استشارات قانونيه مصريه , زواج وطلاق الاجانب, تأسيس الشركات في اسرع وقت واقل تكلفه , القضايا التجاريه ,كتابة توثيق عقود زواج عرفي شرعي , قضايا محكمة الاسره , تأسيس الشركات , تقنين اقامات الاجانب , القضاء الاداري , القضاء المدني , قضايا الجنايات والجنح

الزواج العرفي في القانون الجزائري

133

الزواج العرفي في القانون الجزائري

 

الزواج العرفي في القانون الجزائري

يعتبر الزواج العرفي ظاهرة منتشرة في مجتمعنا ،كما أن قضايا الزواج العرفي مطروحة بكثرة أمام الجهات القضائية ،و لهذا أرتأينا معالجة هذا الموضوع ،و ذلك من خلال النقاط الآتية : تعريف الزواج العرفي ،أسباب الزواج العرفي في الجزائر ،موقف القانون الجزائري من الزواج العرفي ،الإشكالات الناتجة عن الزواج العرفي في الجزائر.

أولا : تعريف الزواج العرفي

الزواج العرفي هو ذلك الزواج القائم على جميع أركانه الشرعية من رضا الزوجين و ولي الزوجة و الصداق و الشاهدان غير أنه لم يتم تسجيله أمام الجهات الرسمية ،و يسمى بالزواج العرفي لأنه زواج يتم وفق ما تعارف عليه الناس منذ عهد الرسول صلى الله عليه و سلم ،فتسجيل الزواج أمام الجهات الرسمية لم يكن معروف في القرون السابقة ،بل يعد تسجيل عقود الزواج أمام جهات رسمية بمثابة ظاهرة جديدة في مجتعاتنا العربية و الإسلامية .

و طبقا للمادة 18 من قانون الأسرة يتم الزواج أمام الموثق أو أمام موظف مؤهل لذلك ،و المتمثل في ضابط الحالة المدنية على مستوى البلدية .

ثانيا : أسباب الزواج العرفي في الجزائر

أسباب الزواج العرفي في الجزائر متنوعة و عديدة ،تتمثل أهما فيما يلي :

1 – الزواج يعد وسيلة من أجل الإرتباط بفتيات قاصرات ،فالمادة 07 من قانون الأسرة حددت السن القانوني للزواج بـ 19 سنة بالنسبة للرجل و المرأة ،و زواج القاصرين و القاصرات طبقا للمادة 07 من قانون الأسرة يخضع لشروط تتمثل في الحصول على ترخيص من القاضي، علما أن القاضي يتمتع بسلطة تقديرية في قبول أو رفض الزواج من فتاة قاصرة ،و بالتالي يلجأ أغلب الرجال الراغبين في الزواج من قاصرات إلى الزواج العرفي لتجنب الإجراءات القضائية أو كنتيجة لرفض القاضي منح الترخيص اللازم لإتمام هذا الزواج .

2 – يعتبر الزواج العرفي في بعض الأحيان وسيلة مستعملة من طرف الأجانب للإرتباط بجزائريات ،فزواج الأجانب في الجزائر يخضع لشروط من بينها وجود الأجنبي في الجزائر بطريقة قانونية و كذلك الحصول على ترخيص من الوالي المختص إقليميا ،و بالتالي في حالة ما إذا كان الأجنبي في وضعية غير قانونية كأن يكون مهاجر غير شرعي أو في رفض الوالي لمختص منح الترخيص ،فإنه يتم اللجوء للزواج العرفي .

3 – يلجأ البدو الرحل و سكان المناطق النائية للزواج العرفي بسبب العزلة و البعد عن المقرات الرسمية .

4 – يلجأ أيضا المطلوبين لدى العدالة للزواج العرفي بإعتبار أن هؤلاء الأشخاص ارتكبوا جرائم و بالتالي هم يخشون من توقيفهم لو تقدموا أمام الجهات الرسمية من أجل إبرام عقد الزواج .

5- و لكن حسب إعتقادنا أهم سبب للزواج العرفي في الجزائر هو التحايل على أحكام المادة 08 من قانون الأسرة التي تلزم الرجل الراغب في الإرتباط بزوجة ثانية الحصول على موافقة الزوجة الأولى و ترخيص من رئيس المحكمة المختص ،و بالتالي يلجأ الرجل في هذه الحالة إلى الزواج العرفي من أجل إخفاء زواجه من إمرأة ثانية و لتجنب الحصول على موافقة الزوجة الأولى،و بالأخص أن القانون الجزائري كما سنرى لاحقا يتيح للزوج تثبيت زواجه بالزوجة الثانية .

ثالثا : موقف القانون الجزائري من الزواج العرفي

القانون الجزائري لم يعتبر الزواج العرفي جريمة أي أنه لم يعاقب عليه حتى لو تم الزواج العرفي من فتيات قاصرات ،على عكس القانون التونسي الذي يعاقب على الزواج العرفي بالحبس و الغرامة منذ سنة 1956 بل حتى تعدد الزوجات في تونس يشكل جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس و الغرامة ،أما القانون الجزائري مثله مثل الكثير من القوانين العربية كالقانون المصري و المغربي إعترف بالزواج العرفي و سمح للمتزوجين عرفيا بتثبيت زواجهم لاحقا امام الجهات الرسمية و الحصول على الدفتر العائلي .

و يتم تثبيت الزواج العرفي في الجزائر عن طريق المحكمة ،فقد نصت المادة 22 من قانون الأسرة على ما يلي » يثب الزواج بنسخة من سجل الحالة المدنية ،و في حالة عدم تسجيله يثبت بحكم قضائي ،يجب تسجيل حكم تثبيت الزواج في الحالة المدنية بسعي من النيابة العامة » ، و عليه يتضح لنا من خلال هذه المادة أنه يمكن تدارك عدم تسجيل الزواج أمام ضابط الحالة المدنية باللجوء لاحقا أمام المحكمة ،

و يتم ذلك في الواقع العملي بواسطة عريضة مشتركة بين الزوج و الزوجة تودع أمام المحكمة الواقع في دائرة إختصاصها مسكن الزوجية أو أمام المحكمة الواقع في دائرة إختصاصها موطن المدعى عليه في حالة وجود نزاع بين الزوج و الزوجة حول مسألة إثبات الزواج و ذلك طبقا للمادة 426 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية .

و يجب على القاضي قبل أن يصدرحكم يقضي بثبيت الزواج العرفي أن يتأكد من وجود الأركان الشرعية للزواج المتمثلة في رضا الزوجين و ولي الزوجة و الشاهدان و الصداق ،و يجب أن يتأكد ايضا من خلو هذا الزواج من الموانع كالمحرمات بالقرابة و بالرضاع و غيرها ، لأنه هناك من لديه فكرة خاطئة و يعتقد أن الزواج العرفي هو علاقة غير شرعية يمكن تصحيحها أو تثبيتها أمام العدالة ،

ربما هذه الفكرة نابعة من المسلسلات المصرية التي نشاهد فيها زواج عرفي بين إمرأة و رجل دون حضور ولي المرأة ،و لكن يجب أن نعلم أو الولي في القانون المصري لا يعد ركن من أركان الزواج ،فالمذهب الحنفي السائد في مصر لا يشترط الولي في عقود الزواج ،أما في الجزائر الذي يسود فيها المذهب المالكي يعد الولي ركن من اركان الزواج ،خلاصة القول إذن الزواج العرفي هو زواج شرعي ، و الحكم الصادرعن المحكمة هم حكم كاشف لهذا الزواج الشرعي و ليس منشأ له ،و قد أكدت المحكمة العليا ذلك في العديد من قراراتها .

فقد صدر عن المحكمة العليا قرار بتاريخ 24 / 09 / 1984 جاء فيه » يتبين بالرجوع إلى القرار المطعون فيه أن قضاة المجلس لم يحترموا تماما أحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالزواج ،إذ من المقرر أن الزواج الصحيح لا يقوم إلا على أركان مبينة بوضوح ……و قد أنكرت الطاعنة طيلة مراحل الخصام وجود زواج شرعي بين بين الطرفان ،و إنما كانت العلاقة القائمة بينهما على وجه غير شرعي ( ملف 34438 ) « .

و صدر كذلك عن المحكمة العليا قرار بتاريخ 24 / 10 / 1995 جاء فيه » حيث بعد الإطلاع على قضية الطعن و على المستندات،يتبين بأنه يجوز لقضاة الموضوع أن يقضوا بترسيم الزواج العرفي موضوع النزاع بالحالة المدنية ،إذا ما توفرت فيه أركانه الشرعية …. ( ملف رقم 125059 ) » .

رابعا : الإشكالات الناتجة عن الزواج العرفي في الجزائر

لقد لاحظنا من خلال القضايا المطروحة على العدالة أن الزواج العرفي في الجزائر يطرح العديد من الإشكالات تتمثل أهمها فيما يلي :

1 – تماطل الزوجين في تثبيت الزواج العرفي لمدة طويلة قد يخلق صعوبات عديدة في إثبات الزواج ،فقد يتوفى أحد الزوجين أو قد يتوفى الشهود أو ولي المرأة ، ففي هذه الحالات يكون تثبيت الزواج صعب جدا و ربما مستحيل نظرا لإختفاء أركانه .

2 – رفض أحد الطرفين تثبيت الزواج العرفي بقصد الإضرار بالطرف الآخر،و عادة يكون الطرف صاحب النية السيئة هو الزوج ،بحيث يرفض الإعترف بوجود زواج عرفي من أجل حرمان زوجته من النفقة أو ربما الميراث و غيرها من الحقوق، و قد يذهب أبعد من ذلك بدفعه رشوة للشهود من أجل أن ينكروا بدورهم وجود زواج عرفي ، و بالتالي تجد الزوجة نفسها في ورطة حقيقية إذ يتعذر عليها إثبات الزواج العرفي أمام المحكمة .

3 – إذا اثمر الزواج العرفي عن ميلاد أطفال ،ففي هذه الحالة زيادة على إثبات الزواج العرفي لا بد من إثبات ايضا نسب الأطفال ،و ذلك قد يخلق صعوبات، بالأخص إذا أنكر الرجل وجود الزواج أو أنكر نسب الأطفال .

4 – قد يكون الزواج العرفي متبوع بالطلاق العرفي ،فالطلاق الذي يتم بين رجل و إمرأة تزوجا عرفيا يسمى ايضا الطلاق العرفي ،و في هذه الحالة كذلك لابد من تثبيت الزواج العرفي أولا ثم ثبيت الطلاق و بعد ذلك يجب تثبيت نسب الأطفال ،و كل هذا يستغرق وقت و يخلق صعوبات عديدة .

5 – الزواج العرفي في بعض الأحيان يتم إستعماله من أجل منح النسب لطفل ناتج عن علاقة غير شرعية ،فقد يسعى كل من رجل و أمرأة تربطهما علاقة غير شرعية و أنجبا طفل غير شرعي إلى الإدعاء بوجود زواج عرفي و أن الطفل هو ثمرة هذا الزواج العرفي و يستعينون بشهود زور من أجل إثبات هذه التصريحات الكاذبة ،فهذا مخالف للقانون و الشرع ،فالنسب يثبت بالزواج الشرعي الصحيح ،و من ثم قد يخلق هذا الإدعاء الكاذب نزاعات عديدة على مستوى العدالة .

و هكذا كنا قدمنا عرض موجز و واضح عن الزواج العرفي في الجزائر ،و رأينا الإشكالات العديدة التي يخلقها الزواج العرفي ،و نشير أنه في معظم الأحيان تكون المرأة و الأطفال هم ضحايا هذ الزواج العرفي ،و لهذا السبب نحن ننصح بعدم اللجوء إلى الزواج العرفي و ننصح بضرورة تسجيل الزواج أمام ضابط الحالة المدنية لحفظ حقوق جميع الأشخاص و لتجنب المشاكل الناتجة عن الزواج العرفي .