القضايا المتعلقه “بالشيوع” فى توزيع التركات والأنصبه ؟
جميع الورثة يكون لهم سلطات الاستعمال والاستغلال والتصرف.. والمشرع تصدى لـ 5 مشكلات تخص التصرف فى المال المملوك على الشيوع
تقع العديد من المشكلات بين الأسر فى مسائل الإرث، وذلك لأن بعض المورثين قبل وفاتهم يقومون بعمل “عقد قسمة” وهو عبارة عن ورقة عرفية تتم فيها عملية تقسيم الميراث وتوزيعه من مبانى وعقارات وأراضى وغيرها من الأملاك، ولكن يعانى الورثة عقب وفاة المورث من مشكلة عدم القدرة على تقسيم هذا الإرث عليهم رغم أنهم جميعا متفقين على مبدأ القسمة العادلة لهذا الإرث كل حسب نصيبه الشرعي.
وضمن هذه المشكلات تنشأ الملكية الشائعة وهي التي ترد على شيء معيّن لأكثر من شخص واحد، فيكون لكلّ منهم الحق في حصّة تُنسب إلى الشيء في مجموعه، وتحدد منذ بدء الشيوع بالنصف أو الثلث أو الربع أو الخمس أو السدس مثلاً، وحق المالك الشائع في الشيء المشترك هو حق ملكية يخوّله استعمال الشيء واستغلاله والتصرّف به، إنما بقدر الحصة العائدة له فيه.
كيف تنشأ مشاكل “الشيوع” فى توزيع التركات والأنصبة؟
إلا أنّ الشيوع، وبسبب ما يترتب عليه من تزاحم بين حقوق الشركاء، غالباً ما يؤدي إلى نشوء خلافات ومشاكل حادة فيما بينهم، تعيق استغلال الشيء الشائع استغلالا نافعاً، بحيث يكون من الأنسب إنهاء الشيوع عن طريق قسمة الشيء الشائع، فيختص كلّ شريك بجزء مفرز منه يتملّكه على سبيل الاستئثار.
في التقرير التالي، نلقي الضوء على إشكالية تهم ملايين الورثة وأصحاب الشراكة والمتمثلة في الإجابة على السؤال ما هي ماهية الشيوع؟ وكيف ينشأ الشيوع؟ وذلك في الوقت الذي ينشأ فيه الشيوع عادة عن الميراث, فعند وفاة المورّث عن ورثة متعددين, تنتقل إليهم أمواله شائعة بنسبة حصة كلّ منهم، وقد ينشأ أيضاً عن العقد, كأن يشتري مثلاً عدّة أشخاص عقاراً على الشيوع, أو عن الوصية, كأن يوصي شخص بمال معيّن إلى شخصين أو أكثر, أو غير ذلك .
معنى الملكية الشائعة
فى البداية – الملكية الشائعة مقصود بها اشتراك أكثر من شخص في ملكية عقار أو منقول، دون أن يكون لأحد منهم “حصة مفرزة”، مثال: امتلاك أربع أفراد لقطعة أرض مساحتها 1000 متر، دون تقسيم هذه الأرض، والملكية الشائعة تختلف عن ملكية الفرد في إنها “ملكية معنوية”، بمعنى إن نصيب المالك على الشيوع يكون نصيب “حسابي” وليس “نصيب مادي” مثلاً: بالنسبة لقطعة الأرض، سنقول أن نصيب كل مالك 25% من مساحة العقار – تحديد معنوي حسابي – دون أن يكون معروف مكان هذه المساحة ضمن قطعة الأرض .
أما مقدار الحصة الشائعة العائدة إلى كلّ من المالكين على الشيوع, فيحدد إما في التصرّف القانوني المنشئ للشيوع “كالبيع أو الهبة أو الوصية” أو في القانون، أما إذا لم يجر مثل هذا التحديد أو قام شك حوله, فتُعتبر أنصبة الشركاء في الملك متساوية، تُسَجّل الحصص الشائعة في السجل العقاري على أساس اعتبارها أسهماً من أصل كامل الملكية المؤلّفة من 2400 سهم, بحيث يعود مثلاً للشريك الذي يملك نصف الحصص 1200 سهم, والذي يملك ثلث الحصص 800 سهم, والذي يملك ربع الحصص 600 سهم .
ما هي مصادر الشيوع؟
مصادر الملكية الشائعة متنوعة، فمن الممكن تنشأ عن طريق “الميراث” إذا كان الورثة أكثر من شخص، ومن الممكن أن تنشأ عن طريق “البيع” في حالة إن أثنين أو أكثر يشتروا شقة أو قطعة أرض، ومن الممكن تنشأ عن طريق “الحيازة المكسبة للملكية” في حالة إن إثنين أو أكثر يضعوا أيديهم على عقار لمدة 15 سنة متصلة، ومن الممكن أيضاَ أن تنشأ الملكية الشائعة عن طريق حق من الحقوق المرتبطة بالملكية “حق شفعة، حق التصاق … إلخ”.
بالنسبة للتكييف القانوني لحالة الشيوع، في أربع آراء فقهية، لكن المهم فيهم هو إن حق الملكية على الشيوع هو حق يشمل – كل عناصر حق الملكية المفرزة – بمعنى إن المالك على الشيوع له سلطات الاستعمال والاستغلال والتصرف، وأحياناَ يطلب الموكل من المحامي عمل “عقد هبة” لمنزل أو أرض لصالح أولاده، دون أن يبين نصيب كل واحد فيهم في الشيء الموهوب، وفى هذه الحالة يجب أن توضح للموكل إن هناك حالتين:
الحالة الأولى:
لو كان العقار الموهوب “يقبل الفرز والقسمة”، ستكون الهبة بطريق المشاع “باطلة”، وذلك لأن طالما “تحديد الأنصبة وفرزها ممكن” فيجب أن تكون الهبة على حصص مفرزة.
الحالة الثانية:
لو كان العقار الموهوب “لا يقبل الفرز والقسمة”، يجوز إن تكون الهبة بالمشاع، ويكون أسمها “هبة اكتفاء”.
التصرف في المال المملوك على الشيوع:
1ـ ممكن إن الشركاء في المال الشائع أن يتفقوا جميعهم على بيعه وتقسيم الثمن بينهم بحسب الأنصبة، ومن الممكن أن يتفقوا على “الرهن” أو يتفقوا على “التبرع بالمال المملوك على المشاع”.
2ـ ممكن الشركاء على الشيوع يقومون بتوكيل واحد منهم للتصرف في المال الشائع “ولازم تصرفه يكون في حدود التوكيل فقط”.
3ـ من حق أي شريك على الشيوع أن يبيع حصته الشائعة لواحد من ملاك المال الشائع، أو لشخص أخر من غير الملاك “مع أحقية باقي الشركاء في طلب الشفعة”.
4ـ المشكلة الحقيقة تظهر عندما يقوم واحد من الشركاء ببيع أكثر من حصته “يعنى واحد يملك ربع العقار فقط، ويكتب عقد بيع بالعقار كله أو بنص العقار”، وهنا تجب على بقية الشركاء الموافقة على البيع كى يكون نافذا فى حقهم.
أما إذا اعترض الشركاء على البيع، فمن حقهم رفع دعوى “عدم نفاذ تصرف” خلال سنة من علمهم بالبيع.
5ـ في مشكلة أخرى تظهر، في حالة إن الشريك يبيع “حصة مفرزة من المال الشائع”.
“مثلاً: واحد من الورثة يبيع شقة في البيت الموروث بدون إذن بقية الورثة”.
في هذه الحالة أمامنا فرضين:
الفرض الأول:
أن العقار يتم فرزه، والشقة تدخل في نصيب الشريك الذى باعها “وهنا البيع يكون صحيح”.
الفرض التاني:
إن الشقة تدخل ضمن نصيب شخص أخر من الورثة، “وهنا يكون البيع الذي تم قبل القسمة بيع باطل، لأنه بيع لملك الغير”.
رأى محكمة النقض فى الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة فى الطعن المقيد برقم الطعن رقم 97 لسنة 13 القضائية – حيث قالت فى حيثيات الحكم أن: “الملكية الشائعة لا تنصب إلا على حصة شائعة في أجزاء المال المشترك إلى أن تتميز بالفعل عند حصول القسمة”، ويجوز للجار الذي يملك على الشيوع أن يطلب الشفعة و لو لم يشترك معه باقي شركائه فى الملك، وذلك لأنه إنما يملك نصيبه فى كل ذرة من العقار المشترك.
وبحسب “المحكمة” – ولا يؤثر فى ذلك احتمال أن تسفر القسمة فيما بعد عن حرمانه من الجزء المجاور للعقار المشفوع، لأن القانون إنما يشترط أن يكون الشفيع مالكاً لما يشفع به وقت بيع العقار المشفوع و أن يبقى مالكاً له لحين الأخذ بالشفعة، وبقاء الجوار ليس شرطاً لبقاء الاستحقاق، فإذا حصلت القسمة قبل القضاء للشفيع بالشفعة ولم يختص بالجزء المجاور للعقار المشفوع سقط حقه فيها، أما إذا قضى له بها قبل حصول القسمة فلا يهم زوال ملكه الذى يشفع به بعد ذلك عن طريق القسمة أو عن طريق آخر”.