البطلان في القانون الجنائي
البطلان في القانون الجنائي
البطلان جزاء لتخلف كل أو بعض شروط صحة الإجراء الجنائي، ويترتب عليه عدم إنتاج الإجراء آثاره المعتادة في القانون.
والبطلان بطبيعته جزاء إجرائي: هو جزاء إجرائي، لأن قانون الإجراءات الجنائية هو الذي يقرره كأثر لتخلف شروط إجرائية تطلبها صراحة أو ضمناً؛ وهو جزاء إجرائي كذلك من حيث محله، إذ ينصب على إجراء فيحدد نصيبه من القيمة القانونية.
المذاهب التشريعية في بطلان الإجراء الجنائي:
السياسة التشريعية في تنظيم بطلان الإجراء الجنائي وجهتان من النظر متقابلتان: الأولى تتجه إلى تقرير البطلان جزاء لمخالفة أية قاعدة إجرائية. ويدعم هذه الوجهة أنها تكفل احتراماً كاملاً لقواعد قانون الإجراءات الجنائية كافة، وتضمن صيانة الأهداف والمصالح التي تستهدفها هذه القواعد.
ولكن عيب هذه الخطة أنها تقود إلى الشكلية المفرطة والبطء المعيب في سير الدعوى، وتعقد دون مقتض عمل القضاء والنيابة العامة وتفتح ثغرات لقرار المجرم من سطوة القانون.
أما الوجهة الثانية من النظر فتقصر البطلان على مخالفة القواعد الإجرائية الهامة، وتتسامح في شكل مخالفة القواعد الأقل أهمية، فلا ترتب عليها جزاء ما، أو تقرر لها جزاء إجرائياً دون البطلان ويدعم هذه الوجهة أنها تكفل تناسباً بين أهمية القاعدة وجزاء مخالفتها، وتحقق مروة في سير الدعوى، وتتفادى الشكلية والتعقيد واحتمال فرار المجرم من ثغرات يستغلها في النظام الإجرائي. ويمكن القول بأن التشريعات تتبنى أحد مذهبين مذهب البطلان القانوني ومذهب البطلان الذاتي.
مذهب البطلان القانوني:
يلخص هذا المذهب في مبدأ (لا بطلان بغير نص). ويملي هذا المذهب على الشارع أن يحدد على سبيل الحصر حالات البطلان، فيردف القواعد التي يريد تقرير البطلان جزاء لمخالفتها بالنص على ذلك صراحة. وتتفرع عن المبدأ السابق قاعدتان:
الأولى، أنه لا يجوز للقاضي أن يقرر البطلان جزاء لمخالفة قاعدة لم يقرر الشارع لها هذا الجزاء.
والثانية، أنه لا يجوز للقاضي أن يمتنع عن تقرير البطلان حيث يكون الشارع قد قرره وميزة هذا المذهب هي الضبط والتحديد : فلا مجال فيه للخلاف في الرأي حول نصيب الإجراء من الصحة أو البطلان، فقد أستبعد الشارع ابتداء السلطة التقديرية للقاضي في هذا الشأن ولكن عيب هذا المذهب هو استحالة أن يحصر الشارع الحالات التي يتعين أن يقضي فيها بالبطلان،
فيتبين عند تطبيق القانون أن القائمة التي حاول الشارع أن يحصر فيها حالات البطلان ناقصة، وأن ثمة حالات يقتضي المنطق القانوني والمصلحة الاجتماعية تقرير البطلان فيها، فلا يجد القاضي الوسيلة إلى ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، فقد يقرر القانون البطلان في حالة، ولكن يتبين للقاضي – بالنظر إلى الظروف الواقعية لهذه الحالة – أنه لا مقتض لهذا البطلان، وأن ثمة جزاء أقل منه يمكن الاكتفاء به.
مذهب البطلان الذاتي:
جوهر هذا المذهب هو اعتراف الشارع للقاضي بسلطة تقديرية في تحديد القواعد التي يترتب البطلان على مخالفتها وتمييزها عن القواعد التي لا يبطل الإجراء المخالف لها. ويضع الشارع معياراً مجرداً يستعين بـــه القاضي على هذا التمييز، ويقوم هذا المعيار – في الغالب من التشريعات – على التفرقة بين القواعد الإجرائية الجوهرية والقواعد الإجرائية غير الجوهرية،
وتقرير البطلان جزاء لمخالفة الأولى دون الثانية. ولكن تطبيق هذا المعيار يتطلب ضابطاً يعرف به القاضي القاعدة الجوهرية، ويميز على أساسه بينها وبين القاعدة غير الجوهرية. ومثل هذا الضابط لابد أن يكون موضوعاً لاختلاف الآراء الفقهية والحلول القضائية. ويتضح بذلك أن ميزة هذا المذهب هي المرونة وقياس الجزاء على قدر أهمية القاعدة وجسامة المخالفة،
بالإضافة إلى ما ينطوي عليه من ثقة في القضاء واعتراف له بسلطة تقديرية؛ وما يؤدي إليه تطبيقه من تفادي احتمال تعطيل سير الدعوى وفرار المجرم من العقاب. ولكن عيب هذا المذهب هو صعوبة التمييز بين القواعد الجوهرية والقواعد غير الجوهرية واحتمال اختلاف الآراء في شأنه، وعدم استطاعة القطع مقدماً بما إذا كان القاضي سينطق بالبطلان أم لن ينطق به، مما يعني نوعاً من الغموض يحيط بتطور الدعوى ومصيرها.
مذهب القانون المصري:
اعتنق قانون الإجراءات الجنائية مذهب البطلان الذاتي، ووفقاً لهذا المذهب فقد ميز الشارع بين مخالفة القواعد الإجرائية الجوهرية ومخالفة القواعد الإجرائية غير الجوهرية (أو الإرشادية)، وجعل البطلان جزاء الأولى دون الثانية، فنص في المادة ۳۳۱ من قانون الإجراءات الجنائية على أنه:
(يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة باي إجراء جوهري). ولكن الشارع لم يجعل البطلان نوعا واحدا، وإنما ميز بين البطلان المطلق (المادة۳۳۲)، والبطلان النسبي (المادة ۳۳۳)، وأقام ضابط التمييز بينهما على اتصال الأول بالنظام العام وتعلق الثاني بمصالح أطراف الدعوى.
ووضع الشارع بعد ذلك أحكاماً خاصاً ببطلان ورقة التكليف بالحضور (المادة ٣٣٤) هدف بها إلى تفادي بطلانها إذا حققت الغاية منها بأن حضر المتهم في الجلسة بنفسه أو بواسطة وكيل عنه. وأجاز الشارع للقاضي أن يصحح الإجراء الباطل (المادة ٣٣٥). وحدد الشارع بعد ذلك آثار البطلان المادة ٣٣٦). ووضع في النهاية أحكام خاصة بتصحيح الأخطاء المادية (المادة ٣٣٧).
محل البطلان:
نعني بمحل البطلان موضوعه، أي ما يرد عليه، فيوصف به. ومحل البطلان هو (الإجراء) أو (العمل الإجرائي)، فقد حدد الشارع – صراحة أو ضمناً – شروط صحته، ورتب البطلان جزاء لتخلفها كلها أو بعضها. والإجراءات هي مكونات الدعوى، إذ الدعوى مجموعة من الإجراءات المتتابعة التي تتعاقب وفق نظام يحدده القانون وتتطور بها الدعوى من مرحلة إلى أخرى حتى تنتهي بالحكم الباب الفاصل في موضوعها.
الفرق بين البطلان وسائر الجزاءات الإجرائية:
على الرغم من أن البطلان هو أهم الجزائية الإجرائية، فإنه ليس الجزاء الإجرائي الوحيد، ومن ثم كان متعينا التمييز الدقيق بينه وبين سائر هذه الجزاءات: فيتعين التمييز بينه وبين الانعدام؛ وبينه وبين السقوط؛ وبينه وبين عدم القبول.
الفرق بين البطلان والانعدام:
يفترض الانعدام أن الإجراء الذي يوصف به هو إجراء معيب)، وشأنه في ذلك شأن البطلان. ولكنه يختلف عنه في أن الانعدام يفترض عيباً أشد جسامة مما يفترضه البطلان ذلك أن العيب لم يقتصر على نفي أحد شروط صحة الإجراء، وإنما جاوز ذلك إلى نفي أحد عناصره، أي أحد مقومات وجوده ويعني ذلك أن الإجراء الباطل له وجوده القانوني وإن يكن وجوداً معيناً أما الإجراء المنعدم فليس له وجود قانوني.
وأهم تطبيق لنظرية الانعدام نجده في مجال (الأحكام). ومثال الحكم المنعدم الحكم الذي يصدر عنه شخص ليست له صفة القاضي أو عن قاض فقد أهلية التعبير عن إرادة القانون لإصابته بجنون مثلاً، والحكم الذي لم يطبق قاعدة قانونية على وقائع الدعوى وإنما طبق قاعدة دينية أو أخلاقية لا يعترف بها النظام القانوني.
وأهم نتيجة للتفرقة بين البطلان والانعدام أن البطلان يحتاج تقريره إلى قرار من القضاء أما الانعدام فلا يحتاج إلى هذا القرار، وعلى ذلك يمكن القول بأن الانعدام يترتب بقوة القانون، فهو لا يحتاج إلى تقرير قضائي لأنه لا حاجة إلى إعدام المعدوم، ولا حاجة للطعن في الحكم المعدوم التوصل إلى إلغائه وإنما يكفي مجرد إنكار وجوده عند التمسك به ويمكن دفع دعوى جديدة بموضوع الحكم المعدوم.
الفرق بين البطلان والسقوط:
قدمنا أن البطلان يفترض عيباً في الإجراء، ولكن السقوط لا يفترض ذلك، وإنما يفترض أن الإجراء الصحيح لم يتخذ في خلال الوقت الذي يحدده القانون، مثال ذلك الطعن في الحكم بعد فوات الميعاد الذي حدده القانون، وإلغاء النائب العام الأمر بعدم وجود وجه الإقامة الدعوى بعد قوات مهلة الثلاثة شهور التي يحددها القانون ويتضح بذلك الفرق الأساسي بين البطلان والسقوط فالإجراء الباطل معيب بالضرورة،
أما الإجراء الذي سقط الحق في مباشرته فهو في الغالب إجراء صحيح. ويعني ذلك أن البطلان يرد على الإجراء في ذاته، ولكن السقوط يرد على الحق في مباشرة الإجراء؛ ويرتبط بذلك أن الإجراء الباطل يجوز تجديده طالما أن الحق في مباشرته مازال باقياً، أما السقوط – فباعتباره يفترض انقضاء الحق في مباشرة الإجراء – فإنه لا يتصور معه تجديد ذلك الإجراء.
الفرق بين البطلان وعدم القبول:
لا يعني (عدم قبول) الإجراء أنه معيب، وإنما يعني انتفاء أحد المفترضات الإجرائية التي تطلبها القانون الجواز اتخاذه فالإجراء غير مقبول» هو في ذاته إجراء صحيح، ولكن لم تتوافر واقعة مستقلة عنه وسابقة عليه يعلق القانون عليها جواز اتخاذه وأغلب ما يرد (عدم القبول) إنما يرد على الدعوى وطرق الطعن فيها،
ومثاله أن ترفع الدعوى دون تقديم الشكوى أو الطلب أو صدور الإذن في الحالات التي يتطلب القانون فيها ذلك، أو أن يرفعها المدعي المدني في حالة لا يجيز فيها القانون الإدعاء المباشر، أو أن يرد على حكم لا يجيز القانون الطعن فيه بهذا الطريق للطعن.
معيار البطلان
يقوم معيار البطلان على التمييز بين القواعد الإجرائية الجوهرية والقواعد الإجرائية غير الجوهرية أو الإرشادية، ويترتب البطلان على مخالفة الأولى دون الثانية. وقد ميز الشارع بعد ذلك بين البطلان المطلق والبطلان النسبي.
التمييز بين القواعد الإجرائية الجوهرية والقواعد الإجرائية الإرشادية:
قرر الشارع هذا التمييز في المادة (۳۳۱) من قانون الإجراءات الجنائية التي نصت على أن (يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري) ويستفاد من هذا النص – بمفهوم المخالفة – أنه لا يترتب البطلان في غير هذه الحالة، أي إذا كان الإجراء قد خالف قاعدة إجرائية غير جوهرية.
ولكن الصعوبة كلها هي في التمييز بين القاعدة الجوهرية والقاعدة غير الجوهرية أو الإرشادية: لم يضع الشارع معياراً، بل أنه عبر في المذكرة الإيضاحية عن قصده ترك تحديد هذا المعيار للقاضي، واكتفت المذكرة بأن بينت الفكرة العامة التي يستعين بها القاضي في ذلك،
فقال إنه (لتعرف الأحكام الجوهرية يجب دائماً الرجوع إلى علة التشريع، فإذا كان الغرض منه المحافظة على مصلحة عامة أو مصلحة للمتهم أو غيره من الخصوم فإنه يكون جوهرياً ويترتب على عدم مراعاته البطلان). وقد أضافت المذكرة إلى ذلك أنه (لا يعتبر من الإجراءات الجوهرية ما وضع من الإجراءات لمجرد الإرشاد والتوجيه).
وجوهر الفكرة التي أوضحتها المذكرة هي وجوب الرجوع إلى علة التشريع من نصه على القاعدة الإجرائية فإن كانت المحافظة على مصلحة – سواء أكانت مصلحة عامة أو مصلحة للمتهم أو غيره من الخصوم كالمدعي المدني – كانت قاعدة جوهرية وترتب على مخالفتها البطلان؛
أما إذا كانت القاعدة مقررة لمجرد إرشاد القاعدة أو أطراف الدعوى إلى الوضع أو الأسلوب الملائم أو الأفضل من الوجهة العملية لنظر الدعوى، وكان الثابت أن مخالفة هذه القواعد لا تضيع مصلحة لأحد قط، وإنما قد تجعل نظر الدعوى في ظروف معينة – أكثر صعوبة، فإن القاعدة تكون محض إرشادية، ولا يترتب على مخالفتها البطلان.
ويتضح بذلك أن المعيار قوامه فكرة (المصلحة): هل القاعدة تستهدف حماية مصلحة بحيث يترتب على مخالفتها إهدار هذه المصلحة، أم هي تستهدف مجرد الترتيب والتوجيه والإرشاد من وجهة نظر الملائمة فحسب بحيث لا يترتب على مخالفتها تضييع مصلحة ما؟ وعلى هذا النحو كان ضابط القاعدة الجوهرية (المصلحة)، وضابط القاعدة الإرشادية (الملائمة).
وتوضيحاً لهذه الفكرة تذكر الأمثلة التالية: تطلب القانون أن يصحب المحقق كاتب (المادة ٧٣ من قانون الإجراءات الجنائية)، فإذا تساءلنا عما إذا كان الشارع قد استهدف بهذا الإجراء تحقيق مصلحة عامة في كشف الحقيقة بتمكين المحقق من التفرغ للجانب الفني من التحقيق والتخف من عملية تدوينه،،،،
وثبت لنا ذلك، فإن هذا الإجراء يكون جوهرياً، ويترتب على ذلك أن التحقيق الذي يجري بدون اصطحاب كاتب يكون باطلاً. وإذا تطلب القانون علانية جلسة المحاكمة فقد استهدف بهذا الإجراء صيانة مصلحة عامة تتمثل في اطمئنان جمهور الناس إلى عدالة القضاء ومصلحة للمتهم في الحماية من تعسف يتخذ في غيبة رقابة الرأي العام، ومن ثم تكون العلانية إجراء جوهرياً.
ويعتبر إجراءات جوهرياً كذلك توقيع مصدر إذن التفتيش عليه؛ وبيان تاريخ الحكم؛ والتوقيع على الحكم في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره.
ولكن إذا حدد القانون إجراءات النداء على الشهود واحتجازهم بعد وإجاباتهم على الأسئلة التي وجهت إليهم (المادة ۲۷۸ من قانون الإجراءات الجنائية)، أو بين ترتيب الإجراءات في الجلسة من حيث تسلسلها وتعاقبها المادتان ۲۷۱ من قانون الإجراءات الجنائية، فليس هدفه من ذلك حماية مصلحة ما، وإنما مجرد الإرشاد إلى السبيل الأكثر ملاءمة والأدنى إلى المنطق في مباشرة الإجراء، دون أن يكون في إغفال ذلك تضييع أية مصلحة، ومن ثم لا يكون في مخالفة القواعد السابقة ما يقتضي بطلاناً.
ماهى حالات البطلان
البطلان المطلق:
البطلان المطلق هو البطلان المتعلق بالنظام العام، وقد نصت عليه وحددت حالاته وبينت خصائصه وأحكامه المادة ۳۳۲ من قانون الإجراءات الجنائية في قولها (إذا كان البطلان راجعاً لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولايتها بالحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروضة عليها أو بغير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام، جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى، وتقضي به المحكمة ولو بغير طلب).
حالات البطلان المطلق:
بين الشارع حالات البطلان المطلق، فأشار إلى مخالفة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة؛ وأحكامه المتعلقة بولايتها بالحكم في الدعوى؛ وأحكامه المتعلقة باختصاصها النوعي. وهذا البيان لم يرد على سبيل الحصر، وإنما ورد على سبيل المثال، ولذلك أضافت إليه المذكرة الإضافية أمثلة أخرى،،،،
فأشارت إلى (مخالفة الأحكام المتعلقة بعلانية الجلسات وتسبيب الأحكام؛ وحضور مدافع عن المتهم بجناية؛ وأخذ رأي المفتي عند الحكم بالإعدام؛ وإجراءات الطعن في الأحكام) وعلى الرغم من هذه الإضافة التي جاءت بها المذكرة الإيضاحية فما زال بيان حالات البطلان المطلق على سبيل المثال فحسب. ومن ثم يكون من الأهمية بيان الضابط في إعتبار البطلان مطلقاً والتمييز بينه وبين البطلان النسبي.
استخلص بعض الفقهاء هذا الضابط من نوع المصلحة التي تحميها القاعدة الإجرائية: فإن كانت المصلحة العامة ابتداء فالبطلان المترتب على مخالفتها مطلق؛ أما إذا كانت مصلحة الخصوم ابتداء فالبطلان المترتب على مخالفة القاعدة هو بطلان نسبي. وهذا الضابط في تقديرها محل نظر:،،،
فالمصلحة العامة ومصلحة الخصوم يغلب في الإجراءات الجنائية امتزاجهما، فالقواعد التي تذكر كأمثلة واضحة لقواعد تحمي المصلحة العامة كقواعد الاختصاص النوعي وحضور مدافع في الجنايات إنما تحمي والحبس الاحتياطي إنما تهم كذلك المصلحة العامة التي يضيرها إهدار كذلك مصلحة المتهم في ضمان محاكمة عادلة والقواعد التي تذكر كأمثلة لقواعد تحمي مصلحة المتهم، كالقواعد الخاصة بالاستجواب والقبض حقوق الدفاع أو هدم قرينة البراءة.
ونحن نعتقد أن الضابط الصحيح في التمييز بين نوعي البطلان هو أهمية المصلحة التي تحميها القاعدة الإجرائية وليس نوعها، وقاضي الموضوع هو الذي يناط به تحديد هذه الأهمية. فالقاعدة التي تحمي مصلحة قدرا القاضي أهميتها يترتب على مخالفتها البطلان المطلق، استوى أن تكون مصلحة عامة في تنظيم القضاء وحسن سيره أو مصلحة هامة للمتهم أو غيره من الخصوم.
ويمكن القول إجمالاً بأن القواعد المتعلقة بتشكيل القضاء وولاية واختصاصه النوعي والمكاني والصفة في تحريك الدعوى وقيود تحريكها وحالات عدم صلاحية القاضي للحكم في الدعوى وحقوق الدفاع الأساسية وقرينة البراءة وكفالة الكرامة البشرية للمتهم هي قواعد هامة وينبني على مخالفتها البطلان المطلق. وغني عن البيان أن القواعد الجوهرية قد تتصل بإجراءات التحقيق الابتدائي أو بإجراءات المحاكمة على السواء.
أحكام البطلان المطلق:
إشارة المادة (۳۳۲) من قانون الإجراءات إلى حكمين للبطلان المطلق، هما: جواز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض، وسلطة المحكمة في أن تقضي به من تلقاء نفسها. ونضيف إلى ذلك حكمين آخرين تقضي بهما القواعد العامة، هما: جواز أن يحتج به كل ذي في تقريره؛ وعدم جواز التنازل عن الاحتجاج به، مما يعني أنه يجوز الاحتجاج به على الرغم من سبق التنازل.
وهذه الأحكام ترتد إلى فكرة أساسية، هي أن هذا البطلان مقرر لمصلحة المجتمع، سواء أكانت مصلحة مباشرة للمجتمع أم كانت مصلحة لخصم ارتقت لأهميتها إلى مرتبة المصلحة المباشرة للمجتمع، وبناء على ذلك لا يجوز النزول صراحة عن الاحتجاج به، ولا عبرة بنزول ضمني استخلص من عدم الاحتجاج به في بعض مراحل الدعوى.
البطلان النسبي:
البطلان النسبي هو البطلان الذي لا يتعلق بالنظام العام، وقد نصت عليه المادة (۳۳۳) من قانون الإجراءات الجنائية في قولها (في غير الأحوال المشار إليها في المادة السابقة يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه،
أما في مواد المخالفات فيعتبر الإجراء صحيحاً إذا لم يعترض عليه المتهم ولو لم يحضر معه محامي في الجلسة. وكذلك يسقط حق الدفع بالبطلان بالنسبة للنيابة العامة إذا لم تتمسك به في حينه).
حالات البطلان النسبي:
حدد الشارع حالات البطلان النسبي بأنها ما ليست من حالات البطلان المطلق، أي أن البطلان النسبي هو كل بطلان ليس مطلقاً. ومن هذه الفكرة يستخلص الضابط في البطلان النسبي أنه البطلان الذي ينال الإجراء المخالفة لقاعدة تحمي مصلحة يقدر القضاء إنها أقل أهمية من أن تبرر البطلان المطلق.
ويعني ذلك أن ضابط أهمية المصلحة هو الذي يحدد بدوره حالات البطلان النسبي. وقد أشارت المذكرة الإيضاحية إلى أن (البطلان يكون نسبياً إذا كان الإجراء الجوهري متعلقا بمصلحة المتهم أو الخصوم)، وهذا القول على إطلاقه محل نظر: فقد يتعلق البطلان المطلق بمصلحة المتهم أو الخصوم إذا كانت هذه المصلحة من الأهمية على نحو تعني معه المجتمع.
وقاضي الموضوع هو الذي يناط به الفصل في أهمية المصلحة التي تحميها القاعدة الإجرائية، ونوع البطلان الذي يترتب على مخالفتها.
أحكام البطلان النسبي:
أشار الشارع إلى أحد الأحكام التي يخضع لها البطلان النسبي، وهي جواز النزول ضمناً عن الاحتجاج به، وهذا النزول يستخلص من عدم الاحتجاج به في بعض مراحل الدعوى. وقد حدد الشارع القواعد التالية لاستخلاص النزول الضمني، فرق الشارع بين المتهم والنيابة العامة.
وحين يتعلق الأمر بالمتهم فقد ميز الشارع بين المتهم بالجنحة أو الجناية من ناحية والمتهم بالمخالفة من ناحية أخرى. فالمتهم بالجنحة أو الجناية يستخلص نزوله عن الاحتجاج بالبطلان إذا كان له محام وحصل الإجراء في حضوره دون أن يعترض عليه، ويعني ذلك أنه لا يفترض نزوله إذا لم يكن له محام.
أما المتهم بالمخالفة فيستخلص نزوله عن الاحتجاج بالبطلان من مجرد عدم اعتراضه على الإجراء المشوب به ولو لم يكن له محام. أما النيابة العامة فيستخلص نزولها عن الاحتجاج بالبطلان إذ لم تتمسك به في حينه، أي في الوقت الذي اتخذ فيه الإجراء ولكن تضاف إلى هذا الحكم أحكام أخرى تستخلص من طبيعة البطلان النسبي والتقابل بينه وبين البطلان المطلق:
فإذا كان الشارع قد أجاز النزول الضمني عن البطلان النسبي على الوجه الذي سلف تفصيله، فإن النزول الصريح عنه جائز من باب أولى. ولا يجوز أن يتمسك بهذا البطلان إلا من قرر لمصلحته.
ولا يجوز للمحكمة أن تقضي بهذا البطلان من تلقاء نفسها، وإنما يتعين أن يطالب به ذو المصلحة. وتزول عن ذي المصلحة صفته في الاحتجاج به إذا كان هو نفسه الذي تسبب فيه.
ولا يجوز الاحتجاج بهذا البطلان لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ يعتبر إغفال الاحتجاج به أمام محكمة الموضوع صورة من النزول الضمني عنه.
أحكام محكمة النقض فى البطلان فى الاجراءات الجنائية
أولا: البطلان:
1 – لا صفة لغير من وقع في حقه إجراء ما أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفع لا حق لوجود الصفة فيه، ومن ثم فإنه ليس للطاعن أن يثير الدفع ببطلان ما أثبته مأمور الضبط القضائي من أقوال المتهمات في الدعوى.
(نقض ١١/١٢/١٩٧٢ مجموعة القواعد القانونية س ٢٣ ص ١٣٦٧)
(نقض ٤/١٠/١٩٨٣ مجموعة القواعد القانونية س ٣٤ ص ١٥٧)
2 – الطعن بالنقض لبطلان الإجراءات التي بني عليها الحكم لا يقبل ممن لا شأن له بهذا البطلان.
(نقض ٢٣/٤/١٩٥٦مجموعة القواعد القانونية س ٧ ص ٦٣٠)
3- إن بطلان التفتيش لا يستفيد منه إلا صاحب الشأن فيه ممن وقع التفتيش بسكنه، فليس لغير من وقع التفتيش عليه أن يتمسك ببطلانه لعدم صدور إذن به لأن البطلان إنما شرع للمحافظة على حرمة المسكن إذا لم يثره من وقع عليه، فليس لسواه أن يثيره ولو كان يستفيد من ذلك، لأن الاستفادة لا تلحقه إلا من طريق التبعية فقط.
(نقض ١٢/١١/١٩٥١مجموعة القواعد القانونية س ٣ ص ١٦٣)
(ونقض ٣٠/٤/١٩٥٧ مجموعة القواعد القانونية س ٧ ص ٦٨٨)
4 – إن للزوجة – وهي تساكن زوجها وتحوز المنزل في غيبته من الصفة، وبوصف كون المنزل منزلها، ما يخول لها الدفع ببطلان التفتيش الذي نتأذى من حصوله بغير رضاه وتضار من نتيجته، ما دام الزوج لم يكن قد رضى بالتفتيش قبل حصوله.
(نقض ٢٢/١١/١٩٥٤مجموعة القواعد القانونية س6 ص ٢٠١)
5– إنه وإن كان الأصل إن إجراءات المحاكمة لا تجوز في أيام العطلة الرسمية إلا أن هذا الخطر ليس من النظام العام، وللمحكمة أن تباشر فيها ما تشاء من إجراءات المحاكمة إذا لم يعترض الخصوم على ذلك، فإذا قبل الطاعن حصول المحكمة في يوم عطلة رسمية ولم يبدأ أي اعتراض على ذلك لا هو ولا الدفاع عنه فليس له بعد ذلك أن يتظلم من حصول إجراءات المحاكمة في هذا اليوم.
(نقض ٢٦/٥/١٩٤١المجموعة الرسمية س ٤٢ ص ٢٥١)
دل الشارع بما نص عليه في المادتين (۳۳۲، ۳۳۳) إجراءات جنائية في عبارة صريحة على أن التمسك بالدفع بالبطلان إنما يكون أثناء الدعوى التي وقع البطلان في إجراءاتها، وهذا الإجراء الباطل – أيا كان سبب البطلان – يصححه عدم الطعن به في الميعاد القانوني، ولهذا أشترط لقبول أسباب النظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض ألا يكون الحكم المطعون فيه قد أكتسب قوة الشيء المحكوم به، وأن تكون هذه الأسباب المستفادة من الأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع، وألا يخالطها أي عنصر واقعي لم يسبق عرضه عليها وذلك تغليباً لأصل اكتساب الحكم قوة الشيء المحكوم فيه على أصل جواز للتمسك بالأسباب الجديدة الماسة بالنظام العام.
(٢٦/٤/١٩٦٠ مجموعة القواعد القانونية س ۱۱ ص ۳۸۰)
7- توقيع القاضي على ورقة الحكم الذي أصدره بعد شرطاً لقيامه فإذا تخلف هذا التوقيع فإن الحكم المقصود ورقة الحكم) يعتبر معدوماً. وإذا كانت ورقة الحكم هي الدليل الوحيد على وجوده على الوجه الذي صدر به وبناء على الأسباب التي أقيم عليها، فإن بطلانها يستتبع بطلان الحكم ذاته.
(نقض ٣/٦/١٩٦٨مجموعة القواعد القانونية س ١٩ ص ٦٥٢)
8- الدفع ببطلان الإعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه هو دفع جوهري يتعين على محكمة الموضوع مناقشته والرد عليه، سواء دفع به المتهم أو المقر أو متهم آخر في الدعوى ما دام الحكم قد عول في قضائه بالإدانة على ذلك الإعتراف.
(نقض ١٥/٥/١٩٦٧مجموعة القواعد القانونية س ۱۸ ص ۱۲۷)
(ونقض ٢٥/٢/١٩٨٥مجموعة القواعد القانونية س ٣٦ ص ٣٠٠)
9- القاعدة في القانون أن ما بني على الباطل فهو باطل.
جلسة ١٠/٣/١٩٩٣الطعن رقم ۱۱۳۸۳ س ٦١ق
10 – الأصل في الأعمال الإجرائية أنها تجري في حكم الظاهر، وهي لا تبطل من بعد نزولاً على ما يتكشف من أمر واقع.
نقض جلسة ١/١/١٩٧٣س ٣٤ ق ١ ص ١
11 – لا صفة لغير من وقع في حقه إجراء ما في الدفع بطلانه.
نقض جلسة س ٢٩ ق ٧١ ص ٣٦٩
12 – إن قرار الإحالة إجراء سابق على المحاكمة ومن ثم فلا تقبل إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام لم يدفع بـه لدى محكمة الموضوع.
نقض جلسة ٢٠/١٠/١٩٦٩س ۲۰ ق ۲۱۲ ص ۱۰۷۸
13 – إن أوجه البطلان الذي يقع في الإجراءات السابقة على انعقاد الجلسة يجب إبداؤها قبل سماع أول شاهد أو قبل المرافعة إن لم يكن هناك شهود وإلا سقط الحق فيه.
(نقض جلسة ٨/٤/١٩٥٢س ۳ ق ۳۹۳ ص ۸۸۳)
14 – إن المادة (٢٣٦) تحقيق جنايات تنص على وجوب تقديم أوجه البطلان الذي يقع في الإجراءات السابقة على انعقاد الجلسة قبل سماع شهادة أول شاهد أو قبل المرافعة إن لم يكن هناك شهود وإلا سقط حق الدعوى بها، فإذا كان المتهم لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن النيابة لم تقدمه لقاضي الإحالة عن تهمة من التهم التي حوكم وحكم عليه من أجلها فلا يكون له أن يثير هذا الطعن أمام محكمة النقض.
(نقض جلسة ٦/٣/١٩٥١س ٢ ق ٢٦٩ ص ٧٠٩)
15 – ليس للمحاكم أن تبحث في صحة إجراءات التحقيق الأولية أو عدم صحتها إلا لمناسبة بحث الدليل المقدم إليها والنظر في قبوله في الإثبات أمامها. فإذا كان الحكم لم يستند في إدانة المتهم إلى دليل مستمد من استجواب المتهم في التحقيقات، ذلك الاستجواب الذي يعيبه الدفاع، فلا محل للتعرض لهذا الاستجواب من حيث صحته أو عدمها.
(جلسة١٦/٦/١٩٤٧مجموعة القواعد القانونية ج ۷ ق ٣٧٨ ص ٣٦٠)
16 – للنيابة مثل المتهم والمدعي بالحق المدني حق على العموم في التمسك بأوجه البطلان المتعلقة بالنظام العام سواء كان الحكم بالبراءة أو بالعقوبة لأن الشارع وضع نصاً عاماً ولكن وجود المدافع وضع في القانون إلا ألا يضر بأي وجه من الوجوه النيابة العمومية التي ليس لها بناء على ذلك أي فائدة من التمسك به.
(جلسة ٣٠/١/١٩٠٤المجموعة الرسمية س ٥ ق ٩٧)
17 – الإجراءات التي لا يذكر القانون أن الحكم يكون لا غيا بسببها بنص صريح لا تكون سبباً للنقض ولو أوجبها القانون بأن قال (يجب مـــن الحكم) ولقد أهتم قانون تحقيق الجنايات بضمانة حقوق المتهم أكثر من ضمانة غيرها. إذ أنه يهم الهيئة الاجتماعية ألا يحكم على بريء بصفته مجرماً ففي هذا ضياع حرية أفراد الهيئة الاجتماعية وهو أول أمر يترتب عليه صيانة هذه الهيئة.
(جلسة ١٥/٦/١٨٩٢الحقوق س ۷ ق ۱۹۳)
البطلان المطلق:
1 – إن الشارع حاول تنظيم أحوال البطلان فيما أورده من قواعد عامة في المادة (۲۳۱) إجراءات جنائية وما بعدها، إلا أن هذه النصوص تدل عبارتها الصريحة على أن الشارع لم يحصر – وما كان في مقدوره أن بحصر، والقوانين السياسية والإدارية والمالية والجنائية أبداً متغيرة المسائل المتعلقة بالنظام العام فذكر البعض من هذه المسائل في المادة (۳۳۲) وترك للقاضي استنباط غيرها وتمييز ما يعتبر منها من النظام العام وما هو من قبيل المصالح الخاصة التي يملك الخصوم وحدهم فيها أمر القبول من عدمه.
(نقض ٣/٧/١٩٥٨ مجموعة القواعد القانونية س ٩ ص ٦٠٩)
2 – لما كانت قواعد الاختصاص في المواد الجنائية من حيث أشخاص المتهمين متعلقة بالنظام العام وكان البين أن التهمة المطعون ضدها حدث وعلى الرغم من ذلك قدمتها النيابة العامة إلى محكمة الجنح العادية المشكلة من قاضي فرد قضى في الدعوى دون أن تكون له ولاية الفصل فيها. فإن محكمة ثاني درجة إذ قضت بإلغاء الحكم المستأنف لانعدام ولاية القاضي الذي أصدره وبإعادة القضية إلى النيابة الطاعنة.. لإجراء شئونها فإنها تكون قد التزمت صحيح القانون.
(نقض ٤/١٢/١٩٧٧ مجموعة القواعد القانونية س ۲۸ ص ۱۰۰۲)
3- إبداء الدفع بعدم إختصاص محكمة الجنايات بمحاكمة الحدث ولئن كان ممل يتصل بالولاية وأنه متعلق بالنظام ويجب على المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها ويجوز الدفع به في أي حالة تكون عليها ولو لأول مرة أمام محكمة النقض ولها أن تقضي فيه من تلقاء نفسها بغير طلب، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون عناصر المخالفة ثابتة في الحكم المطعون فيه بغير حاجة إلى إجراء تحقيق موضوعي.
(نقض ٤/١٢/١٩٧٧مجموعة القواعد القانونية س ۲۸ ص ۱۰۲۳)
4- من المقرر أن مؤدى قواعد الاختصاص في المواد الجنائية من حيث أشخاص المتهمين من النظام العام ويجوز إثارة الدفع بمخالفتها لأول مرة أمام محكمة النقض أو تقضي هي فيه من تلقاء نفسها بدون طلب متى كان ذلك لمصلحة المحكوم عليه وكانت عناصر المخالفة ثابتة بالحكم وكانت المحكمة المطعون في حكمها إذ قضت في موضوع جريمة الضرب الذي نشأت عنه عاهة مستديمة التي دين بها المطعون ضده على الرغم من أن سنه لم يجاوز خمس عشرة سنة كاملة – قبل سريان القانون رقم ۳۱ لسنة ١٩٧٤ – وقت ارتكابه إياها
فتكون قد خالفت القانون لتجاوزها الاختصاص المقرر لمحكمة الأحداث وحدها بنظر الدعوى ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى. نقض ٢٥/٦/١٩٧٣ مجموعة القواعد القانونية س ٢٧ ص ٤٣٦
البطلان النسبي:
1 – من المقرر أن حق المتهم في الدفع ببطلان الإجراءات المبني على المحكمة استجوبته يسقط وفقاً للفقرة الأولى من المادة (۳۳۳) من قانون الإجراءات الجنائية إذا حصل الاستجواب بحضور محاميه ولم يبد اعتراضا عليه لأن ذلك يدل على أن مصلحته لم تتأثر بالاستجواب.
(نقض ١٢/٣/١٩٧٢ مجموعة القواعد القانونية س ٢٣ ص ٣٦٩)
2 – متى كان الثابت من الإطلاع على محضر الجلسة أن المحكمة استدعت الطبيب الشرعي بجلسة نظر الدعوى، وكلفته بالاطلاع على أوراقها والتقريرين الفنيين المقدمين فيها، ثم وهي بسبيل تحقيق الدعوى قامت بمناقشته بحضور الطاعن ومحاميه دون أن يعترضا على ذلك بشيء، بل لقد أشترك محامي الطاعن في هذه المناقشة ثم ترافع في الدعوى على أساس ما جرى منها بالجلسة فإن ما يثيره الطاعن من مخالفة المحكمة للقانون في هذا الإجراء يكون في غير محله.
(نقض ١٩/٥/١٩٥٢ مجموعة القواعد القانونية س٣ ص ٩٥٦)
3- إذا استدعت محكمة الجنايات شخصاً تصادف وجوده في الجلسة ولم تحلفه اليمين ولم يعترض الطاعن على هذا الإجراء أمامها، فلا يصح له أن يثيره أمام محكمة النقض.
(نقض ٢٩/٥/١٩٥٢ مجموعة القواعد القانونية س ٣ ص ١١٨٥)
4- إذا كان سماع الشاهد بدون حلف يمين قد تم بحضور محامي المتهم في جلسة المحاكمة دون اعتراض منه على هذا الإجراء فإن حقه في الدفع ببطلانه يكون قد سقط.
(نقض ٣/١٠/١٩٥٥ مجموعة القواعد القانونية س ٦ ص ١١٧٥)
(نقض ١٠/١٢/١٩٧٣ مجموعة القواعد القانونية س ٢٤ ص ١٢١٣)
5- إن البطلان الذي يترتب على إجراء عضو النيابة تحقيقا في غير اختصاصه هو بطلان نسبي، فإذا حضر محام أثناء التحقيق مع المتهم بالنيابة.
(نقض ٣/٥/١٩٥٥ مجموعة القواعد القانونية س ٦ ص ٤٧٩)
6-لا محل لما يثيره الطاعن بشأن بطلان التقرير الطبي الابتدائي لعدم أداء محرره اليمين القانونية طالما أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن محاميه لم يدفع ببطلان هذا التقرير أمام محكمة الموضوع ومن ثم فيسقط حقه في التمسك ببطلان هذا الإجراء وفقاً للمادة (۳۳۳ إجراءات جنائية).
(نقض ٢١/١٢/١٩٦٤مجموعة القواعد القانونية س ١٠ ص ٨٤٠)
7- إذا كانت المحكمة قد ندبت النيابة لإجراء معاينة وكان هذا الندب قد تم بحضور محامي الطاعنين دون اعتراض منه، كما أنه لم يثر بشأنه اعتراضا في جلسة المرافعة التالية لحصوله، وكان الحكم ليس فيه ما يدل على أن المحكمة استندت في إدانة الطاعنين إلى هذه المعاينة، فإن ما ينعاه الطاعن على هذا الإجراء لا يكون مقبولاً.
(نقض ٢٥/٥/١٩٥٥مجموعة القواعد القانونية س٥ ص ٧١٤)
8- من المقرر أن حق المتهم في الدفع ببطلان الإجراءات لعدم إعلانه بالجلسة المحددة لمحاكمته أمام محكمة أول درجة يسقط إذا لم يبده بجلسة المعارضة.
(نقض جلسة ٣٠/١٠/١٩٧٨ س ۲۹ ق ١٥٢ ص ٧٥٣)
9-إذا كانت الطاعنة تسلم في أسباب طعنها بأن التحقيق معها ثم بحضور محاميها الذي لم يبد ثمة اعتراض على إجراءات التحقيق فإن ما تثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
(نقض جلسة٣١/١٢/١٩٧٣س ٢٤ ق ٢٦٧ ص ١٣٠٩)
10 – العبرة ببطلان الإجراءات هو بما يتم فيها أمام المحكمة الاستئنافية، وسكوت الطاعن عن إثارة شيء في دفاعه أمام المحكمة الاستئنافية عن وصف التهمة أو القصور في بيان الخطأ ليس له التحدث من بعده عن بطلان أمام محكمة أول درجة.
(نقض جلسة ١٦/١٢/١٩٧٣س ٢٤ ق ٢٤٨ ص ١٢٢٣)
11– متى كان البين من محضر جلسة المحكمة الاستئنافية أن سماع المحكمة أقوال أحد الشهود دون حلف يمين كان في حضور الطاعن والمدافع عنه وبغير اعتراض من أيهما فإن هذا يسقط الحق في الدفع بالبطلان.
(نقض جلسة ١٠/١٢/١٩٧٣ س ٢٤ ق ٢٤٦ ص ١٢١٦٣)
12– إذا كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع ببطلان التحقيقات السابقة على المحاكمة فلا يسوغ الدفع ببطلان تحقيق النيابة لأول مرة أمام محكمة النقض.
(نقض جلسة ٢٩/٤/١٩٧٣ س ٢٤ ق ١١٥ ص ٥٥٩)
13 – العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة، فإذا كان ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون تعيينا للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة فإنه لا يصلح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(نقض جلسة ٩/٤/١٩٧٣ ص ٢٤ ق ١٠٦ ص ٥١٠)
14 – لا يصح أن يكون ما ينعاه الطاعن بشأن إجراءات تحقيق الشرطة سبباً للطعن على الحكم بالنقض ما دام أن هذا التحقيق جرى في مرحلة سابقة على المحاكمة.
(نقض جلسة ٢٨/١/١٩٧٣ س ٣٤ ق ٢٥ ص ١٠٢)
15– الدفع ببطلان الإعتراف لصدوره تحت تأثير الإكراه لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(نقض جلسة ١/١/١٩٧٣س ٢٤ ق ١ ص ١)
16 – إذا كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن الطاعنة لم تدفع ببطلان حكم محكمة أول درجة لعدم التوقيع عليه في الميعاد المحدد قانوناً، فإنه لا يقبل منها إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.
(نقض جلسة ٩/٤/١٩٧٢ س ۲۳ ق ١٢١ ص ٥٥٢)
17– منعي الطاعن على تصرف النيابة العامة من سؤالها الضابط الشاهد في غيبته والتفاتها عن سؤال الشرطيين السريين لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة، ولا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(نقض جلسة ١٢/٣/١٩٧٢س ٢٣ ق ٨٢ ص ٣٦٩)
18 – إذا كان الطاعن لا ينازع في أسباب طعنه أن التحقيق معه تم بحضور محاميه الذي يبد ثمة اعتراض على إجراءات التحقيق، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يضحى ولا محل له.
(نقض جلسة ٢٧/٦/١٩٧١ س ٣٣ ق ١٢٤ ص ٥٥١)
19 – متى كان الثابت من مطالعة محضر الجلسة أن استجواب الطاعن تم بموافقة الدفاع دون اعتراض منه فليس له أن ينعى عليها من بعد أن استجوبته، هذا إلى أن حقه في الدعوى ببطلان الإجراءات المبني على هذا السبب قد سقط وفقاً للمادة (٣٣٣/١) إجراءات جنائية لحصوله بحضور محامي الطاعن بدون اعتراض منه عليه.
(نقض جلسة ٢٢/٣/١٩٧٠ ص ۲۱ ق ١٠٦ ص ١٤٣١)
20 – دل الشارع بما نص عليه في لمادتين (۳۳۲، ۳۳۳) إجراءات جنائية في عبارة صريحة على أن التمسك بالدفع بالبطلان إنما يكون أثناء نظر الدعوى التي وقع البطلان في إجراءاتها، وهذا الإجراء الباطل – أياً كان سبب البطلان – يصححه عدم الطعن به في الميعاد القانوني،
ولهذا أشترط لقبول أسباب النظام العام لأول مرة أمام محكمة النقض ألا يكون الحكم المطعون فيه قد أكتسب قوة الشيء المحكوم به، وأن تكون هذه الأسباب مستفادة من الأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع وألا يخالطها أي عنصر واقعي لم يسبق عرضه عليها وذلك تغليباً لأصل اكتساب الحكم قوة الشيء المحكوم فيه على أصل جواز التمسك بالأسباب الجديدة الماسة بالنظام العام.
(نقض جلسة ٢٦/٤/١٩٦٠س ۱۱ ق ۷۷ ص ۳۸۰)
21 – متى كان المتهم لم يثر دفعه ببطلان التحقيق الذي بني عليه أمر التفتيش أمام محكمة الموضوع، واكتفى بكتابة مذكرة لغرفة الإتهام لم يشر إليها أمام المحكمة فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض.
(نقض جلسة ٢٨/٤/١٩٥٨ س ٩ ق ١١٦ ص ٤٢٩)
22– تعييب التحقيق الذي أجراه وكيل النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم.
(نقض جلسة ٩/٤/١٩٥٧س ٨ ق ١٠٦ ص ٣٩١)
23 – إن البطلان الذي يترتب على إجراء عضو النيابة تحقيقا في غير اختصاصه هو بطلان نسبي، فإذا حضر محام أثناء التحقيق مع المتهم بالنيابة ولم يتمسك ببطلان التحقيق عند إجرائه فإن الحق في الدفع به يسقط عملا بالمادة (۳۳) إجراءات جنائية.
(نقض جلسة ٣/٥/١٩٥٥ س ٦ ق ٣٨٣ ص ٩٤٥)
24 – لا جدوى للمتهم مما يثيره في خصوص بطلان الإجراءات الخاصة بالتحقيق الابتدائي لأن إجراء معاينة نيابة من غير إنتداب خاص إذا كان الثابت أن محامياً حضر عن المتهم في ذلك التحقيق من مبدئه وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه، الأمر الذي يترتب عليه سقوط حقه في الدفع بهذا البطلان على مقتضى ما نصت عليه المادة (۳۳۳) إجراءات جنائية.
(نقض جلسة ١/٢/١٩٥٥س ٦ ق ١٥٩ ص ٤٧٩)
25 – الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي والتحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات يسقط إذا كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه.
(نقض جلسة ١٩/٥/١٩٥٢س ٣ ق ٣٥٧ ص ٩٥٦)
آثار البطلان
يقتضي التعرض لآثار البطلان تحديد هذه الآثار بالنسبة للإجراء الباطل ثم بالنسبة لسائر إجراءات الدعوى السابقة عليه واللاحقة له، ويتعين بعد ذلك البحث في نظرية تحول الإجراء الباطل، ومدى جواز تصحيح الإجراء الباطل؛ ويتعين في النهاية التعرض للقواعد الخاصة بتصحيح الأخطاء المادية.
آثار البطلان بالنسبة للإجراء الباطل:
الأصل أن البطلان لا يترتب آثاره إلا متى تقرر بحكم أو بأمر من قضاة التحقيق. وهذه قاعدة مطلقة لا استثناء عليها ولو تعلق البطلان بالنظام العام. ومصدرها النظام القانوني الذي تعيش فيه الجماعة في العصر الحديث حيث لا ينال الفرد حقه بغير وساطة القضاء. وقد ورد في المادة (٣٣٦) إجراءات أنه (إذا تقرر بطلان أي إجراء فإنه يتناول جميع الآثار التي تترتب عليه مباشرة).
والقاعدة أنه متى تقرر بطلان الإجراء زالت آثاره القانونية فيصبح وكأنه لم يكن. وعلى ذلك فإنه لا يترتب عليه قطع التقادم، كما يتعين إهدار الدليل المستمد منه. وقد استثنى القانون المصري من القاعدة المتقدمة حالة القضاء بعدم الاختصاص بعد أن سار التحقيق شوطاً أمام جهة غير مختصة. فقد نصت المادة (١٦٣) إجراءات على أنه لا يترتب على القضاء بعدم الاختصاص بطلان إجراءات التحقيق. وقد لاحظ المشرع في هذا الاستثناء الرغبة في عدم تعطيل سير التحقيق خاصة وأن بعض إجراءاته قد لا يتيسر إعادتها.
ويشترط لإعمال هذا الاستثناء شرطان:
1- سريانه على إجراءات التحقيق الابتدائي، فلا يسري على إجراءات الاستدلال أو الإتهام أو الإحالة أو المحاكمة.
2- أن يكون المحقق غير مختص بالتحقيق برمته لا مجرد أحد إجراءاته. فمثلاً إذا أمر وكيل النيابة المحقق بتفتيش منزل غير المتهم دون إذن سابق من القاضي الجزئي، فإن عدم الإختصاص في هذه الحالة يتعلق بأحد إجراءات التحقيق ولا يحول دون بطلاقه وعلة ذلك أن الأوامر المتعلقة بالاختصاص التي تتعلق بتحقيق القضية برمتها لا بتحقيق إجراء معين.
أثر بطلان الإجراء على ما سبقه من أعمال:
البطلان كجزاء إجرائي لا ينال من العمل الإجرائي إلا نتيجة للعيب الذي أثر في صحته، ومن ثم فلا يمتد البطلان إلا إلى الأعمال التالية له والمترتبة عليه، أي التي يعتبر بطلان العمل السابق عليها بمثابة عيب في صحتها، دون الأعمال الإجرائية السابقة. فهذه الأعمال وقد بوشرت عن العمل الباطل لا تمتد إليها آثار البطلان.
أثر بطلان الإجراء على الإجراءات اللاحقة عليه:
وأثر بطلان الإجراء على الإجراءات اللاحقة عليه أنه إذا كانت هذه الإجراءات تمثل أثاراً ترتبت عليه مباشرة تعين كذلك بطلائها، وقد صرح المشرع بذلك فقرر بالمادة (٣٣٦) من قانون الإجراءات الجنائية بأن بطلان الإجراءات (يتناول جميع الآثار التي تترتب عليه مباشرة) وبعد ذلك تطبيقاً لأصل عام مؤداه أن (ما بني على الباطل فهو باطل) وتحديد الصلة بين الإجراء الباطل والإجراءات التالية عليه والقول بأنها أثر مباشر له بحيث كذلك تقرير بطلانها هو من شأن قاضي الموضوع.
ينبعج ومؤدي القواعد السابقة أن بطلان الإجراء لا ينصرف إلى الإجراءات التالية له المستقلة عنه وتطبيقاً لذلك، فإن بطلان التفتيش لا يحول دون أخذ المحكمة بجميع عناصر الإثبات المستقلة عنه والمؤدية إلى النتيجة التي أسفر عنها التفتيش، ومن هذه العناصر الإعتراف اللاحق للمتهم.
إعادة الإجراء الباطل:
نصت على تحديد الإجراء الباطل المادة (٣٣٦) من قانون الإجراءات الجنائية، فقررت أنه إذا تقرر بطلان الإجراء لزم إعادته متى أمكن ذلك» وإعادة الإجراء الباطل تعني استبعاده وإحلال إجراء صحيح محله. وعلة جوازها هي تفادي أن يستتبع بطلان الإجراء أن تبطل الإجراءات التالية عليه،
فيقضي ذلك إلى تعطل سير الدعوى، فيستحيل بلوغها غايتها المتمثلة في الحكم البات الفاصل في موضوعها والمختص بإعادة الإجراء هو صاحب السلطة في اتخاذه إبتداء. وشرط إعادة الإجراء بقاء المفترضات المتطلبة لاتخاذه إبتداء فيتعين أن تبقى السلطة في اتخاذه وألا تكون قد أقضت المهلة التي يتعين اتخاذه فيها.
نظرية تحول الإجراء الباطل:
تبنى قانون المرافعات هذه النظرية، فقد نصت المادة (٢٤) منه على أنه (إذا كان الإجراء باطلاً وتوفرت فيه عناصر إجراء آخر فإنه يكون صحيحاً باعتباره الإجراء الذي توفرت عناصره). وعلى الرغم من أن قانون الإجراءات الجنائية لم يصرح بتبنيه هذه النظرية، فإنه لا شك عندنا في أنه قد أقرها، ذلك أن لها سنداً من المنطق القانوني، فاستجماع عناصر معينة يتكون منها إجراء معين ينبني عليه بالضرورة الاعتراف بوجود هذا الإجراء، ولا يؤثر في ذلك وجود عناصر ثبت بطلانها، وكان من الممكن أن يقوم بها – بالإضافة إلى العناصر السابقة – إجراء من نوع مختلف.
وقد أقرت محكمة النقض هذه النظرية، فقضت بأنه إذا انتفت عن محضر التحقيق بعد شروط صحته كحضور كاتب أو تحليف الشهود اليمين فترتب على ذلك بطلانه فإن ذلك لا يحول دون اعتباره محضر استدلال صحيح إذ أن شروط صحة هذا المحضر متوافرة.
تصحيح الإجراء الباطل:
نصت على تصحيح الإجراء الباطل المادة (٣٣٥) من قانون الإجراءات الجنائية في قولها (يجوز للقاضي أن يصحح، ولو من تلقاء نفسه، كل إجراء يتبين له بطلانه). وعلة تخويل القاضي هذه السلطة هي الحد من آثار البطلان، وخاصة حيث يستتبع بطلان الإجراء بطلان إجراءات تالية له مترتبة عليه مباشرة، فيستبدل القاضي بالإجراء الباطل إجراء صحيحاً،
ويستقيم بذلك سير الدعوى، ويستعمل القاضي هذه السلطة، سواء كان البطلان مطلقاً أو نسبياً. وإذا كان البطلان نسبياً فللقاضي أن المصلحة في ذلك. وتصحيح الإجراء يكون بإعادته مع تلافي العيب الذي يستعمل هذه السلطة من تلقاء نفسه، أي بغير انتظار أن يحتج بالبطلان ذو كان قد شابه وأدى إلى بطلانه. وليس للتصحيح أثر رجعي، ومن ثم فإن والإجراء الجديد لا ينتج أثره إلا من تاريخ اتخاذه.
تصحيح الخطأ المادي:
نصت على تصحيح الخطأ المادي المادة (۳۲۷) من قانون الإجراءات الجنائية فقالت: إذا وقع خطأ مادي في حكم أو في أمر صادر من قاضي التحقيق أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة، ولم يترتب عليه البطلان تتولى الهيئة التي أصدرت الحكم أو الأمر تصحيح الخطأ من تلقاء نفسها، أو بناء على طلب أحد الخصوم وذلك بعد تكليف الخصوم بالحضور.
ويقضي بالتصحيح في غرفة المشورة بعد سماع أقوال الخصوم، ويؤشر بالأمر الذي يصدر على هامش الحكم أو الأمر، ويتبع هذا الإجراء في تصحيح اسم المتهم ولقبه».
ويشترك الخطأ المادي والبطلان في افتراضهما عيبا شاب الإجراء؛ ولكنهما يختلفان في أن الأول يفترض عيباً مادياً في حين يفترض الثاني عيباً قانونياً، ويتضح الاختلاف بينهما في صورة أوضح من حيث أن التصحيح المادي يفترض انتقاء البطلان، ذلك أنه يرد على إجراء صحيح، وأهمية ذلك أنه إذا كان الإجراء باطلاً تعين الإلتجاء إلى السبيل الذي يقرره القانون للاحتجاج ببتلائه، ومن ثم يكون غير مقبول سبيل تصحيح الخطأ المادي.
وتطبيقاً لذلك، فإنه إذا شاب الحكم بطلان تعين الإلتجاء إلى طرق الطعن التي يقررها القانون ولا يجوز الإلتجاء إلى طريق تصحيح الخطأ المادي.
وثمة فروق أساسية بين إعادة الإجراء الباطل وتصحيح الخطأ المادي في إجراء صحيح فالإعادة تكون بمباشرة الإجراء من جديد، أما التصحيح فيكون بالتأشير بالأمر الصادر بالتصحيح على هامش الورقة التي أثبت فيها الإجراء. وينتج الإجراء المعاد أثره من وقت إعادته، أما الإجراء الذي صحح خطؤه المادي فترجع آثاره إلى وقت مباشرته في أول الأمر.
وتختص بتصحيح الخطأ المادي السلطة التي صدر عنها العمل المشوب بهذا الخطأ، ولها أن تصححه من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم، وعليها أن تكلف الخصوم بالحضور وتسمع أقوالهم. ويصدر القرار بالتصحيح في غرفة المشورة.
أحكام محكمة النقض فى أثار البطلان
تصحيح البطلان:
البطلان – طبقاً للمادة (٣٣٦) إجراءات لا يلحق إلا بالإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة، وهو لا يعلق بما سبقه من إجراءات كما أنه في حالة بطلان التحقيق الابتدائي) لا يؤثر في قرار النيابة بإحالة الواقعة إلى غرفة الإتهام أو قرار غرفة الإتهام بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات، ولا يمكن أن يرتب على مثل هذا البطلان إن صح – إعادة القضية إلى النيابة كما طلب الطاعن لأن في ذلك إهدار الحجية أمر الإحالة بل يكون للمحكمة أن تصحح الإجراء الباطل طبقاً للمادة (٣٣٥ إجراءات).
(نقض ١٢/٣/١٩٥٦ مجموعة القواعد القانونية س ٧ ص ٣٦١)
آثار البطلان:
1- إذا كان الثابت في الحكم يدل على أن المتهم لم يقبض عليه لمجرد اشتباه رجل البوليس في أمره، وإن إذن النيابة بالتفتيش لم يصدر إلا بناء على هذا القبض غير القانوني مما يؤدي إلى أن استصدار هذا الإذن لم يكن إلا للحصول على دليل لم يكن في قدرة البوليس الحصول عليه بغير هذا القبض غير القانوني، وقد كان للبوليس، إذا كانت القرائن متوافرة لديه على إتهام المتهم، أن يعرضها على النيابة لاستصدار إذن منها بالتفتيش بغير أن يقبض عليه،
فالإذن بالتفتيش في هذه الحالة لم يبن على إجراءات صحيحة كفيلة بالمحافظة على حرية الأفراد التي يحرص عليها القانون فيكون لذلك باطلاً، كما يعتبر أيضاً باطلاً الدليل المستمد عنه.
(نقض ٣/٣/١٩٤١المجموعة الرسمية س ٤٢ ص ٣٢٩)
2 – خلو الحكم الابتدائي من التوقيع عليه من القاضي الذي أصدره رغم مضي فترة الثلاثين يوما التي أستوجب القانون توقيع الحكم قبل انقضائها يبطله، وهذا البطلان ينبسط حتماً إلى كافة أجزاء الحكم بما في ذلك منطوقه، وإحالة الحكم الاستئنافي إلى منطوق الحكم المستأنف الباطل، ويؤدي إلى امتداد البطلان إليه هو الآخر ولو نشأ لقضائه أسباباً خاصة به.
(نقض ٩/٥/١٩٧٧ مجموعة القواعد القانونية س ٢٨ ص ٥٧٨)
(نقض ٥/١/١٩٧٤ مجموعة القواعد القانونية س ٢٥ ص ٤١)
3- القاعدة أن ما بني على الباطل فهو باطل، ولما كان لا جدوى من تصريح الحكم ببطلان الدليل المستمد من العثور على فتات مخدر الحشيش بجيب صدري المطعون ضده بعد إيطال مطلق القبض عليه والتقرير ببطلان ما تلاه متصلاً به ومترتباً عليه، لأن ما هو لازم بالاقتضاء العقلي والمنطقي لا يحتاج إلى بيان لما كان ما تقدم وكان ما أورده الحكم سائغا ويستقيم به قضاؤه ومن ثم تنحسر عليه دعوى القصور في التسبيب.
(نقض جلسة ٦/٤/١٩٧٣س ٢٤ ق ١٠٥ ص ٥٠٦)
4 – إن البطلان طبقاً للمادة (٣٣٦) إجراءات جنائية لا يلحق إلا بالإجراء المحكوم ببطلانه والآثار المترتبة عليه مباشرة، وهو لا يلحق بما سبقه من إجراءات، كما أنه يؤثر في قرار النيابة بإحالة الواقعة إلى غرفة الإتهام أو قرار غرفة الإتهام بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات ولا يمكن أن يترتب على مثل هذا البطلان إن صح إعادة القضية إلى النيابة بل يكون للمحكمة أن تصحح الإجراء الباطل طبقا للمادة (٣٣٥) إجراءات.
(نقض جلسة ١٥/٣/١٩٥٦س ٦ ق ١٠٧ ص ٣٦١)
5- بطلان الإجراء يترتب عليه بطلان شهادة من أجراء، إلا أن شرط ذلك أن تكون الشهادة وليد هذا الإجراء الباطل.
جلسة ٢/٢/١٩٩٣الطعن رقم ٨٥٢٤ س ٦١ق
6- لما كانت المادة الرابعة من القانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٨٠ بإنشاء محاكم أمن الدولة تنص على أن محكمة أمن الدولة العليا تنعقد في كل مدينة بها محكمة ابتدائية، وكان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه أن صدر من محكمة أمن الدولة العليا المشكلة من ثلاث مستشارين بمحكمة استئناف القاهرة وهو ما يكفي بياناً لأسم المحكمة ومكان انعقادها،
وكان الطاعن لا يدعي أن المحكمة انعقدت في جهة أخرى على خلاف ما نصت عليه المادة المذكورة، وكان من المقرر أن الأصل في إجراءات المحاكمة إنها روعيت فإنه ما يثيره الطاعن بشأن إغفال إثم المحكمة وبيان مكان انعقادها يكون غير سديد فضلاً عن أن بيان مكان المحكمة ليس من البيانات الجوهرية التي يترتب على إغفالها الحكم ببطلان الحكم ما دام قد ذكر فيه إثم المحكمة التي أصدرته.
(الطعن رقم ۲۸۲۲ لسنة ٥٧ ق جلسة ١٧/١٢/١٩٨٧ص ۳۸ ص ۱۱۰۳)
7- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يفصح بأسباب طعنه عن أوجه مخالفة الحكم المطعون فيه لنص المادة (٣٣٦) من قانون الإجراءات الجنائية، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
(الطعن رقم ۳۱۰۹۸ لسنة ٦٩ ق جلسة ١٩/١/٢٠٠٣)
تصحيح الأخطاء المادية:
1 – لما كان ما ورد بالحكم من صدوره يوم سماع المرافعة ومن ورود قرار المحكمة – بمحضر الجلسة – تالياً لعبارة (صدر الحكم الآتي)، لا يعدو كل منهما أن يكون خطأ ماديا بحثاً ليس من شأنه أن يبطل الحكم أو ينـــال من سلامته إذ أنه لا يغير عن حقيقة الواقع عن سماع الدعوى في جلسة سابقة ثم إصدار المحكمة قراراها بحجزها لإصدار الحكم فيها بالجلسة التي صدر فيها بالفعل وهو ما لم يجادل فيه الطاعن.
(نقض ٢٧/٣/١٩٨٤ مجموعة القواعد القانونية س ٣٥ ص ٣٥٣)
2 – لم يجز قانون المرافعات في المادة (۱۹۱) منه الطعن في القرار الصادر بتصحيح الحكم من الأخطاء المادية البحتة كتابية كانت أم حسابية، إلا أن تكون المحكمة قد أجرت التصحيح متجاوزة حقها فيه، وذلك بطرق الطعن الجائزة في الحكم بموضوع التصحيح، أما القرار الذي يصدر برفض التصحيح فلا يجوز الطعن فيه على استقلال.
ولا يرسم قانون الإجراءات الجنائية طريقاً للطعن في أوامر التصحيح التي تصدر إعمالاً لحكم المادة (۳۳۷) منه كما فعلت المادة (١٩١/٢) مرافعات التي أجازت الطعن استثناء في حالة رفض الطلب. ولما كان حكم المادة (١٩١/٢) مرافعات هو من الأحكام التي لا تتعارض مع أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإنما تكمل نقصا فيها يتمثل في عدم رسم طريق الطعن في قرار التصحيح عند تجاوز الحق فيه فإنه يتعين الرجوع إلى هذا الحكم والأخذ بمقتضاه في الحدود الواردة فيه.
(نقض ١/١١/١٩٧٠مجموعة القواعد القانونية س ۲۱ ص ۱۰۳۰)
3- إن مجرد حصول تعديل في إحدى العبارات في محضر الجلسة بفرض – حصوله – لا يدل على عدم صحة العبارة الجديدة، بل يفيد التصحيح بما يتفق من حقيقة الواقع
(نقض ١٠/٦/١٩٥٣مجموعة القواعد القانونية س ۳ ص ۱۰۸۱)
4- وقوع خطأ مادي في الحكم أو في أمر صادر من قاضي التحقيق أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة ولم يترتب عليه البطلان، يجوز تصحيحه بمعرفة الهيئة التي أصدرته، من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم بعد تكليفهم بالحضور، إعمالاً لنص المادة (۳۳۷) إجراءات.
(جلسة ١٨/٧/١٩٩٣ الطعن رقم ۱۸۰۰ س ٥٢ق)
5- يجب أن تكون الأخطاء المادية المطلوب تصحيحها واردة في منطوق الحكم دون الوقائع أو الأسباب، ما تكن الأسباب جوهرية مكونا جزءاً من منطوق الحكم أو مؤثرة فيما يستفد منه.
(جلسة ١٨/٧/١٩٩٣الطعن رقم ۱۸۰۰ س ٥٢ق)
6-سلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في منطوق الحكم قاصر على الأخطاء المادية البحتة التي لا تؤثر على كيانه وتفقده ذاتيته. يجب أن يكون للخطأ المادي الجائز تصحيحه أساس في الحكم يدل على الواقع الصحيح منه في نظرية الحكم.
(جلسة ١٨/٧/١٩٩٣الطعن رقم ۱۸۰۰ س ٥٢ ق)
7- الخطأ المادي الذي يرد في تاريخ الحكم لا عبرة به، ولا تأثير له على حقيقة ما حكمت به المحكمة.
(جلسة ٣/٢/١٩٩٣ الطعن رقم ٨٥٧٠ س ٦١ق)
8- حق المحكمة منعقدة في غرفة المشورة في تصحيح ما يقع في حكمها من خطأ مادي مع التأشيرة بالأمر بالتصحيح على هامش الحكم، عدم لزوم توقيع كاتب الجلسة على هذا التصحيح.
(جلسة ١٠/١/١٩٩٣الطعن رقم ٣٩٧٢ س ٦١)
9- قانون الإجراءات الجنائية أجاز في المادة (۳۳۷) للمحكمة منعقدة في غرفة المشورة تصحيح ما يقع في حكمها من خطأ مادي مع التأشير بالأمر بالتصحيح على هامش الحكم.
(نقض جلسة٤/١٠/١٠٨٣ س ٣٤ ق ١٥٥ ص ٧٩٠)
10 – إنتهاء الحكم إلى إدانة المتهم بالسرقة التامة ومعاقبته على أساسها، وإيراده لفظ الشروع في بداية وصف التهمة زلة قلم لا يقدح في سلامته.
(نقض جلسة ٩/٤/١٩٧٢ س ٢٤ ق ١٠٦ ص ٥٤٠)
11 – الخطأ المادي الذي يقع في الحكم عند نقله من مسودته لا يؤثر في سلامته.
(نقض جلسة ٩/٤/١٩٧٢س ٢٤ ق ١٠٤ ص ٥١٠)
12 – لم يرسم قانون الإجراءات الجنائية طريقاً للطعن في أوامر التصحيح التي تصدر إعمالاً لحكم المادة (۳۳۷) منه كما فعلت المادة (٢٩١/٢) مرافعات التي أجازت الطعن استثناء في حالة تجاوز المحكمة حقها في التصحيح ولم تجزه على استقلال في حالة رفض الطلب.
ولما كان حكم المادة (٢٩١/٢) مرافعات هو من الأحكام التي لا تتعارض مع أحكام قانون الإجراءات الجنائية وإنما تكمل نقصاً فيها يتمثل في عدم رسم طريق الطعن في قرار التصحيح عند تجاوز الحق فيه، فإنه يتعين الرجوع إلى هذا الحكم والأخذ بمقتضاه في الحدود الواردة فيه.
(نقض جلسة ١/١١/١٩٧٠س ٢١ ق ٢٤٧ ص ١٠٣٠)
13 – صدور أمر من المحكمة بالتصحيح في الحدود المرسومة في المادة (١٣٣أ. ج) لا يجوز الطعن فيه بالنقض، وظيفة محكمة النقض هي مراعاة العمل بالقانون وتطبيقه وتأويله على الوجه الصحيح، الخطأ المادي في الحكم، تصحيحه من سلطة محكمة الموضوع، أو الطعن فيه بالطريق العادية أو رفع دعوى مبتدأه بتصحيح الحكم، والطعن بالنقض في ذلك غير جائز.
(نقض جلسة ٣/١٢/١٩٨٥س ٣٦ ق ١٩٥ ص ١٠٦١)
14 – الأصل العام أن إلغاء الحكم أو تعديله يكون بالطعن بالطرق المقررة قانوناً. وسلطة المحكمة في تصحيح ما يقع في حكمها من خطا مقصورة على الأخطاء المادية البحتة كتابية أو حسابية، تجاوز هذا النطاق يجيز الطعن في التصحيح بالطرق المقررة، إستناداً إلى المادة (۱۹۱) مرافعات، والأخطاء غير المادية لا يجوز الرجوع في شأنها إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم.
(جلسة ٥/١/١٩٨٩ الطعن رقم ٥٧٣٦ س ٥٨ق)
15 – لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه خلص فيما أورده في أسبابه وما انتهى إليه في منطوقه من تأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه القاضي بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد – وهو ما يخالف ما نطقت به المحكمة علناً في مواجهة الخصوم وذلك وفقاً للثابت في محضر الجلسة ورول القاضي من قبول المعارضة شكلاً وإلغاء الحكم المعارض في تأييد حكم محكمة أول درجة الصادر بإدانة الطاعن.
لما كان ذلك، وكانت العبرة فيما تقضي به الأحكام هي بما تنطق به المحكمة في وجه الخصوم بمجلس القضاء بحسبان أنه بهذا الإجراء تخرج الدعوى من سلطتها ويصير الحكم حقاً للخصوم فيمتنع العدول عنه أو تعديله ولو تحقق لها خطأ ما قضت به – إلا أن يكون خطأ مادياً محضاً مما يجوز لها تصحيحه طبقاً للمادة (۳۳۷) من قانون الإجراءات الجنائية أو غموضاً أو إيهاماً مما يجوز الرجوع إليها فيه لتفسيره وفقا للمادة (۱۹۲) من قانون المرافعات لما كان ما تقدم، وكان ما قضت به المحكمة قد خالف في أسبابه ومنطوقه ما نطقت به بالجلسة فإنه يكون باطلاً مما يوجب نقضه.
(الطعن رقم ١٣٢٤٧ لسنة ٦٤ ق جلسة ٥/٤/٢٠٠٠)
16 – لما كانت العبرة فيما تقضي به الأحكام هي بما تنطبق به المحكمة في وجه الخصوم بمجلس القضاء، بحسبان أنه بهذا الإجراء تخرج الدعوى من سلطتها ويصير الحكم حقاً للخصوم فيمتنع عليها العدول عنه أو تعديله ولو تحقق لها خطأ ما قضت به إلا أن يكون خطأ مادياً محضاً مما يجوز لها تصحيحه طبقاً للمادة (۳۳۷) من قانون الإجراءات الجنائية أو غموضاً أو إبهاماً مما يجوز الرجوع إليها لتفسيره وفقاً للمادة (۱۹۲) مرافعات ،،،
وإذا كان ذلك، وكان الأمر ليس مقصوراً على مجرد خطأ مادي لا يأبه به، إذ تردى الحكم فغاير تماماً ما قضت به المحكمة وخالف أسباباً ومنطوقا به بالجلسة، فإنه يكون باطلاً، وهو ما يوجب نقضه والإعادة.
(الطعن رقم ۹۰٦٩ لسنة ٦٤ ق جلسة ٣/١٠/١٩٩٩)
17 – العبرة فيما تقضي به الأحكام هي بما تنطق به المحكمة في وجه الخصوم بمجلس القضاء بحسبان أنه بهذا الإجراء تخرج الدعوى من سلطتها ويصير الحكم حقاً للخصوم فيمتنع العدول عنه أو تعديله ولو تحقق لها خطأ ما قضت به – إلا أن يكون خطأ مادياً محضاً مما يجوز لها تصحيحه طبقا للمادة (۳۳۷) من قانون الإجراءات الجنائية أو غموضاً أو إيهاماً مما يجوز الرجوع إليها فيه لتفسيره وفقا للمادة (۱۹۲) من قانون المرافعات.
لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه خلص فيما أورده في أسبابه وما انتهى إليه في منطوقه إلى تأييد الحكم الغيابي الاستئنافي المعارض فيه القاضي بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد – وهو ما يخالف ما نطقت به المحكمة علنا في مواجهة الخصوم وذلك وفقاً للثابت في محضر الجلسة ورول القاضي من قبول المعارضة شكلاً وإلغاء الحكم المعارض فيه وتأييد حكم محكمة أول درجة الصادر بإدانة الطاعن.
وإذ كان ما قضت به المحكمة قد خالف في أسبابه ومنطوقه ما نطقت به بالجلسة، فإنه يكون باطلاً مما يوجب نقضه.
(الطعن رقم ١٣٢٤٧ لسنة ٦٤ ق جلسة ٥/٤/٢٠٠٠)