رد وبطلان العقد يكون جزئيا إذا لم يطعن عليه كاملا
النقض فى حكم حديث عن قضايا التزوير: رد وبطلان العقد يكون جزئيا إذا لم يطعن عليه كاملا.. والحيثيات تؤكد: البطلان يكون فقط في الجزء المزور أما باقى البنود تكون حجيتها أمام القضاء
وتابع: “الورقة الموقعة وبها إضافات أو كلمات خالية من التوقيع أو تعديلات بالمحو أو التحشير، وذلك بعد تحرير بياناتها والتوقيع عليها من طرفيها عدم اعتبار المحرر مزوراً كاملاً حيث يقتصر الأمر على الحكم برد وبطلان العبارات أو الكلمات المضافة أو التي تم محوها أو تحشيرها للمحرر”.
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 2914 لسنة 78 ق، برئاسة المستشار فتحى محمد حنضل، وعضوية المستشارين عبد البارى عبد الحافظ، وأحمد فراج، وطارق خشبة، وأحمد عبد القوى، وبحضور رئيس النيابة لدى محكمة النقض بهاء الشريف، وأمانة سر محمد محمود الضبع.
الوقائع.. إضافة عبارة فى العقد دون اتفاق
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1083 لسنة 2002 مدنى محكمة بنى سويف الابتدائية على مورث الطاعنين بطلب الحكم برد وبطلان عقد البيع الابتدائي المؤرخ 22 يناير 1994، وذلك على سند من القول أنه بموجب هذا العقد باع لمورث الطاعنين نصف العقار المبين بالأوراق، وإذ تكشف للمطعون ضده الأول إضافة عبارة لهذا العقد تتضمن عدم أحقية البائع – المطعون ضده الأول – فى التصرف فى العين المبيعة وإلا يلتزم بدفع 100 ألف جنية كشرط جزائي.
ولما كانت هذه العبارة المضافة بالعقد تمت بدون اتفاق بينهما ومزورة عليه، ومن ثم كانت الدعوى، وجه الطاعنون دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بأداء مبلغ 50 ألف جنية تعويضاَ مادياَ وأدبياَ عن الأضرار التى لحقت بمورثهم من جراء إساءة استعمال حق التقاضى، ندبت المحكمة خبيراَ، وبعد أن قدم تقريره حكمت برد وبطلان عقد البيع سند الدعوى وبرفض الدعوى الفرعية، استأنف الطاعنون الحكم بالاستئناف رقم 1428 لسنة 44 ق استئناف بنى سويف، وبتاريخ 24 ديسمبر 20007 قضت المحكمة بتأييد الحكم، طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض.
متى يحق الطعن أمام النقض؟
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت عن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده الأول بعدم جواز الطعن بالنقض، إذ لا تجاوز قيمة الدعوى 100 ألف جنية، أن هذا الدفع فى غير محله، ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن مؤدى نص المادة 248 من قانون المرافعات: “للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز 100 ألف جنية أو غير مقدرة القيمة، بما مفاده أنه إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز 100 ألف جنية فإنه لا يجوز الطعن فيها بطريق النقض، وذلك بالنسبة للأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف اعتباراً من تاريخ سريان القانون 76 لسنة 2007 فى 1 أكتوبر 2007 وكان تقدير قيمة الدعوى لتحديد نصاب الطعن بالنقض، إنما يجرى وفقاَ للقواعد العامة الواردة فى المواد 36 إلى 41 من قانون المرافعات.
وبحسب “المحكمة” – وكانت دعوى التزوير الأصلية تقدر بقيمة الحق المثبت فى المحرر المطعون فيه وفقاَ للبند العاشر من المادة 37 من ذات القانون، ومن ثم تكون هذه الدعوى مقدرة بالحق المثبت فى عقد البيع المؤرخ 22 يناير 1994، وكانت الأوراق قد خلت من ثمة ما يدل على أن قيمة الحق المثبت فى الورقة وهو عقار تقدر قيمته على النحو الوارد بالمادة 37 من قانون المرافعات دون غيره بالقيمة الثابتة بالعقد، ومن ثم تكون الدعوى غير مقدرة القيمة ويكون الطعن على الحكم المطعون فيه بالنقض جائز.
ومما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والفساد فى الاستدلال، وذلك حيث قضى برد وبطلان عقد البيع المؤرخ 22 يناير 1994 على سند من أنه ثم إضافة العبارات التى وردت بتقرير الخبير فى ظرف لاحق للتوقيع على العقد وباقى بياناته، رغم أنه من مقتضى ذلك أن باقى بيانات العقد صحيحة وغير مزورة، ومن ثم تبقى لها حجيتها فى الإثبات ويتعين على الحكم القضاء برد وبطلان العقد فى خصوص تلك العبارات المضافة فقط، وإذ الحكم بذلك، فإنه يكون معيباَ بما يستوجب نقضه.
الحكم برد وبطلان العبارات أو الكلمات المضافة أو التي تم محوها أو تحشيرها للمحرر دون اعتباره مزوراَ
ووفقا “المحكمة” – هذا النعى غير سديد، ذلك أن دعوى التزوير الأصلية يقتصر نطاقها على ما ورد بصحيفة الدعوى، باعتبار أن ما يرد بها من شواهد التزوير وطرق إثباته يقوم بديلاَ عن تقرير الطعن بالتزوير ومذكرة شواهد التزوير فى دعوى التزوير الأصلية، وأن التزوير كما يكون بوضع إمضاءات وأختام مزورة يكون أيضاَ بتغيير الحقيقة الثابتة فى المحررات عن طريق محو كلمات منها، أو إضافة عبارات وكلمات، وإن كانت الورقة موقعة ولكن بها إضافات أو كلمات خالية من التوقيع أو بها إضافة أو تعديلات بالمحو أو التحشير أو غير ذلك، وتم إضافتها بعد تحرير بيانات الورقة ولاحقة للتوقيع عليها من طرفيها، فإن المحرر فى هذا الخصوص لا يكون كله مزرواَ ولكن يقتصر الأمر حينئذ على الحكم برد وبطلان العبارات أو الكلما المضافة أو التى تم محوها أو تحشيرها للمحرر ومن ثم يتعين على قاضى الموضوع الذى ينظر فى دعوى التزوير تقدير ما يترتب على إضافة تلك العبارات أو تعديل بيانات المحرر سواء بالمحو أو التحشير أو غير ذلك من العيوب المادية، إذ أن تقدير ذلك وما يترتب على الكشط أو المحو أو التحشير فى السند فى قيمة هذا المحرر فى الإثبات سواء بإسقاط قيمته أو إنقاص هذه القيمة إنما يكون هو جوهر مدار النزاع.
المحرر بعد استبعاد العبارات المضافة قد يكون له كياناَ قانونياَ مستقلاَ
لما كان ذلك – وكان الثابت من الأوراق – وعلى ما سجله الحكم المطعون فيه المؤبد أو المكمل للحكم الابتدائي، أن دعوى التزوير الأصلية المطروحة قد أقامها المطعون ضده الأول بطلب الحكم برد وبطلان عقد البيع المؤرخ 22 يناير 1994 وانحصر طلبه على أن العبارات المضافة المبينة بالصحيفة قد تمت إضافتها بعد كتابة العقد والتوقيع عليه وساق الإمارات والدلائل المؤيدة لذلك، وكان تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى قد انتهى إلى أن العبارات المقروءة “وأصبحت العمارة بأكملها ملكاَ للمشترى “م.أ”، وأن واجهة العمارة من الناحية القبلية 14 م طول تقريباَ، ولا يحق للبائع أى تصرف وإلا يلتزم بدفع 100 ألف جنية تعويض للمشترى، وذلك دون أى تعويض من البائع”.
هذا وقد أضيف بمداد مغاير وظرف كتابى مغاير ولاحق لباقى بيانات صلب العقد سند الدعوى، وإذ كان المتخاصمون لا يتنازعون فى باقى بيانات العقد وبنوده بخلاف تلك العبارة المضافة أو صحة صدور عقد البيع فى بياناته الصحيحة منهم، فإن ذلك لازمه اقتصار رد وبطلان العبارات التى انتهى إليها تقرير الخبير سالف البيان، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى ذلك، وقضى برد وبطلان المحرر المطعون عليه بالتزوير بأكمله، رغم أن المحرر بعد استبعاد العبارات المضافة قد يكون له كياناَ قانونياَ مستقلاَ يتضمن بيانات حقوق والتزامات المتخاصمين، فإنه يكون معيباَ بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.