متى يكون الفاعل أصليا في جريمة الضرب المفضي للموت .. النقض توضح
متى يكون الفاعل أصليا في جريمة الضرب المفضي للموت .. النقض توضح
أوضحت محكمة النقض في أحد الطعون المنظورة أمامها متي يكون الفاعل اصليا في جريمة الضرب المفضي للموت.
جاء في حيثيات الحكم أنه لما كان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله ” أن المتهمين ….. و….. و….. توجهوا صوب مكان وجود المجنى عليه ….. ونقدوه عشرين جنيهًا لشراء مادة مخدرة يتعاطونها وانصرفوا على أن يعودوا إليه في الموعد الذى حدده لهم لأخذها وبعد حوالى ساعة حضر ثلاثتهم ….. وتقابلوا معه ….. ولما لم يقدم إليهم المخدر طلبوا منه استرداد ذلك المبلغ النقدى فرفض إعادته إليهم بقصد الاستيلاء عليه وهو ما نجم عنه مشادة كلامية بينهم وبينه ولما استشعروا في رفضه تحقيرًا من شأنهم وتطور النزاع إلى مشاجرة تلاقت فيها إرادتهم على ضربه بالمطاوى والأيدى والأرجل بقصد المساس بسلامة جسمه حيث أخرج عليه المتهم الثانى مطواة قرن غزال كانت بحوزته وأخرج هو مطواة مماثلة ليرد بها اعتداء الجناة لكن تمكن المتهم الأول من انتزاعها منه بعد أن أحدث به وبالثالث إصابات طفيفة , وما أن جردوه من سلاحه الذى يحمله حتى انهالوا عليه ضربًا بأن طعنه الثانى بالمطواة في الإلية اليسرى طعنه سطحية وضربة الثالث بالأيدى والأرجل وطعنه الأول طعنة غائرة بالمطواة القرن غزال في ذات الإلية أدت إلى قطع لعموم سمك الجلد والعضلات أسفله والشريان المغذى لهما مما أدى إلى نزيف دموى غزير متخلل العضلات وانسكابات دموية وهو ما أودى بحياته.
ولم يقصد المتهمون من ذلك قتلًا ولكن الضرب أفضى إلى موته ” ، واستند في الإدانة إلى أقوال الشهود ونقل عن تقرير الصفة التشريحية ” أن بجثة المجنى عليه إصابات حيوية حديثة هى جرح طعنى مستعرض الوضع بأعلى الإلية اليسرى وللأنسية قليلًا، وجرح طعنى مستعرض الوضع أسفل الجرح الطعنى وجد قاطعًا للطبقات السطحية من الجلد وتبين أن الجرح الطفى الأول بالإلية اليسرى قاطعًا لعموم سمك الجلد والعضلات أسفله والشريان المغذى لهما , وأنه يوجد نزيف دموى غزير متخلل العضلات وانسكابات دموية , والعضلات متشربة بالدماء، وأن كلا الإصابتين تنشأ عن نصل مطواة حاد.
وتعزى وفاة المجنى عليه إلى إصابته الطعنية الحيوية الحديثة بالإلية اليسرى لما أحدثته من قطع بالأنسجة الرخوة والعضلات والشريان المغذى وما صاحب ذلك من نزيف دموى غزير ” لما كان ذلك.
وكان الأصل ألا يسأل شخص بصفته فاعلًا أصليًا في جريمة الضرب المفضى إلى الموت إلا إذا كان هو الذى أحدث الضربة أو الضربات التى سببت الوفاة أو التى ساهمت في ذلك , أو إذا كان قد اتفق مع آخرين على ضرب المجنى عليه ثم باشر معهم الضرب فعلًا تنفيذًا للغرض الإجرامى الذى اتفق معهم على مقارفته , وفى هذه الحالة الأخيرة يستوى أن يكون هو محدث الضربات التى سببت الوفاة أو أن يكون قد أحدثها غيره ممن اتفقوا معه.
وكان من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلًا صريحًا على أركان الواقعة الجنائية التى تكون محلًا له , وهو غير التوافق الذى لا يعدو مجرد توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلًا عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم على حدة قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلا في الأحوال المبينة في القانون على سبيل الحصر – كالشأن فيما نصت عليه المادة ٢٣٤ من قانون العقوبات – أما في غير تلك الأحوال فإنه يجب لمعاقبه المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلًا أصليًا فيه أو شريكًا بالمعنى المحدد في القانون . لما كان ذلك.
وكان الثابت من الحكم أنه سواء فيما أورده في بيانه لواقعة الدعوى – على السياق المتقدم – أو ما أورده من مؤدى الأدلة وإن كان يدل على التوافق فهو لا يفيد الاتفاق , وكان مجرد التوافق لا يرتب في صحيح القانون تضامنًا بين المتهمين في المسئولية الجنائية بل يجعل كل منهم مسئولًا عن نتيجة فعله الذى ارتكبه.
لما كان الحكم قد خلا مما يفيد توفر ظرف سبق الإصرار , ولم ينسب للطاعن أنه خلا من سبق الإصرار ولم يثبت الحكم في حق الطاعن الثالث أنه ساهم في إحداث الإصابة أو الإصابات التى تسببت في وفاة المجنى عليه فإنه يكون قاصرًا قصورًا يعيبه بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعن والطاعنين الآخرين ممن لم يقدما أسبابًا لطعنهما لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.