التقارير الطبية من قوة الإثبات فى الحوادث لـ«أسباب عدم الدقة»
اعداد/ عبد المجيد جابر المحامي 01111295644
تختلف التقارير الطبية باختلاف كاتبها واختلاف زمن كتابتها من حيث الكاتب فقد يكون محرر التقرير هو طبيب الاستقبال أو الطبيب الإخصائي، وبذلك يسمي ذلك تقريرا طبيا، أو قد يكون محرر هذا التقرير هو الطبيب الشرعي، وبذلك يسمي تقرير الطب الشرعي.
أما من حيث زمن كتابته فقد يكون تقرير طبي ابتدائي وهو الذي يكتب بمعرفة طبيب الاستقبال عند مناظرته للمصاب أول مرة بالمستشفي وقبل إجراء أي فحوص أو أشعات علي جسد المصاب، وقد يكون تقرير طبي نهائي وهو التقرير الذي يكتب بمعرفة طبيب أخصائي بالقسم الذي كان يعالج فيه المصاب ويكتب فيه وصف كامل لحالة المصاب منذ لحظة دخوله المستشفي وما أتبع نحوه من فحوص تشخيصية وإجراءات علاجية وحالة المصاب عند خروجه من المستشفي.
فى التقرير التالى رصدنا التقرير الطبي الابتدائي من حيث الماهية ومكونات التقرير الطبى الابتدائى ومدى أهميته ومدى قوته فى إثبات الجرائم وأسباب عدم الدقة – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض عبد المجيد جابر .
التقرير الطبي الابتدائي :-
التقرير الطبي الابتدائي هو أخطر التقارير الطبية وأكثرها أهمية للأسباب التالية:
1-أنه يمثل المشاهدة الأولي للإصابات بجسد المصاب علي طبيعتها وقبل حدوث أي تغيرات التئامية أو تداخلات جراحية، أي إنه يمثل الواقع الفعلي للإصابات علي حالتها الأولي.
2-أنه يمثل العمود الفقري الذي يبني عليه الطبيب الشرعي رأيه في الإصابات، وذلك لأن الطبيب الشرعي يوقع الكشف علي المصاب بعد تمام التئام جروحه وبعد كل التداخلات الطبية والجراحية التي قد يحتاجها المصاب لإنقاذ الحياة.
وبالتالي إذا كانت المعلومات الواردة بالتقرير الطبي الابتدائي خاطئة فإن الرأي الذي سيصل إليه الطبيب الشرعي سيكون رأيا خاطئا بناء علي تلك المعلومات الخاطئة، وأيضا إذا كانت المعلومات الواردة بالتقرير الطبي الابتدائي ناقصة فإن الطبيب الشرعي قد لا يستطيع أن يصل لرأي واضح في طبيعة الإصابات وكيفية حدوثها والأداة المستخدمة في إحداثها.
لكن من حسن حظ المصاب أن الطبيب الشرعي لا يبني رأيه العلمي فقط علي التقرير الطبي الابتدائي بل يعتمد الطبيب الشرعي أيضا علي فحص الملابس وأدوات أخرى تعينه إلي حد كبير في التغلب علي بعض المعلومات الخاطئة وبعض نقص المعلومات في التقرير الطبي الابتدائي.
3-أن حوالي 95% من المصابين يعرضون علي المحكمة بموجب التقرير الطبي الابتدائي دون أخذ رأي الطبيب الشرعي في ذلك، وبذلك يكون هذا التقرير هو المستند الفني الوحيد أمام القاضي فى قضايا الضرب البسيط والإصابة الخطأ ومن هنا تكمن خطورته وأهميته.
دقة التقارير الطبية الابتدائية
عادة تخرج التقارير الطبية الابتدائية غير دقيقة للأسباب التالية:
1-يهتم طبيب الاستقبال المعالج بعلاج المصاب ومحاولة إنقاذ حياته اهتماما كبيرا، وغالبا لا يعير وصف الإصابات الوقت الكافي لأن علاج المصاب يأتي في المقام الأول لهذا الطبيب المعالج.
2-قلة خبرة طبيب الاستقبال المعالج في وصف الإصابات وذلك لأن دراسة الطب الشرعي في كليات الطب هي دراسة نظرية، ولا يوجد تعاون وثيق بين كليات الطب ومصلحة الطب الشرعي بوزارة العدل للتدريب العملي. هذه الخبرة القليلة تؤدي إلي حدوث أخطاء كثيرة في التقارير الطبية الابتدائية، وكذلك تؤدي إلي كتابة تقارير ناقصة لمعلومات وبيانات هامة.
3-عدم وجود أدوات مساعدة للطبيب مثل الرسوم التوضيحية لجسم الإنسان والتقارير المطبوعة الجاهزة لمليء الفراغات. وجود الرسوم التوضيحية يجعل الطبيب يرسم علي هذه الورقة موضع الإصابة ونوعها ثم يقوم بتفريغها بعد علاج المصاب في تقرير طبي متكامل وهي طريقة عملية للتغلب علي مشكلة ضيق الوقت أمام الطبيب لسرعة إنقاذ المصاب.
مكونات التقرير الطبي الابتدائي :-
1-معلومات عن مكان وزمان توقيع الكشف
هذه المعلومات تملأ بسرعة عن طريق موظف الاستقبال المختص بتسجيل المعلومات.
-اسم المستشفي.
-اسم الطبيب الذي قام بتوقيع الكشف.
-الدرجة الوظيفية للطبيب.
-يوم توقيع الكشف.
-تاريخ توقيع الكشف.
-ساعة الكشف: يتم تحديدها بالدقائق.
2-معلومات عن المريض:
-الاسم.
-الجنس.
-العمر.
-الوظيفة.
-رقم البطاقة.
-العنوان.
هذه المعلومات يقوم بكتابتها موظف الاستقبال المختص بتسجيل البيانات من واقع بيانات المصاب الموجودة بالبطاقة، وفي حالة فقد المصاب لوعيه تؤخذ هذه المعلومات من المرافق له، في حالة عدم وجود بطاقة تؤخذ بصمة إصبع الإبهام الأيسر، لابد من وجود خانة بأسفل التقرير يوضح بها اسم هذا الموظف وتوقيعه حتى يتحمل مسئولية أي معلومات خاطئة تكتب في هذا التقرير، ولكي يتم السيطرة علي التقارير التي تصدر مجاملة للأصدقاء والأقارب وما إلي ذلك يجب أن يكون كل تقرير يحمل رقم مطبوع ليحاسب الموظف علي كل تقرير موجود عنده في دفتر التقارير من خلال المراجعة الدقيقة لهذا الدفتر لمنع التلاعب، ويمكن أن تؤجل هذه المعلومات قليلا من الوقت حتى يتم الانتهاء من الإسعافات الأولية.
3-معلومات عن الحالة الإصابية:
-رواية المصاب عن الواقعة «التاريخ الإصابي الحالي».
-عدد الإصابات.
-نوع الإصابات.
-أماكن تواجدها.
-أبعاد كلا منها.
-الأداة المحدثة لها.
هذه المعلومات يقوم بتسجيلها الطبيب بنفسه ويفضل أن يرسمها علي مطبوعات الرسوم التوضيحية التي يجب توفيرها في استقبال كل مستشفي ثم تكتب في التقرير بعد أن يتم الانتهاء من الإسعافات الأولية بمعرفة طبيب إخصائي وليس طبيب مقيم، ويمنع منعا باتا طبيب الامتياز أو أفراد هيئة التمريض من كتابة هذه البيانات. يجب أن يكتب الطبيب اسمه الثلاثي وتوقيعه وذلك حتى تحدد المسئوليات.
من خلال التجربة العملية فإننا نلاحظ أن الأطباء خوفا من المسئولية ولكي يبتعدوا عن استدعاء النيابة يكتبوا أي توقيع غير واضح، وبالتالي تضطر النيابة في بعض الأحيان إلي استدعاء كل أطباء النوبتجية في وقت محدد لتحديد كاتب هذا التقرير.
4-درجة وعي المريض
-واعي.
-غير واعي.
-شبه واعي.
-يمكن استجوابه.
في هذه الحالة يجب أن يحصل الطبيب من المصاب عن معلومات قليلة عن الواقعة من خلال أسئلة مختصرة قصيرة مثل كيفية الاعتداء عليه ونوع الأداة المستخدمة في الاعتداء ويثبت هذه الأقوال في التقرير الطبي.
هذه المعلومات قد تكون في غاية الأهمية وخاصة عندما يكون المصاب ستتضاعف حالته وقد تنتهي بالوفاة دون أن يتكلم بعد ذلك، هذه المعلومات تمثل التاريخ الإصابي الحالي الذي يجب أن يثبته الطبيب في كل تقرير، أحيانا يذكر المصاب اسم المتهم ومعلومات عن الواقعة ثم يدخل في غيبوبة ويتوفى، لذلك فإن الطبيب مسئول أمام ضميره أن يثبت تلك المعلومات التي سمعها ويفضل لو كان ذلك في حضور الممرض أو الممرضة أو طبيب الامتياز، إن الطبيب قد يكون هو الشخص الوحيد الذي توصل إلي اسم المتهم وبالتالي فهو يحمل أمانة توصيل الشهادة من خلال تدوين هذه المعلومات في التقرير، وكذلك الإدلاء بها أمام الشرطة والنيابة والمحكمة.
-لا يمكن استجوابه الآن.
في هذه الحالة تبلغ نقطة الشرطة بالمستشفي فور تحسن حالة المصاب بإمكانية استجوابه، لوحظ من خلال التجارب العملية أن الغالبية العظمي من الأطباء يكتبون أن «حالة المصاب خطيرة ولا يمكن استجوابه»، اعتقادا منهم أن ذلك يحميهم من المساءلة القانونية إذا حدثت مضاعفات للمريض أو توفي، إن كتابة هذه العبارة في غير موضعها الصحيح تمنع المحقق من سؤال المصاب وقد تضيع فرصة سؤال المصاب نهائيا إذا تدهورت حالته بعد ذلك وتوفي دون أن يتكلم، وقد تؤدي لحفظ القضية نظرا لعدم القدرة علي التوصل لشخصية المتهم من خلال التحقيقات.
5-الإجراءات الطبية المتخذة حيال المريض:
-يعرض علي أخصائي معين «جراحة عامه مثلا».
-يوضع في الاستقبال تحت الملاحظة.
6-الأشياء التي تم التحفظ عليها:
-حرز الملابس.
-مقذوف بين طيات الملابس أو مقذوف مستخرج من المصاب.
-عينة من القيء.
-عينة غسيل المعدة.
إن ملابس المصاب تعتبر أثر مادي في غاية الأهمية بالنسبة لفحوص الطب الشرعي والأدلة الجنائية وقد تكون هي الفيصل في بعض القضايا ، لذا يجب أن يعمل طاقم التمريض علي الحفاظ علي ملابس المصاب والابتعاد عن تمزيقها عند محاولة إسعاف المصاب بل تقص بعيدا عن مواضع الإصابات ثم تجفف وتحرز تمهيدا لإرسالها للنيابة المختصة، يجب أن تكون هناك دفاتر في كل مستشفي خاصة بهذه المتعلقات وتسلم هذه المتعلقات لشخص محدد يقوم بالتوقيع عليها حتى تتحدد المسئوليات.
لابد أن تكتب الشهادات والتقارير الطبية بحذر ودقة مع اثبات المعلومات الصحيحة فقط حتى لا يقع الطبيب تحت طائلة القانون، وذلك كما ورد بالمادة 222 من قانون العقوبات المصري والتي تنص علي «كل طبيب أو جراح أو قابلة أعطي بطريق المجاملة شهادة أو بيانا مزورا بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة، مع علمه بتزوير ذلك يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه مصري، فإذا طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعدا أو عطية للقيام بشيء من ذلك أو وقع الفعل لرجاء أو توصية أو وساطة يعاقب بالعقوبات المقررة في باب الرشوة، ويعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي».