إجراءات دعوى الخلع في ضوء القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰م
إجراءات دعوى الخلع في ضوء القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰م
إجراءات دعوى الخلع والمشاكل العملية وحلولها في ضوء القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰م
– حددت المادة ۲۰ من القانون رقم ۱ لسنه ۲۰۰۰م إجراءات نظر دعوى الخلع والفصل فيها ، وهى مجموعة من الإجراءات تتسلسل وفق تنظيم دقيق غايته الواضحة محاولة إنهاء دعوى الخلع صلحاً ، فالمحكمة ملزمة بعرض الصلح وندب حكمين لموالاة مساعي الصلح ، وإذا بآت محاولات الصلح بالفشل تمضي المحكمة في نظر إجراءات دعوى الخلع وصولاً للفصل فيها.
ونرى دراسة إجراءات نظر دعوى الخلع والفصل فيها بذات الترتيب الذي أورده المشرع بنص المادة ۲۰ على اعتبار أن هذا الترتيب مقصود من المشرع كما أوضحت ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون.
المرحلة التمهيدية لدعوى الخلع
محاولة التراضي بين الزوجين علي الخلع
لا تعد هذه المرحلة وكما يتضح من تسميتها أحد مراحل نظر دعوى الخلع وإنما مرحلة تمهيدية لها ، وخلال هذه المرحلة يتفاوض الزوجان على أمر الخلع ، فإذا تراضيا وقع الخلع اتفاقاً ، وإذا لم يتراضيا كان للزوجة وفق صريح نص المادة ۲۰ أن تقيم دعواها بطلب التطليق للخلع ، وثمة ملاحظة هامة تتعلق بحالة إتمام الخلع اتفاقا ، فلا يوجد قيد على ما يمكن عدة مقابلاً أو بدلا للخلع مادام يجوز أن يكون بدلا بمعني مشروعيته ، وبمعني أخر أن للزوج أن يرضي ببدل أو عوض أقل وله أن يقبل بدل أو عوض أكبر للخلع ، وذلك على خلاف الخلع قضاءا فإن الزوجة المخلوعة لا تلزم إلا برد مقدم المهر الذي قبضته إضافة إلى أنها تتنازل عن حقوقها الشرعية المالية وهى تحديداً مؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة المتعة.
( للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع فان لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها حكمت المحكمة بتطليقها عليه )
[ المادة ۲۰ من القانون رقم ۱ لسنه ۲۰۰۰م ]
أساس ذلك : –
أولا : قوله تعالى :- ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) صدق الله العظيم والواضح أن النص القرآني لم يقيد ما يأخذه الزوج كبدل للخلع حيث يشمل عموم النص القليل والكثير.
ثانياً : حديث الرسول :- فيما ما رواه البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال ” وكانت أختي تحت رجل من الأنصار ، فارتفعا إلي رسول الله ( e) فقال : ” أتردين عليه حديقته ” قالت وأزيد عليها ، فردت عليه حديقته وزادته”
ثالثاً : قضاء الخلفاء الراشدين :- ما ذكره عبد الرازق بن معمر بن عبد الله بن محمد بن عقيل : أن الربيع بنت معوذ بن عفراء حدثته : أنها اختلعت من زوجها بكل شيء تملكه ، فخوصم في ذلك إلى عثمان بن عفان – رضي الله عنه – فأجازه ، وأمره أن يأخذ عقاس رأسها فما دونه ، ويراعى أن من الفقهاء من يرى أنه لا يجوز أن يأخذ الزوج من الزوجة أكثر مما أصدقها ” أنظر – حكم الرسول في الخلع – إبراهيم عبده الشرقاوي من علماء الأزهر – مكتبة الصفا ”
المرحلة الأولى لدعوى الخلع
الإجراء الأول : رفع الزوجة لدعوى التطليق خلعاً
الإجراء الثاني : رد الزوجة للمهر أو لمقدم المهر
الإجراء الثالث : تنازل الزوجة عن حقوقها الشرعية المالية
إقامة الزوجة لدعوى الخلع بمعنى رفعها أمام المحكمة المختصة ، ثم عرضها لمقدم المهر الذي قبضته من زوجها وتنازلها عن جميع حقوقها المالية الشرعية هي أولى الإجراءات الخاصة بنظر دعوى الخلع.
الإجراء الأول : رفع الزوجة لدعوى التطليق خلعاً
يقصد برفع دعوى التطليق خلعاً أقامتها أمام المحكمة ، وقد أوضحنا أن الخلع قانونا دعوى ترفعها الزوجة ضد زوجها إذا بغضت الحياة معه ولم يكن من سبيل لاستمرار الحياة الزوجية وخشيت الزوجة بسبب هذا البغض ألا تقيم حدود الله تعالي في علاقتها بزوجها ، وكما أوضحنا ان دعوى الخلع تخضع من حيث إجراءات رفعها وتداولها لاحكام قانون المرافعات علي أساس أن المشرع قد قرر خضوع الدعاوى الشرعية لقواعد قانون المرافعات إذا خلا القانون ۱لسنة ۲۰۰۰م من نص ، والواقع ان المشرع وبذات القانون قد الغي اللائحة الشرعية وغيرها من القوانين التي كانت تحكم رفع الدعوى الشرعية وتداولها
( تلغي لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم ۷۸ لسنه ۱۹۳۱ ويلغي الكتاب الرابع من قانون المرافعات المدنية والتجارية المضاف إلى القانون رقم ۷۷ لسنه ۱۹٤۹ ، والقوانين أرقام ٤٦۳ لسنه ۱۹۵۵ ، ٦۳۸ لسنه ۱۹۵۵ ، ٦۳ لسنه ۱۹۷٦ المشار إليها ، ولائحة الإجراءات الواجب اتباعها فى تنفيذ أحكام المحاكم الشرعية الصادرة سنة ۱۹.۷ كما يلغي كل نص يخالف أحكام القانون المرافق )
[ المادة الرابعة من القانون رقم ۱ لسنه ۲۰۰۰ بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية ]
الإجراء الثاني : رد الزوجة للمهر أو لمقدم المهر
رد الزوجة للمهر أو لمقدم المهر الذي قبضته من الزوج أحد شروط الحكم بالتطليق خلعاً ، فالمهر هو جزء من الافتداء الذي تقدمه للزوج وبالأدق ترده للزوج ، لذا فان امتناع الزوجة عن الرد او الرد الجزئي يوجب الحكم برفض دعوى الخلع
والتساؤل الهام ۰۰۰ ما هو المهــر الذي ترده الزوجة ، هل هو المهر الثابت بوثيقة الزواج وإن كان صورياً أم المهر الحقيقي الذي قبضته من زوجها ۰۰۰ ؟
مشكلة المهر الحقيقي و المهر الصوري
يقصد بالمهر الحقيقي ما دفعه الزوج حقيقةً لزوجته كصداق أو كمهر ، أيا كانت طبيعته ( نقداً – عيناً ) وأياً كانت حالته ( دفع بالكامل– قسم لمقدم ومؤخر ) والأصل أن يثبت هذا المهر كما هو بحالته بوثيقة الزواج بحيث تلتزم الزوجة برده إذا ما رفعت دعواها بطلب التطليق خلعاً ، والمشكلة هي أن يدفع الزوج مهراً محدداً ويثبت بوثيقة الزواج خلاف ذلك ، سواء أثبت أقل منه أو أكبر منه ، والغالب أن يثبت بوثيقة الزواج مهراً أقل تفادياً لمصاريف التوثيق .
– والتساؤل مرة أخرى : ما هو المهــر الذي ترده الزوجة ، هل هو المهر الثابت بوثيقة الزواج وإن كان صورياً أم المهر الحقيقي الذي قبضته من زوجها ؟
الزوجة ملزمة قانوناً برد كل المهر السري لا العلني
إذا كان الثابت بوثيقة الزواج كمهر أو كمقدم مهر لا يمثل الحقيقة بان كان الزوج قد دفع اكثر منه سواء في صورة نقدية أو عينية كان من حق هذا الزوج أن يسترد كل ما دفعة للقضاء للزوجة بالخلع .
والتساؤل هل للزوج ان يدفع بصورية المهر ويطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات المهر الحقيقي الذي قبضته الزوجة ؟
الإجابة علي ذلك ( نعم ) يجوز للزوج وهو المدعي عليه في دعوى التطليق خلعا ان يدفع بصورية المهر الثابت بوثيقة الزواج ويطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت بشهادة الشهود المهر الحقيقي الذي قبضته الزوجة منه .
– أما عن الأساس القانوني لهذا الدفع فهو نص المادة الثالثة من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰م والتي يجري نصها .
( تصدر الأحكام طبقا لقوانين الأحوال الشخصية والقف المعمول بها ، ويعمل فيما لم يرد في شانة نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة) والراجح في مذهب الإمام ابي حنيفة ان العبرة بمهر السر ( المهر الصوري )
وفي ذلك تقرر الأستاذة / أماني السكري : إذا كان الاختلاف في مقدار المهر المقبض ، بان يدعي الزوج أنة دفع قدراً معيناً وتدعي الزوجة أنة اقل منه فعلية البينة ، وإلا فالقول قول الزوجة بيمينها ، مرد ذلك أن الزوج يدعي خلاف الظاهر وهو الثابت في وثيقة الزواج.
اتجاه المحاكم في قبول الدفع بصورية المهر وطلب الزوج استرداد المهر الحقيقي لا الصوري ۰۰۰ في اتجاه محمود للمحاكم استجابت للدفع بالصورية أو الدفع بوجود مهر سري ومهر علني المبدي من جانب الزوج المدعي علية ، وتأسس القرار بإحالة الدعوى إلى التحقيق إلى أن الراجح من مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان فيما يتضمنه من الاعتداد بالمهر السري دون العلني .
* كما أوضحنا سلفاً .
السادة المحامون خطاء التمسك بقواعد الإثبات المدنية الواردة في قانون الإثبات لإثبات صورية المهر طبقاً لصريح نص المادة الثالثة من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰م فان الأحكام تصدر في الدعاوى الشرعية ومنها دعوى التطليق خلعا طبقا للقانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰م ، وإذا خلا القانون المشار إلية من حكم ما ، وجب علي القاضي أن يرجع إلى ارجح الأقوال في مذهب الأمام أبى حنيفة باعتباره حينئذ القانون الواجب التطبيق بصريح النص ، ولذا فان القول بخضوع الدفع بصورية المهر لقواعد قانون الإثبات ، حيث لا يجوز إثبات عكس الثابت بالكتابة إلا بالكتابة والتمسك بنصاب الإثبات بالشهود ، قول غير صحيح ، لان القانون الواجب التطبيق في هذه الحالة هو ارجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان ، والذي يعتد فيه بالمهر السري أو الحقيقي دون المهر العلني أو الصوري ، وعلي جانب أخر فأنة لا يجوز التمسك بما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰م والتي قررت حق الزوج في المطالبة بالمهر الحقيقي ولكن بعد الحكم في دعوى الخلع حيث يقبل الزوج المهر الصوري ، أساس ذلك انه ليس للمذكرة الإيضاحية للقانون ادني قيمة إلزامية اللهم إلا لمن أصدرها .
( إذا كان الصداق – المهر – مسمى في العقد ولكن الزوج أدعى أنه دفع أكثر منه ألزمت المحكمة الزوجة برد القدر المسمى والثابت بوثيقة الزواج ، وانفتح الطريق للزوج أن يطالب بما يدعيه بدعوى مستقلة أمام المحكمة المختصة) .
[ نص المذكرة الإيضاحية للقانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ م ]
خلاصة القول : أن القانون الواجب التطبيق في منازعات صورية المهر ” وجود مهرين سري وعلني ” ارجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة النعمان ، وهو ما بدأ يجري علية العمل بمحاكمنا*
مشكلة هامة : منقولات الزوجية جزء من المهر يجب رده للحكم بالتطليق خلعاً
المهر حق للمرأة – نعم لا خلاف – وأثرا من آثار عقد الزواج ، لذا فان الزوجة تلتزم حال المطالبة بالتطليق خلعاً أن ترد للزوج المهر او مقدم المهر الذي أعطاه لها ، وللمهر صور شتي ( عيني – نقدي ) والمتصور خاصة في ظروف مجتمعنا ان يكون مهر الزوجة تلك المنقولات التي يجهزها الزوج ، ولذا فان الزوجة تلتزم بردها إذا أرادت التطليق خلعاً – ويراعي أننا قد خصصنا مبحث خاص لهذه المشكلة فيرجي التفضل بمراجعته .
إنذار الزوجة لزوجها بعرض مقدم الصداق ( المهر ) الثابت بأصل وثيقة الزواج
رد الزوجة للمهر أو لمقدم المهر الذي أعطاه لها زوجها و كما أوضحنا أحد شروط الحكم بالخلع وعملاً فإن الزوجة ترد المهر أو مقدم المهر إما بعرضه عرضاً قانونياً أمام المحكمة أو بإنذار على يد محضر ويؤكد البعض أن إنذار الزوجة للزوج على يد محضر بسداد المهر أو مقدم المهر يعد شرطاً لقبول دعوى الخلع وهو نظر خاطئ تماماً لأن المادة ۲۰ من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ لم توجب هذا الإنذار ، بل ولم تشير إليه ، ولا يعني ذلك عدم صحة هذا الإنذار أو بطلانه ، بل هو إجراء صحيح قانوناً غايته إثبات واقعة رد الزوجة لمقدم الصداق الذي أخذته من زوجها، ويجوز كما ذكرنا عرض مقدم الصداق بالجلسات على أن يثبت ذلك في محضر الجلسة . ويكون ذلك دائماً بأول جلسة لدعوى الخلع ونؤكد أن الإنذار بعرض مقدم الصداق ليس شرطاً لقبول دعوى الخلع وإنما محض وسيلة قانونية لإثبات أداء وبالادق رد الزوجة لمقدم الصداق.
الإجراء الثالث تنازل الزوجة عن حقوقها الشرعية المالية
الإقرار بالمخالعة – إقرار الزوجة بتنازلها عن حقوقها المالية
للحكم بالتطليق خلعاً يجب أن تقر الزوجة بتنازلها عن جميع حقوقها المالية والشرعية إضافة إلى ردها مقدم الصداق الذي أخذته من الزوج ، ويثير تنازل الزوجة عن حقوقها المالية والشرعية عدة تساؤلات هامة
أ ولاً : ما هي الحقوق التي تتنازل عنها الزوجة للحكم لها بالطلاق خلعا ؟
الحقوق المالية التي تتنازل عنها المرأة للحكم بالطلاق خلعاً هي حقوقها المالية الشرعية التي تتولد عن عقد الزواج نفسه، وهذه الحقوق المالية الشرعية هي:-
۱- حق المرأة في مؤخر الصداق .- حق المرأة في نفقة العدة .- حق المرأة في نفقة المتعة.
هل يصح الخلع مقابل إسقاط حضانة الصغار ۰۰۰؟.هل يصح الخلع مقابل نفقة الصغار. ؟
هل يصح الخلع مقابل الرضاع ؟
– بصريح نص المادة ۲۰ من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ م فأنه لا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار ، أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم . والواضح من المذكرة الإيضاحية للقانون ( المادة ۲۰ ) أن الشارع قصد بذلك إقصاء الصغار من المشاكل التي تنشأ بين أبويهما ، حتى لا يكون صالح الصغار هو الثمن الذي يدفعه زوجان للانفصال وبالأدق يدفعه الصغار لصالح زوجة كرهت وبغضت الحياة.
( ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار ، أو نفقتهم أو أي حق من حقوقهم )
[ المادة ۲۰ فقرة ۳ من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ ]
ثانياً : كيف ومتى تقر الزوجة بتنازلها عن حقوقها المالية الشرعية للحكم لها بالطلاق خلعاً ؟
تنازل الزوجة عن حقوقها المالية الشرعية شرط للحكم بالطلاق خلعاً ، لذا فإن هذا التنازل يتم قبل الحكم بالطلاق خلعاً ، والغالب أن يتم الإقرار بالتنازل أمام محكمة الموضوع ويثبت بمحضر الجلسة، وكما يجوز أن تتضمن صحيفة الدعوى هذا الإقرار ، ولا يحول وجود هذا الإقرار بصحيفة الدعوى دون إعادة الإقرار به وإثباته بمحضر الجلسة ، وعملاً فإن المحكمة تسأل الزوجة – وهي حاضرة بشخصها – عن إقرارها بتنازلها عن جميع حقوقها المالية والشرعية ، ويثبت هذا الإقرار وتوقع عليه الزوجة كإجراء إضافي زائد.
ثالثاً :- هل يجوز للزوجة أن تتنازل عن بعض حقوقها المالية فقط كعوض للخلع ؟
الواضح من نص المادة ۲۰ من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ م ومما استقر علية الفقه وأحكام المحاكم أنه لا قضاء بالتطليق خلعاً إلا إذا تنازلت الزوجة عن جميع حقوقها المالية ، فالتنازل الجزئي لا يعد تنازلاً صحيحاً يجوز للزوجة الإقرار به .
( بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها ، حكمت المحكمة بتطليقها عليه )
ومن ثم فان التنازل – وبالادق الافتداء – يجب ان يكون شاملا لكافة حقوق الزوجية الشرعية المالية وإلا قضي برفض دعوى الخلع
رابعاً :- هل يجوز للزوجة التي حكم بتطليقها خلعاً أن تطالب بأي من حقوقها المالية ؟
نؤكد أن ما تتنازل عنه الزوجة كبدل للخلع هي حقوقها المالية الشرعية ، وهي كما أوضحنا الحقوق التي تستمدها الزوجة من عقد الزواج ، أما أي حقوق أخرى سواء كانت لصغارها أو لها ولم تكن حقوق شرعية ، فيظل حقها قائماً في المطالبة بها ، وعلى ذلك يمكننا القول بأن الحقوق التي تسقط بالتنازل عنها مقابل الخلع والتي لا يجوز المطالبة بها هي :- نفقة العدة- نفقة المتعة- مؤخر الصداق ]المرحلة الثانية لدعوى الخلع[عرض المحكمة الصلح على الزوجين
رد الزوجة المهر أو مقدم المهر ( الحقيقي ) الذي قبضته من زوجها وتنازلها عن جميع حقوقها المالية الشرعية لا يكفي وحده للقضاء بالتطليق خلعاً ، بل ينبغي أن تتدخل المحكمة للصلح بين الزوجين وبالأدق محاولة الصلح بين الزوجين وان تبوء هذه المساعي بالفشل بسبب إصرار الزوجة علي التطليق خلعاً ملزمة فالمحكمة ملزمة بمحاولة الصلح بين الزوجين بموجب نص المادة ۲۰ فقرة ۲ من القانون ۱لسنة ۲۰۰۰ م ويجب ان يثبت بمحضر الجلسة المساعي التي بذلتها المحكمة ( ولا تحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين ) وقد أحال نص المادة ۲۰ في خصوص إلزام المحكمة ببذل جهد للصلح بين الزوجين إلى نص المادة ۱۸ فقرة ۲
( وفي دعاوى الطلاق والتطليق لا يحكم بها إلا بعد أن تبذل المحكمة جهداً في محاولة الصلح بين الزوجين وتعجز عن ذلك ؛ فإن كان للزوجين ولد تلتزم المحكمة بعرض الصلح مرتين على الأقل تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوماً ولا تزيد عن ستين يوماً )
– الجهد الذي تبذله المحكمة للصلح بين الزوجين . ماهيته؟
يجب على المحكمة أن تتدخل لإنهاء النزاع بين الزوجين صلحاً ، وللمحكمة اختيار الطريقة التي تراها مناسبة للتدخل أخذة في اعتبارها حقيقة النزاع القائم ، والظروف والملابسات المحيطة ، ورغم صراحة نص المادة ۱۸ فقرة ۲ في إلزام المحكمة بأن تبذل جداً في الصلح فإن قضاء النقض مستقر على أنه يكفي لتدخل المحكمة للإصلاح بين الزوجين عرض الصلح عليهما ، ويجب أن يثبت تدخل المحكمة للصلح بين الزوجين بمحاضر جلسات على اعتبار أن هذا الإلزام متعلق بالنظام العام كما يجب على المحكمة أن تثبت في أسباب حكمها أنها عرضت الصلح على الزوجين.
عرض الصلح وإعادة عرض الصلح؟
إذا كان للزوجين ولد – والمقصود بولد عموم اللفظ أي ولد أو بنت و إن تعددوا ، فإن المحكمة تلتزم بعرض الصلح مرتين على الأقل يفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوماً ولا تزيد عن ستين يوماً ، والحكمة من إعادة عرض الصلح محاولة لم شتات الأسرة والمحافظة عليها رعاية للصغار ، وتلتزم المحكمة في هذه الحالة أن تثبت تدخلها ثم إعادة تدخلها لمحاولة الصلح بين الزوجين كما تلتزم ببيان ذلك في أسباب الحكم الصادر عنها.
(۰۰۰ ، فإن كان للزوجين ولد تلتزم المحكمة بعرض الصلح مرتين على الأقل تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوماً ولا تزيد عن ستين يوماً )
[ المادة ۱۸ الفقرة ۲ من القانون ۱ لسنة ۲۰۰۰ ]
( المرحلة الثالثة لدعوى الخلع)
ندب المحكمة لحكمين لمولاة مساعي الصلح
إذا لم تفلح المحكمة في إتمام الصلح بين الزوجين وإنهاء دعوى الخلع صلحاً وجب عليها ندب حكمين لمولاة مساعي الصلح بينهما ، وندب حكمين في دعاوى التطليق خلعاً هو ما قرره نص المادة ۲۰ من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ ، وقد أحال نص المادة ۲۰ في خصوص كيفية اختيار الحكمين وأدائهما للمهمة الموكلة إليهما.
( في دعاوى التطليق التي يوجب فيها القانون ندب الحكمين يجب على المحكمة أن تكلف كلاً من الزوجين بتسمية حكم من أهله – قدر الإمكان – في الجلسة التالية على الأكثر ، فأن تقاعس أحدهما عن تعيين حكمه أو تخلف عن حضور هذه الجلسة عينت المحكمة حكماً عنه.
وعلى الحكمين المثول أمام المحكمة في الجلسة التالية لتعينهما ليقررا ما خلصا إليه معاً ، فإن اختلف أو تخلف أيهما عن الحضور تسمع المحكمة أقوالهما أو أقوال الحاضر منهما بعد حلف اليمين )
[ المادة ۱۹ فقرة ۱،۲ من القانون ۱ لسنة ۲۰۰۰ ]
حقيقة دور الحكمين في دعوى الخلع
دور الحكمين في دعوى التطليق خلعاً مجرد محاولة الإصلاح بين الزوجين
وفقاً لصريح نص المادة ۲۰ من القانون ۱ لسنة ۲۰۰۰ فإن دور المحكمين في دعوى التطليق خلعاً ينحصر في محـاولة الصلح بين الزوجين وصولاً إلى إنهاء دعوى الخلع صلحاً وهو ما عبر عنه نص المادة بـ ( … ، وندبها حكمين لمولاة مساعي الصلح بينهما ) وعلى ذلك فإن دور الحكمين لا يتطرق إلى تحديد مسئولية أي من الزوجين عن انهيار حياتهما الزوجية ، وعلى ذلك يبدوا الفارق واضحاً بين دور الحكمين في دعوى الخلع ودورهما في دعوى التطليق للشقاق المنصوص عليه بالمادة ۱۰ من القانون ۲۵ لسنة ۱۹۲۹ المعدل بالقانون رقم ۱۰۰ لسنة ۱۹۸۵ومرد ذلك أن دعوى الخلع لا تستند كما سلف لا تستند إلى خطأ أو ضرر أحدثه الزوج بزوجته ، بل أساس دعوى الخلع البغض النفسي للزوج ورغبة الزوجة في إنهاء الحياة الزوجية .
التزام الحكمين بإنهاء محاولات الصلح خلال مدة ثلاثة شهور .
يجب على الحكمين أن ينهيا دورهما في محاولة الصلح بين الزوجين في خلال مدة زمنية لا تجاوز ثلاثة شهور مرد ذلك رغبة المشرع في إنهاء دعاوى الخلع في مدة قصيرة حرصاً على صالح الزوجين وحرصاً على صالح الصغار وكذا للطبيعة الخاصة لنظام الخلع ” …، وندبها لحكمين لمولاة مساعي الصلح بينهما ، خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة شهور ”
( المرحلة الرابعة لدعوى الخلع )
إقرار الزوجة أمام المحكمة صراحة ببغضها الحياة مع زوجها
إقرار الزوجة أمام المحكمة صراحة ببغضها الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وأنها تخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
إقرار الزوجة صراحة ببغضها الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل للحياة الزوجية بينهما وخشيتها آلا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، هي المرحلة الأخيرة من مراحل تحقيق دعوى الخلع أمام محكمة الموضوع ، وبمعنى أخر هي أخر الإجراءات التي تباشرها المحكمة قبل حجر الدعوى للحكم.
شروط صحة الإقرار
وقد اشترط المشرع في هذا الإقرار أن يكون صريحاً ومقيداً بعبارات محددة تقطع بذاتها الدلالة على كراهية الزوجة للحياة واستحالة العشرة ، ولعل في اختيار الشارع لهذا القرار الصريح ليكون أخر إجراءات دعوى أمام المحكمة هو تنبيه الزوجة إلى خطورة ما تصر على طلبه
(… ، وبعد أن تقر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض )
[ المادة ۲۰ الفقرة ۲ من القانون ۱ لسنة ۲۰۰۰ ]
وكما ذكرنا فإن إقرار الزوجة بصحيفة دعواها أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وخشيتها ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض لا يحول دون إقرارها بذلك أمام محكمة الموضوع ، بل الأصل هو التقرير الصريح أمام المحكمة.] المرحلة الخامسة والأخيرة لدعوى الخلع[حجز دعوى الخلع للحكم
متى استوفت المحكمة جميع الإجراءات أو المراحل السابقة ، فإنها تقرر حجز الدعوى للحكم فيها ، ووفقاً لصريح نص الفقرة الأخيرة من المادة ۲۰ م من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ فإن الحكم الصادر يكون غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن ، قد كانت عدم قابلية الحكم الصادر في دعوى الخلع للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن أحد المشكلات التي أثيرت بمناسبة صدور هذا القانون ، ولدى البعض وجهاً من أوجه عدم الدستورية إلى أن صدر الحكم بدستوريتها علي سند من ان قصر التقاضي في هذه الحالة على درجة واحدة يستند إلى ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن قصر التقاضي على درجة واحدة هو مما يستقل به المشرع ويرد النص به موافقاً لأحكام الدستور . ( التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ، ويقول المواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ، وتكفل الدولة تقريب جهات التقاضي وسرعة الفصل في القضايا ويحذر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء)
[ قضية ۱۰۲ لسنة ۱۲ ق جلسة ۱۹/٦/۱۹۹۳ دستورية عليا ]
( الموضـوع الرابع )
المشكلات العملية في دعاوى التطليق خلعاً وحلولها في ضوء القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰م
والحكم الصادر بدستورية مادة الخلع
قبل الحكم بدستورية مادة الخلع أفرز تطبيق نص المادة ۲۰ من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ ( مادة الخلع ) عدداً من المشكلات العملية والقانونية مردها جميعاً الخطأ الجسيم في فهم ماهية الخلع كنظام قانوني قائم بذاته ومتميز عن الطلاق على اختلاف أسبابه ودواعيه .
وبعد الحكم بدستورية مادة الخلع لازالت هذه المشكلات قائمة علي حالتها ، صحيح أن الحكم الصادر بدستورية مادة الخلع قد انهي الخلاف علي شبهة عدم الدستورية وبالتي تحتم التعامل مع هذا القانون كما هو قائم وكائن ، ولكن جراح الرجال لم تندمل بعد ونزيف أموالهم وكرامتهم لم ولن يشفي أبدا ما دام هذا القانون كائن وحي يسعي كالحية ، ونقرر قبل التصدي لهذه المشكلات بإيجاد حلول لها أن الخلع ليس عقوبة لزوج أخطأ ، بل نظام خاص قرره المشرع لزوجة تحالفت مع الشيطان فتمكن منها الشقاق فكرهت نفسها وكرهت الحياة الزوجية وبالأدق كرهت زوجها وتخشى – وفق ما تدعي – ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض وهذه الكراهية .
المشكلة الأولي : ما هو لمهر الذي ترده الزوجة السري أم العلني
سبق أن تناولنا مشكلة المهر الصوري والمهر الحقيقي وخلصنا إلى التزام الزوجة برد المهر الحقيقي دون الصوري كشرط لقبول دعوى التطليق خلعاً وان إثبات الزوج للمهر الحقيقي أو السري مردة أرجح الأقوال في مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان و أوضحنا الأساس القانوني لذلك والتزام المحكمة قانونا بالإحالة إلى التحقيق لاثبات المهر الحقيقي فيرجي التفضل بمرجعاتها منعا للتكرار نموذج لحكم تحقيقلإثبات المهر الحقيقي( بعد سماع المرافعة والإطلاع على الأوراق :
حكمت المحكمة وقبل الفصل فى الموضوع بإحالة الموضوع للتحقيق ليثبت المدعي عليه بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة وشهادة الشهود حقيقة المهر المدفوع منه للمدعي عليها مبلغ وقدره تسلمته الزوجة من المدعي عليه ، وحددت لبدء التحقيق جلسة _ / _ / __ م على أن ينتهي خلال ثلاثة أشهر من تاريخ بدئه وصرحت للمدعية بالنفي بذات الطريقة وبإعلان شهودهم أو إحضارهم لتلك الجلسة ، وأبقت الفصل فى المصروفات وعلى قلم الكتاب إعلان من لم يحضر من خصوم جلسة النطق به ).
سكرتير الجلسة رئيس المحكمة
المشكلة الثانية : منقولات الزوجية
للحكم بتطليق الزوجة خلعاً فإنها تلتزم برد الصداق ( المهر ) الذي أعطاه لها زوجها ۰۰۰ أساس ذلك صريح نص المادة ۲۰ من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ ( ۰۰ وردت الصداق الذي أعطاه لها ، حكمت المحكمة بتطليقها خلعاً )
– والتساؤل هل تلتزم الزوجة للحصول على الخلع برد منقولات الزوجية باعتبارها المهر أو بالأدنى جزء من المهر الذي تلتزم برده إلى الزوج ؟
الرأي الأول : – يرى الأستاذ الدكتور / مصطفى أبو زيد أن الزوجة إذا ما طلبت الخلع التزمت برد كل ما أخذته من زوجها .ويقول سيادته ” إننا في السوابق القانونية الأولى في الإسلام نجد أن ما ترده الزوجة المختلعه هو كل ما أخذته عند الزواج ، وباستعراض الأحاديث النبوية الشريفة الواردة في كتب الصحاح الستة أنها عندما تشير إلى الصداق تشير إليه على أنه كتلة واحدة أو شيء واحد قدمه الزوج لزوجته عن الزواج ، فلم تكن الحياة عند وضع سابقة الخلع تعرف التفرقة بين المهر والشبكة فليس هناك جزءان يقدمهما الزوج شبكة ثم مهر وإنما هو شيء واحد كتلة واحدة ، فالخلع الإسلامي إذاً يقوم على أن ترد الزوجة ما أخذته عند الزواج وليس المهر فقط وإنما المهر والشبكة معاً وهذا واضح من السابقة الثانية التي جرت بين ثابت وزوجته الثانية حبيبة بنت سهل الأنصاري فقد أصدقها حديقتين فلم يقل لها الرسول الكريم ردي واحدة فقط وإنما أمرها بردهما معاً ، فما يرد في الخلع الإسلامي هو كل ما أخذته الزوجة من الزوج عند الزواج ، وما يجب رده في القانون هو الصداق وحده وقد جرى العرف عندنا على أن يكون الصداق فعلاً جزئين مهر وشبكة ، والعرف في الشريعة الإسلامية هو من أدلة الأحكام أي من مصادر القواعد القانونية إلى جانب الكتاب والسنة ، وقد جرى العرف واستقر تماماً بين الأسر وهي ترتب للزواج أن تتفق فيما بينها على هذين الأمرين معاً دفعة واحدة باعتبارهما شيئاً واحداً ، ومن هنا فإن بعض الأسر تدفع مبلغ المهر والشبكة معاً وتشتري به شبكة قيمة كوسيلة لإظهار خطيب الابنة ، فإذا حدث هذا وخصص المبلغين معاً ليكونا هما الشبكة فإن الخلع في سوابقه الإسلامية الأولى يتنافى تماماً مع إعفاء الزوجة من الرد وتجاهل ما أداه فعلاً إلى الزوجة فيقال له مثلاً أنك لم تقدم مهراً وإنما قدمت شبكة فقط ، فالخلع المصري – أي المادة ۲۰ من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰ لكي يكون متفقاً مع الخلع الإسلامي يجب أن ينص على أن ترد الزوجة ما أخذته فعلاً عند الزواج من مهر وشبكة وغير ذلك .
الرأي الثاني : – يرى المستشار الدكتور / أحمد الراعي أن الزوجة لا تلتزم للحكم لها بتطليقها خلعاً إلا برد ما قبضته من مهر إضافة إلى تنازلها عن جميع حقوقها المالية الشرعية ، فالزوجة غير ملزمة برد الشبكة والهدايا والهبات ومنقولات الزوجية للحصول على الطلاق خلعاً ، عليها فقط رد المهر الثابت بوثيقة الزواج.
رأينا الخاص : – و أساسه القانوني التزام الزوجة برد المنقولات في حالة محددة
يكون للزوج الحق في استرداد منقولات الزوجية في حالة محددة ، إذا كان المهر هو هذه المنقولات ، أو تكون هذه المنقولات جزء من هذا المهر ، فقد أوضحنا انه ليس للمهر طبيعة محددة ، فكما يصح أن يكون نقداً يصح أن يكون منقولا أو عقاراً ، واعتبار المنقولات او جزء من هذه المنقولات أمر لا يتنافي مع نصوص قوانين الأحوال الشخصية ولا مع العرف السائد ، بل يؤكده العرف وما ساد الناس من تقاليد وسلوكيات فالزوج يعد المنقولات كجزء من المهر ، ولذا كنا قد سلمنا للزوجة بملكية منقولات الزوجية فان أساس هذه الملكية هو اعتبارها مهرها ، ولذا تلتزم الزوجة برد هذه المنقولات.
والمشكلة تكمن في إثبات طبيعة ما قدم بمعني أن الزوج يدعي أن المنقولات هي المهر أو جزء من المهر ، في حين تدعي الزوجة أنها ليست من المهر وبالادق ملك لها بعيداً عن العلاقة الزوجية ، وإذا اعتبرنا الزوج يدعي خلاف الوضع الظاهر علي أساس انه استلم هذه المنقولات بموجب قائمة منقولات وأنها أمانة طرفه ، فان للزوج مصلحة وحق في طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت ان المنقولات هي المهر وبالأدنى جزء منه ، ومن ثم تلتزم الزوجة بردها لطلب التطليق خلعاً ، ويقع عبء إثبات طبيعة المنقولات وهل كانت جزء من المهر أم لا علي عاتق الزوج.
ووفقاً لارجح الأقوال في مذهب الأمام أبى حنيفة – وهو القانون الواجب الإعمال- فان تجهيز منزل الزوجية واجب على الزوج فإن قامت به المرأة فهي متبرعة ، ولا يجوز إذا إلزامها بالرد وبالأدق بالتبرع ، فالمهر هو المال الذي يدفعه الزوج حقاً خالصاً للمرأة بمقتضى عقد الزواج لقاء حل الاستمتاع .
( الجهاز ملك المرأة وحدها فلا حق للزوج في شيء منه وليس له أن يجبرها على فرش أمتعتها له ولا ضيافة ، وإنما له الانتفاع بإذنها ورضاها ، ولو غصب شيئاً منه حال قيام الزوجية أو بعدها فلها مطالبته به أو بقيمته إن لك أو استهلك منه )[ المادة ۱٦ من الأحكام الشرعية ]
والواضح مما أوردناه في الفقرة السابقة أن منقولات الزوجية الأصل فيها التزام الزوج بإعدادها ليس باعتبارها جزء من المهر وان الزوجة لا تلتزم بها ، وبمفهوم المخالفة فان هذه المنقولات متي كانت جزء من المهر وجب رده الي الزوج للقضاء بالتطليق خلعاً.
عدم إلزام الزوجة برد الشبكة أو الهدايا أو الهبات
هدايا الخطبة ومنها الشبكة والهبات ليست جزءاً من المهر ، وبالتالي لا تلتزم الزوجة برده وتخضع المطالبة بهم لأحكام القانون المدني باعتبارها من الهبات وليست من مسائل الأحوال الشخصية.
( إن الخطبة وإن كانت تمهيداً للزواج وهو من مسائل الأحوال الشخصية إلا أن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين إلى الأخر ومنها الشبكة أبان الخطبة لا تعتبر من هذه المسائل ، وإنما تعد من قبيل الهبات وتخضع لأحكام الهبة المنصوص عليها في القانون المدني المادة ۵۰۰ وما بعدها )
[ الطعن ٦۲ لسنة ۳۹ ق جلسة ۲٦/۵/۱۹۷٤ ]
( الشبكة وما في حكمها تعد من هدايا الزواج التي يقدمها الرجل للمرأة التي سيتزوجها وهي ليست جزء من المهر وتخضع المطالبة بها لأحكام الهبة والرجوع فيها والتي أوردها التقنين المدني بالمادة ۵۰۰ )
[ طعن ۱۱۹٤ لسنة ۵۹ ق جلسة ۱٦/۱۱/۱۹۸۹ ]
اختلاف سبب رد الهدايا والشبكة عن سبب رد المهر
رد الزوجة للمهر أو لمقدم المهر الذي أعطاه لها زوجها شرط للحكم بتطليقها خلعاً باعتبار المهر أو مقدم المهر جزء من البدل أو العوض الذي تقدمه الزوجة لزوجها لمخالعتها ، أما رد المرأة للشبكة أو الهدايا أو الهبات فمرده أحكام الرجوع في الهبة الواردة بالقانون المدني ، فعدم رغبة المرأة في إتمام الزواج – فسخ الخطبة ولسبب من جانبها يعد المبرر لمطالبة الرجل برد الشبكة و الهدايا والهبات
المشكلة الثالثة : إلزام محكمة الموضوع بالحكم بالتطليق خلعاً
لا مفر من الحكم بالتطليق خلعاً ، بمعنى أن المحكمة متى توافرت أمامها شروط الحكم بالخلع قضت به ولو ترسخ في عقيدتها ووجدانها أن الزوج المدعى عليه لم يخطئ ولم يصيب زوجته بأي ضرر أو أذى ، وكأن دعوى التطليق للخلع دعوى إجرائية ينحصر دور المحكمة فيها في إثبات عناصره ، فالزوجة متى ردت للزوج ما دفعه لها من مهر وتنازلت عن جميع حقوقها الشرعية المالية له ورفضت الصلح الذي تعرضه المحكمة ومحاولات الصلح التي يقوم بها الحكمان ، ضمنت الحكم بتطليقها خلعاً.
– هل أعطى القانون صلاحيات للقاضي لرفض دعوى الخلع ؟
ويقرر سيادته : الأصل في القانون أن القاضي يحكم بما يطمئن إليه وجدانه من الأوراق والمستندات والأدلة التي تقدم إليه في الدعوى . والسؤال هو : ما الحل إذا لم يطمئن القاضي إلى دعوى الزوجة بطلب الخلع ، أو أن القاضي تأكد من أن ما قدمته الزوجة هو مجرد حيل وأساليب كاذبة للحصول على الطلاق خلعاً ، وإذا كان الأصل أن كل ورقة أو دليل أو قرينة أو سند أو شاهد من خلال التحقيق أو الدعوى أو المحاكمة التي تجري في المحكمة تخضع جميعها للسلطة التقديرية للقاضي ، كما إعطاء القاضي سلطة تقدير كل دليل مقدم في الدعوى ، ولا يجوز أن يصادر القانون على رأي القاضي ابتداءً بل يجب أن يحكم القاضي بما يطمئن إليه من واقع أوراق الدعوى وأن ينظر إلى الأمور من جانب حقيقتها وليس ن جانب الألفاظ والمسميات التي تسمى بها .
والواقع أن لدعوى الخلع أو التطليق خلعاً تميز واختلاف عن سائر دعاوى التطليق بأسبابها المختلفة ، مرد هذا التميز أو الاختلاف أن دعوى الخلع أدنى إلى الفسخ منها إلى التطليق ، بل أنها لدى بعض الفقهاء فسخاً صريحاً وليس طلاقاً ، فسائر دعاوى التطليق تستند إلى ضرر أحدثه الزوج أو تسبب فيه ، فالزوج مخطئ ، أما في دعوى الخلع فأساسها ليس الضرر الذي يحدثه الزوج بزوجته ، بل كراهية المرأة للحياة الزوجية وبالأدق كراهيتها للزوج ولو لم يخطئ الزوج في حق زوجته ، ولذا فلا دليل في دعوى الخلع ينظره القاضي ويقدر مدى صحته أو عدم صحته سوى إقرار صريح من الزوجة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وأنها تخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض ، والإقرار هو إخبار بحق على النفس يؤخذ على صاحبه وأقوم للشهادة ، أما الإقرار بحق للنفس على الغير فإنه دعوى تحتاج إلى دليل كيما تقوم .[ حاشية بن عابدين – الجزء الرابع – الطبعة العثمانية – ص ٤۱۹ ]وأخيراً فإن إقرار الزوجة الصريحة بأنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة وخشيتها ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض هو الدليل وهو أقوى من الشهادة ، وأن وجود هذا الإقرار لا يجعل أمام المحكمة دعوى تحقق فيها.
المشكلة الرابعة : الحكم بالخلع وعدم جواز الطعن عليه بأي طريق طعن
الحكم الصادر بالتطليق خلعاً غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن العادية أو الاستثنائية ، هذا ما قرره صريح نص المادة ۲۰ من القانون رقم ۱ لسنة ۲۰۰۰م الفقرة ۵
( ويكون الحكم – في جميع الأحوال – غير قابل للطعـن عليه بأي طريق من طرق الطعن )
وفي تبرير عدم جواز الطعن على الحكم الصادر بالتطليق خلعاً جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون ما نصه ” وكان من المنطقي وقد قام الحكم في شأن الخلع على أنه لا يقضى به إلا بعد أن تبذل المحكمة غاية جهدها في الصلح بين الزوجين فلا توفق في إتمامه ثم يكون رد الزوجة لمقدم الصداق الذي دفعه لها زوجها وتنازلها عن باقي حقوقها الشرعية المالية ، ثم بعد ذلك تقرر ببغضها الحياة معه وخشيتها ألا تقيم حدود الله ، كان من المنطقي بعد ذلك كل أن يكون الحكم الصادر بالتطليق غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن ، لأن فتح باب الطعن في هذه الحالة لا يفيد إلا في تمكين من يريد الكيد لزوجته من إبقائها معلقة أثناء مراحل التقاضي التالية لسنوات طويلة دون مسئولية عليه حيالها وبعد أن رفع عنه أي عبء مالي كأثر لتطليقها ، وهذا التقدير في قصر التقاضي في هذه الحالة على درجة واحدة يستند إلى ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من أن قصر التقاضي على درجة واحدة هو مما يستقل به المشرع ويرد النص به موافقاً لأحكام الدستور .
القضاء بدستورية عدم جواز الطعن على الحكم الصادر بالتطليق خلعاً
اللجوء إلى التقاضي حق دستوري مكفول للناس كافة ، هذا ما قرره صراحة نص المادة ٦۷ من الدستور المصري
( التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ، ويقول المواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ، وتكفل الدولة تقريب جهات التقاضي وسرعة الفصل في القضايا ويحذر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء)
والتساؤل : هل النص على عدم جواز الطعن في الحكم الصادر بالتطليق خلعاً بأي طريق نص دستوري ؟
قررت المحكمة الدستورية العليا أن النص قانوناً على عدم جواز الطعن في الحكم بمعنى قصر التقاضي إلى درجة واحدة هو مما يستقل به المشرع ، ولا يعد حرماناً من حق التقاضي ذلك الحق الذي قرره الدستور بمدته السابعة والستون منه
( قصر التقاضي على درجة واحدة هو مما يستقل به المشرع ويرد النص به موافقاً لأحكام الدستور )
[ قضية ۱۰۲ لسنة ۱۲ ق جلسة ۱۹/٦/۱۹۹۳ دستورية عليا ]
وقد صدر الحكم بدستورية مادة الخلع لذات الأسباب الموضحة في الحكم السالف الإشارة إلية .
حورس للمحاماه 01111295644