صيغة ونموذج صحيفة طعن بالنقض في دعوى طرد للغصب – مدني .

صحيفة طعن بطريق النقض

مُقدمة : في يوم الموافق /3/2007م

إلـــي : محكمة النقض “الدائرة المدنية”

مــــن : الأستاذ/ المحامي بالنقض، بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ/ رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية بصفته، بموجب توكيل مودع رقم 5596 أ لسنة 2006 توثيق الأهرام النموذجي؛ وموطنه القانوني: “مركز إدارة الهيئة الرئيسي” الكائن: برقم 109 شارع التحرير بالدقي – ميدان الدقي – تابع قسم الدقي – محافظة الجيزة. ومحله المختار: “إدارة قضايا الهيئة” الكائنة برقم 7 “أ” شارع يوسف نجيب – بالعتبة – تابع قسم الموسكي – محافظة القاهرة.

(صفته: طاعن)

ضـــــد

السيد/ سامي عبد الله علي شلبي. المُقيم بناحية البقلية – مركز المنصورة – المنصورة.

(صفتهم: مطعون ضدهم)

* وذلك طعناً بالنقض على الحكم الصادر في الاستئناف رقم 2975 لسنة 58 قضائية، من محكمة استئناف عالي المنصورة – الدائرة 10 مساكن – بجلسة 31/1/2007م، والذي قضى في منطوقه بما يلي: فلهذه الأسباب حكمت المحكمة

“بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنف بصفته بالمصروفات ومائة جنيه أتعاب المحاماة”.

* وكان الحكم المُستأنف (الحكم الابتدائي) قد صدر من محكمة المنصورة الابتدائية – الدائرة 10 مساكن، في الدعوى رقم 3832 لسنة 2002 مساكن المنصورة، بجلسة يوم الاثنين الموافق 29/5/2006، والذي جرى منطوقه على النحو التالي: فلهذه الأسباب حكمت المحكمة

“برفض الدعوى، وألزمت المدعي بصفته بالمصروفات وخمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة”.

وقائع النزاع

(وهي جزء لا يتجزأ من أسباب الطعن بالنقض)

تتلخص الوقائع في أن الطاعن بصفته كان قد أقام الدعوى رقم 3832 لسنة 2002 مساكن المنصورة، ضد المطعون ضده، بموجب صحيفة موقعة من محام، أودعت قلم كتاب محكمة أول درجة بتاريخ 17/6/2002، وأعلنت قانوناً للمدعى عليه، طالب في ختامها الحكم له: “بفسخ عقد الإيجار المحرر بين الطاعن بصفته وبين المطعون ضده عن قطعة الأرض المملوكة لهيئة الأوقاف المصرية والمبينة بصدر الصحيفة، وطرد المطعون ضده منها، وتسليمها للطاعن بصفته بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد، مع استحقاق الطاعن بصفته للمباني المقامة عليها بمعرفة المطعون ضده مستحقة الإزالة مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل بلا كفالة”.

وذلك على سند من القول بأن المطعون ضده يستأجر من هيئة الأوقاف المصرية قطعة أرض فضاء مساحتها 113.30 متر بوقف فاطمة هانم إسماعيل بناحية البقلية مركز المنصورة مبينة الحدود بصدر صحيفة افتتاح الدعوى، وإذ قام المطعون ضده بالبناء على تلك الأرض الفضاء بغير إذن كتابي صريح من جهة الوقف المالكة، الأمر الذي حدا به إلى إقامة الدعوى ابتغاء القضاء له بطلباته سالفة الذكر.

وتداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 21/4/2003 قضت محكمة أول درجة بانتداب خبير في الدعوى تكون مأموريته: “… الانتقال لعين للعين محل التداعي ومعاينتها وبيان العلاقة بين المدعي بصفته والمدعى عليه وبيان ما إذا كان المدعى عليه قد خالف شروط التعاقد وبيان ما إذا كان هناك بناء والقائم به وتاريخ بنائه وتقدير قيمته وقيمة الأرض المقام عليها هذا البناء وبيان ما إذا كان يمكن إزالته وقيمة ذلك وبيان تاريخ علم المدعي بصفته بإقامة هذا البناء إن وجد وتحقيق دفاع طرفي الدعوى”.

وأثناء تداول الدعوى أمام الخبراء طلب الحاضر عن الطاعن بصفته إعادة الدعوى لمحكمة أول درجة لتصحيح شكل الدعوى وتعديل الطلبات الختامية فيها.

ومن ثم أعيد الدعوى لمحكمة أول درجة، وقدم الحاضر عن الطاعن بصفته صحيفة تصحيح شكل الدعوى وتعديل طلباته الختامية إلى طلب: “طرد المطعون ضده من عين التداعي للغصب، واستحقاق الطاعن بصفته للمباني المقامة عليها بمعرفة المطعون ضده مستحقة الإزالة، مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة”.

وذلك على سند من القول أن جهة وقف/ فاطمة هانم إسماعيل تمتلك قطعة أرض فضاء مساحتها 129.63 متر كائنة بناحية البقلية مركز المنصورة والمبينة الحدود والمعالم بصحيفة تصحيح شكل الدعوى وتعديل الطلبات، وأنه طبقاً لقانون إنشاء هيئة الأوقاف المصرية (رقم 80 لسنة 1971) تسلمت هيئة الأوقاف أرض التداعي من المحليات، وحيث أن المطعون ضده كان قد وضع يده بدون سند قانوني على أرض التداعي كما قام بالبناء عليها بدون موافقة جهة الوقف بما يعد غصباً لها وحرمان جهة الوقف الخيري (الذي هو على مِلك الله تعالى) من الانتفاع بتلك الأرض، مما حدا به إلى تعديل طلباته على النحو المتقدم ذكره. وقد أعلنت صحيفة تصحيح شكل الدعوى وتعديل الطلبات إعلاناً قانونياً صحيحاً للمطعون ضده.

وبجلسة 10/5/2004 قضت محكمة أول درجة وقبل الفصل في الموضوع، بإعادة ندب مكتب خبراء وزارة العدل بالدقهلية لتنفيذ ما جاء بمنطوق الحكم التمهيدي الصادر بجلسة 21/4/2003.

ونفاذاً لذلك القضاء، باشر الخبير المنتدب المأمورية المنوطة به، وأودع تقريره الرقيم 549 لسنة 2004 خبراء جنوب الدقهلية، والذي انتهى فيه إلى نتيجة نهائية مفادها أن العلاقة بين هيئة الأوقاف المصرية والمدعى عليه هي علاقة إيجارية يدفع المدعى عليه عنها مقابل انتفاع بموجب إيصالات سداد لهيئة الأوقاف طبقاً لما هو ثابت بصحيفة المستأجر المقدمة من هيئة الأوقاف وذلك منذ السبعينات، وهو تاريخ استلام الهيئة للأوقاف في سنة 1973، إلا أن هذه الصحيفة قد جاءت خالية من ثمة شروط تعاقد لبيان ما إذا كان المدعى عليه قد خالفها من عدمه.. وأنه ثبت بمعاينة الإدارة الهندسية برئاسة مركز ومدينة المنصورة والوحدة المحلية بكوم الديربي المعتمدة في 16/12/1998 أن العقار كان عبارة عن دور أرضي مباني قديمة من الطوب اللبن والمونة السمراء والسقف عروق خشبية، ويوجد ترخيم شديد في العقار وشروخ نافذة بالحوائط ورطوبة …الخ، مما أستوجب إزالته، وقام المدعى عليه بهدم هذه المباني وإعادة بنائها في عام 1998.. وأنه لا يوجد بالمستندات ما يفيد وجود اتفاق على نوع المباني عند التعاقد، وتاريخ المباني الحديثة هو عام 1998 طبقاً للثابت بمحضر إثبات الحالة المتقدم ذكره.

ومن ثم تداولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 29/5/2006 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى، وألزمت المدعي بصفته بالمصروفات ومبلغ خمسة وسبعون جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.

هذا، وقد أستند قضاء محكمة أول درجة في قضائه سالف الذكر إلى تقرير الخبير مبنياً على أسبابه، وإلى أنه لا يوجد اتفاق بين طرفي النزاع على نوع المباني (عند التعاقد) ولا يوجد ثمة شروط (عند التعاقد) لبيان ما إذا كان المدعى عليه قد خالفها من عدمه،.

ولما لم يلق هذا الحكم سالف الذكر قبولاً لدى الطاعن بصفته فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 2975 لسنة 58 قضائية “استئناف عالي المنصورة، بطلب قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المُستأنف والقضاء مُجدداً له بطلباته في صحيفة تعديل الطلبات بالدعوى المستأنف حكمها، مع إلزام المُستأنف ضده بالمصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.

وتداول الاستئناف المذكور بالجلسات على النحو الثابت بمحاضره، وبجلسة 31/1/2007 قضت محكمة استئناف عالي المنصورة بقبول الاستئناف شكلاً. وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنف بصفته بالمصروفات، ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة”.

ولما كان هذا القضاء (من محكمة الاستئناف)، قد جاء مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله، وبالقصور في التسبيب والخطأ في الإسناد ومُخالفة الثابت بالأوراق والتناقض، لذلك، فإن الطاعن بصفته يطعن على الحكم الاستئنافي المطعون فيه لهذه الأسباب.

أوجـه الطعـن

السبب الأول: الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله

* لما كان الثابت بالأوراق، أنه بعد إنشاء هيئة الأوقاف المصرية بموجب القانون رقم 80 لسنة 1971 قامت بإستلام أرض التداعي من “المحليات” التي كانت تدير أعيان الوقف الخيري قبل إنشاء هيئة الأوقاف المصرية، وأن استلام أرض التداعي من المحليات تم في تاريخ 8/2/1973، وكان الثابت بالأوراق كذلك أن الأوقاف استلمت أرض التداعي بما عليها من شاغلين ومبان وأنها قامت بتحصيل ريع أو مقابل انتفاع من هؤلاء الشاغلين (باعتباره تعويضاً عن حرمانها من الانتفاع بأرض التداعي)، بل قام المطعون ضده الأول نفسه بتقديم صورة من صحيفة جريدة الوفد الصادرة في تاريخ 23/2/1999 ثابت فيه تصريح السيد الدكتور وزير الأوقاف بموافقته على التصالح مع واضعي اليد على أراضي الأوقاف وتخيير المواطنين بين شراء الأراضي أو استئجارها ودفع قيمتها لهيئة الأوقاف المصرية. ومفاد ذلك أن واضعي اليد لا هم ملاك ولا هم مستأجرين وإنما هم مجرد واضعي يد بدون سند. ولا يغير من ذلك قيام الهيئة بتحصيل ريع منهم أو مقابل انتفاعهم بأرض التداعي بمثابة تعويض عن حرمانها من الانتفاع بالأرض المملوكة لها، وكذلك لا يغير من الأمر شيء قيام الهيئة بتسديد تلك المبالغ في سجلات “المستأجرين” حيث أنها هي السجلات المتوافرة لديها فلا يوجد بالهيئة الحكومية سجلات “للغاصبين”. ويؤيد تلك الحقائق القواعد القانونية التالية:

إثبات الغصب:

لما كان الأصل – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – هو: “خلوص المكان لمالكه، فيكفي المُدعي إثباتاً لواقعة الغصب التي يُقيم عليها دعواه أن يُقيم الدليل على وجود المُدعى عليه في العين محل النزاع المملوكة له، لينتقل بذلك عبء إثبات العكس على عاتق المُدعى عليه بوصفه مُدعين خلاف الأصل وليثبت أن وجوده بالعين يستند إلى سبب قانوني يبرر ذلك”. (نقض مدني في الطعن رقم 133 لسنة 55 قضائية – جلسة 14/12/1989. والطعن رقم 1933 لسنة 49 قضائية – جلسة 14/2/1985).

ومن ثم فيكفي هيئة الأوقاف المصرية (الطاعن بصفته) إثبات وجود المطعون ضده الأول في عين التداعي المملوكة لجهة الوقف الخيري. لينتقل عبء الإثبات على عاتق المطعون ضده الأول ليثبت أن وجوده بعين التداعي إنما يستند إلى سبب قانوني يبرره.

شغل المكان بطريق الغصب مهما استطالت مدته. لا يلزم المالك بتأجيره لمن شغله:

فمن المُقرر في قضاء النقض أن: “شغل المكان بطريق الغصب مهما استطالت مدته لا يكسب الحق في البقاء فيه، ذلك أن مجرد انقضاء فترة من الزمن على حيازة الغاصب لا تلزم المالك بتأجير ذلك المكان لمن شغله”. (نقض مدني في الطعن رقم 2041 لسنة 51 قضائية – جلسة 14/5/1987).

وعلى ذلك فشغل المطعون ضده الأول لعين التداعي، لفترة زمنية مهما طالت، لا يكسبه حقاً ولا يلزم جهة الوقف المالكة بتأجير تلك العين له.

مقابل الانتفاع ليس “أجرة”، وإنما “تعويض”:

ومن المُقرر في قضاء محكمة النقض أنه: “من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الريع بمثابة تعويض لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار، وتقدير هذا التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم بإتباع معايير معينة في خصوصه هو من سلطة قاضي الموضوع ولا تثريب عليه إن هو استرشد في تقديره بالقيمة الإيجارية، ذلك أنه وإن كانت القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط الضريبة العقارية ليست حجة قاطعة في بيان الأجرة الحقيقية إلا أنه يحوز اتخاذها قرينة بسيطة لتقدير الريع”. (نقض مدني في الطعن رقم 1704 لسنة 51 قضائية – جلسة 31/1/1985. مُشار إليه في موسوعة قضاء النقض في المواد المدنية في ستين عاماً – للمستشار/ عبد المنعم دسوقي – الجزء الأول – المجلد الثاني – القاعدة رقم 5194 – صـ 1977).

ومن ثم فتحصيل هيئة الأوقاف المصرية لريع عين التداعي أو مقابل انتفاع المطعون ضده الأول بعين التداعي إنما هو تعويض عن حرمان جهة الوقف من الانتفاع بعين التداعي وليس “أجرة” ولا باعتباره “مستأجراً”.

المطالبة بمقابل الانتفاع – أو زيادته – ليست تعاقداً ولا تكسب المطعون ضده حقاً:

لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن: “التعدي على مال خاص مملوك للدولة، وقيام الحكومة بربط الأرض المُغتصبة بالإيجار، واقتضاء هذا المُقابل من المُتعدي، لا ينطوي على معنى الإقرار بالتعدي أو تصحيح الوضع القائم على الغصب بما يجعله عملاً مشروعاً أو إنشاء علاقة تأجير عقدية، وأن تقاضيها مُقابل الانتفاع لا يسقط حقها الأصيل في التخلص من هذا الاعتداء”. (الطعنين رقمي 1667 لسنة 7 قضائية “إدارية عليا” و 1547 لسنة 8 قضائية “إدارية عليا” بجلسة 15/6/1963 – مجموعة العشر سنوات – صـ 223).

وكذلك من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: “وبتطبيق ما تقدم على الحالة الراهنة، وإذا لم يقدم المطعون ضدهم سنداً لملكيتهم للأرض محل القرار المطعون فيه، وما ساقوه في هذا الشأن بوضع اليد لمدة سبعين عاماً لا يصلح سنداً لذلك – فإن أملاك الدولة أياً ما كانت الجهة الإدارية لا تتملك بالتقادم، وإذا كان اكتمال المدة قبل العمل بالقانون المدني فإنه كان يتعين على المطعون ضدهم إثبات وضع اليد بضوابطه وشروطه وهو ما لم يحدث، ومن ثم يتعين طرح الأدلة بتملكهم للأرض محل النزاع كذلك فإن قيامهم بسداد رسوم انتفاع أو إثبات أسمائهم في الضرائب العقارية لا يكفي سنداً لوضع اليد بطريق قانوني ذلك أن مقابل الانتفاع لكفالة حصول الدولة على ريع من استغلال أملاكها ولا يكفي سنداً لوضع اليد بطريق قانوني”. (الطعن رقم 686 لسنة 47 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 28/8/2002).

كما أنه من المُقرر في قضاء محكمة النقض أن: “استناد واضع اليد إلى كونه مُستأجراً لعين النزاع غير كاف لنفي غصبه لها. وجوب التحقق من قيام عقد الإيجار بأركانه وأطرافه لاعتبار وضع اليد بسبب قانوني. فلا يكفي مجرد القول بأن واضع اليد مستأجر لعين النزاع لنفي أنه غاصب لها دون التثبت من قيام عقد الإيجار بإرادة طرفيه وتاريخه وتعيين العين المؤجرة وأجرتها القانونية ومدة العقد حتى يكون وضع اليد بسبب قانوني صحيح”. (نقض مدني في الطعن رقم 7794 لسنة 66 قضائية – جلسة 9/6/2003).

وكذلك من المُقرر في قضاء النقض أن: “تمسك الطاعن بأن مُطالبته ابتداءً للمطعون ضده بأجرة عين النزاع لاعتقاده خطأً أنه مستأجر لها وفور علمه أنه يضع اليد عليها بلا سند عدل طلبه إلى طرده للغصب. دفاع جوهري. إغفال الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وقضائه برفض دعوى الطرد تأسيساً على أن المُطالبة بالأجرة قرينة على انتفاء الغصب. قصور. فإذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع أنه عند إقامته الدعوى ومُطالبته للمطعون ضده بأجرة شقة النزاع كان يعتقد بطريق الغلط أنه مستأجر لها، ثم علم الطاعن ممن باعت له العقار الذي يشمل الشقة أن المطعون ضده ليس من بين مستأجري هذا العقار بل يضع يده على الشقة بلا سند، فعدل الطاعن طلباته إلى طرده منها للغصب، ودلل على ذلك بما أورده تقرير الخبير من أن عقد إيجار شقة النزاع الذي يستند له المطعون ضده صادر من غير المالك، فأغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع رغم جوهريته وانتهى إلى مجرد القول بأن مطالبة الطاعن بأجرة شقة النزاع قرينة على أن المطعون ضده ليس بغاصب لها، دون التثبت من قيام عقد الإيجار بأركانه وأطرافه واستمراره، ودون الرد على دفاع الطاعن بأن هذه المطالبة وليدة الغلط مما يعيبه بالقصور في التسبيب”. (نقض مدني في الطعن رقم 7794 لسنة 66 قضائية – جلسة 9/6/2003).

ومفاد ذلك، أن القول (من المطعون ضده الأول، أو من الخبير، أو من الحكم المطعون فيه) بأن مطالبة الطاعن بصفته للمطعون ضده الأول بريع أو مقابل الانتفاع بأرض التداعي بأجر قرينة على أن المطعون ضده الأول ليس بغاصب لها، دون التثبت من قيام عقد الإيجار بأركانه وأطرافه واستمراره، يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب.

التقدم بطلب شراء وتسجيل الاسم في الضرائب العقارية وسداد رسم مقابل الانتفاع وإقامة دعوى أمام القضاء المدني – لا يعد سنداً لوضع اليد:

من المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: “ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين لمباشرة جهة الإدارة سلطتها في إزالة التعدي على أملاكها بالطريق الإداري أن يتحقق مناط مشروعية هذه السلطة وهو ثبوت وقوع اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد وضع اليد من أي سند قانوني يبرر وضع يده – أما إذا استند واضع اليد حسب الظاهر من الأوراق والمستندات التي تفيد وجود حق له على هذه الأملاك فإنه تنتفي حالة التعدي على تلك الأموال ولا يجوز بالتالي للجهة الإدارية إزالته بالطريق الإداري ولا يكفي لقيام هذا السند القانوني لوضع اليد قيامه بسداد مقابل الانتفاع أو تقديمه طلباً لشراء الأرض محل التعدي – إذ أن هذا أو ذاك لا ينشئ لواضع اليد مركزاً قانونياً حيال العقار ولا ينفي عنه صفة التعدي طالما لم تتم الموافقة على الشراء، ولا يغل يد الجهة الإدارية عن إزالة التعدي ، وبالتالي فإن القرار المطعون فيه يكون قائماً على أسبابه المبررة له قانوناً”. (الطعن رقم 4030 لسنة 43 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 19/6/2002. المصدر: المرجع السابق – صـ 121 و 122).

ومفاد ذلك أنه لا يكفي لقيام هذا السند القانوني لوضع يد المطعون ضده الأول على أرض التداعي، قيامه بسداد مقابل الانتفاع، أو تقديمه طلباً لشراء الأرض محل التعدي – إذ أن هذا أو ذاك لا ينشئ لواضع اليد مركزاً قانونياً حيال العقار ولا ينفي عنه صفة التعدي طالما لم تتم الموافقة على طلب الشراء، ومن ثم يظل للطاعن بصفته الحق في طلب طرده من عين التداعي.

وإذا كان وجود عقد إيجار ينفي الغصب – إلا أن ذلك مرهون بالالتزام بالمركز القانوني الذي يخوله ذلك العقد – البناء على الأرض محل عقد الإيجار – رغم استئجارها كان كأرض فضاء – ودون موافقة الجهة المالكة والمؤجرة – يُعد تعدياً:

فمن المُقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه: “ومن حيث أن لهذه المحكمة قضاء سابق أنه يتعين تحديد مفهوم التعدي على الأموال المشار إليها في نطاق سلطة إزالته إدارياً المقررة بنص المادة 970 مدني – فإذا كان لواضع اليد سند من القانون لوضع يده على هذه الأموال المشار إليها بالمادة المذكورة – فإنه يتعين عليه التزام أحكام هذا السند وما يخوله إياه من حقوق، وعليه التزام مركزه القانوني المستمد من هذا السند دون أن يتجاوز حدود ذلك إلى ارتكاب فعل يتجاوز هذا النطاق، ويُعد من قبيل التعدي – خاصة إذا كان هذا السند القانوني المقرر لوضع اليد لم يتناول حكماً لمعالجة هذا التعدي والجزاء المترتب عليه. ولما كان البائع للمطعون ضده إنما يستند في وضع يده على أرض هيئة الأوقاف ومن ضمنها المساحة محل النزاع إلى وجود علاقة ايجارية بينه وبين هيئة الأوقاف تبرر وضع يده – فإن وضع اليد استناداً إلى تلك العلاقة إنما يقتصر فقط على إيجار أرض فضاء تتيح للمستأجر استغلالها دون البناء عليها بغير اتفاق مع الهيئة أو تصريح منها – فالبناء على أرض ليست مملوكة له وبغير تصريح وموافقة المالك يغير من طبيعة العلاقة الإيجارية ويخرج عن أحكام السند القانوني وهو التأجير إلى وضع قانوني آخر فيه دوام واستقرار – على نحو لا يمكن الجهة الإدارية مالكة الأرض من استرجاع أرضها وإنهاء العلاقة الإيجارية وحتى لو تم استرجاعها فإنها تتحمل تكاليف المباني والمنشآت لتسامحها في إقامتها إن هي تسامحت في ذلك – خاصة إن لم يتضمن عقد الإيجار حكماً يعالج هذه المسألة وهو الأمر الغالب لتغايره مع طبيعة العلاقة الإيجارية – وهي نتيجة لا يتصور أن تكون من أهداف المشرع في سبيل المحافظة على أموال هيئة الأوقاف – فضلاً عن أن الأمر في هذه الحالة يعني كونه تشجيع المتعدي بالبناء وتجاوز حدود العلاقة مع الجهة المالكة بتملك الأرض رغماً عن الجهة مالكة الأرض”. (الطعن رقم 4069 لسنة 45 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 5/6/2002. المصدر: “قرارات الإزالة والإخلاء” – للمستشار/ سمير يوسف البهي – طبعة 2003 القاهرة – صـ 44 : 46).

ومفاد ذلك أنه إذا كان المطعون ضده يزعم أنه يستند في وضع يده على أرض هيئة الأوقاف وجود علاقة ايجارية بينه وبين هيئة الأوقاف تبرر وضع يده – فإن وضع اليد استناداً إلى تلك العلاقة إنما يقتصر فقط على إيجار أرض فضاء تتيح للمستأجر (وهو ليس مستأجراً بأي حال) استغلالها دون البناء عليها بغير اتفاق مع الهيئة أو تصريح منها – فالبناء على أرض ليست مملوكة له وبغير تصريح وموافقة المالك يغير من طبيعة العلاقة الإيجارية ويخرج عن أحكام السند القانوني وهو التأجير إلى وضع قانوني آخر فيه دوام واستقرار – على نحو لا يمكن الجهة الإدارية مالكة الأرض من استرجاع أرضها وإنهاء العلاقة الإيجارية وحتى لو تم استرجاعها فإنها تتحمل تكاليف المباني والمنشآت لتسامحها في إقامتها إن هي تسامحت في ذلك – خاصة إن لم يتضمن عقد الإيجار حكماً يعالج هذه المسألة وهو الأمر الغالب لتغايره مع طبيعة العلاقة الإيجارية – وهي نتيجة لا يتصور أن تكون من أهداف المشرع في سبيل المحافظة على أموال هيئة الأوقاف، فضلاً عن أن الأمر في هذه الحالة يعني كونه تشجيع المتعدي بالبناء وتجاوز حدود العلاقة مع الجهة المالكة بتملك الأرض رغماً عن الجهة مالكة الأرض.

طول أمد الغصب لا يكسب المطعون ضده حقاً:

ولما كان عقد الإيجار عقد شخصي، وليس حقاً عيني والحقوق المتولدة عنه حقوق شخصية وليست حقوق عينية فلا يجوز للمدعي في الدعوى الأصلية الاحتجاج بأنه قد كسب الحق في استئجار عين التداعي بالتقادم الطويل المكسب. لكون التقادم الطويل المكسب للحقوق ينصب فقط على الحقوق العينية وليس على الحقوق الشخصية مثل عقد الإيجار.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر المتقدم في جميع القواعد القانونية السالف بيانها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي تأويله فضلاً عما شابه من قصور في التسبيب مما يتعين معه – والحال كذلك – نقضه.

السبب الثاني: القصور في التسبيب

لما كانت من المُقرر قانوناً وعلى ما تواتر عليه قضاء محكمة النقض أن مهمة الخبير تقتصر على تحقيق الواقع في الدعوى وإبداء الرأي في المسائل الفنية التي يصعب على القاضي استقصاء كنهها بنفسه، دون المسائل القانونية التي يتعين على الحكم أن يقول كلمته فيها. (نقض مدني في الطعن رقم 59 لسنة 41 قضائية – جلسة 23/12/1975 مجموعة المكتب الفني – السنة 26 – صـ 1653).

كما قضت محكمة النقض بأنه: “يجوز للقاضي أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه، والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها، دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها”. (نقض 24/3/1976 السنة 27 صـ 752).

وكذلك قضت محكمة النقض بأن: “ندب خبير في الدعوى هو مجرد وسيلة إثبات يقصد بها التحقق من واقع معين يحتاج للكشف عنه معلومات فنية خاصة لا شأن له بالفصل في نزاع قانوني أو الموازنة بين الآراء الفقهية لاختيار أحدها فهذا من صميم واجب القاضي لا يجوز له التخلي عنه لغيره”. (الطعن رقم 1396 لسنة 52 قضائية – جلسة 12/5/1983).

وأيضاً قضت محكمة النقض بأنه: “لقاضي الموضوع أن يستعين بالخبراء في المسائل التي يستلزم الفصل فيها استيعاب النقاط الفنية التي لا تشملها معارفه والوقائع المادية التي يشق عليه الوصول إليها، دون المسائل القانونية التي يفترض فيه العلم بها”. (الطعن رقم 243 لسنة 51 قضائية – جلسة 28/2/1985. والطعن رقم 2418 لسنة 52 قضائية – جلسة 6/5/1986).

لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر قانوناً فقهً وقضاءاً أن وصف الرابطة بين الخصوم، وإسباغ التكييف القانوني عليها هي مسألة قانونية بحتة فلا يجوز للخبير أن يتطرق إليها ولا للمحكمة أن تنزل عنها لأنها في ولايتها وحدها ولا يجوز لها أن تستند إلى ما أورده الخبير في هذا الصدد ولا غِناء عن أن تقول هي كلمتها في شأنها فإن استندت إلى تقرير الخبير في هذا الشأن كان حكمها مشوباً بالقصور في التسبيب. (المرجع: “التعليق على قانون الإثبات” – للمُستشار/ عز الدين الدناصوري والأستاذ/ حامد عكاز – الطبعة العاشرة 2002 – المادة 135 – صـ 1229).

لما كان ذلك، وكانت أهم مهمة في المأمورية التي أناطتها محكمة أول درجة بالخبير المنتدب في الدعوى هي: “… بيان العلاقة بين المدعي بصفته والمدعى عليه”.

ولما كان بيان طبيعة العلاقة أو وصف الرابطة بين الخصوم هي مسألة قانونية بحتة لا يجوز للخبير أن يتطرق إليها ولا يجوز للمحكمة أن تنزل عنها لأنها في ولايتها وحدها. فإذا ما انتهى الخبير إلى أن: “العلاقة بين هيئة الأوقاف المصرية والمدعى عليه هي علاقة إيجارية يدفع المدعى عليه عنها مقابل انتفاع بموجب إيصالات سداد لهيئة الأوقاف طبقاً لما هو ثابت بصحيفة المستأجر المقدمة من هيئة الأوقاف وذلك منذ السبعينات، وهو تاريخ استلام الهيئة للأوقاف في سنة 1973، إلا أن هذه الصحيفة قد جاءت خالية من ثمة شروط تعاقد لبيان ما إذا كان المدعى عليه قد خالفها من عدمه”. وإذ عول حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المستأنف المطعون فيه على ذلك التقرير المقدم من الخبراء وأقام قضائه على أساس تقرير الخبراء مبنياً على أسبابه. ودون أن يقول الحكم كلمته هو في وصف وتكييف وبيان تلك العلاقة وإنما أخذ ما قاله الخبير محمولاً ومبنياً على أسبابه بدون أسباب من الحكم ذاته فإنه يكون والحال كذلك مشوباً بالقصور في التسبيب متعيناً نقضه.

ولما كان هذا الطعن قد أقيم في الميعاد مُستوفياً أوضاعه القانونية، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.

الطلبات

* لكل ما تقدم، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، يلتمس الطاعن بصفته من عدالة المحكمة:

أولاً- قبول الطعن شكلاً.

ثانياً- وفي الموضوع: بنقض الحكم المطعون فيه – الصادر في الاستئناف رقم 2975 لسنة 58 قضائية “استئناف عالي المنصورة – والقضاء مُجدداً بـ..

1- بصفة أصلية: بإعادة الدعوى لمحكمة استئناف عالي المنصورة للفصل فيها بدائرة أخرى غير الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.

2- وبصفة احتياطية: بإلغاء الحكم المُستأنف، والقضاء مُجدداً بإلغاء الحكم الابتدائي رقم 3832 لسنة 2002 مدني كلي مساكن المنصورة الصادر بجلسة 29/5/2006، والقضاء مجدداً للطاعن بصفته بطلباته في صحيفة تعديل الطلبات في الدعوى المذكورة.

وفي جميع الأحوال: إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المُحاماة عن جميع درجات التقاضي.

مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الخيرية الأخرى أياً كانت،،،