صيغة ونموذج مذكرة دفاع بسلطة الادارة في تعديل عقد المقاولة – نظرية عمل الأمير

مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
الدائرة/ 8 “عقود” زوجي

مـذكــرة

بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها)

ضـــــــــد

السيد/ سهل ********** (المدعي)

في الدعوى رقم 26462 لسنة 60 قضائية “قضاء إداري”
والمحدد لنظرها جلسة يوم الثلاثاء الموافق 27/12/2011م للمرافعة.

أولاً- الوقائع
تخلص وقائع الدعوى الماثلة في أن المدعي عقد الخصومة فيها بموجب صحيفة، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 17/5/2006، طلب في ختامها: “إلزام الهيئة المدعى عليها بأن تسدد للمدعي مبلغاً وقدره ـ/63.923جم (ثلاثة وستون ألفاً وتسعمائة وثلاثة وعشرون جنيهاً) قيمة التطبيق الخاطئ – على حد زعم المدعي – لإعمال شروط أولوية العطاء بين المتناقصين، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5%، مع إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة”.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إن شركته (المدعي الشريك المتضامن فيها) قد تعاقدت مع هيئة الأوقاف المصرية على تنفيذ عدد 4 (أربع) عمارات سكنية بالمجموعة الثانية بمدينة الزهور بالإسكندرية، وذلك بموجب مناقصة عامة، وتم فتح المظاريف الفنية بتاريخ 16/2/1999، وكان ترتيب الشركة المدعية رقم 7/11.

وتم إسناد الأعمال، بعد قبول العطاءات المذكورة سلفاً فنياً وإن الشركة المدعية قدمت أقل الأسعار بعد مقارنة الأسعار الواردة في العطاءات المشاركة في المناقصة.
وتم الانتهاء من الأعمال، وتم التوقيع على المستخلص الختامي للأعمال بتاريخ 29/5/2005، وتم عمل أولوية عطاء عن الأعمال المستجدة الغير واردة بمقايسة الأعمال والتي تم تنفيذها بموافقة الطرفين (وهي عبارة عن إضافة بدروم لعمارات الزهور بالإسكندرية).
وحيث قامت الهيئة المدعى عليها – على حد زعم المدعي – بعمل أولوية للعطاءات (دراسة مقارنة الأسعار) وعند مراجعتها بعد الانتهاء منها تبين – على حد زعم المدعي – أن هناك خطأ في احتساب أولوية العطاءات، مما حدا بالمدعي إلى توجيه إنذار رسمي على يد محضر موجهة منه إلى الهيئة المدعى عليها – في تاريخ 24/12/2005 يطلب فيه احتساب صحيح لشرط أولوية العطاءات. وإذ لم تستجب الهيئة المدعى عليها، مما حدا بالمدعي إلى التقدم بالطلب رقم 67 لسنة 2006 إلى لجان التوفيق في المنازعات بمقر هيئة الأوقاف المصرية والتي تحدد لنظره جلسة 11/4/2006. ومن ثم أقام المدعي الدعوى الماثلة بغية القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

وأثناء تداول الدعوى بالجلسات أمام هيئة مفوضي الدولة، قام المدعي بتعديل طلباته بإضافة طلب جديد هو: “إلزام الهيئة المدعى عليها بأن تسدد للمدعي مبلغاً وقدره ـ/4.557.123جم (مليون وخمسمائة وسبعة وخمسون ألفاً ومائة وثلاثة وعشرون جنيهاً) وذلك كمستحقات للمدعي ناتجة عن تطبيق قرار رئيس الوزراء رقم 1864 لسنة 2003”.
وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الدعوى انتهت فيه إلى: “نرى الحكم:

– أصلياً: بالنسبة للطلب الأول للمدعي: بوقف الدعوى تعليقاً – في خصوص هذا الطلب – وإحالتها للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية نص المادتين 78 و 82 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات على النحو الثابت بالأسباب، مع إبقاء الفصل في المصروفات.
– واحتياطياً: بالنسبة للطلب الأول، وأصلياً بالنسبة للطلب الثاني: بقبوله شكلاً؛ وتمهيدياً – وقبل الفصل في الموضوع – بندب مكتب الخبراء وزارة العدل ليندب بدوره أحد خبرائه المختصين لأداء المأمورية المبينة بالأسباب، مع تكليف المدعي بإيداع الأمانة التي تحددها المحكمة، وإبقاء الفصل في المصروفات”.
وبعد إيداع تقرير هيئة مفوضي الدولة، تداولت الدعوى بالجلسات وتحدد لنظرها جلسة اليوم للمرافعة وللمذكرات.

ثانياً- الدفاع
1- هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها) تدفع بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها لمحكمة الجيزة الابتدائية للاختصاص:
لما كان موضوع النزاع في الدعوى الماثلة يدور حول تطبيق عقد “مقاولة” مبرم بين هيئة الأوقاف المصرية وشركة المقاولات المدعية، وكان هذا العقد يخضع لأحكام القانون المدني باعتباره عقداً مدنياً وليس من العقود الإدارية، ومن ثم فإن النزاع الناشئ عن تنفيذه إنما تختص به المحكمة المدنية وليست محكمة القضاء الإداري.
لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً أن الجهات الإدارية، عندما تشرع في “التعاقد” فإنها تختار أحد أسلوبين لإبرام ذلك التعاقد، إما أسلوب “القانون الخاص” وإما أسلوب “القانون العام”.
فليس كل ما تعقده “الإدارة” من تعاقدات يُعد “عقوداً إدارية” تخضع لأحكام القانون العام ويختص بالفصل في منازعاتها القضاء الإداري؛ لأنه حينما تختار الجهة الإدارية أسلوب “القانون الخاص” في إبرام عقودها، فهي تكون هنا مثل أي شخص من أشخاص القانون الخاص (سواء طبيعي أو اعتباري) ويُطبق على عقدها المبرم بهذا الأسلوب، أحكام القانون الخاص، ويختص بالفصل في المنازعات الناشئة عن تلك العقود “القضاء العادي”.

فلا تُعد عقوداً إدارية إلا العقود التي تبرمها الجهة الإدارية بأسلوب “القانون العام”، أي تعقدها الجهة الإدارية بوصفها “سلطة عامة” وبهدف تنظيم سير “مرفق عام” أو إدارته أو استغلاله، فتلك فقط هي التي تعد عقوداً إدارية، ويُطبق عليها أحكام القانون العام، ويختص بالفصل في المنازعات الناشئة عنها “القضاء الإداري”.
“فالعقد الإداري” هو: “العقد الذي يبرمه شخص معنوي عام، بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره، وشريطة أن يُظهر نيته في العقد باختيار أسلوب القانون العام وأحكامه، وذلك بأن يُضمن العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص”.
وقد عرفت المحكمة الدستورية العليا “العقد الإداري” بأنه: “هو الذي يكون أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً، يتعاقد بوصفه سلطة عامة، وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام، بقصد تسييره أو تنظيمه، وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية وهو انتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه هذه العقود من شروط استثنائية بالنسبة إلى روابط القانون الخاص”. (حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 1 لسنة 12 قضائية “تنازع” – بجلسة 5/1/1991 مجموعة أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء الرابع – صـ 536).
ومن ثم فإنه يلزم توافر ثلاثة شروط في العقد حتى يُعتبر عقداً إدارياً:
1- أن تكون جهة الإدارية طرفاً في العقد.
2- أن يتصل العقد بنشاط مرفق عام.
3- أن يتفق طرفا العقد على الأخذ بوسائل القانون العام، وذلك بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص.
حيث إنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض أنه: “لما كانت العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – لا تعتبر عقوداً إدارية إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام أو تنظيمه، وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ بشأنها بأسلوب القانون العام وأحكامه واقتضاء حقوقها بطريق التنفيذ المباشر، وذلك بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة بمنأى عن أسلوب القانون الخاص، أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها، وكان البين من الأوراق أن العقد موضوع الدعوى لم يتضمن شروطاً استثنائية وغير مألوفة في عقود القانون الخاص وتكشف عن نية الإدارة في اختيار وسائل القانون العام، وهو ما يفقده ركناً جوهرياً من أركانه كعقد إداري ويخرجه بالتالي من دائرة العقود الإدارية”. (نقض مدني في الطعن رقم 1258 لسنة 58 قضائية – جلسة 26/6/1990. ونقض مدني في الطعن رقم 3953 لسنة 60 قضائية – جلسة 16/6/1991. ونقض مدني في الطعن رقم 59 لسنة 55 قضائية – جلسة 12/4/1992).

ومن أمثلة الشروط الاستثنائية الغير مألوفة في القانون الخاص: حق الإدارة في تعديل العقد بإرادتها المنفردة، أو حق الإدارة في فسخ العقد بدون اللجوء إلى القضاء، أو حق الإدارة في توقيع جزاءات على المتعاقد معها …الخ.
مع ملاحظة إنه يجب لاعتبار العقد “عقداً إدارياً” توافر الشروط الثلاثة سالفة الذكر مجتمعة، أما في حالة تخلف أي شرط منها فلا يُعد العقد “عقداً إدارياً”.
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان عقد المقاولة سند الشركة المدعية في الدعوى الماثلة والتي أبرمته مع هيئة الأوقاف المصرية هو عقد مقاولة مدني وليس من العقود الإدارية حيث إن هيئة الأوقاف المصرية – في إدارة واستثمار والتصرف في أموال وأعيان الأوقاف الخيرية – إنما تعد شخص من أشخاص القانون الخاص وليست من أشخاص القانون العام. (حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة – والمنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة – والقاضي بأن: “التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف، نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية، في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها، تعد من التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات التي تتفرع عنها”. في الطعن رقم 3096 لسنة 35 قضائية “إدارية عليا” – بجلسة 6/5/1999. وحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4021 لسنة 41 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 20/6/2001 مجموعة المكتب الفني – السنة 46 – القاعدة رقم 262 – صـ 2227).

وبالتالي فإن هيئة الأوقاف المصرية عند إبرامها عقد المقاولة مع الشركة المدعية لم تكن بصدد تسيير مرفق عام أو تنظيمه، ولم تظهر الهيئة نيتها في الأخذ بشأنها بأسلوب القانون العام وأحكامه واقتضاء حقوقها بطريق التنفيذ المباشر، وذلك بتضمين العقد شروطاً استثنائية غير مألوفة بمنأى عن أسلوب القانون الخاص.
وكان البين من الأوراق أن العقد موضوع الدعوى لم يتضمن شروطاً استثنائية وغير مألوفة في عقود القانون الخاص تكشف عن نية الإدارة في اختيار وسائل القانون العام وهو ما يفقده ركناً جوهرياً من أركانه كعقد إداري ويخرجه بالتالي من دائرة العقود الإدارية، وبالتالي لا تختص محكمة القضاء الإداري بنظر النزاع الناشئ عن تنفيذه وإنما تختص بنظره – والحال كذلك – محكمة الجيزة الابتدائية بوصفها المحكمة المدنية التي يقع في دائرتها الموطن القانوني للهيئة المدعى عليها. وعليه يحق لهيئة الأوقاف المصرية الدفع بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة ولائياً بنظر النزاع الماثل وإحالته بحالته لمحكمة الجيزة الابتدائية للاختصاص.
علماً بأن الشركة المدعية، تعلم علم اليقين صدق وحقيقة هذا الدفع، حيث إنها أقامت دعويين أخريين عن ذات عقد المقاولة موضوع الدعوى الماثلة (ضد هيئة الأوقاف المصرية المدعى عليها) ولكن أمام القضاء المدني المختص:-
أولهما- الدعوى رقم 3048 لسنة 2007 مدني كلي شمال الجيزة، بطلب إلزام هيئة الأوقاف بأن تسدد للشركة المدعية مبلغاً وقدره ـ/1.505.674جم (مليون وخمسمائة وخمسة آلاف وستمائة وأربعة وسبعون جنيهاً) بزعم إنها باقي مستحقات الشركة المدعية عن إنشاء عمارات الزهور بالإسكندرية. وقد قضي في تلك الدعوى بجلسة 28/11/2010 “برفض الدعوى”، ولم يتم الطعن عليه بالاستئناف طبقاً للشهادة الرسمية الصادرة من محكمة استئناف القاهرة المؤرخة في 31/5/2011م.
ثانيهما- الدعوى رقم 3049 لسنة 2007 مدني كلي شمال الجيزة، بطلب إلزام هيئة الأوقاف بأن تسدد للشركة المدعية بأن تسدد للشركة المدعية مبلغاً وقدره ـ/17.690.000جم (سبعة عشر مليون وستمائة وتسعون ألف جنيه)، بزعم إنه باقي ما هو مستحق للشركة المدعية عن إنشاء عمارات الزهور بمحافظة الإسكندرية. وقد قضي في تلك الدعوى بجلسة 23/3/2011 “برفض الدعوى بحالتها”، ومطعون عليه بالاستئناف رقم 7898 لسنة 128 قضائية “استئناف القاهرة” ومحدد لنظره جلسة 29/12/2011 للمرافعة.
فالشركة المدعية، قد سبق لها أن أقامت دعويين أمام المحاكم المدنية بشأن النزاع الناشئ عن تنفيذ عقد المقاولة المبرم مع هيئة الأوقاف، ولكنه قضي فيهما بالرفض، فأقامت الدعوى الثالثة الماثلة أمام القضاء الإداري عن ذات عقد المقاولة لعله يقضى فيها لصالحها؟!!
مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأحكام القضائية سالفة الذكر (وبعضها نهائي وبات بعدم الطعن عليه) والقاضي في موضوع النزاع الناشئ عن تنفيذ عقد المقاولة موضوع الدعوى الماثلة، تتضمن قضاءاً ضمنياً باختصاص المحكمة المدنية بالفصل في موضوع ذلك النزاع، وهذا القضاء النهائي والبات يتمتع بحجية وقوة الأمر المقضي به، وبالتالي لا يجوز نقض هذه الحجية ولو بأدلة واقعية أو قانونية جديدة، تطبيقاً لحجية الأمر المقضي به، لا سيما في ذات النزاع حول تنفيذ ذات عقد المقاولة المبرم مع هيئة الأوقاف بشأن إنشاء ذات العقار وهي عمارات الزهور بمحافظة الإسكندرية. وكل ذلك يقطع بوجوب القضاء في النزاع الماثل – بصفة أصلية – بعدم اختصاص عدالة محكمة القضاء الإداري بنظره والفصل فيه، ووجوب إحالة الدعوى الماثلة بحالتها إلى محكمة الجيزة الابتدائية، للاختصاص.2- هيئة الأوقاف المصرية تدفع بعدم قبول الطلب المضاف لعدم عرضه على لجان التوفيق في المنازعات (المُشكلة بالقانون رقم 7 لسنة 2000):
حيث تنص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المُنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها على أن: “تُنشأ في كل وزارة ومُحافظة وهيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر للتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة”.
كما تنص المادة 11 من ذات القانون على أنه: “عدا المسائل التي يختص بها القضاء المُستعجل ومُنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الأداء وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المُقترنة بطلبات وقف التنفيذ لا تُقبل الدعوى التي تُرفع ابتداءاً إلى المحاكم بشأن المُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول وفقاً لحكم المادة السابقة”.
كما تنص المادة 14 من ذات القانون على أن: “يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية ويُعمل به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2000”.
وكذلك تنص المادة الثانية من قرار وزير العدل رقم 4213 لسنة 2000 بتنظيم العمل في لجان التوفيق في المُنازعات وأماناتها الفنية على أن: “تختص اللجان المُشار إليها بالمادة السابقة بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأة فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة وذلك فيما عدا المُنازعات الآتية:
1- المُنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتها طرفاً فيها.
2- المُنازعات المُتعلقة بالحقوق العينية العقارية.
3- المُنازعات التي يُوجب القانون فضها أو تسويتها أو نظر التظلُمات المُتعلقة بها عن طريق لجان قضائية أو إدارية.
4- المُنازعات التي يتفق الأطراف على فضها عن طريق هيئات التحكيم.
5- المُنازعات التي تُقرر لها القوانين أنظمة خاصة بها تنفرد بالاختصاص بنظرها”.
وحيث أن مفاد ما تقدم، أن المُشرع رغبةً منه في تيسير إجراءات التقاضي وعدم إطالة أمد التقاضي في المحاكم قد قام بإنشاء لجان في كل وزارة أو مُحافظة أو هيئة عامة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لتختص بالتوفيق في المُنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الجهة المُنشأ فيها اللجنة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة، وأوجب المشرع بالنسبة للمُنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون عدم رفع الدعوى ابتداءاً إلى المحاكم إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، ورتب المشرع على رفع الدعوى ابتداءاً إلى المحاكم دون اتخاذ الإجراءات سالفة الذكر، عدم قبول الدعوى.
لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق إن الطلب المضاف من الشركة المدعية من الطلبات التي تخضع لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 حيث أنها رُفِعَت ضد هيئة عامة في تاريخ لاحق لتاريخ العمل بالقانون سالف الذكر والساري اعتباراً من 1/10/2000، كما أن الدعوى الماثلة ليست من المُنازعات المُستثناة من الخضوع لأحكامه، كما أن الثابت أن الطلب المضاف قد رُفِعَ ابتداءاً أمام عدالة المحكمة دون إتباع الإجراءات المُحددة في المادة 11 من القانون رقم 7 لسنة 2000 وهي تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المُختصة وفوات الميعاد المُقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المُقرر لعرضها دون قبول، فمن ثم تعين القضاء بعدم قبوله لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون.
علماً بأن الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها بالمادة الحادية عشر سالفة الذكر تتعلق بالنظام العام، وبالتالي فإن اللجوء إلى المحاكم المختصة مباشرة في منازعة خاضعة لأحكام هذا القانون دون مراعاة الإجراءات والمواعيد المذكورة يترتب عليه عدم قبول الدعوى وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
فالمقرر في قضاء محكمة النقض أن: “الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم مراعاة الإجراءات والمواعيد المنصوص عليها يعتبر دائماً مطروح على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها فلا يسقط الحق في التمسك به ويتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها”. (نقض مدني في الطعن رقم 504 لسنة 61 قضائية – جلسة 1/3/1998. مشار إليه في: “قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة” – للمُستشار/ عبد الرحيم على محمد – الطبعة الثانية – صـ 243).
ضرورة التقيد أمام المحكمة بذات الطلبات المعروضة على لجان التوفيق:
فمن المُقرر أنه إذا تقدم صاحب الشأن إلى لجنة التوفيق بطلب يتعلق بموضوع مُعين ثم لجأ إلى المحكمة بعد ذلك – في الحالات المُقررة قانوناً – فعليه أن يُبقي على موضوع هذا الطلب أمام المحكمة وإن كان له أن يُغير في سببه أو أن يُضيف له أسباباً جديدة إلا أنه لا يجوز تغيير موضوع هذا الطلب لأنه في هذه الحالة يكون قد لجأ إلى المحكمة بموضوع لم يسبق عرضه على لجنة التوفيق في منازعة من المُنازعات الخاضعة لأحكام القانون، ويتعين على المحكمة في هذه الحالة أن تقضي بعدم قبول هذا الطلب الجديد لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون لعدم سابقة عرضه على لجنة التوفيق. (لطفاً، المرجع: “قانون لجان التوفيق في بعض مُنازعات الدولة” – للمُستشار/ عبد الرحيم علي علي محمد – الطبعة الأولى 2000 القاهرة – بند 323 – صـ 237).
لما كان ذلك، وكان الطلب المضاف من الشركة المدعية ليس من المنازعات المستثناة من العرض على اللجان المنصوص عليها بالقانون رقم 7 لسنة 2000 وقد خلت أوراق الدعوى الماثلة مما يؤشر على سلوك الشركة المدعية للجان التوفيق في المنازعات لعرض طلبها المضاف، ومن ثم تكون قد تنكبت الدرب السديد مما يجعل اتصال المحكمة بهذا التدخل قد وقع على غير مراد الشارع، ويكون الدفع بعدم قبول الطلب المضاف قد صادف صحيح القانون لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000.
مع الأخذ بعين الاعتبار أنه حتى بالنسبة للطلب الأصلي في الدعوى الماثلة، فإن الشركة المدعية لم تنتظر مرور مدة الـ 60 يوماً المقررة لصدور التوصية من لجان التوفيق في المنازعات، حيث إنها – بإقرارها في صحيفة الدعوى الماثلة – إنه تحدد لنظر الطلب جلسة 11/4/2006 بينما الشركة المدعية قيدت دعواها الماثلة في تاريخ 17/5/2006 أي قبل مرور الـ 60 يوماً المقررة لصدور التوصية، وبالتالي فإن الدعوى الماثلة برمتها تكون غير مقبولة لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون (رقم 7 لسنة 2000) وهو دفع متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.

3- هيئة الأوقاف المصرية (المدعى عليها) تدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها من غير ذي صفة:
حيث تنص المادة 3 مُرافعات على أنه: “لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع استناداً لأحكام هذا القانون أو أي قانون آخر لا يكون لصاحبه فيها مصلحة شخصية ومُباشرة وقائمة يُقرها القانون”.
ومن المُقرر في قضاء النقض أن: “الصفة في الدعوى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – شرط لازم وضروري لقبولها والاستمرار في موضوعها، فإذا انعدمت فإنها تكون غير مقبولة ويمتنع على المحاكم الاستمرار في نظرها والتصدي لها وفحص موضوعها وإصدار حكم فيها بالقبول أو الرفض، بما لازمة أن تُرفع الدعوى ممن وعلى من له صفة فيها”. (نقض مدني في الطعن رقم 6832 لسنة 63 قضائية – جلسة 8/3/1995 . المرجع: “الموسوعة القضائية في المُرافعات المدنية والتجارية في ضوء الفقه والقضاء” – للمُستشار/ مجدي مُصطفى هرجه – صـ 1268).
لما كان ذلك، وكان من المُقرر قانوناً (فقهاً وقضاءاً) أن استخلاص الصفة في الدعوى هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: “استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها، وهو ما يستقل به قاضي الموضوع، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي أقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله”. (نقض مدني في الطعن رقم 1069 لسنة 56 قضائية – جلسة 25/6/1987).
كما قضي بأن: “شرط قبول الدعوى أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع الدعوى حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته، فتكون له مصلحة شخصية ومباشرة مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون”. (نقض مدني في الطعن رقم 921 لسنة 51 قضائية – جلسة 22/1/1985).
وكذلك تواترت أحكام محكمة النقض على أن: “المصلحة في الدعوى تعني أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو المركز القانوني محل النزاع أو نائبه، وكذلك المدعى عليه بأن يكون هو صاحب المركز القانوني المعتدي على الحق المدعي به، فيجب أن ترفع الدعوى من ذي صفة على ذي صفة، ويحدد الصفة في الدعوى القانون الموضوعي الذي يحكم الحق أو المركز القانوني موضوع الدعوى، إذ يجب التطابق بين صاحب الحق ورافع الدعوى كما يجب التطابق بين المعتدي على الحق وبين المدعى عليه. ولا تتوافر الصفة في حالة التعدد الإجباري إلا باختصام جميع أفراد الطرف المتعدد سواء في جانب الطرف المدعي فيكون التعدد إيجابياً أو في جانب الطرف المدعى عليه فيكون التعدد سلبياً، وفي هذه الحالة تكون الصفة في الدعوى سواء إيجابية أو سلبية لعدة أشخاص معاً وليست لشخص واحد، فإذا رفعت الدعوى دون اختصام من يجب اختصامه كانت غير مقبولة لرفعها من أو على غير ذي كامل صفة”. (نقض مدني في الطعن رقم 176 لسنة 38 قضائية – جلسة 29/11/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – العدد الثالث “من أكتوبر إلى نوفمبر سنة 1973” – الحكم رقم 206 – صـ 1189 : 1193).
لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن عقد المقاولة الناشئ عنه النزاع الماثل محرر بين هيئة الأوقاف المصرية وشركة *********، ومن ثم فيكون صاحب الصفة الوحيد في إقامة الدعوى الماثلة هو رئيس مجلس إدارة الشركة وممثلها القانوني وليس لأي شريك في الشركة – بأي صفة – أن يقيم الدعوى نيابة عنها ومتحدثاً باسمها، ولما كان مقيم الدعوى الماثلة هو السيد/ سهل ********** وذكر في صحيفة دعواه إنه شريك متضامن في شركة ********** (وليس رئيس مجلس إدارتها ولا الممثل القانوني لها) فإن الدعوى الماثلة – على هذا الأساس – تكون مقامة من غير ذي صفة، ويحق لهيئة الأوقاف المصرية – والحال كذلك – الدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لرفعها من غير ذي صفة، وهو دفع متعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.
لما كان ما تقدم، وكانت المادة 115/1 مُرافعات تنص على أن: “الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى”.. ولابد من إثبات الصفة في الحكم وإلا كان مشوباً بعيب جوهري موجب لبطلانه (المادتان 3 ، 178 مرافعات)..
وكان من المقرر في قضاء النقض أن: “المادة 115/1 مرافعات تنص على أن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى، والمقصود بهذا الدفع هو الدفع بعدم القبول الموضوعي فلا ينطبق حكم هذه المادة على الدفع [الشكلي] الذي يتخذ اسم عدم القبول [أي الدفع بعدم القبول الإجرائي] لأن العبرة هي بحقيقة الدفع ومرماه وليس التسمية التي تطلق عليه”. (نقض مدني في الطعن رقم 1863 لسنة 50 قضائية – جلسة 15/5/1984 . المرجع: “التعليق على قانون المرافعات” – للمستشار/ عز الدين الدناصوري – الطبعة الثامنة 1996 القاهرة – التعليق على المادة 115 مرافعات – صـ 650 وما بعدها).
حيث أن الدفع بعدم القبول الموضوعي يجوز إبداؤه في أية حالة كانت عليها الدعوى لكفالة حق الدفاع وتمكيناً للخصوم من إثارة كل ما يتعلق بوجود الحق في الدعوى في أية حالة كانت عليها الخصومة، ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. وهذا الدفع يتعلق بالنظام العام وعلى القاضي أثارته من تلقاء نفسه مادامت أوراق القضية تدل عليه. (لطفاً، المرجع: “الوسيط في شرح قانون القضاء المدني” – للدكتور فتحي والى – الطبعة الثالثة 1981 القاهرة – بند 282 – صـ 559 وما بعدها).

4- هيئة الأوقاف المصرية تدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 3048 لسنة 2007 مدني كلي شمال الجيزة:
لما كانت الطلبات في الدعوى الماثلة هي: “إلزام الهيئة المدعى عليها بأن تسدد للمدعي مبلغاً وقدره ـ/63.923جم (ثلاثة وستون ألفاً وتسعمائة وثلاثة وعشرون جنيهاً) قيمة التطبيق الخاطئ – على حد زعم المدعي – لإعمال شروط أولوية العطاء بين المتناقصين، والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 5%، مع إلزام الهيئة المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة”. استناداً إلى إنه تم عمل أولوية عطاء عن الأعمال المستجدة الغير واردة بمقايسة الأعمال والتي تم تنفيذها بموافقة الطرفين.
ولما كان المدعي قد سبق له أن أقام الدعوى رقم 3048 لسنة 2007 مدني كلي شمال الجيزة، بطلب إلزام هيئة الأوقاف بأن تسدد للشركة المدعية مبلغاً وقدره ـ/1.505.674جم (مليون وخمسمائة وخمسة آلاف وستمائة وأربعة وسبعون جنيهاً) بزعم إنها باقي مستحقات الشركة المدعية عن إنشاء عمارات الزهور بالإسكندرية. استناداً إلى زيادة الأعمال نتيجة التعديلات التي أدخلها استشاري الهيئة على المشروع ووافقت عليها الشركة المدعية وقامت بتنفيذها.
وقد قضي في تلك الدعوى 3048 لسنة 2007 مدني كلي شمال الجيزة بجلسة 28/11/2010 “برفض الدعوى” ولم يتم الطعن عليه بالاستئناف طبقاً للشهادة الرسمية الصادرة من محكمة استئناف القاهرة المؤرخة في 31/5/2011م وبذلك صار هذا الحكم نهائياً وباتاً وحائزاً لحجية وقوة الأمر المقضي به.
لما كان ذلك، وكان الثابت إن الأسانيد في الدعويين واحدة وهو “الأعمال المستجدة الغير واردة بمقايسة الأعمال والتي تم تنفيذها باتفاق الطرفين في الدعوى الماثلة – وزيادة الأعمال نتيجة التعديلات التي طلبتها هيئة الأوقاف ووافقت عليها الشركة المدعية وقامت بتنفيذها في الدعوى المقضي فيها”، ومن ثم فإن أسانيد الدعويين واحدة وإن اختلفت الطلبات فيهما، وهذا لا يمنع من إعمال حجية وقوة الأمر المقضي به.
حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “الفصل نهائياً في مسألة تجادل فيها الخصوم في دعوى سابقة، مانع من التنازع فيها بين ذات الخصوم في أي دعوى تالية تكون هذه المسألة بذاتها الأساس لما يدعيه أحدهما من حقوق مترتبة عليها ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين”. (نقض مدني في الطعن رقم 1021 لسنة 45 قضائية – جلسة 11/1/1979).
كما تواتر قضاء محكمة النقص على أن: “المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الفصل فى مسألة تجادل فيها الخصوم فى دعوى سابقة واستقرت حقيقتها مانع من التنازع فيها بين ذات الخصوم فى أية دعوى تالية تكون هذه المسألة بذاتها الأساس فيما يدعيه أحدهم من حقوق مرتبة عليها ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات فى الدعويين”. (نقض مدني في الطعن رقم 930 لسنة 54 قضائية – جلسة 28/3/1991 مجموعة المكتب الفني – السنة 42 – صـ 853 – 2. ونقض مدني في الطعن رقم 1122 لسنة 58 قضائية – جلسة 26/11/1992 مجموعة المكتب الفني – السنة 43 – صـ 1232 – فقرة 2. ونقض مدني في الطعن رقم 2641 لسنة 59 قضائية – جلسة 29/12/1994 مجموعة المكتب الفني – السنة 45 – صـ 1735 – فقرة 1).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، ولما كان الثابت بالأوراق إنه قد تم الفصل في المسألة الأولية والأساسية (وهي: “الأعمال المستجدة الغير واردة بمقايسة الأعمال والتي تم تنفيذها باتفاق الطرفين في الدعوى الماثلة) وقد تجادل فيها الخصوم فى دعوى سابقة (وهي الدعوى رقم 3048 لسنة 2007 مدني كلي شمال الجيزة) واستقرت حقيقتها (بالحكم الصادر برفض الدعوى في 28/11/2010)، فإن ذلك الحكم (الذي أصبح نهائياً وباتاً بعدم الطعن عليه) يمنع من التنازع فيها بين ذات الخصوم فى أية دعوى تالية (كالدعوى الماثلة) تكون هذه المسألة بذاتها الأساس فيما يدعيه أحدهم من حقوق مرتبة عليها، ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات فى الدعويين على ما أستقر عليه قضاء محكمة النقض على النحو السالف بيانه، ومن ثم يحق لهيئة الأوقاف المصرية الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الماثلة لسابقة الفصل فيها، وهذا الدفع من النظام العام وتقضي به عدالة المحكمة الموقرة من تلقاء نفسها طبقاً لصريح نص المادة 101/2 من قانون الإثبات والتي تنص على أن: “وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها”، بل وهذا الدفع يعلو على اعتبارات النظام العام حيث إنه من المقرر في قضاء محكمة النقض أن: “قوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم تعلو على اعتبارات النظام العام”. (نقض مدني في الطعن رقم 47 لسنة 43 قضائية – جلسة 9/2/1977 مجموعة المكتب الفني – السنة 28 – صـ 413).

5- هيئة الأوقاف المصرية تطلب رفض الطعن بعدم الدستورية المبدى بتقرير هيئة مفوضي الدولة:
حيث تنص المادة 78 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998 (المنشور بالجريدة الرسمية في العدد 19 “مكرر” بتاريخ 8/5/1998)، الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998 (والمنشورة بالوقائع المصرية في العدد 201 “تابع” بتاريخ 6/9/1998) على أنه: ”
– يحق للجهة الإدارية تعديل كميات أو حجم عقودها بالزيادة أو النقص في حدود 25% بالنسبة لكل بند، بذات الشروط والأسعار، دون أن يكون للمتعاقد مع هذه الجهات الحق في المطالبة بأي تعويض عن ذلك.
– ويجوز في حالات الضرورة الطارئة، وبموافقة المتعاقد، تجاوز النسبة الواردة بالفقرة السابقة.
– ويجب في جميع حالات تعديل العقد الحصول على موافقة السلطة المختصة، ووجود الاعتماد المالي اللازم، وأن يصدر التعديل خلال فترة سريان العقد، وألا يؤثر ذلك على أولوية المتعاقد في ترتيب عطائه.
– وفي مقاولات الأعمال التي تقتضي فيها الضرورة الفنية تنفيذ بنود مستجدة بمعرفة المقاول القائم بالعمل دون غيره، فيتم التعاقد معه على تنفيذها بموافقة السلطة المختصة، وذلك بطريق الاتفاق المباشر وبشرط مناسبة أسعار هذه البنود لسعر السوق”.
وقد حدد نص اللائحة المذكورة نسب معينة لتعديل العقد الإداري لا يجوز للإدارة أن تتجاوزها إلا بالاتفاق مع الطرف المتعاقد، وهذه النسب لا تطبق إلا في حالة خلو العقد الإداري من النص على نسب معينة، أما إذا نص العقد على نسب أخرى خلاف المنصوص عليها في اللائحة، فالنسب المتفق عليها في العقد هي التي تسري، بصرف النظر عما إذا كانت أكبر أو أصغر من النسب المنصوص عليها في اللائحة.
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأنه: “… كما أن للإدارة سلطة التعديل بحيث لا يعبر ذلك التعديل إلى الحد الذي يخل بتوازنه المالي (أي العقد) ومن ثم فقد حرصت المادة … من لائحة المناقصات والمزايدات على أن تحصر التعديل في حدود نسب معينة ليس للإدارة أن تجاوزها إلا بالاتفاق مع الطرف المتعاقد … ولا شك أن النسب المحددة تطبق في كل حالة لا ينص فيها العقد على حد معين”. (حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 11/4/1970).
كما قضت المحكمة الإدارية العليا بأن: “الأصل في العقد الإداري، شأنه في ذلك شأن سائر العقود التي تخضع لأحكام القانون الخاص، أنه يتم بتوافق ارادتين تتجهان إلى أحداث أثر قانوني معين هي إنشاء التزام أو تعديله، ومن ثم فإذا ما توقع المتعاقدان في العقد الإداري أخطاء معينة ووضعا لها جزاءات بعينها، فإنه يتعين التقيد بما جاء في العقد في هذا الصدد، دون الرجوع إلى أحكام لائحة المناقصات والمزايدات … باعتبار أن ما أتفق عليه المتعاقدان هو شريعتهما وأن الأحكام التي تضمنتها اللائحة المذكورة في هذا الشأن هي من الأحكام التكميلية لإرادة الطرفين والتي يجوز الاتفاق على ما يخالفها”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 593 لسنة 15 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 1/12/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 19 – صـ 28 – فقرة 1).
وعلى كل، فإنه يُشترط قانوناً لمباشرة الجهة الإدارية الحق المخول لها بنص المادة 78 من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات المتقدم ذكرها، توافر ثلاثة شروط هي:
1- أن تكون هناك حالة ضرورة طارئة تبرر ذلك.
2- وألا يؤثر هذا التعديل على أولوية المتعاقد في ترتيب عطائه.
3- كما يشترط توافر الاعتماد المالي اللازم لدى الجهة الإدارية. (فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة ملف رقم 7/2/131 جلسة 5/4/1989).
وقد أفتت كذلك الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بأحقية المتعاقد مع الجهة الإدارية في المطالبة بالتعويض إذا أصابه ضرر من جراء قيام الجهة الإدارية بتعديل عقدها المبرم معه، حيث أفتت بأنه:
“القاعدة التي نصت عليها المادة 147/1 من القانون المدني من أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، أصل من أصول القانون، تنطبق في العقود المدنية والعقود الإدارية على حد سواء، إلا أن العقود الإدارية تتميز عن العقود المدنية بطابع خاص، مناطه احتياجات المرفق الذي يستهدف العقد تسييره، وتغليب وجه المصلحة العامة على مصلحة الأفراد الخاصة، فبينما تكون مصالح الطرفين في العقود المدنية متساوية إذ بها في العقود الإدارية غير متكافئة، إذ يجب أن يعلو الصالح العام على المصلحة الفردية الخاصة، ومؤدى ذلك أن للجهة الإدارية أن تعدل من شروط العقد دون أن يتحدى الطرف الآخر بقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين، وذلك بشرط ألا يصل التعديل إلى حد فسخ العقد (الأصلي) كلية، وأن يكون للطرف الآخر الحق في التعويض إذا أصابه من جراء هذا التعديل ضرر، وهذا الضرر الموجب للتعويض يتعين إثباته في كل حالة على حدة، ولا يجوز افتراضه، وعلى أساسه يقدر التعويض”. (ملف رقم 27/2/21 – جلسة 16/5/1993).
فإذا انهار اقتصاد العقد من الناحية المالية نتيجة استعمال الجهة الإدارية لسلطتها في تعديل العقد أثناء تنفيذه، فيحق للمتعاقد مع الإدارة اللجوء إلى القضاء ليثبت أن تدخل الجهة الإدارية، رغم كونه مشروعاً في حد ذاته وملزماً له، قد أصابه بضرر يستوجب التعويض عنه.
وقد قضت محكمة القضاء الإداري بأن: “طبيعة العقود الإدارية إنما تحقق بقدر الإمكان توازناً بين الأعباء التي يتحملها المتعاقد مع الإدارة وبين المزايا التي ينتفع بها، اعتباراً بأن نصوص العقد تؤلف في مجموعها كل من مقتضاه التلازم بين مصالح الطرفين المتعاقدين، فإن ترتب على تعديل التزامات المتعاقد مع الإدارة زيادة في أعبائه المالية، فإنه ليس من العدل ولا من المصلحة العامة نفسها أن يتحمل المتعاقد وحده تلك الأعباء، بل يكون له في مقابل ذلك أن يحتفظ بالتوازن المالي للعقد تأسيساً على أن هذا العقد ينظر إليه كوحدة من حيث تحديد الحقوق المالية للمتعاقد، إذا ما انتهى تدخل الإدارة في العقد بالتعديل إلى الإخلال بهذه الحقوق كما حددت عند إبرام العقد، فيجب إعادة التوازن المالي للعقد إلى ما كان عليه، كما أنه إذا كان حق الإدارة في التعديل لم يفترض قيامه في ذهن المتعاقد مع الإدارة عند إبرام العقد، فإنه يجب أن يقابل هذه السلطة حق آخر للمتعاقد هو أنه يقدر من جانبه هو أيضاً أن جهة الإدارة ستعوضه عما يلحقه من ضرر نتيجة لممارستها سلطة التعديل، وهذا التعويض يقوم على أنه لا يتصور أن المتعاقد مع الإدارة يقبل معاونتها في تسيير المرفق بالمجان وبغير مقابل، بل الطبيعي أنه قرر طبقاً لتقديراته أنه سيظفر مقابل التزاماته العقدية بفائدة معينة وربح معلوم، فإذا سلم للإدارة بحق التعديل تحقيقاً للمصلحة العامة، فإن العدالة تأبى حرمان المتعاقد من حقه المشروع في الفائدة أو الربح الذي قدره عند إبرام العقد. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه إذا قام في الاعتبار أنه من الأمور المسلمة أن يحقق المتعاقد مع الإدارة مصلحته الخاصة، مقابل أن تحقق الإدارة المصلحة العامة، فإنه لا يكون للمتعاقد وجه للشكوى – في حالة التعديل – إذا عوضته الإدارة بما يتناسب مع ما كان يقدره لنفسه من ربح أو فائدة عند إبرام العقد، وبهذه الضوابط تكون العقود الإدارية قائمة على وجود تناسب بين الالتزامات التي تفرضها والفوائد التي يجنيها المتعاقدون معها، فإذا قامت جهة الإدارة بإجراء تعديل أو تغيير في هذه الالتزامات، فإن الفائدة تتغير هي الأخرى وبطريقة آلية تبعاً لذلك، حتى يظل التوازن المالي للعقد قائماً، إذ أن هذا التوازن المالي أمر مفترض في كل عقد إداري، ومن حق المتعاقد مع الإدارة أن يعول على مقتضاه دون حاجة إلى النص على ذلك في العقد، ولأنه ليس مما يتفق مع العدالة والمصلحة العامة أن يتحمل هذا المتعاقد وحده عبء التعديل ويحرم عليه الاحتفاظ بالتوازن المالي للعقد، كما أن إيثار ضرورة الصالح العام على المصالح الخاصة للمتعاقد مع الإدارة ليس معناه التضحية بهذه المصالح بحيث يتحمل المتعاقد وحده جميع الأضرار الناشئة عن التعديل. ولو أن الأمر جرى على خلاف ذلك، وأبيح للإدارة حق التعديل دون أن تلتزم مقابل ذلك بالتعويض لإعادة التوازن المالي للعقد، لانتهى الأمر من الناحية العملية إلى أن أحداً من الناس لن يقبل المجازفة، فيبرم مع الإدارة عقداً يخضع لمحض تحكم سلطتها العامة، ويتعرض فيه إلى خسارة محققة لا سبيل إلى تعويضها”. (حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 983 لسنة 9 قضائية – جلسة 30/6/1957).
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن: “حق المتعاقد في العقد الإداري في التعويض العادل عن الأضرار التي تلحق بمركزه التعاقدي أو تقلب ظروف العقد المالية بسبب ممارسة جهة الإدارة سلطتها في تعديل العقد وتحويره بما يتلاءم والصالح العام، إنما ينصرف أثره وتقوم مقتضياته حيث تمارس جهة الإدارة من جانبها وحدها وبإرادتها المنفردة تعديل العقد أثناء تنفيذه تبعاً لمقتضيات سير المرفق العام”. (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 562 لسنة 16 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 15/4/1978).
كما قضت محكمة القضاء الإداري في بأن: “الإدارة تملك دائماً حق تغيير شروط العقد وإضافة شروط جديدة بما يتراءى لها أنه أكثر اتفاقاً مع الصالح العام، دون أن يتحدى الطرف الآخر بأن العقد شريعة المتعاقدين، وأن حق المتعاقد لا يعدو طلب تعويض ما يلحقه من ضرر بسبب التعديل إن كان له مقتضى”. (حكم محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1609 لسنة 11 قضائية – جلسة 16/12/1956).
وكذلك، من المسلم به قانوناً، فقهً وقضاءً، حق المتعاقد مع الإدارة في المطالبة بتعويضه عن كامل الأضرار التي حاقت به من جراء استعمال الإدارة لسلطتها في تعديل العقد المبرم معه، وهو ما يعرف في الفقه الإداري بنظرية عمل الأمير أو فعل الأمير.
ويقصد بعمل الأمير: “كل إجراء تتخذه السلطات العامة، ويكون من شأنه زيادة الأعباء المالية على المتعاقد مع الإدارة، أو زيادة الالتزامات التي ينص عليها العقد بالنسبة إليه، مما يطلق عليه بصفة عامة (المخاطر الإدارية)، وهذه الإجراءات تصدر من الجهة الإدارية التي أبرمت العقد، وقد تتخذ شكل قرار فردي خاص أو قواعد تنظيمية عامة، وقد تؤثر على العقد تأثيراً مباشراً أو تأثيراً غير مباشر، ويحدث التأثير المباشر عندما تستعمل الإدارة سلطتها في تعديل العقد”.
ويعرف القضاء الإداري فعل الأمير بأنه: “… كل إجراء تتخذه السلطات العامة ويكون من شأنه زيادة الأعباء المالية للمتعاقد أو الالتزامات التي ينص عليها العقد مما يطلق عليه بصفة عامة (المخاطر الإدارية) وهذه الإجراءات التي تصدر من السلطة العامة قد تكون من الجهة الإدارية التي أبرمت العقد، وقد تتخذ شكل قرار فردي خاص أو تكون بقواعد تنظيمية عامة”. (حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 983 لسنة 9 قضائية – جلسة 30/6/1957).
ويشترط الفقه لتطبيق نظرية عمل الأمير توافر الشروط التالية:
1- أن يتصل الإجراء بعقد إداري.
2- أن يؤدي الإجراء إلى إلحاق ضرر بالمتعاقد مع الإدارة.
3- أن يصدر هذا الإجراء من الجهة الإدارية المتعاقدة.
4- أن يكون هذا الإجراء غير متوقع عند التعاقد (بأن يغفل العقد تنظيم كيفية قيام الجهة الإدارية بتعديل العقد وحدود هذا التعديل).
وقد قضت محكمة القضاء الإداري بأنه: “من شروط تطبيق نظرية عمل الأمير أن يكون الإجراء أو التشريع الجديد غير متوقع وقت التعاقد، فإذا ما توقعته نصوص العقد، فإن المتعاقد مع الإدارة يكون قد أبرم العقد وهو متصور لهذه الظروف، الأمر الذي يترتب عليه تعذر الاستناد إلى نظرية فعل الأمير”. (حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 983 لسنة 9 قضائية – جلسة 30/6/1957).
5- عدم وقوع خطأ من جانب الإدارة. فالمفترض هنا، أن فعل الإدارة مشروع أي يستهدف الصالح العام، أما إذا ارتكبت الإدارة خطاً، فلا تطبق نظرية فعل الأمير، وإنما تطبق أحكام المسئولية العقدية أو التقصيرية حسب الأحوال.
ويترتب على توافر تلك الشروط أن يكون للمتعاقد مع الإدارة الحق في المطالبة بتعويضه التعويض الكامل عن جميع الأضرار التي لحقته من جراء قيام الإدارة بتعديل عقدها معه، ويشمل ذلك كل ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب.
ولا ينحصر أثر تطبيق نظرية الأمير على تعويض المتعاقد مع الإدارة فقط، بل يشمل كذلك إعطاء الحق للمتعاقد في المطالبة بعدم توقيع غرامات تأخير عليه، إذا ثبت أن السبب في التأخير يرجع إلى عمل الأمير. وكذلك إعطائه الحق في المطالبة بفسخ العقد، متى كان تنفيذه سيحمله أعباء تفوق إمكانياته المالية أو الفنية.
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن: “… تدخل القضاء الإداري لتحقيق التوازن المالي للعقد الإداري، تطبيقاً لنظرية فعل الأمير، مناطه توافر شروط هذه النظرية”. (حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 11/5/1968).
وهدياً بما تقدم، وبالبناء عليه، فإن المشرع وقضاة محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا قد حددوا المجال القانوني الطبيعي الذي يتم فيه تطبيق نصوص وأحكام قانون المناقصات والمزايدات بما يكفل دستوريتها ومطابقتها للدستور، ويكون الدفع بعدم دستوريتها المبدى في تقرير هيئة مفوضي الدولة قد جاء على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون خليقاً بالالتفات عنه بالكلية.
وفضلاً عما تقدم، فإن المدعي قد أقر في صحيفة افتتاح دعواه الماثلة – وهو إقرار قضائي حجة على المقر – بأن الأعمال المستجدة الغير واردة بمقايسة الأعمال قد تم تنفيذها “بموافقة الطرفين”. أي إن تعديل العقد قد تم بموافقة الطرفين وبرضائهما معاً فإنه لا محل للزعم بعدم دستورية نصوص لائحة المناقصات والمزايدات على نحو ما ورد بتقرير هيئة مفوضي الدولة، فضلاً عما سلف بيانه من دستورية وقانونية ما نصت عليه تلك اللائحة.
لا سيما وإنه من المقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا – إن تقدير محكمة الموضوع لجدية الدفع بعدم دستورية نص في قانون ما، ليس فصلاً في دستورية هذا النص. حيث أنه من المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن: “تقدير محكمة الموضوع جدية الدفع بعد دستورية نص قانوني لازم للفصل في النزاع المعروض عليها، لا يتعمق المسائل الدستورية التي يثيرها هذا النزاع، ولا يعتبر فصلاً فيها بقضاء قطعي، بل يعود الأمر في شأنها إلى المحكمة الدستورية العليا، لتزن وفقاً لمقاييسها جوهر المطاعن الدستورية وأبعادها، تحديداً لصحتها أو فسادها”. (حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 3 لسنة 18 قضائية “دستورية” – جلسة 4/1/1997. منشور بالجريدة الرسمية في العدد رقم 3 بتاريخ 16/1/1997).
* وفوق هذه وتلك، فقد قضت المحكمة الدستورية بعدم خضوع هيئة الأوقاف المصرية لقانون المناقصات والمزايدات من الأساس. حيث قضت المحكمة الدستورية العليا بأن: “وزارة الأوقاف وهيئة الأوقاف المصرية … لا تعدان من الجهات التي حددتها المادة الأولى من القانون رقم 89 لسنة 1998 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات حصراً وتنحسر عنهما بالتالي أحكام ذلك القانون برمته بما فى ذلك نص المادة 38 منه، ومن ثم فإن الفصل فى دستورية ذلك النص لن يكون له انعكاس على الدعوى الموضوعية، الأمر الذى تنتفي معه مصلحة الشركة المدعية فى الطعن عليه”. (حكم المحكمة الدستورية العليا في الطعن رقم 284 لسنة 24 قضائية “دستورية” – جلسة 29/8/2004م).
وطالما قضت المحكمة الدستورية العليا بأن هيئة الأوقاف المصرية لا تعد من الجهات الخاضعة لقانون المناقصات والمزايدات وتنحسر عنها بالتالي أحكام هذا القانون برمته، ومن ثم فإن الفصل في دستورية نصوص ذلك القانون لن يكون له انعاكساً على الدعوى الموضوعية الماثلة، الأمر الذي تنتفي معه مصلحة الشركة المدعية في الطعن عليه بعدم الدستورية (وعلى كل هي لم تطعن عليه، وإنما ورد الطعن في تقرير هيئة مفوضي الدولة على غير أساس قانوني سليم) وبالتالي يتعين الحكم بعدم قبول ذلك الطعن والتقرير بعدم جديته والالتفات عنه بالكلية.

6- هيئة الأوقاف المصرية تطلب رفض الدعوى الماثلة:
لما كانت الأعمال المستجدة في عقد المقاولة سند الدعوى الماثلة تتمثل في إضافة بدروم لم يكن وارداً في مقايسة الأعمال، وهذه الإضافة تشمل تحديداً:
– أعمال الحفر الزائدة نتيجة استحداث دور البدروم.
– أعمال الخرسانة العادية والمسلحة لمنحدر البدروم.
– أعمال الخرسانة المسلحة للحوائط السائدة بدور البدروم وكذلك سقف البدروم.
وقد تم محاسبة المقاول مالياً – بالاتفاق مع المقاول – على أقل قيمة مالية تسفر عن تطبيق قاعدة أولوية العطاء. وبالفعل تم تنفيذ مبدأ أولوية العطاء ولم يتقدم المقاول بأي اعتراض أو إبداء أي ملاحظات من المقاول، بل تم صرف عدد 24 (أربعة وعشرون) مستخلص للمقاول، وقد قام المقاول (الشركة المدعية) بالتوقيع على كل مستخلص من الـ 24 مستخلص المذكورة بما نصه: “أطلعت على هذا الكشف وأصادق على صحة المقادير والفئات الواردة به وأقر أن هذا الكشف يشتمل على جميع مستحقاتي عن الأعمال التي أجريتها وهذا إقرار مني بذلك باقتناعي بصحة ذلك”.
ولم يتحفظ المقاول على أي مستخلص من تلك المستخلصات أو على الحساب الختامي لأعمال المشروع كما لم يتحفظ في محضر الاستلام الابتدائي والنهائي وأيضاً لم يتحفظ في إقراره الذي أقر فيه بصرفه قيمة تعويض قرار مجلس الوزراء.
بل وقد قام المدعي بإرسال برقية إلى السيد الدكتور/ وزير الأوقاف (بتاريخ 12/1/2006) – قبل إقامته الدعوى الماثلة بأربعة أشهر فقط – أورد فيها ما نصه:
“… نقبل أن تتم محاسبتنا على أقل جملة عطاء من جميع العطاءات المشتركة في المناقصة وخصم الفرق بين جملة عطاؤنا طبقاً لمقايسة الأعمال وجملة أقل عطاء مشترك في المناقصة وبهذا يكون قد تم تنفيذ المشروع بأقل سعر بين جميع الشركات المشتركة بالعطاء ونقبل التنازل عن فرق جملة عطاؤنا من جملة عطاءات أقل شركة وعدم المطالبة به وهذا الفرق يمثل حوالي ـ/25.000.000جم (خمسة وعشرون مليون جنيهاً لا غير) وتنازلنا عن هذا الفرق يأتي منا حِفاظاً على تعاوننا مع شخصكم الكريمة وهيئة الأوقاف المصرية”.
وفضلاً عما تقدم، فقد تمت مراجعة جميع الحسابات الختامية بمعرفة الجهاز المركزي للمحاسبات وكافة الجهات الرقابية والإدارية ولم تبد أياً منها أي ملاحظات أو اعتراضات على طريقة الحساب للأعمال التي تمت خارج العطاء.
ومن ناحية أخرى، فقد تم تشكيل لجنة – طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1864 لسنة 2003 – من عناصر محايدة من خارج هيئة الأوقاف المصرية لتحديد قيمة التعويض للشركة المدعية، وهذه اللجنة تشكلت من ممثل لوزارة المالية وممثل لوزارة التخطيط وممثل لبنك الاستثمار القومي وممثل للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وممثل للجهاز المركزي للمحاسبات وممثل للجهة المنفذة للأعمال، ومن هذا التشكيل يتضح جلياً أن اللذين قاموا بتحديد قيمة التعويض للمقاول (الشركة المدعية) ليست هيئة الأوقاف المصرية ولكن لجنة محايدة مشكلة وفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1864 لسنة 2003، وهذه اللجنة قامت بحساب قيمة التعويض لعدد 15 (خمسة عشر) مقاول وشركة مماثلة متعاملة مع هيئة الأوقاف المصرية ولم تعترض أي شركة على طريقة الحساب بل إن المقاول (الشركة المدعية) قد قبلت قيمة التعويض المقدر لها بمعرفة تلك اللجنة واستلمته بالفعل من هيئة الأوقاف المصرية والبالغ وقدره 01/3.732.263جم (ثلاثة ملايين وسبعمائة واثنان وثلاثون ألف ومائتان وثلاثة وستون جنيهاً وقرش واحد) وأقرت الشركة المدعية بقبض واستلام كامل قيمة التعويض المقدر لها ولم تتحفظ عليه بأي تحفظ ولم تبد بشأنه أي اعتراض أو ملاحظة ما.
مع ملاحظة أن تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد ورد به أن المواد التي زادت أسعارها هي الحديد والخشب والأدوات الكهربائية، ولم يرد الأسمنت أو الزلط أو الرمل أو الحفر أو الردم أو العزل ضمن تلك المواد التي زادت أسعارها، والتي تطالب الشركة المدعية التعويض عنها رغم إنها – فضلاً عن إنها لم تكن من المواد التي زادت أسعارها – كانت منفذة قبل 29/1/2003 (تاريخ بدء التعويض).
ولما كانت المادة الثالثة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1864 لسنة 2003 تنص على وجوب ألا يكون تأخير تنفيذ الأعمال بعد تاريخ 29/1/2003 بسبب يرجع إلى المقاول. ومن ثم فإن المقاول (الشركة المدعية) لا أحقية لها في المطالبة بالتعويض عن رفع ناتج الحفر، حيث إن التأخير في رفعها يرجع إلى المقاول المدعي، ثم إن ناتج الحفر يقوم المقاول ببيعه للحدائق والمشاتل، كما إن لجنة التعويض سالفة الذكر قد ناقشت باستفاضة هذه المسألة في جلساتها ومحاضرها وانتهت إلى رفض التعويض عنها لكونها: 1- منفذة قبل 29/1/2003 .. 2- التأخير في عدم رفعه يرجع إلى المقاول (المدعي) .. 3- سعره أعلى .. 4- لم يطرأ زيادة في أسعار نقله. علماً بأن المقاول تقاضى من هيئة الأوقاف عن رفع كل متر مكعب من ناتج الحفر – فيما فيها علاوة الانتعاش – بما يعادل 15/29جم (تسعة وعشرون جنيهاً وخمسة عشر قرشاً) فكيف يتقاضى المقاول تعويضاً آخر عن رفع ناتج الحفر كما ورد في مطالبته بدعواه الماثلة؟!!
ومن ناحية أخرى، فقد تم تسليم الموقع للمقاول (الشركة المدعية) في تاريخ 29/10/2001 ومدة التنفيذ 36 شهر، أي إن المقاول قام بالعمل في الموقع قبل بداية تاريخ التعويض مدة 15 شهر أي تقارب من نصف مدة العملية، وفي خلال هذه المدة صرف المقاول عدد 10 مستخلصات، وبالتالي فإن المستخلص الدفعة رقم 10 هو المستند الرسمي والحد الفاصل، حيث نجد إنه ورد بمستخلص الدفعة رقم 10 خرسانة مسلحة بكميات كبيرة للأعمدة والسلالم وبلاطات الأسقف، ومن البديهي أن تتم هذه الأعمال (الأسقف والأعمدة والسلالم) بعد الانتهاء من الأساسات (مقطوعية وفرق مقطوعية) والحفر والردم والخرسانة المسلحة لأسقف وحوائط البدروم وباقي أعمال الطبقة العازلة للبدروم والدور الأرضي، وهذه الأعمال نفذت في بداية المشروع حيث بدء العمل بالمشروع في 29/10/2001، إلا أن هذه الأعمال لم تدرج بالمستخلصات من 1 حتى 10 بسبب أن أغلب تلك الأعمال غير واردة بمقايسة المشروع المتعاقد عليها وتأجل صرفها لحين دراستها وإقرارها من مركز بحوث الإسكان والبناء وبعد ورود تقرير المركز تم إدراجها تباعاً بالدفعات اعتباراً من الدفعة الحادية عشر، فكيف يطالب المقاول – في دعواه الماثلة – بالتعويض عنها رغم إنها نفذت قبل 29/1/2003 علماً بأن العبرة هي بتاريخ تنفيذ الأعمال وليست بتاريخ صرف المستخلصات طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1864 لسنة 2003 (مادة 3 من القرار). وكل تلك المسائل مسائل قانونية، القول الفصل فيها لعدالة محكمة الموضوع، وليست للخبرة الفنية أي كلمة فيها، ومن ثم فلا تثريب على عدالة المحكمة الموقرة في عدم الاستجابة لتقرير هيئة مفوضي الدولة الذي رأى إحالة الدعوى للخبرة الفنية.
لا سيما وإنه من المقرر قانوناً – وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض – أنه: “لا على محكمة الموضوع إن هي التفتت عن طلب تعيين خبير في الدعوى طالما أنها وجدت في أوراقها وعناصرها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها بأسباب مقبولة”. (نقض مدني في طعن رقم 9 لسنة 38 قضائية – جلسة 6/2/1973 مجموعة المكتب الفني – السنة 24 – صـ 151).
كما تواتر قضاء محكمة النقض على أن: “تعيين الخبراء من الرخص المخولة لقاضي الموضوع وله وحده تقدير لزوم أو عدم لزوم الاستعانة بهم متى رأى من عناصر النزاع ما يكفي لتكوين اقتناعه”. (نقض مدني في الطعن رقم 992 لسنة 50 قضائية – جلسة 20/3/1984).
ومن جماع ما تقدم، يتضح جلياً لعدالة المحكمة الموقرة أن الدعوى الماثلة تكون قد جاءت على غير سند من حقيقة الواقع أو صحيح القانون، ومن ثم تكون خليقة بالرفض، وهو ما تطالب به هيئة الأوقاف المصرية على سبيل الجزم واليقين.

ثالثاً- الطلبات
لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:
· بصفة أصلية: بعدم اختصاص عدالة المحكمة الموقرة ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة الجيزة الابتدائية، للاختصاص.
· وبصفة احتياطية: بعدم قبول الطلب الأصلي والطلب المضاف لرفعهما بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000.
· وعلى سبيل الاحتياط الكلي: (وعلى الترتيب التالي):
1- أولاً- بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة.
2- ثانياً- بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 3048 لسنة 2007 مدني كلي شمال الجيزة والمقضي فيها بجلسة 28/11/2010 والقاضي برفض دعوى الشركة المدعية، وعدم الطعن عليه.
3- ثالثاً- رفض الطعن بعدم دستورية نصوص قانون المناقصات والمزايدات المبدى في تقرير هيئة مفوضي الدولة.
4- رابعاً- برفض الدعوى الماثلة (بطلبيها: الطلب الأصلي والطلب المضاف).
· وفي جميع الأحوال: بإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى، أياً ما كانت،،،