهة التوثيق المختصة في ذلك الوقت)، بينما صورة عقد البيع المقدم من المدعين (والمنسوب صدوره من الواقف بعد صدور إشهاد المحكمة الشرعية بالوقف) هذا العقد غير مسجل وليس عليه أية توقيعات رسمية، كما إن جميع حجج وقف التداعي مؤشر عليها في الهامش الجانبي بما ورد عليها من تغييرات بموجب باقي الحجج ولم يرد ضمن هذا التأشيرات الهامشية أي ذكر لحجة البيع رقم 400 التي يتمسك بها المدعون. فضلاً عن عدم إمكان التأكد من صحة توقيع الواقف عليه وظروفه (على فرض صحة وجود هذا العقد أصلاً وهو ما لا نسلم به)، وفي جميع الأحوال فإنه لا يصح – وفق القانون الصادر في ظله وقف التداعي – رجوع الوقف في وقفه (حتى لو ثبت تسجيل أو إشهاد على هذا الرجوع)، ناهيك عن أن أطيان وقف التداعي كانت وما زالت دوماً في ملك وحيازة جهة الوقف وهو ما نفصله على النحو التالي:

1- الأرض محل التداعي هي أرض ملك للوقف الخيري:
الواقف الأصلي لأرض التداعي هو/ محمد راتب باشا (الواقف)، وبموجب حجة وقف صادرة من محكمة مصر الابتدائية الشرعية في 20 يونيو سنة 1900م ومسجلة بسجل الإشهادات بها في 4 يوليو سنة 1901م برقم 690 ومسجلة بوزارة الأوقاف برقم 2686/40 قد أوقف ذلك الواقف مساحة من الأرض قدرها 6س 20ط 626ف (ستمائة وستة وعشرون فدان وعشرون قيراط وستة أسهم) كائنة بناحية كتامة مركز بسيون بمحافظة الغربية، منها مساحة 16س 13ط 105ف (مائة وخمسة أفدنه وثلاثة عشر قيراط وستة عشر سهما) بالبند الأول من الحجة على مدفنه لعمارته ومرمته وقراءة القرآن والحديث، وأوقف باقي الأعيان المذكورة بحجة الوقف والواردة بالبنود من الثاني حتى الأخير على نفسه حال حياته ثم على زوجته الست/ كلبري هانم الشركسية ثم من بعدها يكون وقفاً على أخويه لوالده/ محمود بك طلعت و علي بك رضا وجعل النظر على الوقف من بعده لزوجته واشترط لنفسه الشروط العشرة.
ثم بموجب حجة تغيير وتعديل صادرة من محكمة مصر الشرعية بتاريخ 13 مارس سنة 1910م أدخل الواقف على حجة الوقف الصادرة في 20 يونيو سنة 1900م تعديلاً بأن اشترط لزوجته الست/ كلبري هانم بعد وفاته الشروط العشرة (الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان والتغيير والتبديل والإبدال والاستبدال) وحيث قد صدرت حجة التغيير سالفة الذكر والتي اشترط فيها الواقف لزوجته الشروط العشرة بتاريخ 13 مارس سنة 1910م من محكمة مصر الشرعية.
ثم بعد وفاة الواقف وحلول زوجته ناظراً على الوقف وبما لها من الشروط العشرة التي اشترطها لها الواقف، قامت بإخراج جميع المستحقين في حصة الوقف الأهلي الموقوفة عليهم والواردة في البنود من الثاني حتى الأخير بحجة الوقف الأصلية وأوقفتها على نفسها وجعلتها من بعدها وقفاً خيرياً صرفاً على الجمعية الجغرافية الملكية وأبقت على القدر الموقوف على مدفن زوجها وذلك بموجب حجة التغيير الصادرة في 17 نوفمبر سنة 1931م ومسجلة بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية برقم 8270/63 و 23717/90 وحيث قد صدرت حجة التغيير سالفة الذكر بتاريخ 17 نوفمبر 1931م من محكمة مصر الشرعية.
ومن المقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أنه:
“الوقف يعد خيرياً إذا كان على جهة من جهات البر التي لا تنقطع”.
(نقص مدني في الطعن رقم 3 لسنة 49 قضائية – جلسة 16/1/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – الجزء الأول – صـ 186).
ومن جماع ما تقدم يتضح لعدالة المحكمة أن جميع أطيان التداعي هي أرض ملك الوقف الخيري، بعد أن قامت زوجة الواقف بتوجيه جميع ريع أطيان الوقف على جهة بر عامة لا تنقطع وأخرجت جميع المستحقين من الوقف بحيث لم يعد هذا الوقف وقفاً أهلياً ولا مستحقين فيه، كما لا يجوز الرجوع فيه لا صراحة ولا ضمناً، ناهيك عن عدم وجود حجة رجوع في الوقف سواء كان قد صدر بشأنها إشهاد من المحكمة الشرعية المختصة ومن باب أولى إذا لم يكن قد صدر مثل هذا الإشهاد بالرجوع في الوقف.

2- وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية هي التي استلمت هذه الأرض وما زالت في حيازتها حتى الآن ولم يتسلمها المدعون مُطلقاً:
حيث تنص المادة 968 من القانون المدني رقم:
“من حاز عقاراً أو منقولاً دون أن يكون مالكاً له، أو حاز حقاً عينياً لمنقول أو عقار دون أن يكون هذا الحق خاصاً به، كان له أن يكسب ملكية الشيء أو الحق العيني إذا استمرت حيازته دون انقطاع خمس عشر سنة”.
وقد قضت محكمة النقض بأن:
“الوقف بحكم كونه شخصاً معنوياً له أن ينتفع بأحكام القانون في خصوص التقادم المكسب، إذ ليس في القانون ما يحرمه من ذلك، وإذا كان التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة على ثبوت الملك لصاحب اليد، وكان توافر هذه القرينة لمصلحة جهة الوقف دليلاً على أن العين التي تحت يدها موقوفة وقفاً صحيحاً ولو لم يحصل به إشهاد”.
(نقض مدني جلسة 22/4/1948 مجموعة عمر 5 – رقم 303 – صـ 602.
مشار إليه في: “قوانين الوقف ومُنازعاته” – للمُستشار/ عبد الرحيم على على محمد – الطبعة الأولى 1999 القاهرة – صـ 63).
وحيث إنه بعد وفاة زوجة الواقف الأصلي تسلمت وزارة الأوقاف أطيان التداعي تطبيقاً للقانون رقم 247 لسنة 1953، حيث تنص المادة 7/1 على إنه:
“إذا كان الوقف على جهة بر كان النظر عليه بحكم القانون لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه”.
ثم بعد ذلك انتقلت حيازة أرض التداعي إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي تطبيقاً للقانونين رقمي 152 لسنة 1957 بشأن استبدال الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر والقانون رقم 44 لسنة 1962 بشأن تسليم الأراضي التي تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي.
ثم عادت حيازة أرض التداعي مرة أخرى لوزارة الأوقاف تطبيقاً للقانون رقم 42 لسنة 1973، والتي تنص المادة الأولى منه على أن:
“ترد لوزارة الأوقاف جميع الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر العام والخاص التي سبق استبدالها للهيئة العامة للإصلاح الزراعي”.
ومنذ ذلك الحين وهيئة الأوقاف المصرية تضع اليد على أرض التداعي وتقوم بإدارتها واستغلالها وتأجيرها للغير بصفتها نائبة قانونية عن وزارة الأوقاف بموجب قانون إنشاء هيئة الأوقاف المصرية رقم 80 لسنة 1971، وحيث إن حيازة الأوقاف (الوزارة والهيئة) لأرض التداعي استمرت هادئة ومستقرة ولم ينازعها أحد فيها وبنية التملك ومن ثم تكون الأوقاف قد تملكت أرض التداعي بوضع اليد المكسب للملكية (على فرض إنها لم تكن مالكة لها أصلاً).
ومن ناحية ثانية فإن وضع اليد المدة الطويلة بدون منازعة يدل – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض سالف الذكر على أن: العين التي تحت يدها موقوفة وقفاً صحيحاً ولو لم يحصل به إشهاد، فما بالنا إذا كان وضع اليد المدة الطويلة لأرض موقوفة وقفاً صحيحاً حصل بها إشهاد رسمي في المحكمة الشرعية في حينه. في حين المدعين لم يضعوا أيديهم على أرض التداعي في أي وقت وبأي صفة بينما لم ينقطع وضع يد الأوقاف عليها.

3- ثابت من شهادات القيود والمطابقة ومن مكلفات الضرائب العقارية ملكية الأوقاف لأرض التداعي (فضلاً عن حجج الوقف المثبتة لذلك):
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن:
“قيد اسم شخص بذاته في السجلات التي تعدها الدولة لجباية الضرائب على العقارات قرينة على الملكية”.
(نقض مدني في الطعن رقم 424 لسنة 53 قضائية – جلسة 15/5/1968.
مشار إليه في: “مجموعة قواعد النقض المدني في خمس سنوات” – للمستشار/ محمود البناوي – المجلد الثاني – صـ 1067).
ولما كان الثابت بالأوراق أن شهادات القيود والمطابقة ومكلفات الضرائب العقارية لأرض التداعي جميعها صادرة باسم/ الوقف الخيري، مما يؤكد يقيناً أن أرض التداعي ملكاً للوقف الخيري، وإنه لا صحة مطلقاً لما يدعيه المدعون من رجوع الواقف في وقفه وقيامه بالتصرف في أطيان التداعي للغير.
ثم إن المدعين في الدعوى الماثلة قد أقاموا دعاوى عدة بطنطا بطلب صحة ونفاذ عقود بيع صادرة من المدعين الذين يزعمون إنهم ورثة الواقف – على غير حقيقة الواقع – مع طلب الإلزام بتسليم أطيان التداعي بالغربية، فإذا كان الواقف قد تصرف في تلك الأطيان بالبيع للغير بما يفيد رجوعه في وقفه (على حد زعم المدعين في الدعوى الماثلة) فعلى أي أساس أقاموا واختصموا في دعاوى صحة ونفاذ عقود البيع والتسليم المثارة في محاكم طنطا المدنية؟!!
كل ما سبق يدحض وينفي ويفند زعم المدعون بقيام الواقف بالتصرف في أطيان التداعي للغير بعد صدور إشهاده على حجج وقف التداعي، بما يتعين معه – والحال كذلك – الالتفات بالكلية عن ذلك المستند (الذي جحدت هيئة الأوقاف المصرية صورته الضوئية المقدمة من المدعين).
ومن ثم، تكون جميع طلبات المدعين في الدعوى الماثلة قد جاءت على خلاف حقيقة الواقع وصحيح القانون خليقة بالرفض، بما يتعين معه الحكم بمقتضاه.

الطلبات
لكل ما تقدم، ولما تراه الخبرة الفنية من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية من الخبرة الموقرة مباشرة المأمورية التي أناطها به الحكم التمهيدي الصادر بندب الخبرة، ومن ثم إيداع تقريرها فيها على ضوء ما ورد بهذه المذكرة، والتقرير بعدم أحقية المدعين في دعواهم الماثلة.
وإذا كانت المأمورية الأساسية المنوطة بالخبرة الفنية الموقرة هي تحقيق صلة المدعين بالواقف في وقف التداعي، وإذا كان سند المدعين في الدعوى الماثلة هي إعلامات وراثة تزعم انتسابهم للواقف، فقد أوضحنا سلفاً في هذه المذكرة إن المدعين لا ينتسبون للواقف، وإن إعلامات الوراثة المقدمة منهم في الدعوى الماثلة مقام بشأنها دعوى مدنية ببطلانها واعتبارها كأن لم تكن وعدم الاعتداد بها (بالدعوى رقم الدعوى رقم 15 لسنة 2008 أسرة السيدة زينب، والتي أحيلت لمحكمة باب الشعرية، ببطلان إعلام الوراثة رقم 18 لسنة 1998 وراثات السيدة زينب الجزئية للأحوال الشخصية الصادر بجلسة 19/1/1998)، كما قامت النيابة العامة بتوجيه الاتهام لهم رسمياً بتهمة تزوير إعلامات الوراثة المذكورة (تزوير محررات رسمية) واستعمالها (استعمال محررات مزورة) والاستيلاء على المال العام (الاستيلاء على أعيان وقف التداعي)، وذلك بالجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب، وتلك الجنحة ما زالت متداولة أمام المحكمة الجنائية ولم يفصل فيها بعد. ومن ثم تكون الدعوى الماثلة قد جاءت مفتقرة لدليلها خليقة بالرفض، أو بالأقل وقفها تعليقاً لحين الفصل في الدعوى الجنائية المتقدم ذكرها.
علماً بأن المدعين في الدعوى الماثلة قد سبق لهم أن أقاموا ذات الدعوى الماثلة بذات الطلبات وضد ذات الخصوم، وذلك بالدعوى رقم 3162 لسنة 1997 مدني كلي جنوب القاهرة وإذ تبين لعدالة محكمة جنوب القاهرة وجود جنحة تزوير إعلامات الوراثة ضد المدعين (وهي مسألة أولية لازمة للفصل في موضوع دعوى استحقاقهم في وقف التداعي) لذا فقد قضت بوقف تلك الدعوى تعليقاً لحين الفصل نهائيا في الجنحة رقم 3830 لسنة 2009 جنح السيدة زينب.
مما حدا بالمدعين إلى الالتفاف على ذلك القضاء وأقاموا الدعوى الماثلة مرة أخرى ولكن أمام محكمة مختلفة وغير مختصة وبعدما بذلوا جهود مضنية في محاولة تغييب هيئة الأوقاف المصرية وعدم إعلامها بالدعوى الماثلة (طيلة أكثر من سبع سنوات من تاريخ قيد الدعوى الماثلة في عام 2004 حتى علم بها الهيئة مصادفة في عام 2011) على نحو ما سلف بيانه في هذه المذكرة.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الخيرية أياً ما كانت،،،