التقادم الجنائى فى جرائم التهرب الضريبي
التقادم الجنائى فى جرائم التهرب الضريبي
هل تسقط التهمة في جرائم التهرب الضريبي؟
مؤسسة حورس للمحاماه 01129230200
تخضع الجرائم الضريبية لتشريعات جنائية خاصة إذ أن نصوص التجريم والعقاب عليها ضمن نصوص وأحكام التشريعات الضريبة المختلفة سواء ما تعلق منها بالضرائب المباشر كضريبة الدخل وضريبة الدمغة والضريبة العقارية أو ما تعلق منها بالضريبة غير المباشرة كالضريبة العامة على المبيعات والقيمة المضافة وضريبة دخول المسارح والملاهى.
فى التقرير التالى رصد ناإشكالية التقادم فى جرائم التهرب الضريبىة من حيث تاريخ بدء وحساب مدة التقادم، ومعرفة إذا كانت جرائم التهرب الضريبى جريمة وقتية أم جريمة مستمرة، والاجراءات القاطعة لتقادم الدعوى الجنائية للتهرب الضريبى، فضلاَ عن سقوط الدعوى الجنائية فى جرائم النقد سبب فى أحداث لبس فى جرائم التهرب الضريبى-
الضريبة كقاعدة عامة هى فى الاساس نزاع مدنى ولا يكون نزاعا جنائيا إلا فى أحوال أستثنائية، فقد عنيت هذه التشريعات بتنظيم سبيل تحريك الدعوى الجنائية إذ أنها من الدعاوى التى يتوقف فيها تحريك الدعوى الجنائية على تقديم طلب كتابى بذلك من الوزير المختص وفيما عدا هذا القيد التشريعى الخاص من الناحية الاجرائية، فإن قانون الاجراءات الجنائية الصادر بالقانون 150 لسنة 1950 وتعديلاته هو الشريعة الاجرائية العامة الذى يطبق على كافة الجرائم فى مراحلها من التحقيق والاتهام والمحاكمة سواء ما تعلق منها بحقوق المتهم وواجباته أو ما كان للسلطات من حقوق وما عليها من واجبات مع تطبيق جميع الضمانات والحقوق التى كفلها قانون الاجراءات الجنائية للمتهم فى الجرائم الضريبية ومنها انقضاء الدعوى الجنائية فى جرائم التهرب الضريبى
أولا : تاريخ بدء وحساب مدة التقادم
طبقا لنص المادتين 14 والتى نصت على انقضاء الدعوى الجنائية بوفاة المتهم والمادة 15 والتى نصت على انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة وجعلتها من يوم وقوع الجريمة: عشر سنوات فى الجنايات، وثلاث سنين فى الجنح، وسنة واحدة فى المخالفات.
وقد يكون سبب هذا البحث نابعا من خلط المهنيين المهتمين والمتعاملين مع المنازعات الضريبية بين سقوط دين الضريبة كدين مدنى وسقوط الحق فى معاقبة المتهم عن تهرب جنائى وهذا الخلط أدى إلى خلط المفاهيم فى بداية التاريخ الذى تتقادم به الضرائب إذ ذهب البعض إلى أنها من تاريخ علم المصلحة.
– وهذا الرأى وإن كان يصدق على سقوط حق المصلحة فى المطالبة بدين الضريبة كنزاع مدنى يسقط بخمس سنوات كأصل عام وست سنوات إذا كانت الواقعة تشكل أحد صور التهرب المنصوص عليها والذى يبدأ بالفعل من تاريخ علم المصلحة، إلا أن هذا القول لا يصلح فى المجال الجنائى والذى له تاريخ اخر يبدأ به تقادم الجريمة سواء كانت جناية – كالأفعال المجرمة بقانون القيمة المضافة – أو كانت جنحة – كالأفعال المجرمة بقانون المبيعات والدخل والتمغة والضرائب العقارية وضريبة دخول المسارح والملاهى والضريبة الجمركية على الصادر والوارد– إذ أن كل هذه القوانين جعلت من جريمة التهرب جنحة وإن اختلفت العقوبة تبعا لاختلاف الفعل الإجرامي-
ومن ثم فان التقادم الجنائى فى جرائم التهرب تجرى عليه احكام المادتين 14، 15 من قانون الاجراءات الجنائية والتى يبدأ حساب مدة التقادم من يوم وقوع الجريمة ولا يؤثر فى ذلك جهل المجنى عليه – مصلحة الضرائب- بوقوعها اى أن علم المصلحة أو جهلها لا اثر له فى بدء مدة التقادم وسريانها وهو ما قررته محكمة النقض المصرية فى أكثر من حكم لها إذ القاعدة العامة فى سقوط الحق فى أقامة الدعوى الجنائية «الأصل أن تبدأ مدة التقادم ابتداء من تاريخ وقوع الجريمة ( المادة 15 إجراءات) ولا يؤثر فى ذلك جهل المجنى عليه بوقوعها.
وكما قضت محكمة النقض فإن اعتبار يوم ظهور الجريمة تاريخا لوقوعها محله ألا يكون قد قام الدليل على وقوعها فى تاريخ سابق ، وتعيين هذا التاريخ تستقل به محكمة الموضوع، فإذا انقطع التقادم فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء من الإجراءات التى قطعت التقادم « المادة 17 /2 إجراءات».
وتبدأ مدة التقادم فى وقت واحد بالنسبة إلى جميع المساهمين فى الجريمة، مهما كان نشاط أحدهم قد توقف قبل تمام الجريمة، كما هى الحال بالنسبة إلى وسائل الاشتراك، ودون عبرة بتاريخ وقوع فعل الاشتراك فى الجريمة، فالعبرة هى بوقت وقوع الجريمة لا وقت الاشتراك فيها.
(نقض 24 إبريل سنة 1978، 15 مارس 2004، مجموعة الأحكام، س 55، رقم 31، ص 243 ) (الطعن رقم 100 لسنة 48ق جلسة 24/4/1978) (الطعن 18670لسنة61 ق جلسة 13/12/1995) وكذلك نص المادة 1530 من التعليمات القضائية للنيابة العامة، وهو ما اكدته محكمة النقض المصرية – الدائر الجنائية- فى التهرب الضريبى من أن «جريمة التهرب من الضريبة العامة على المبيعات..انقضاء الدعوى الجنائية فيها بمضى ثلاث سنوات من وقت وقوعها حتى اخر اجراء تحقيق صدر فى الدعوى». (طعن رقم 31979 لسنة 2ق جلسة 8/7/2013 ).
بالقطع هذا الحكم ينسحب على جميع جنح التهرب الناشئة عن التشريعات الضريبية وليس قاصرا على جرائم التهرب من الضريبة العامة على المبيعات، إذن نخلص إلى أن جرائم التهرب الضريبى تسقط بالتقادم طبقا لاحكام الماده، 15 من قانون الاجراءات الجنائية ويبدأ تاريخ حساب تلك المدة من يوم وقوع الجريمة وحتى اكتمال ثلاث سنوات ميلادية فى الجنح وعشر سنوات فى الجنايات وسنة واحدة فى المخالفات، وهذا هو الأساس الأول.
وهنا يثور تسائل هل هذه المدة تنقطع بالإخطار بعناصر ربط الضريبة أو بربط الضريبة أو بالتنبيه على الممول بأداء الضريبة أو بالإحالة إلى لجان الطعن؟ وجواب هذا السؤال هو محور حديثنا فى الاساس الثالث بعد أن نستخلص الجواب على سؤال يثور هل تعد جريمة التهرب جريمة وقتية أم أنها جريمة مستمرة ؟
ثانيا : جرائم التهرب الضريبى جريمة وقتية ام جريمة مستمرة ؟
الجريمة الجنائية سواء جناية أو جنحة أو حتى مخالفة لا تقوم ألا على ركنيها المادى والمعنوى – القصد الجنائى عام وخاص- والركن المعنوى دائما وابدا ملازم للركن المادى، هذا الركن المادى الذى نستطيع من خلاله التمييز بين الجريمة الوقتية التى يتم وينتهى ركنها المادى فى فورا، وبين الجريمة المستمرة والتى يستمر ركنها المادى مع الزمن الى ان يتوقف وينتهى.
وأهمية التمييز بينهما لمعرفة تاريخ بداية احتساب مدة التقادم وسقوط الدعوى العمومية بمضى المدة المحدده بالمادة 15 من قانون الاجراءات الجنائية ولا اشكالية فى الجريمة الوقتية ولكن الاشكالية الحقيقية تكمن فى الجريمة المستمرة إذ أن الفقة والقضاء عجزا حتى اليوم عن وضع معيار محدد ومنضبط يمكن من خلاله التمييز بين ما هو وقتى وما هو مستمر لدرجة أن محكمة النقض وهى أعلى درجات التقاضى تناقضت فى العديد من أحكامها وهى بصدد التمييز وهناك احكام محاكم اول درجة اعتبرت جريمة ما وقتية وجاءت محكمة الطعن لتصبغ عليه الرسمية، ولأن ما يدخل تحت التهرب الضريبى متنوع وله صور مختلفة فى كافة التشريعات الضريبية فيجب الوقوف على كل جريمة على حدة ومعرفة عما أذا كانت وقتية يبدأ حساب التقادم بالنسبة لها من يوم وقوع الجريمة أو مستمرة يبدأ حساب هذا التاريخ لها من تاريخ انتهاء وتوقف الركن المادى لهذا الفعل الاجرامى-
ثالثا:الاجراءات القاطعة لتقادم الدعوى الجنائية للتهرب الضريبى:
هل ينقطع التقادم بالإخطار بعناصر ربط الضريبة أو بربط الضريبة أو بالتنبيه على الممول بأداء الضريبة أو بالإحالة إلى لجان الطعن؟ من سيقول نعم ما زال يخلط بين تقادم وسقوط دين الضريبة والذى ينقطع بتلك الاجراءات، وبين تقادم الدعوى الجنائية فى التهرب الضريبى اذ يسرى عليها فى قطع التقادم الاجراءات الواردة بالمادة 17 من قانون الاجراءات الجنائية والتى نص على: تنقطع المدة بإجـراءات التحقيق أو الاتهام والمحاكمـة وكـذلك بالأمـر الجنائى أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت فى مواجهة المتهم أو إذا أخـطر بها بوجه رسمى وتسرى المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع. وإذا تعددت الإجراءات التى تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء، وعلى ذلك فان محضر الاستيفاء المحرر بمعرفة الجهة الادارية اجراء قاطع للتقادم اذا اتخذ فى مواجهة المتهم.
( الطعن رقم 11048 لسنة 61ق جلسة 3/3/1999 )
رابعا: سقوط الدعوى الجنائية فى جرائم النقد سبب فى احداث لبس فى جرائم التهرب الضريبى
ذلك أن سقوط الدعوى الجنائية فى جرائم النقد بدؤه من يوم ظهور الفعل المخالف للأوضاع المقرره بقانون التعامل بالنقد الأجنبى إذ أنها وقتية تقع وتنتهى بمجرد وقوع الفعل لذا كان من الطبيعى ان يبدأ التقادم عنها من وقت علم الجهة الادارية «طعن رقم 18670 لسنة61ق جلسة 13/12/1995»، وهذا ما لاينسحب على جرائم التهرب الضريبى الذى يخضع للوارد بالمادتين 15،17 من قانون الاجراءات الجنائية.