الاغتصاب الزوجي جريمة خارج إطار القانون
========================
تصرخ، وتبكى، وتتألم، ويتعالى صياحها؛ طلبًا للنجاة، ولكن دون جدوى.. ثم لا يتبقى لها سوى بقايا ملابس ممزقة وجسد تعلوه آثار اشتباكات عنيفة.. كل هذا تتعرض له بعض النساء فى «جريمة مشروعة» لرجل تحت مسمى الزواج فى ليال مرعبة وقاسية دون ترتيب، حيث يفاجئها الشريك الشرعى باحتلال جسدها عنوة، فى اعتداء جنسى وحشى، دونما رغبة أو موافقة.. كل هذا تدفعه النساء اللواتى يتعرضن للاغتصاب الزوجى، واللاتى قد يلجأن فى لحظة ضعف لارتكاب جرائم ضد الزوج للتخلص من هذه العلاقات المؤذية جسديًا ونفسيًا.
«هو الدين قاله يهين ويضرب ويشتم ويعاشرنى بالبهدلة والضرب أنا كرهت إنى ست، عايزة أخلص منه لأنى مش قادرة أكمل حياتى كده».. بهذه العبارة عبرت «هبة.أ» عن معاناتها الزوجية فى اغتصاب شرعى لجسدها لا يعاقب عليه القانون.
تحكى «هبة»، من إحدى القرى الريفية، قصتها مع الاغتصاب الزوجى الذى أصبح تعذيبا أسبوعيا قائلة: «جوازى بنظام الصالونات، والخطوبة كانت قصيرة، كنت عايشة فى بيت أهله، ومعاهم فلوس وأرض، كان بيصحينى بدرى أشتغل معاه بالعافية حتى من غير أى قرش، وبعدين أرجع أعمل شغل بيتى وبيت أهله وعيالى مع إنه مقتدر هو وأهله، وبالليل تبدأ الإهانات من ضرب وبهدلة وذل واعتداء جنسى».
وتضيف: «من أول الجواز والعلاقة اللى بينا صعبة مكنش بيرحمنى، بقيت كارهة كل حاجة، ومبقتش عايزة العلاقة دى ورفضاها باصحى مفزوعة فى نص الليل وأصرخ من الكوابيس اللى بشوفها».
وتكمل: «الكارثة كانت بالنسبة لى لما كنت باسمعه وهو بيحكى لأصحابه على اللى حصل بينا، مع الوقت ومن كتر ما أنا خايفة ومكسوفة أحكى لأهلى على اللى بيحصلى بقى بيجيلى قىء مستمر ورعشة وتنميل فى نص جسمى الشمال من أول ما يقرب منى».
وتتابع هبة باكية: «ذهبت للدكتور مع والدتى، وأكد أن عندى حالة نفسية فى الوقت الذى قرر فيه زوجى الذهاب لدكتورة نساء حتى أحصل على منشط جنسى، ولكنى أرفض العيش معاه». وتضيف: «لو اتطلقت هتنازل عن كل حاجة حتى عيالى».
«الزواج علاقة مبنية على أساس الاحترام والود فى كل الأديان السماوية، فالزواج ليس معناه أن للزوج الحق فى ممارسة العلاقة الخاصة فى أى وقت وفى أى مكان بدون موافقة الزوجة، وليس معنى الزواج أن تتخلى الزوجة عن حقها فى الرفض أو القبول، فالاغتصاب هو الاغتصاب حتى وإن كان داخل إطـار العلاقة الزوجية».. هذا بعض ما قالته جواهر الطاهر، مدير برنامج الوصول للعدالة بمؤسسة قضايا المرأة المصرية.
وتؤكد: «حينما لا يتاح للمرأة المتزوجة الموافقة على العلاقة الزوجية فى وقت معين فهذا اغتصاب رغم أن البعض يتعجب ويسأل كيف وهو لم يخطفها ولا يحمل مسدسا، فكيف يكون اغتصابا لكن هو بالفعل اغتصاب عندما ترفضه الزوجة أو عندما يكون تحت التهديد ومكرهة عليه بعد إجبارها على تعاطى الترامادول وغيره من المواد المخدرة أو تعرضها للضرب والعنف حتى تجبر على ممارسة علاقة معه فى وقت هى غير مستعدة لها، ففى كثير من العلاقات تستسلم المرأة، لأنه ليس لديها اختيار، فالاستسلام ليس هو نفسه إعطاء الموافقة، فعندما تشعر المرأة أنه من السهل الاستسلام للجنس أكثر من احترام احتياجاتها، فهذا هو الاغتصاب الزوجى».
وأوضحت أن الاغتصاب الزوجى أحد أسباب ارتفاع الجرائم الأسرية وارتفاع معدلات الطلاق والخلع، خاصة أن النساء يلجأن للطلاق لوقوع ضرر عليهن وعنف جسدى وجنسى، موضحة أن العلاقة الزوجية مبنية على المودة والرحمة، وتابعت: «أرى أن اغتصاب الزوجة هو أيضا جريمة فى حق الإنسانية والرجولة قبل أن تكون فى حق المرأة».
قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: «الاغتصاب الزوجى أصبح ظاهرة منتشرة جدا سواء فى مصر أو دوليا، وللأسف مسكوت عنه لاعتبارات دينية ومجتمعية فى مصر، ويعرف الاغتصاب الزوجى دولياً بأنه «إجبار الرجل لزوجته على ممارسة العلاقة الحميمة أو معاشرتها رغمًا عنها» وتعرِف المحكمة الجنائية الدولية الاغتصاب فى مادتها السابعة من النظام الاساسى لها بأنه (انتهاك بدنى ذو طبيعة جنسية يرتكب بحق شخص فى ظروف قهرية) وحددت عناصره فى انتفاء الرغبة وممارسة العنف والتهديد حتى لو كان إجبارا نفسيا وهى العناصر التى تتوفر فى الاغتصاب الزوجى.
وفى السياق ذاته اعتبر عدد من رجال الدين الإسلامى والمسيحى أن الإكراه بين الزوجين مرفوض أثناء المعاشرة وأنه إذا حدث عنف من الزوج ضد زوجته فى هذه العلاقه تكون أشبه بالحياة الحيوانية، حيث قال الأب بطرس دانيال راهب فرنسيسكانى، ومدير المركز الكاثوليكى للسينما، إن ظاهرة الاغتصاب الزوجى أصبحت منتشرة وكثيرا ما تشتكى السيدات فى الكنائس من سوء معاملة أزواجهن وإجبارهن على العلاقة دون مراعاة لظروفهن المرضية أو غيرها، لذلك يتم حاليا إعداد المخطوبين للزواج ضمن كورس مدته 3 شهور للتوعية بطرق المعاملة والمعاشرة والثقافة الجنسية الصحيحة بين الطرفين.
وأضاف دانيال: «نؤكد لهم أن العلاقة الزوجية رباط مقدس قائم على الاحترام والحب وليس العنف ولا بد أن يراعى كل طرف الظروف الصحية للآخر».
من جانبه، قال الدكتور يحيى إسماعيل، أمين جبهة علماء الأزهر: «إن العنف ضد المرأة وإجبارها بالضرب على العلاقة فهذه الحياة حيوانية، كما حدث حينما اشتكت امرأة زوجها للرسول بعد أن ضربها نهارا وجاءها بالليل حيث قال صلى الله عليه وسلم «ينزو أحدكم على زوجته كالبعير يضربها بالنهار ويأتيها بالليل».
وقال: «الزوج لو طلب زوجته وهى (على ظهر بعير)، فعليها أن تلبى طلب زوجها طالما بالود والمحبة لأن الملائكة ستلعن الزوجة التى امتنعت عن زوجها لمجرد المنع، وحينها تكون آثمة»، موضحا أن من حق الزوجة على زوجها أن تكون هناك مقدمات قبل العلاقة الحميمة، وفق قوله تعالى «وَقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُمْ»، أى ألا تؤخذ العلاقة الجنسية بمتعة فقط لكن يجب أن يسبقها ود، بحسب تعبيره.
متى يفعل هذا القانون ضمن قوانين الاسرة حماية لحق المراة