توصيل مرافق
توصيل مرافق
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علناًفى يوم السبت الموافق 15/5/2010م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أحمد الحسينى ……….. رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمـــة
وعضـويــة السـادة الأسـاتــذة المستشـارين / د. سامى حــــامد إبراهيم عبــده وعادل سيد عبد الرحيم حسن بريك وصلاح الدين عبد اللطيف الجروانى ومجدى محمود بدوى العجرودى ………. نــواب رئيس مجلس الدولـة
بحضور السيد الأستاذ المستشار / مصطفى حسين السيد أبو حسين ……… نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب رمسيس ………… سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 8299 لسنة 48 القضائية عليا
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط “الدائرة الأولى” بجلسة 20/3/2002 فى الدعــــوى رقم 1164 لسنة 6 ق .
الإجراءات
بتاريخ 18/5/2002 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا ، تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم المشار إليه ، على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط “الدائرة الأولى” بجلسة 20/3/2002 فى الدعوى رقم 1164 لسنة 6ق ، الذى قضى فى منطوقه : بقبول الدعوى شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار ، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات .
وطلب الطاعن بصفته ، فى ختام تقرير الطعن الحكم : بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وفى الموضوع بإلغاء ذلك الحكم ، والقضاء مجدداً برفض الدعوى ، وإلزام المطعون ضده الأول المصروفات عن درجتى التقاضى .
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبيّن بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة لدى المحكمة ، تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم : بقبوله شكلاً ، ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وقد نظر الطعن بالجلسات ابتداء أمام الدائرة السادسة فحص بالمحكمة الإدارية العليا، على النحو المبين بمحاضرها ، وبجلسة 5/5/2009 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة لنظره بجلسة 17/6/2009 ويخطر بها الخصوم ، وقد ورد الطعن إلى هذه الدائرة الأخيرة ونُظر بتلك الجلسة والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 23/12/2009 تقرر إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص لنظره بجلسة تحددها ، حيث تحدد لنظر الطعن جلسة 30/1/2010 وتدوول بالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها وأثناء ذلك قدم الحاضر عن المطعون ضده الأول حافظة مستندات ومذكرة دفاع التمس فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات ، كما أودع الحاضر عن الجهة الإدارية الطاعنة مذكرة ، التمس فيها الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن ، وبجلسة 17/4/2010 قررت المحكمة حجز الطعن للحكم فيه بجلسة 15/5/2010 ، وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً , من ثم فهو مقبول شكلاً .
ومن حيث إن عناصر المنازعة مستقاه من أوراقها تجمل ( وبالقدر اللازم لحمل منطوق الحكم على أسبابه ) فى أن المطعون ضده الأول كان قد أقام الدعوى ابتداء أمام محكمة بنى مزار الجزئية حيث قيدت برقم 170 لسنة 95مدنى جزئى بنى مزار وطلب فيها الحكم بإلزام جهة الإدارة بتوصيل الكهرباء للمبانى المملوكة له والموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى ، وقال بياناً لدعواه ، أنه اشترى قطعة أرض غير صالحة للزراعة بمنطقة كفر الغرباوى التابعة لقرية الجندية مركز بنى مزار بالمنيا وأقام عليها محطة لخدمة الآلات الزراعية ومنزلاً ، فحررت له الإدارة جنحة إقامة مبانى على أرض زراعية قيدت برقم 3329 لسنة 1993 بنى مزار والمحضر رقم 4302 لسنة 1991 جنح بنى مزار والجنحة رقم 3811 لسنة 1993 ، وقد صدرت له أحكاماً فى كل هذه القضايا بالبراءة ، وتقدم لجهة الإدارة بطلب لإدخال التيار الكهربائى إلى مبانيه ، إلا أنها رفضت ،
مما دعاه إلى إقامة هذه الدعوى للحكم له بالطلبات آنفة الذكر . وقد تداولت الدعوى بالجلسات أمام المحكمة المذكورة وبجلسة 8/6/1995 أصدرت حكماً قضى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى ، وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بأسيوط للاختصاص ، وأبقت الفصل فى المصروفات ، وتنفيذاً لذلك فقد وردت الدعوى إلى قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بأسيوط وقيدت بجدولها برقم 1164 لسنة 6ق ، وتم تحضيرها بهيئة مفوضى الدولة التى أعدت فيها تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ، وما يترتب على ذلك من آثار ، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ، ثم تدوولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة القضاء الإدارى بأسيوط على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 20/3/2002 أصدرت حكمها المطعون فيه والمشار إليه آنفاً ، وشيدت المحكمة قضاءها على أساس ، أن رفض الجهة الإدارية توصيل المرافق لمبانى المدعى يقوم على أساس أنه مُحرر له جنحة إقامة مبانى على أرض زراعية , ولما كان الثابت من الأوراق أن الجنحة رقم 3811 لسنة 1993 جنح بنى مزار المقيدة ضد المدعى لما نسب إليه إتيانه أفعالاً من شأنها تبوير الأرض الزراعية ,
قد صدر فيها الحكم ببراءته مما هو منسوب إليه فيها , كما أن الجنحة رقم 3329 لسنة 1993 جنح بنى مزار لإقامته مبانى على أرض زراعية فقد قضى فيها بالحبس والغرامة فى أول درجة وعند الطعن بالاستئناف عليه حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة , ومن ثم فإن قرينة البراءة لم تنتفى عن المدعى , مما يتعين معه على الجهة الإدارية توصيل المرافق لمبانيه المشار إليها , سيما وأن الجهة الإدارية لم تقدم فى مذكرة دفاعها سبباً لرفض توصيل المرافق لمبانى المدعى سوى أنها مقامة على أرض زراعية , الأمر الذى يتعين معه إلغاء القرار السلبى لجهة الإدارة بالامتناع عن توصيل المرافق لمبانى المدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الجهة الإدارية المدعى عليها , فقد قامت بالطعن عليه بموجب الطعن الماثل , ناعية على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله , لأسباب حاصلها أن المبانى التى أقامها المطعون ضده الأول تمت دون ترخيص بذلك من جهة الإدارة مما يحق لها عدم تمكينه من الانتفاع بهذه المبانى وفقاً لأحكام المادة 15 من قانون تنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976 , وأن الأحكام الجنائية الصادرة بشأن المطعون ضده لا تحول دون ممارسة الإدارة سلطتها فى الامتناع عن إمداد العقار بالمرافق .
ومن حيث إنه ولئن كانت القوانين لا تجيز لجهة الإدارة تزويد المبانى المخالفة , بالمرافق , إعلاء لمبدأ المشروعية الذى يوجب على المخاطبين بالقانون احترام أحكامه , إلا أنه لما كان الأصل هو تمتع الإنسان بقرينة البراءة , هذه القرينة لصيقة بالإنسان ينعم بها ويعامل على أساسها , ولا تنتفى هذه القرينة إلا إذا صدر ضده حكم نهائى بإدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه , وترتيباً على ذلك , فإنه إذا تقدم أحد مرتكبى مخالفات البناء بطلب إلى جهة الإدارة لتوصيل المرافق لمبانيه , ولم يكن قد صدر بعد حكم نهائى بإدانته , فلا تملك جهة الإدارة رفض طلبه , طالما أنها قد قعدت عن إيقاف أعمال البناء المخالفة بالطريق الإدارى قبل اكتمالها , وتقديم المخالف إلى المحاكمة الجنائية لتقضى بإدانته وتأمر بإزالة المخالفة طبقا لأحكام القانون , فإذا استمر تقاعسها إلى حين انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة , وعليه فإن امتناع الإدارة بعد ذلك عن إمداد المبانى والمنشآت بالمرافق يكون غير قائم على سبب يبرره , طالما أن صاحب المبنى قد استجمع الشروط التى وضعت لجميع الأفراد للتعاقد لتوصيل المرافق إليه , ومدام أن المبنى المقام لا يهدد بحال , سلامة شاغليه أو الغير .
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم , ولما كان الثابت من الأوراق أن المبانى التى أقامها المطعون ضده الأول لم تكن بناء على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية ،
وعندما قُدم المذكور إلى المحاكمة الجنائية عن ذلك بالقضية رقم 4302 لسنة 1991 جنح بنى مزار والقضية رقم 3811 لسنة 93 جنح بنى مزار ، لما نسب إليه إتيان أفعالاً من شأنها تبوير الأرض الزراعية ، صدر الحكم ببراءته من هذا الاتهام ، كما حررت ضده القضية رقم 3329 لسنة 93 جنح بنى مزار ، لما نسب إليه من إقامة مبانى على أرض زراعية ، وقد صدر الحكم فى أول درجة بإدانته ومعاقبته بالحبس والغرامة ، إلا أنه عند الطعن على هذا الحكم بالاستئناف ، صدر الحكم بإلغاء الحكم المستأنف ، وانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة ، الأمر الذى يفيد فى مجمله ، أن قرينة البراءة ما تزال تزايله ولم تنتفى عنه ، من ثم فإنه فى ضوء ذلك ، فقد كان يتعين على الجهة الإدارية توصيل المرافق إلى مبانيه الصادر بشأنها تلك الأحكام ، سيما وأن الأوراق لم تكشف عن أن سبب رفض الجهة الإدارية توصيل المرافق لمبانيه المذكورة كان لسبب آخر غير أنه قد أقامها على أرض زراعية ، الأمر الذى يضحى معه قرار الجهة الإدارية برفض توصيل المرافق إلى مبانى المطعون ضده الأول غير قائم على سبب يبرره ، مما يجعله حقيقاً بالإلغاء ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، ومما يعزز هذا النظر ، أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية (الوحدة المحلية لمركز بنى مزار ) قد منحت المطعون ضده الأول رخصة دائمة لتشغيل محطة التموين وخدمة السيارات بناحية الغرباوى بتاريخ 29/7/97 ، الأمر الذى يكشف عن أن هذه الجهة كانت على بينة من ظروف الموقع وأن المطعون ضده يستوفى الشروط المقررة .
ولا محل لما ورد بتقرير الطعن ومذكرة دفاع جهة الإدارة ، من الاستناد إلى أحكام قانون تنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976 لعدم توصيل المرافق إلى المبانى محل النزاع ، إذ أن من المسلم به أن أحكام هذا القانون لا تسرى إلا على المبانى المخالفة التى تقام فى المدن ، ولا تمتد إلى المبانى المقامة فى القرى ، والثابت من الأوراق أن المبانى محل النزاع تقع بإحدى قرى مركز بنى مزار محافظة المنيا .
كما أنه لا وجه لما ورد بتقرير الطعن ، من أن الأحكام الجنائية الصادرة بشأن حالة المطعون ضده الأول لا تحول دون ممارسة الإدارة سلطتها فى عدم توصيل المرافق للمبانى المذكورة ، إذ أن بعض هذه الأحكام قد صدرت ببراءته مما نسب إليه ( الحكم الصادر فى القضية رقم 3811 لسنة 93 جنح بنى مزار ) والبعض الآخر صدر بإلغاء حكم الإدانة وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة (الحكم الصادر فى القضية رقم 3329 لسنة 93 جنح بنى مزار ) ولا ريب أن الحكم الأول وقد صدر بالبراءة فقد كان على جهة الإدارة إعمال مقتضاه احتراما لحجيته القضائية ، وأن الحكم الثانى وقد صدر بإلغاء حكم الإدانة السابق صدوره من محكمة أول درجة وقضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة ، فإن هذا الحكم يكشف عن تقاعس جهة الإدارة فى إيقاف أعمال البناء المخالفة وتقديم المخالف إلى المحاكمة الجنائية لتقضى بإدانته وتأمر بإزالة المخالفة ، فإن استمر تقاعسها إلى حين انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة ، من ثم ، فإنه لا يسوغ لها بعد ذلك الامتناع عن إمداد تلك المبانى بالمرافق ، طالما أن صاحبها قد استجمع الشروط التى وضعت لغيره من الأفراد لتوصيل المرافق ، وما دام إن تلك المبانى لا تهدد بحال سلامة شاغليها أو الغير .
ومن حيث إنه على هدى كل ما تقدم ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء قرار جهة الإدارة برفض توصيل المرافق للمبانى محل النزاع ، مع ما يترتب على ذلك من آثار ، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ، مما يضحى الطعن عليه بطلب إلغائه (والحالة هذه ) لا عاصم له من الرفض .
ومن حيث إن من يخسر الطعن يتحمل مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً ، ورفضه موضوعاً ، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .