تحريات المباحث وتعويل المحكمه عليها
تحريات المباحث وتعويل المحكمه عليها
وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة. ولما كان الثابت من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أن ضابط المباحث شهد بأن تحرياته دلت على أن الطاعن مرتكب الواقعة على الصورة التي أوردها في أقواله بياناً للواقعة ولم يبين مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما انتهى إليه من أن الطاعن هو مرتكب الحادث فإنها بهذه المثابة لا تعدو أن تكون رأي لصاحبها تخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه
وقررت محكمة النقض في حكمها
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول في إدانته على تحريات الشرطة دون أن تكون معززة بدليل آخر، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه استند في قضائه بالإدانة إلى تحريات ضابط المباحث التي رددها بالتحقيقات بأن الطاعن هو مرتكب الواقعة على النحو الذي أورده الحكم في قوله “بأن النقيب محمد سلامة سعد رئيس وحدة مباحث مركز شرطة شبين القناطر شهد بأن تحرياته السرية التي أجراها دلت على أن مشاجرة قد نشبت بين عادل إسماعيل بركات وبين أمين محمود إسماعيل وعلى أثر تلك المشاجرة قام الأول بضرب الثاني بعصا على رأسه فأحدث به إصابته التي أودت بحياته وأضاف بأن تحرياته دلت على أن المتهم لم يكن يقصد من ذلك التعدي بالضرب قتل المجني عليه”
لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادراً في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه. وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة.
ولما كان الثابت من الاطلاع على مدونات الحكم المطعون فيه أن ضابط المباحث شهد بأن تحرياته دلت على أن الطاعن مرتكب الواقعة على الصورة التي أوردها في أقواله بياناً للواقعة ولم يبين مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدي إلى صحة ما انتهى إليه من أن الطاعن هو مرتكب الحادث فإنها بهذه المثابة لا تعدو أن تكون رأي لصاحبها تخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام،
دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها، كما أنها لم تشر في حكمها إلى مصدر التحريات تلك على نحو تمكنت معه من تحديده والتحقق منه ثم من صدق ما نقل عنه، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله، ولا يعصم الحكم من هذا البطلان، أن يكون قد عول في الإدانة على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية، لما هو مقرر من أن التقارير الطبية في ذاتها لا تنهض دليلاً على نسبة الاتهام إلى المتهم، وإن كانت تصح كدليل يؤيد أقوال الشهود، ومن ثم فإن استناد الحكم إلى التقرير ذلك، لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفة أساسية على التحريات وحدها، وهي لا تصلح دليلاً منفرداً في هذا المجال. لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعن في طعنه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات بنها لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.