كل ما يتضمن قضية الخلع
كل ما يتضمن قضية الخلع
الخلع قانوناً هو دعوى ترفعها الزوجة ضد زوجها إذا بغضت الحياة معه ولم يكن من سبيل لاستمرار الحياة الزوجية وخشيت ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، والخلع يقتضى افتداء الزوجة لنفسها برد مهرها وتنازلها عن جميع حقوقها الشرعية.
الحكمة من تقرير نظام الخلع
المودة والرحمة هما الأساس الذي ارتضاه رب العزة للعلاقة الزوجية قال تعالى “وجعل بينكم مودة ورحمة”، والمودة والرحمة هما حسن المعاشرة، فيعلم كل طرف ما عليه من واجبات فيؤديها للطرف الآخر فتمضى حياة الزوجية سعيدة هنيئة، إلا أنه قد يحدث ما يزيل هذه المودة وقد يستتبعها زوال الرحمة بأن تكره الزوجة زوجها أو يكره الزوج زوجته، فتصير الحياة جحيماً لا يطاق وناراً لا تهدأ وقد لا تفلح دواعي الإصلاح ولا تجدي ومن ثم لا يكون هناك مفر من إنهاء العلاقة الزوجية.
وإذا كان الكره أو الشقاق من جانب الرجل فقد خوله الشرع مكنة إنهاء العلاقة الزوجية بإيقاع الطلاق، وحينئذ يكون ملزماً بكل ما ترتب علي الزواج من آثار مالية، وإذا كان الكره أو الشقاق من جانب المرأة فقد خولها الشرع إمكانية الخلع ومقتضاها أنها تفتدى نفسها وخلاصها بأن تؤدى للزوج ما دفعه من مقدم مهر وأن تتنازل له عن جميع حقوقها الشرعية والمالية من مؤخر صداق ونفقة المتعة ونفقة العدة، وإمكانية الخلع للزوجة ليست بإرادتها المنفردة فإما أن تتراضى مع زوجها على الخلع أو بإقامتها لدعوى الخلع.
فالخلع يؤدى إلى تطليق يسترد به الزوج ما دفعه، ويرفع عن كاهله عبء أداء أي من الحقوق المالية الشرعية للزوجة من بعد ذلك، فيزول عنه بذلك أي ضرر، مما يجعل إمساكه للزوجة بعد أن تقرر مخا لعته إضراراً خالصاً بها، والقاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار.
كما أن الخلع يعفى الزوجة إن ضاق بها الحال من إشاعة أسرار حياتها الزوجية وقد يحول الحياء بينهما وبين أن تفعل وقد تكون قادرة على أن تفعل ولكنها تأبى لأنها ترى في هذه الأسرار ما يؤذى أولادها في أبيهم، وخاصة حين يسجل ما تبوح به في أحكام قضائية وكل ذلك مع تقرير الأصل الشرعي في الخلع وهو التراضي عليه بين الزوجين طبقاً لأحكام المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بحسب أن الحكم بالخلع نوع من الطلاق بعد إقرار الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة الزوجية وانه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، وذلك هو ظاهر الآية الكريمة يقول تعالى “ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيم حدود الله، فإن خفتم ألا يقيم حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به”.
ويشترط قانوناً للحكم بالتطليق خلعاً:
1- أن تبغض الزوجة الحياة مع زوجها ولم يكن من سبيل لاستمرار الحياة الزوجية، وأن تخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
2 – أن تفتدى الزوجة نفسها بأن ترد لزوجها المهر الذي أعطاه لها وتتنازل عن جميع حقوقها الشرعية من مؤخر صداق ونفقة متعة ونفقة عدة.
3 – ألا تفلح المحكمة في إنهاء الدعوى صلحاً سواء بنفسها أو بالحكمين اللذين تندبهما المحكمة لهذه المهمة.
4 – أن تقرر الزوجة صراحة ـ أمام المحكمة ـ أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
الأساس القانوني للخلع
المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 م هي الأساس القانوني لنظام الخلع، فبموجب هذه المادة تقرر نظام الخلع كأساس قانوني صحيح وقد سبق وأن أورد المشرع ذكره في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية في موضوعين هما المادتين 6، 24 إلا أنه لم يعين في تنظيم تشريعي يبين كيفية تطبيقه وكذا فقد ألغى المشرع لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بموجب القانون رقم 1 لسنة 2000م.
وقد أحال نص المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 م إلى نص المادة 18 فقرة 2 والمادة 19 فقرة 1، 2 من ذات القانون في خصوص تعيين الحكمين وسماع أقوالهم.
التراضي
الأصل أن يتراضى الزوجان على الخلع، فيقع الخلع بالاتفاق وهو ما أشارت إلية المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000، وإذا رفض الزوج إتمام الخلع يكون للزوجة إقامة دعوى الخلع بطلب أمام المحكمة المختصة، وتقام الدعوى وفقاً لقواعد قانون المرافعات.
ولا يلزم إيراد بصحيفة الدعوى أسباب الزوجة في طلب الخلع بإيراد الوقائع المؤدية إلى إحداث الضرر الموجب للخلع فيكفى فقط إيراد أنها تبغض الحياة الزوجية وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله تعالى، فالمحكمة التي تنظر دعوى الخلع لا تبحث في أسباب قانونية أو شرعية معينة أو أضرار محدودة، حيث ينحصر في محاولة الصلح بين الزوجين فإن أخفقت وتوافرت شروط الخلع حكمت به.
الطلبات
طلبات الزوجة في الدعوى إنهاء العلاقة الزوجية خلعاً بتطليقها من زوجها المدعى عليه فتؤدى للزوج ما دفعه من مقدم صداق وتتنازل عن حقوقها المالية الشرعية ولقاء ذلك تطلب إنهاء العلاقة الزوجية خلعاً.
عرض المهر
وتقوم الزوجة بعرض مقدم المهر الذي قبضته من زوجها وتتنازل عن جميع حقوقها المالية وهى أولى الإجراءات الخاصة بنظر دعوى الخلع، والمهر هنا يقصد به المسمى بالعقد، ولكن إذا دفع الزوج أكثر منه قضت المحكمة برد الزوجة القدر المسمى والثابت بوثيقة الزواج، وأنفتح الطريق للزوج أن يطالب بما يدعيه بدعوى مستقلة أمام المحكمة المختصة.
أما هدايا الخطبة ومنها الشبكة والهبات ليست جزءاً من المهر، وبالتالي لا تلتزم الزوجة بردها وتخضع المطالبة بها لأحكام القانون المدني باعتبارها من الهبات وليست من مسائل الأحوال الشخصية، وكذلك منقولات الزوجية ليست جزء من المهر حتى تلتزم الزوجة بردها.
ورد الزوجة للمهر أو مقدم الصداق يتم بالعرض القانوني أمام المحكمة ويثبت ذلك بالجلسات أو بإنذار على يد محضر.
التنازل عن حقوق المالية والشرعية
والإقرار بالمخالعة بتنازل الزوجة عن جميع حقوقها المالية والشرعية وهى مؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة المتعة إضافة إلى ردها مقدم الصداق الذي أخذته من الزوج، ويكون هذا الإقرار قبل الفصل في الدعوى والغالب الإقرار بالتنازل أمام محكمة الموضوع ويثبت بمحضر الجلسة وتوقع عليه الزوجة كإجراء إضافي كما يجوز أن تتضمن صحيفة الدعوى هذا الإقرار، على أنه لا يجوز أن يكون الخلع مقابل إسقاط حضانة الصغار أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم.
عرض الصلح
يجب على المحكمة أن تتدخل لإنهاء النزاع بين الزوجين صلحاً، ويجب أن يثبت تدخل المحكمة للصلح بين الزوجين بمحاضر جلسات على اعتبار أن هذا الإلزام متعلق بالنظام العام كما يجب على المحكمة أن تثبت في أسباب حكمها أنها عرضت الصلح على الزوجين وإذا كان للزوجين ولد أو بنت وإن تعددوا تلتزم المحكمة بعرض الصلح مرتين بينهما خلال مدة لا تقل عن ثلاثين يوماً ولا تزيد عن ستين يوماً لمحاولة لم شتات الأسرة.
ندب الحكمين
ينحصر دور الحكمين في دعوى التطليق خلعاً في محاولة الصلح بين الزوجين وصولاً إلى إنهاء دعوى الخلع صلحاً، وعلى ذلك فإن دور الحكمين لا يتطرق على تحديد مسئولية اى من الزوجين عن انهيار حياتهما الزوجية، ومرد ذلك أن دعوى الخلع لا تستند إلى خطأ أو ضرر أحدثه الزوج بزوجته، بل أساسه البغض النفسي للزوج ورغبة الزوجة في إنهاء الحياة الزوجية.
ويجب على الحكمين أن ينهيا دورهما في محاولة الصلح بين الزوجين في خلال مدة زمنية لا تجاوز ثلاثة شهور وذلك لإنهاء دعاوى الخلع في مدة قصيرة حرصاً على صالح الزوجين وحرصاً على صالح الصغار والطبيعة الخاصة بدعوى الخلع.
إقرار الزوجة ببغضها الحياة مع الزوج
هذا الإقرار هو آخر مراحل تحقيق دعوى الخلع أمام محكمة الموضوع وهى آخر الإجراءات التي تباشرها المحكمة قبل حجز الدعوى للحكم، ويجب أن يكون هذا الإقرار صريحاً ومقيدا بعبارات محددة تقطع بذاتها الدلالة على كراهية الزوجة للحياة واستحالة العشرة وهذا الإجراء هو تنبيه للزوجة إلى خطورة ما تصر على طلبه.
حجز الدعوى للحكم
متى استوفت المحكمة جميع الإجراءات أو المراحل السابقة فإنها تقرر حجز الدعوى للحكم فيها.
ولا مفر من الحكم بالتطليق خلعاً، متى توافرت شروط الحكم بالخلع ولو ترسخ في عقيدة المحكمة ووجدانها أن الزوج المدعى عليه لم يخطئ ولم يصيب زوجته بأي ضرر أو أذى، وكأن دعوى التطليق خلعاً دعوى إجرائية ينحصر دور المحكمة فيها في إثبات عناصره، فالزوجة متى ردت للزوج ما دفعه لها من مهر وتنازلت عن جميع حقوقها الشرعية والمالية له ورفضت الصلح الذي تعرضه المحكمة ومحاولات الصلح التي يقوم بها الحكمان، ضمنت الحكم بالتطليق خلعاً.
عدم قابلية الحكم للطعن
وبناء على ما سبق إيراده في وقائع الدعوى كان من المنطقي أن يكون الحكم الصادر بالتطليق غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن سواء بالاستئناف أو النقض، لأن فتح باب الطعن في هذه الحالة لا يفيد إلا في تمكين من يريد الكيد بزوجته من إبقائها معلقة أثناء مراحل التقاضي التالية لسنوات طويلة دون مسئولية عليه حيالها وبعد أن رفع أي عبء مالي كأثر لتطليقها.
آثار دعوى الخلع على وثيقة الزواج الجديدة
حق الزوجة في إنهاء الحياة الزوجية برفع دعوى التطليق خلعاً، والتزامها برد مقدم المهر الذي أعطاه لها زوجها دون رد باقي ما أخذته من الزوج، دفع بعض الأزواج للنص في وثيقة الزواج على مقدم صداق كبير يسترد هذا المبلغ إذا أرادت الزوجة إنهاء حياته الزوجية، وهو ما أدى إلى ارتفاع تكاليف الزواج لأداء الزوج مبلغ مالي أكبر كمصاريف توثيق لقاء إثبات مهر أكبر.
الزوجة غير المدخول بها
التطليق خلعاً حق للمرأة المتزوجة سواء مدخول بها أو غير مدخول بها وذلك لأن البغض واستحالة العشرة لا يشترط فيه الدخول فهو متصور قبل الدخول وبعده.
منزل الزوجية
متى قضى بالتطليق خلعاً فيجب على الزوجة المخلوعة أن تغادر منزل الزوجية وبقاء الزوجة المختلعة بمنزل الزوجية يرتبط بكونها حاضنة أم لا وتطبق الأحكام الخاصة بالحضانة ومسكن الحاضنة.