استشارات قانونيه مصريه , زواج وطلاق الاجانب, تأسيس الشركات في اسرع وقت واقل تكلفه , القضايا التجاريه ,كتابة توثيق عقود زواج عرفي شرعي , قضايا محكمة الاسره , تأسيس الشركات , تقنين اقامات الاجانب , القضاء الاداري , القضاء المدني , قضايا الجنايات والجنح

نقل الاعضاء والحق فى سلامه الجسد

214
نقل الاعضاء والحق فى سلامه الجسد –إن التطور العلمي في مجال الطب خلال القرن العشرين أحدث نقله نوعية فريدة في مجال نقل وزرع الأعضاء البشرية حيث استطاع الجراحون استبدال أعضاء بشرية تالفة لا تؤدي وظيفتها بأعضاء بشرية سليمة منقولة من الأشخاص الأصحاء وهذه العمليات تعتبر من أحدث ما وصل إليه التقدم العلمي في صراعه الطويل

نقل الاعضاء والحق فى سلامه الجسد

إلا أن هذا القرن أوشك على الانتهاء ولا تزال البحوث والمؤتمرات والندوات مستمرة حول زراعة أعضاء الجسم البشري والجدل مستمر بين فقهاء الشريعة الإسلامية وعلماء القانون الوضعي ما بين مجيز التصرف فيه “سواء أكان بالبيع أو الهبة أو الوصية” وما بين منكر لهذه التصرفات وقد أحدث هذا التطور الطبي في هذا العصر ضجة علمية حول مشروعية التصرف في هذا الجسم البشري وخصوصاً النجاح الكبير الذي حققته عمليات النقل لعضو من شخص سليم لشخص مريض أو من إنسان حي كما هو الحال في عمليات نقل الكلى وزر أصبع أو كبد إلى غير ذلك من العمليات غير المألوفة في النطاق الطبي المألوف.
وترجع أصل المشكلة إلى أن عمليات نقل الأعضاء البشرية تمس حقاً من الحقوق اللصيقة بشخصية الإنسان وهو حقه في الحياة وفي تكامله الجسدي وتتولد هذه المشكلة في حالة مريض مصاب بأحد أعضاءه بإصابات خطيرة قد تؤدي بحياته، ولا يجدي معه وسائل العلاج التقليدي أو طرق الجراحة العالية ولا سبيل لإنقاذ حياته أو تخليصه من الألم المزمن إلا عن طريق استبدال العضو التالف بعضو سليم يستأصل من شخص حي سليم يسمى “المعطي أو الواهب”.
والمشكلة الحقيقية تثور بالنسبة لهذا المعطي أو الواهب أي الشخص السليم الذي تنازل عن عضو من جسمه لزرعه في جسد شخص آخر مريض فهذا التنازل لا يحقق له مصلحة علاجية، فسوف يصيبه بمرض خطير ودائم بسلامة جسده.
وهل يشكل استئصال هذا العضو مساساً بتكامله البشري؟
وهل يقع الطبيب الجراح الذي أجرى هذا الاستئصال تحت طائلة المسؤولية القانونية؟
==== الأساس القانوني في نقل وزرع الأعضاء البشرية =====
يتعين لدراسة الأساس القانوني لعمليات نقل وزراع الأعضاء ضرورة أن نعرف ابتداءً، أساس إباحة عمليات النقل ومشروعية نقل الأعضاء في القانون، وذلك في الفرع الأول
******** أساس إباحة عملية النقل ومشروعية نقل الأعضاء في القانون********
تم تبرير عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية فيما بين الأحياء على أساس حالة الضرورة وهي التي دعت إلي إجراء مثل هذا العمل.
ويقصد بحالة الضرورة حالة الشخص الذي يجد نفسه أمام خطر وشيك الوقوع ولا سبيل إلى تفاديه إلا بارتكاب فعل محظور يعاقب عليه .
فيجب الموازنة في حالة الضرورة بين المساوئ والآمال ولاجل تطبيق حالة الضرورة لا بد من توافر ظروف معينة، فيجب أن يكون هنالك خطر محدق بالمريض، وأن عدم زرع العضو يؤدي بلا محالة إلى الموت، ويجب أن يكون الخطر المراد تفاديه أكبر بكثير من الضرر الذي وقع، ويجب أن يكون زرع الأعضاء، الوسيلة الوحيدة التي يمكن عن طريقها إنقاذ المريض، ويجب أن لا يؤدي إلى الاستئصال إلى هلاك المتنازل .
والحقيقة أن اعتبار حالة الضرورة سبباً من أسباب التبرير يفضي إلى إباحة فعل الطبيب ومشروعيته، وبالتالي لا يسأل الطبيب عن الضرر الذي أحدثه.
وبما أن الفقه قد برر عملية النقل بحالة الضرورة فيجب أن يكون هنالك تشريعات قانونية خاصة بذلك لتنظيم عمليات النقل. وإقامة التوازن بين أطرافها لتعلقها بالحقوق الأساسية لحياة الإنسان.
******** أساس مسؤولية الطبيب وصفة التزامه*********
بما أن عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية قد تم تبريرها وإباحتها، بحالة الضرورة فلا بد من بيان مسؤولية الطبيب الذي يقوم بإجراء هذه العملية وبيان صفة التزامه كونه يتدخل ليس لسبب علاجي كما هو الأصل وإنما استئصال عضو من أعضاء جسم إنسان سليم، فلا بد من البحث في مسؤولية الطبيب.
نجد بأن الطبيب عندما يقوم بإجراء عملية فإنه يكون قد حصل على إذن مسبق من الشخص المراد إجراء العملية لديه وفي الغالب في عمليات نقل وزراعة الأعضاء يكون هنالك حرية اختيار للشخص المراد نقل العضو منه لبيان مدى ملائمة الأنسجة.
وهذا بخلاف حالة الطوارئ التي لا مجال لاختيار فيها الطبيب والمريض، وتكون مسؤولية الطبيب مسؤولية تقصيرية لعدم وجود عقد ولا مجال للتعاقد وتقوم مسؤوليته على هذا الأساس.
أما بالنسبة لعمليات نقل وزرع الأعضاء، فيكون هناك تحاليل مسبقة، قبل عملية النقل، وهنالك حرية الاختيار، فيتم إبرام عقد العلاج الطبي بين أطراف العلاقة الثلاثية، وتقوم مسؤولية الطبيب على هذا الأساس وهو المسؤولية العقدية .
وفيما يتعلق بصفة التزام الطبيب فإن التزام الطبيب في الأصل هو التزام ببذل عناية وليس التزاماً بتحقيق نتيجة فهو لا يلزم بشفاء المريض حتماً، وإنما يبذل جهوداً تؤدي إلى الشفاء، أما في حالة نقل وزرع الأعضاء فإن التزامه مختلف تماماً فالتزامه هو التزام بتحقيق نتيجة لا محالة. حيث يلتزم الطبيب اتجاه المريض بأن ينقل إليه العضو السليم الخالي من الأمراض، ويلزم أيضاً اتجاه المريض وأن عدم تحقق النتيجة يكون الخطأ مفترض، وتقوم مسؤولية الطبيب على أساس المسؤولية العقدية لا محالة.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
========شروط إباحة نقل الأعضاء البشرية بين الأحياء==========
إن وجود عمليات نقل وزرع الأعضاء واقع لا يمكن تجاهله ولا يمكن إنكاره فكل مريض الحق في سلامة جسده والحق في الحياة، وتعتبر عملية نقل وزرع الأعضاء البشرية من أهم العمليات التي ينبغي الوقوف عنده إذ لا بد من توافر شروط معينة بها، فلا يجوز ترك هذه العملية دون بيان لتلك الشروط.
:
الشرط الأول: رضاء المعطي (الواهب).
الشرط الثاني: رضاء المريض
الشرط الثالث :  التنازل بدون مقابل   
*********** شروط يجب توافرها فى المريض*********
الشرط الاول: رضاء المريض
الشرط الثانى:تبصير المريض
الشرط الثالث:اهليه المريض
++++++++ملامح قانون نقل و زراعة الأعضاء البشرية المصري++++++++
*******************************************************************
لقد جاء قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية المصري في 13 مادة، موزعة علي ثلاثة فصول، هي الفصل الأول والذي جاء به الأحكام العامة بدأ من المادة” 1″ إلي المادة”8″، الفصل الثاني الذي جاء تحت عنوان” منشآت زرع الأعضاء البشرية “من المادة”9” إلي المادة”12″، والفصل الأخير جاءت به إجراءات زرع الأعضاء البشرية وفق المادة “13” و التي تختص ببيان آلية لتطبيق القانون وهي تشكيل ” لجنة عليا لزرع الأعضاء البشرية”.
وتعتبر أهم ملامح القانون ما يلي:
– لا يجوز نقل الأعضاء أو الأنسجة والبشرية من جسد إنسان حي لآخر حي، إلا لدواعي الضرورة.
– منع زراعة الأعضاء والأنسجة والخلايا التناسلية التي تؤدي لاختلاط الأنساب.
– حظر النقل من مصريين إلى أجانب عدا الزوجين إذا كان أحدهما مصرياً والآخر أجنبياً وبلغ عمر زواجهما موثقاً 3سنوات كحد أدني.
– أن يثبت التبرع كتابة.
– لا يقبل التبرع من الأطفال وإن وافق أوصياءهم، ولا يقبل من عديمي و ناقصي الأهلية.
– لكن يجوز نقل وزرع الخلايا الأم من الطفل ومن عديم الأهلية أو ناقصها إلى الأبوين أو الأبناء أو فيما بين الأخوة ما لم يوجد متبرع آخر، علي أن يكون ذلك بموافقة كتابية من أبوي الطفل أو أوصياءهم في حالة وفاة الأبوين أو احدهما.
– يجوز لدواعي الضرورة نقل الأعضاء و الأنسجة البشرية من متوفى علي أن يكون أوصي بذلك بكتابة موثقة.
– لا يجوز أن ينتج عن التبرع تكسب مادي أو معنوي للمتبرع من المتلقي.
– تنشأ لجنة عليا تسمى (اللجنة العليا لزرع الأعضاء البشرية) تكون لها الشخصية الاعتبارية تتبع رئيس مجلس الوزراء.
– وزير الصحة يتولى رئاسة اللجنة ويعين أمانة فنية لها، وتتولى اللجنة إدارة وتنظيم عمليات زرع الأعضاء وأجزائها والأنسجة، وتحديد المنشآت التي يرخص لها بالزرع وكذلك الإشراف والرقابة عليها.
– يصدر وزير العدل بالاتفاق مع وزير الصحة قرارا بمنح صفة الضبطية القضائية للعاملين الذين يتولون الإشراف والرقابة على المنشآت المشار إليها.
– تعد اللجنة العليا لزرع الأعضاء البشرية قوائم بأسماء المرضى ذوى الحاجة للزرع من جسد إنسان ميت بحسب أسبقية القيد في السجل المعد لذلك، ولا يجوز تعديل هذه الأسبقية إلا إذا كان المريض في حاجة ماسة وعاجلة لعملية الزرع.
– تكفل الدولة بنفقات إجراء عمليات زرع الأعضاء في المنشآت الطبية المرخص لها، وذلك بالنسبة إلى كل من يعجز عن السداد ممن حل عليه الدور وفقاً للضوابط التي يصدر بها قرارا من وزير الصحة.
– ينشأ صندوق للمساهمة في نفقات نقل وزرع الأعضاء والأنسجة لغير القادرين يتبع وزير الصحة وتتكون موارده من” ما تخصصه الدولة في الموازنة العامة- حصيلة الغرامات الموقعة على المخالفين لأحكام القانون- الرسوم المحصلة طبقاً لهذا القانون- التبرعات.
– تشكل بقرار من اللجنة العليا لزرع الأعضاء البشرية لجنة طبية ثلاثية في كل منشأة طبية مرخص لها بالزرع، وذلك من بين الأطباء المتخصصين، من غير المالكين أو المساهمين في هذه المنشأة والذين لا تربطهم بها رابطة عمل أو صلة وظيفية، تختص دون غيرها بالموافقة على إجراء عمليات زرع الأعضاء البشرية.
وكان هناك عدة مواطن للخلاف حول بعض مواد القانون قبل إقراره وهذا ما سنحاول بيانه في السطور التالية.
المادة الأولي من القانون:
جاء الخلاف حولها فيما بين مكوني البرلمان المصري: مجلس الشعب و مجلس الشورى، حيث حاول المجلس الأخير إدخال تعديل علي المادة الأولي من القانون من خلال إضافة كلمة “خلايا”، إلا أن مجلس الشعب رفض ذلك، وقرر استبعاد كلمة “الخلايا” من المادة. وقد علل ذلك الدكتور حمدي السيد- رئيس لجنة الشئون الصحية ومقرر تقرير القانون: أن أمور “الخلايا” لا تتعلق بهذا القانون لأن:
– “الخلايا” تتعلق بعمليات نقل دم وهذه لها قانون مستقل.
– أما ما يتعلق بالخلايا الجذعية فهذه أمور معقدة لا محل لها في القانون.
– هناك أموراً أخري تتعلق بالخلايا مثل عمليات أطفال الأنابيب وهذه لها مشاريع قوانين سوف تتم مناقشتها في لجنة الصحة مستقبلا .
وقد رفض المجلس حوالي 7 طلبات لتعديل المادة لتستقر علي أنه: ” لا يجوز إجراء عمليات زرع الأعضاء أو أجزائها أو الأنسجة بنقل أي عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسم إنسان حي أو من جسم إنسان ميت بقصد زرعه في جسم إنسان آخر إلا طبقاً لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له”، وهكذا تم استبعاد كلمة “خلايا” من المادة حسبما أضافها مجلس الشورى.
المادة الثانية من القانون :
*******************
لقد دارت مناقشات أخرى حول المادة الثانية من القانون، وكشفت عن خلافات بين وزير الصحة حاتم الجبلي والدكتور حمدي السيد رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب حول الإضافة التي أضافها مجلس الشورى والخاصة بحظر نقل الأعضاء من مصريين إلي أجانب فيما عدا الزوجين إذا كان أحدهما مصرياً والآخر أجنبياً، علي أن يكون قد مضي علي هذا الزواج ثلاث سنوات علي الأقل. وقد وافق وزير الصحة علي هذا التعديل علي أساس أنه يقفل باب التجارة في أعضاء المصريين
واختلف الدكتور حمدي السيد والدكتور شريف عمر – رئيس لجنة التعليم- مع وزير الصحة وقال د. حمدي السيد: ” نتوقع بعد إجازة القانون أن تنخفض بصورة مؤقتة عمليات نقل الأعضاء في مصر لأن أول حالة نقل من متوفى لن تتم إلا بعد 5 سنوات حيثما تنتشر ثقافة نقل وزرع الأعضاء في مصر، وأنه لدينا 10 مراكز متميزة بأطقم مصرية مدربة، وعندما ينخفض حجم العمليات سوف تفقد هذه الأطقم خبراتها”.
وتساءل د. حمدي السيد: لماذا نمنع نقل الأعضاء للأجانب في مصر؟.. لأنه لابد أن نضمن أن تظل مراكزنا تعمل وخبراتنا تظل تتكون وأن أجيالاً جديدة من الأطباء يتدربون .
ومرة أخري رد وزير الصحة وقال: لدينا أعداد كافية يمكن للأطباء أن يتدربوا عليها بدليل أن عمليات زرع الكلي قامت في مصر علي المرضي المصريين.
المادة الثامنة من القانون:
*******************
طالب د. حمدي السيد، رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب خلال إحدى الجلسات لإقرار قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية، بعدم التشدد في طرق إثبات موافقة المتوفى على نقل عضو من أعضائه، وعلل في طلبه إلى أن ضحايا حوادث الطرق يشكلون ٩٠٪ من المتبرعين ومعظمهم من الشباب الأصحاء الذين فاتتهم التوصية بالتبرع، خاصة أن عدد ضحايا حوادث الطرق في مصر يصل إلى ٧ آلاف شخص سنوياً، يمكن التبرع بأعضائهم المختلفة لنحو ٤٢ ألف مريض .
ويؤكد ذلك ما أوضحه د. محمود المتيني وهو أستاذ جراحة الكبد وزراعة الأعضاء بكلية الطب بجامعة عين شمس بالقانون، أن هناك 25% من الحالات المصابة بفيروس سي تحتاج لزرع كبد، وهناك بعض الزراعات كالجلد يمكن أن تأخذ من الإنسان الميت، ولهذا فإن العالم كله يعتمد على المتبرع المتوفى باعتباره الأساس حيث يمكن الاعتماد عليه بنسبة 67% .
الإبقاء علي عقوبة السجن المشدد و إلغاء عقوبة الإعدام من القانون:
لقد دارت مناقشات عديدة حول استخدام الإعدام كعقوبة في قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية حيث اعترض بشدة نواب الإخوان بعد إلغاء عقوبة الإعدام، بناء على مطالبة نواب الأغلبية الإبقاء على السجن المشدد كعقوبة لكل من نقل بقصد الزرع بطريق التحايل أو الإكراه أي عضو أو جزء من عضو إنسان حي، وتسبب ذلك في وفاة المنقول منه.
وقال النائب فريد إسماعيل إن المجلس لم يأخذ بأي عقوبة جاءت في مواد مجلس الشورى، وبتخفيض العقوبات ستحصل مصر على المركز الأول في نقل الأعضاء بعد أن كانت بالمركز الرابع.
ورد دكتور أحمد فتحي سرور بقوله إن هذه المادة منقولة من قانون العقوبات مادة 240 فقرة قبل الأخيرة والعقوبة فيها السجن المؤبد وليس الإعدام إذا وقع فعل تسبب في الوفاة، و هذه المادة القصد فيها يسمى قصد متعدى أي تعدى النتيجة وينطبق عليه مثال الضرب الذي أفضى إلى موت وتكون عقوبة أقل من القتل العمد.
ووافق المجلس على إلغاء عقوبة الإعدام وإضافة فقرة ثانية للمادة تنص على أن يعاقب بذات العقوبة كل من زرع عضواً أو نسيجاً بشرياً تم استئصاله بالطريقة المنصوص عليها في الفقرة السابقة.
نظرة على مواقف التيارات الاجتماعية المختلفة للقانون
أولا :- جبهة التأييد:
المؤسسات الدينية المصرية: الأزهر الشريف:
كان الخلاف الرئيسي من قبل الأزهر تجاه مشروع قانون نقل وزراعة الأعضاء يتركز حول مسألة موت جذع المخ إلى أن حسم مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف ذلك الجدل حيث أعلن المشاركون في ختام فعاليات مؤتمر نقل الأعضاء بالمجمع (12/3/2001) “اعترافهم صراحة” باعتبار موت جذع المخ أو ما يسمى بـ” الموت الإكلينيكي”، موتا حقيقيا، يجوز بعده انتزاع أعضاء الشخص الميت، ونقلها لإنسان آخر مريض .
حيث أوضح المشاركون في الجلسة الختامية، التي حضرها د. محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر: ” إن الشخص يعتبر قد مات موتا حقيقيا على سبيل اليقين، وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعا للوفاة بإحدى علامتين هما:
1. توقف قلبه وتنفسه توقفا تاما، وحكم الأطباء بأن ذلك لا رجعة فيه.
2. أو إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلا نهائيا، وحكم الأطباء الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه، وأن دماغه آخذ في التحلل.
واعتبر أعضاء بمجلس نقابة أطباء مصر، أن موافقة المجمع بمثابة قرار تاريخي، أزال أكبر عقبة تجاه إقرار مشروع قانون نقل الأعضاء في البرلمان.
الكنسية المصرية
==========
أكد قداسة البابا شنودة، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، موافقة الكنيسة على مشروع قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية حيث نقل النائب وجدي لويس خلال جلسة مجلس الشورى في 28 ديسمبر 2009: إن البابا كلفه بنقل موافقته على المشروع ووجهة نظره التي تتضمن أنه من الأجدى زرع أعضاء من جسد متوفى قبل أن يتحلل ويتحول إلى تراب، وقد يكون في ذلك حياة لشخص آخر، وشدد البابا على ضرورة التأكد من ثبوت حالة الوفاة، على أن يتم ذلك على وجه السرعة حتى لا تفسد الأعضاء، وتكون بلا فائدة .كما أن التبرع بالأعضاء بين الأحياء من أسمى أنواع التضحية التي لا يساويها إلا التضحية بالروح من أجل الوطن، لكن من الضروري وضع الضمانات الكافية لمنع بيع وسرقة الأعضاء البشرية .
وقد رحبت الكنائس المصرية بقرار مجمع البحوث الإسلامية الخاص باعتبار موت جذع المخ “الموت الإكلينيكي” موتاً حقيقياً يترتب عليه الحصول على أعضاء الجسد المتوفى ونقلها إلى إنسان مريض .
– لم يضع القانون تعريفاً لما يقصد بنقل وزراعة الأعضاء البشرية، ولا تعريف لمفهوم العضو البشري، ولا الخلايا الأم التي ذكرها في المادتين”5″ و “7”.
من حيث مسئولية إعلام المتبرع و المتلقي:
بما أنه من الضروري لضمان حقوق المتبرع و المتلقي لابد إعلام كل منهما بالنتائج المترتبة علي إجراء عملية النقل و الزرع، خاصة أنه يجب أن يقف المتبرع علي حقيقة ما سوف يلحق به من مخاطر نفسية أو جسدية من جراء نقل العضو من جسمه، وقد راعي القانون المصري الجديد هذا الشأن، حيث نص في المادة”7″ منه علي أنه: لا يجوز البدء في عملية النقل بقصد الزرع إلا بعد إحاطة كل من المتبرع والمتلقي إذا كان مدركاً بواسطة اللجنة الثلاثية المنصوص عليها في المادة (13) من هذا القانون بطبيعة عمليتي النقل والزرع ومخاطرهما المحتملة على المدى القريب أو البعيد والحصول على موافقة المتبرع والمتلقي، أو موافقة نائبة أو ممثلة القانوني إذا كان من ناقصي الأهلية أو عديمها بالنسبة للخلايا الأم وفقاً لما نصت عليه الفقرة الثالثة من المادة (5)، وتحرر اللجنة محضراً بذلك يوقع عليه المتبرع، والمتلقي ما لم يكن غائباً عن الوعي أو الإدراك أو نائبة أو ممثله القانوني.
وهكذا تؤكد المادة”7″ من القانون أنه يجب أن يصدر بيان كتابي ” المحضر” من اللجنة الثلاثية للمنشأة الطبية التي سيجري بها عمليات النقل و الزرع بأن يوقع عليه كل من المتبرع و المتلقي ليؤكد أنه تم إعلامهما بالنتائج عن العملية في الوقت القريب و الوقت البعيد،
كما تؤكد المادة”5″ من القانون علي أن يصدر التبرع بإرادة خالية منن عيوب الرضا وثابتة كتابةً، حيث نصت علي أن: في جميع الأحوال يجب أن يكون التبرع صادراً عن إرادة حرة خالية من عيوب الرضاء، وثابتاً بالكتابة وذلك على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
ولا يقبل التبرع من الطفل، ولا يعتد بموافقة أبوية أو من له الولاية أو الوصاية عليه، كما لا يقبل التبرع من عديم الأهلية أو ناقصها ولا يعتد بموافقة من ينوب عنه أو بمن يمثله قانوناً………..وفى جميع الأحوال يجوز للمتبرع أو من استلزم القانون موافقته على التبرع العدول عن التبرع حتى ما قبل البدء في إجراء عملية النقل.
لكن ترك إلي اللائحة التنفيذية لهذا القانون تحدد ضوابط التبرع وإجراءات تسجيليه.
فالمحضر الذي أشير إليه يعتبر بمثابة عقد بين المتبرع و المتلقي، ولذا تنطبق علي هذا العقد أركان العقد المبرم في أية مجال أخر، وتعرف عيوب الرضا بأنه يجب أن تكون إرادة المتعاقد بعيدة عن الإكراه أو التغرير أو الغلط أو الاستغلال أو التدليس.
لكن ما يتخوف منه هنا:
1. أنه هل إعلام المتبرع و المتلقي سيتم بطريقة شرح وافية و بسيطة يمكن أن يتفهمها المتبرع والمتلقي جيداً. ولذا مطلوب أن يتم توضيح ذلك جيداً في اللائحة التنفيذية و التي يجب أن تعرض علي الرأي العام بمختلف طوائفه من المتخصصين و غير المتخصصين قبل دخول القانون حيز التطبيق الفعلي، فمن الضروري التأكد قبل توقيع المحضر” بين المتبرع و المتلقي، أنه تم إعلامهما بطيعة عمليتي النقل و الزرع و أثرهما، بما يثبت حق المتبرع إذا رغب في العدول عن نية في التبرع .
2. ما هي آليات ضمان عدم وجود عيوب في الرضا قد تشوب توقيع المحضر الكتابي، لأنه إذا حدث وتواجدت عيوب الرضا فإن ذلك يخل بإرادة المتبرع ويؤكد أنه وقع دون إرادة منه، رغم أن القانون يعطي له حق العدول عن قراره بالتبرع قبل البدء الفعلي لعملية النقل، فمن يضمن حقوق المتبرع بعد إجراء عملية النقل فعلياً، خاصة وأنه بعض حالات التبرع تستوجب الاستعجال في اتخاذ قرار التبرع لبعض الحالات الحرجة التي تستلزم سرعة زرع العضو المراد فوراً، وهكذا من المهم مراعاة سلامة وصحة رضا المتبرع علي وجه الخصوص بعيداً عن العيوب.
من حيث تجريم الاتجار بالأعضاء البشرية:
أفضل ما قدمه القانون المصري: هو المادة”6:” التي وضعت نص صريحاً بتجريم الاتجار بالأعضاء في مصر من خلال غلق أبواب التكسب من نقل وزراعة الأعضاء، حيث نصت علي التالي: يحظر التعامل في أي عضو من أعضاء جسم الإنسان أو جزء منه أو أحد أنسجته على سبيل البيع أو الشراء بمقابل أيا كانت طبيعته. وفى جميع الأحوال لا يجوز أن يترتب على زرع العضو أو جزء منه أو أحد أنسجته أن يكتسب المتبرع أو أي من ورثته أية فائدة مادية أو عينية من المتلقي أو من ذويه بسبب النقل أو بمناسبته. كما يحظر على الطبيب المختص البدء في إجراء عملية الزرع عند علمه بمخالفة أي حكم من أحكام الفقرتين السابقتين .
ونحن نرى أن هذه المادة أفضل ما في القانون وتتكامل مع المادة الثالثة التي حظرت النقل من المصريين إلى الأجانب ، وهو ما يعتبر ضمانة لعدم تحول مصر إلى سوق لقطع الغيار البشرية ، ولكن تبقى ضرورة تشديد العقوبات في هذا الشأن والبحث عن آليات لضمان أن لا تتم اتفاقات سورية بين الناقل والمنقول له يحصل بمقتضاها الناقل على أموال بشكل غير رسمي .
من حيث دواعي الضرورة ووصية المتوفي:
في المادة”8″ من القانون نصت علي أنه: يجوز لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة إنسان حي أو علاجه من مرض جسيم أو استكمال نقص حيوي في جسده، أن يزرع فيه عضو وجزء من عضو أو نسيج من جسد إنسان ميت، وذلك فيما بين المصريين إذا كان الميت قد أوصى بذلك قبل وفاته بوصية موثقة، أو مثبته في أية ورقة رسمية أو أقر بذلك وفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
أباحت هذه المادة لدواعي الضرورة استئصال عضو أو جزء من عضو أو نسيج من جسد ميت لكن شريطة:
1. أن يكون المتوفى مصري الجنسية.
2. أن يكون قد أوصي قبل وفاته بوصية موثقة ومثبتة في أوراق رسمية.
وبذلك قد أقفل الباب أمام أن يتم استئذان أقارب المتوفى في أخذ المراد نقله من الأعضاء و الأنسجة، خاصة وأن أقارب المتوفى يكونون في حالة صدمة يصعب فيها استئذانهم واخذ موافقتهم علي نقل أعضاء من المتوفى، ولذا تعتبر ” الوصية المكتوبة و الموثقة” ضمانة أكيدة أن نقل وزراعة الأعضاء في مصر يتم بين المصريين وعلي سبيل التبرع في الحياة و الممات، بما يمنع الاتجار بالأعضاء البشرية، لكن هذه المادة لن تتحقق في ظل العزوف الشعبي عن التبرع، لذلك يحتاج تفعيل هذه المادة إلى نشر ثقافة التبرع في المجتمع المصري.
وقد اتجهت دول مثل المغرب إلي التشدد في إجراءات إثبات وتوثيق التبرع حيث نص القانون المغربي الذي اعتمده مجلس الوزراء المغربي يوم الاثنين 31 يوليو2005 والذي ترأسه الوزير الأول إدريس جطو، علي النحو التالي:
1. يجب على المتبرع أن يعبر على موافقته على أخد عضو منه أمام رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها المستشفى العمومي المعتمد الذي ستتم فيه عملية الأخذ” النقل” والزرع، أو أمام قاض من المحكمة المعنية يعينه الرئيس خصيصا لذلك الغرض بمساعدة طبيبان يعينهم وزير الصحة باقتراح من رئيس المجلس الوطني لهيئة الأطباء الوطنية.
2. ثم يتم استطلاع رأي وكيل الملك في الموضوع بطلب من رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب.
3. ثم يحرر محضر بموافقة المتبرع وتسلم نسخة منه موقعة من طرف رئيس المحكمة أو القاضي المنتدب والطبيبين المعنيين إلى الأطباء المسئولين عن العملية.
كما نص القانون المغربي علي أنه: يجوز لكل شخص راشد يتمتع بكامل أهليته أن يعبر وهو على قيد الحياة ووفق الأشكال والشروط المنصوص عليها في القانون عن إرادته ترخيص أو منع اخذ أعضائه أو أعضاء معينة منه بعد مماته.ويسجل التصريح لدى رئيس المحكمة الابتدائية التابع لها محل إقامة المتبرع أو لدى القاضي المعين خصيصا لهذا الغرض من طرف الرئيس.كما يجوز للمتبرع إلغاء التصريح لدى السلطات نفسها.
وقد نص قانون حكومي تونسي صدر 1999 على ضرورة إدماج عبارة متبرع على بطاقة الهوية الوطنية لكل شخص تونسي يرعب في التبرع بأعضائه حتى يتسنى الانتفاع آليا بإعطائها بعد الوفاة وينص القانون على ما يلي “لكل مواطن تونسي الحق في التنصيص على رغبته في التبرع من خلال إدراج عبارة متبرع في بطاقة الهوية .
أما التجربة الكويتية فقد أقرت في قانونها أهمية أن تكون الوصية كتابية من المتبرع ويجب أن يشهد عليها أثنين” شاهدين” كاملا الأهلية.
ومحاكاة لما سبق، يحتاج المجتمع المصري إلي آلية لتجميع قائمة بالراغبين في التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم وفق وصية التبرع الموثقة، كأن يتم إيداع نسخ من كل وصية للمتبرعين لدي المحكمة الجزئية التي يتبعها المتبرع وفق محل إقامته، خاصة أن قانون تنظيم نقل وزراعة الأعضاء المصري نص في مادته”8″ على جواز النقل من ميت إلى حي إذا ما كان راغب التبرع بعد وفاته أوصى بوصية موثقة، أو مثبته في أية ورقة رسمية أو أقر بذلك وفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون، لذلك نرى أن الفقرة الأخيرة من هذا النص قاصرة لأنه يجب أن يقتصر التبرع من الميت على الوصية الموثقة فقط ، وألا تترك لإقراره وفق إجراءات سوف تحددها اللائحة التنفيذية للقانون حتى لا نفتح الباب للمخالفات ، ويجب أن تتوفر قاعدة بيانات بالموصين بالتبرع بأعضائهم بعد وفاتهم لدى المراكز الطبية التي سيصرح لها بإجراء عمليات النقل والزرع .
من حيث الإشراف و الرقابة علي المنشآت الطبية:
وفر القانون الجديد ضمانة هامة فيما يخص عمليات الإشراف و الرقابة علي المنشآت الطبية التي تزاول عمليات نقل وزراعة الأعضاء بترخيص من وزارة الصحة، من خلال ما سمحت به المادة التاسعة منه بأن يحق لوزير العدل بالاتفاق مع وزير الصحة منح صفة الضبطية القضائية للعاملين الذين يتولون الإشراف والرقابة على المنشآت،
وهذه المادة تضع سند قانوني هام لها في القانون المصري وهو قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 174 لسنة 1998، حيث نص في الفقرة الأخيرة من مادته”23″ أنه: يجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص- وفي هذا المقام يعتبر وزير الصحة- تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة إلي الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصاتهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم. وتعتبر النصوص الواردة في القوانين و القرارات الأخرى بشأن تخويل بعض الموظفين اختصاص مأموري الضبط القضائي بمثابة قرارات صادرة من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص.
هذا وتنص المادة 22 من قانون الإجراءات الجنائية علي أن مأموري الضبط القضائي تابعين في إعمال وظائفهم للنائب العام.
و إحالة لقانون الإجراءات الجنائية فإن لمأموري الضبط القضائي من الحقوق و الالتزامات التي تكفل عمليات الإشراف والرقابة و التفتيش علي المنشآت وتنظم عمل مأموري الضبط القضائي بدءاً من المادة 21 من قانون الإجراءات الجنائية إلي المادة 39 منه، مثلاُ:
– مأموري الضبط القضائي يقومون بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات اللازمة للتحقيق” المادة21 إجراءات”.
– يجب أن يقبل مأموري الضبط القضائي التبليغات و الشكاوي الواردة إليهم، ويبعثوا بها فوراً للنيابة العامة”المادة 24 إجراءات”.
– يجوز لهم المعاينة اللازمة لتسهيل تحقيق الوقائع المبلغ عنها”المادة 24 إجراءات”.
– علي مأموري الضبط القضائي ومرؤوسيهم إبراز صفتهم هويتهم عند مباشرة عملهم””المادة 24 مكرر إجراءات”.
– يجب أن يثبت مأموري الضبط القضائي في محاضر كل ما يقومون به من إجراءات وموقع عليها من الشهود والخبراء الذين سمعوا وترسل المحاضر للنيابة العامة مع الأوراق المضبوطة”المادة 24 إجراءات”.
– لكل من يدعي تعرضه لضرر من جريمة أن يقيم بنفسه مدعياً بالحقوق المدنية في شكوى يقدمه للنيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي”المادة 27 إجراءات”، وفي هذه الحالة يجوز له طلب تعويض ما”المادة 28 إجراءات”.
– لمأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها، ولهم أن يستعينوا بأطباء و غيرهم من أهل الخبرة ويطلبون رأيهم”المادة 29 إجراءات”.
– لمأموري الضبط القضائي في حالة التلبس بجناية أو جنحة أن ينتقلوا فوراً لمحل الواقعة ويعاين الآثار المادية للجريمة”المادة 31 إجراءات”.
– لمأموري الضبط القضائي أن يمنعوا الحاضرين من مغادرة المكان”المادة 32 إجراءات”.
الخاتمة:
بناءا على التحليل الموضوعي السابق لقانون نقل وزراعة الأعضاء الذي حظي بموافقة مجلس الشعب في 27 فبراير 2010 فإن مؤسسة ماعت ترى إن إصدار القانون في حد ذاته خطوة جيدة على الطريق الصحيح لمحاصرة تجارة الأعضاء البشرية التي انتشرت في السنوات الأخيرة ووضع حد لجدل مستمر منذ قرابة الخمسة عشر عاما بشأنه، كما أن مؤسسة ماعت ترى أن معظم مواد القانون تعتبر ملبية للمناخ الذي ظهر فيه القانون ويمكنها أن تحد من ظاهرة تجارة الأعضاء البشرية كواحدة من أهم أشكال الاتجار في البشر .
ولكن على الرغم من ذلك فإن المؤسسة تطالب بضمانات كافية لإنفاذ مواد القانون وآليات إجرائية فعالة في هذا الشأن، كما تعرب المؤسسة عن تخوفها من أن تصدر اللائحة التنفيذية مخيبة للآمال خاصة وأن القانون يحيل شرح معظم مواده إلى اللائحة التنفيذية وهي إحدى عيوب القانون ، ومن ثم فإن الحوار المجتمعي الجاد حول القانون يعتبر ضرورة قصوى قبل إصدار اللائحة التنفيذية ، وبشكل عام فإن أهم النقاط التي نأخذها على القانون ما يلي :-
– القانون جاء مقتضباً فلم يزد عن 13 مادة فقط على الرغم من أهمية القضية التي يتناولها القانون وحساسيتها لتعلقها بحياة الإنسان ذاته ، ومن ثم فكان يجب أن يتمتع القانون بتفصيل أكثر وأكبر في مواده .
– كثرة الإحالة للائحة التنفيذية لتطبيق القانون، فمن أصل 13 مادة هي مواد القانون، جاء ذكر اللائحة التنفيذية 10 مرات في تلك المواد، حيث ذكر في المواد:1- 3- 4- 5- 8- 9- 10- 12- 13، و ذكرت عبارة” اللائحة التنفيذية مرة في كل مادة من تلك المواد، ومرتين في المادة الخامسة وحدها.
– لم يحدد القانون علي وجه التحديد ما هي الأعضاء التي سوف يشرع نقلها وزراعتها على أساسه ، لكنه حظر فقط في الفقرة الثانية من المادة”2″ منه زرع الأعضاء أو أجزائها أو الأنسجة أو الخلايا التناسلية بما يؤدى إلى اختلاط الأنساب.
– لم يضع القانون تعريفاً لما يقصد بنقل وزراعة الأعضاء البشرية، ولا تعريف لمفهوم العضو البشري، ولا الخلايا الأم التي ذكرها في المادتين”5″ و “7”.
– لم يتطرق القانون لتعريف مفهوم الوفاة ، وكان من الواضح أن المشرع يتجنب الخوض في تفاصيل هذا الأمر على الرغم من أهميتها
أما أبرز الايجابيات في قانون تنظيم نقل وزراعة الأعضاء البشرية فيمكننا حصرها فيما يلي :-
– من أفضل ما قدمه القانون المصري هو المادة”6″ التي وضعت نصا صريحاً بتجريم الاتجار بالأعضاء في مصر من خلال غلق أبواب التكسب من نقل وزراعة الأعضاء، حيث حظر الزرع من مصريين إلى أجانب عدا الزوجين إذا كان أحدهما مصرياً والآخر أجنبياً أو النقل داخل أفراد الأسرة مصرية الأم أجنبية الأب.
– بما أنه من الضروري لضمان حقوق المتبرع و المتلقي أن يعلم كل منهما بالنتائج المترتبة علي إجراء عملية النقل و الزرع، خاصة أنه يجب أن يقف المتبرع علي حقيقة ما سوف يلحق به من مخاطر نفسية أو جسدية من جراء نقل العضو من حسمه، وقد راعي القانون المصري الجديد هذا الأمر، حيث تؤكد المادة”7″ من القانون أنه يجب أن يصدر بيان كتابي ” المحضر” من اللجنة الثلاثية للمنشأة الطبيعة التي سيجري بها عمليات النقل و الزرع بأن يوقع عليه كل من المتبرع و المتلقي ليؤكد أنه تم إعلامهما بالنتائج عن العملية في الوقت القريب و الوقت البعيد.
– تعتبر ” الوصية المكتوبة و الموثقة، والمحضر الكتابي” ضمانة أكيدة أن يتم نقل وزراعة الأعضاء في مصر بين المصريين وعلي سبيل التبرع في الحياة و الممات، بما يمنع الاتجار بالأعضاء البشرية، لكن هذا لن يتحقق في ظل العزوف الشعبي عن التبرع، لذلك نحتاج لتفعيل المادة”8″ من القانون إلى نشر ثقافة التبرع في المجتمع المصري.
– وفر القانون الجديد ضمانة هامة فيما يخص عمليات الإشراف و الرقابة علي المنشآت الطبية التي تزاول عمليات نقل وزراعة الأعضاء بترخيص من وزارة الصحة، من خلال ما سمحت به المادة التاسعة منه بأن يحق لوزير العدل بالاتفاق مع وزير الصحة منح صفة الضبطية القضائية للعاملين الذين يتولون الإشراف والرقابة على المنشآت، وهذه المادة تجد سندها في قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 174 لسنة 1998، حيث نصت الفقرة الأخيرة من المادة 23 من قانون الإجراءات أته يجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص- وفي هذا المقام يعتبر وزير الصحة- تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة إلي الجرائم التي تقع في دوائر اختصاصاتهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم.
– وضع القانون آلية لتغطية احتياجات عمليات نقل وزراعة الأعضاء حيث نص علي أن ينشأ صندوق للمساهمة في نفقات نقل وزرع الأعضاء والأنسجة لغير القادرين يتبع وزير الصحة وتتكون موارده من” ما تخصصه الدولة في الموازنة العامة- حصيلة الغرامات الموقعة على المخالفين لأحكام القانون- الرسوم المحصلة طبقاً لهذا القانون-التبرعات.
– راعي القانون الحق في الحياة، حيث ألغى القانون عقوبة الإعدام كعقوبة في قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية واستبدالها بالسجن المشدد في حالة إذا ما وقع فعل تسبب في الوفاة.
– حماية الأطفال و عديمي أو ناقصي الأهلية، حيث حظر نقل أعضاء الأطفال أو ناقصي الأهلية، إلا لأخذ الخلايا الأم وزرعها لأحد أفراد أسرتهم بشرط ألا يكون هناك متبرع أخري من الأسرة و بموافقة كتابية من أوبيهم أو أوصياءهم.
التوصيات ( ضمانات التطبيق ):
– من المهم أن يتم إعلام المتبرع و المتلقي بطريقة شرح وافية ومبسطة يمكن أن يتفهمها كل من المتبرع والمتلقي جيداً. ولذا مطلوب أن يتم توضيح ذلك جيداً في اللائحة التنفيذية و التي يجب أن تعرض علي الرأي العام بمختلف طوائفه من المتخصصين و غير المتخصصين قبل دخول القانون حيز التطبيق الفعلي.
– ضرورة تحديد آليات ضمان عدم وجود عيوب في الرضا قد تشوب توقيع المحضر الكتابي، لأنه إذا حدث وتواجدت عيوب الرضا فإن ذلك يخل بإرادة المتبرع ويؤكد أنه وقع دون إرادة منه، رغم أن القانون يعطي له حق العدول عن قراره بالتبرع قبل البدء الفعلي لعملية النقل، فمن يضمن حقوق المتبرع بعد إجراء عملية النقل فعلياً، خاصة وأنه بعض حالات التبرع تستوجب الاستعجال في اتخاذ قرار التبرع لبعض الحالات الحرجة التي تستلزم سرعة زرع العضو المراد فوراً، وهكذا من المهم مراعاة سلامة وصحة رضا المتبرع علي وجه الخصوص بعيداً عن العيوب.
– نوصي بالاستفادة من التجربة التونسية في خطتها الوطنية بمبادرة من رئيس الدولة لنشر ثقافة التبرع من خلال أيام وطنية للتبرع بالأعضاء تحت شعارات مختلفة تتوجه من خلال كل شعار لفئة مختلفة مستهدفة من كل شعار علي حده.
– من الضروري أن يقوم من يرغب في التبرع بأعضائه بعد وفاته بتوثيق وصية مكتوبة في الشهر العقاري أو تودع في المحكمة الجزئية التابع لها محل إقامة المتبرع، وذلك كمحاولة لتوفير آلية تضمن المعرفة بكل من يوثقون وصيتهم، وتوفير قاعدة بيانات في هذا الشأن.
– من الضروري وضع ضوابط حازمة للعمل في المنشآت الطبية التي ترخص لها وزارة الصحة بممارسة زرع ونقل الأعضاء البشرية، و أن تجري المتابعة المستمرة و الدورية و الفجائية من مأموري الضبط القضائي علي تلك المنشآت.
– ضرورة إصدار قانون وطني شامل لمنع الاتجار في الأفراد حتى تكتمل المنظومة التشريعية للحد من أشكال تجارة البشر.
– ضرورة توفير ضمانة تكفل توفير النفقات التي قد يحتاجها المتبرع إذا تدهورت حالته الصحية بعد إجراء عملية نقل عضو أو جزء منه.

موسسة حورس للمحاماه01129230200