التنقيب عن الآثار..هل يكفى القانون لحماية آثار مصر؟
التنقيب عن الآثار..هل يكفى القانون لحماية آثار مصر؟
التنقيب عن الآثار..هل يكفى القانون لحماية آثار مصر؟
التنقيب عن الآثار من اسكندرية لـ”أسوان”.. هل يكفى القانون لحماية آثار مصر؟.. المشرع تصدى للإتجار بعقوبة تصل للمؤبد.. والآثار أجازت صرف مكافأة للمواطن حال إبلاغه.. والنقض اعتبرت الفعل غير مُجرم فى هذه الحالة
التنقيب عن الآثار أصبح وباء يجتاح المجتمع المصري من الإسكندرية إلى شلاتين ومن سيناء إلى حلايب حتى وصفه البعض بـ”هوس التنقيب” بغرض بيع الآثار للمهربين لتحقيق الثراء السريع، كما أن هوس التنقيب أدى إلى مصائب أخرى منها الاف المنازل التى تصدعت على مستوى الجمهورية من جراء عملية التنقيب عن الآثار حيث انهارت منازل على سكانها بعد البحث عن “الكنز المفقود”.
التنقيب عن المساخيط
في ذلك التقرير، نرصد عدة زوايا عن عملية “التنقيب عن الآثار” تتمثل فى مشاكل التنقيب ذاتها وضحايا النصب من البسطاء والجهلاء فى محافظات المحروسة المختلفة، وكيف يتجنب الشخص شراك الوقوع في جريمة التنقيب عن الآثار؟ وهل هناك مكافأة ترصدها الجهات المعنية حال العثور على منطقة أو قطعة آثرية والإبلاغ عن مكانها ومحتوياتها، وذلك في الوقت الذى تداول فيه العديد من هواة التنقيب عن الآثار الطعن رقم 1827 لسنة 80 الصادر من محكمة النقض المصرية والذى جاء فيه: “لا جريمة ولا عقوبة علي المتهمين بتهمة التنقيب عن الآثار ما دامت المنطقة التي تم التنقيب فيها ليست مسجلة كمنطقة أثرية”، وبمعنى آخر لا عقوبة ولا جريمة على القيام بأعمال التنقيب عن الآثار إذا كانت المنطقة ليست آثرية ولم يصدر قرار بشأنها من الوزير المختص باعتبارها أرضاً أثرية، الأمر الذى يؤدى بدوره إلى انتشار الجريمة بصورة واسعة.
التنقيب فى المحافظات
وفى تنفيذ جريمة التنقيب عن الآثار تتعدد الطرق والأدوات كل محافظة على حده فى الطريقة والأسلوب المتعارف عليه من الإسكندرية إلى حلايب وشلاتين ابتداءَ من استخدام البخور والزئبق الأحمر مروراَ بـ GBS انتهاءاَ بتقديم القرابين، حيث تأتى طريقة كل محافظة كالتالى:
الجيـزة: طلاسم الآثار
فى محافظة الجيزة بالقاهرة الكبرى، تنتشر بصورة كبيرة ظاهرة “طلاسم الآثار” التى تساعد بشكل كبير للاستدلال على أماكن الكنز المفقود عن طريق إشارات وعلامات ورموز مميزة لا يفهمها العامة من الناس، حيث أن الكنوز المطلسمة – بحسب الأهالى – هي الكنوز التي أعمال مانعة ناتجة عن أعمال سحر ورصد من الجن، بحيث تمنعك من الوصول إليه.
علامات بارزة
ومن المعروف أن الأهالي يستدلون على أماكن وجود الآثار عن طريق العلامات والإشارات والخرائط والرموز وفى الغالب إما أن تكون علامات محفورة أو بارزة أو جدران الجبال أو أسقف المغارات كما أن لها مدلولات يعلمها أصحاب الخبرة، حيث أن أشكال العلامات والرموز التي يستدل بها على الخبيئة العقارب، والأسد، والصليل، والتمساح، والمثلث، والقمر والشمس، وغيرها، والتى من خلالها يتم الكشف عن اتجاه وعمق الدفين والمكان والبُعد كل شكل يمتاز بمعنى يعلمه المنقبون.
محافظة المنيـــا: موتور وفأس
محافظة المنيا تعد من أكثر وأشهر محافظات جمهورية مصر العربية فى الإتجار بالآثار والتنقيب حيث تتركز مناطق التنقيب عن الآثار والإتجار بها بمركز بنى مزار وأبرز تلك القرى هى قرية البهنسا الأثرية حيث أن لها قيمة أثرية كبرى، وكذا قرى غرب مركز أبو قرقاص وعدد من قرى مركز ديرمواس ومنطقة الشيخ عبادة بمركز ملوى جنوب المنيا.
فيما تتنوع بشكل كبير أساليب التنقيب عن الآثار فى محافظة المنيا بالحفر والطرق التقليدية في البحث، حيث أن هناك أدوات مستحدثة حيث يتم استخدام أدوات التنقيب والحفر العادية إلى جانب استخدام أحدث وسائل التنقيب من بينها جهاز الكشف عن الآثار والذي يبلغ نحو 3 ملايين جنيه وموتور لرفع المياه وعدد من الفئوس.
قنـــا: GBS
“جلب البخور” من أبرز الطرق المستحدثة والمستخدمة في رحلة البحث عن الآثار فى جنوب الصعيد وعلى رأسها محافظة قنا، على الرغم من أن هذه الطريقة تتكلف الآلاف بل وأحيانا تصل إلى الملايين، إلا أن الراغبين في الحصول على حلم الثراء لا يبخلون.
عملية البحث عن الآثار فى محافظة قنا تبدأ بإجراء بعض الطقوس السحرية المطلوبة والغريبة مثل إحضار جثة طفل صغير متوفى أو إحضار بخور من نوعية معينة وغالبا ما يكون هذا البخور هو الطقس المغربى، والزئبق الأحمر من أجل تحضير بعض المشايخ للقراءة وجلب الجن السفلى الذي يعد هو الحارس على تلك الأمانة الأثرية.
الأمر لم يقتصر على ذلك وإنما يتم أحياناَ الاستعانة بخبراء وفنيين من محافظة الأقصر يحملون جهاز GBS الذي يزعمون أنه يكشف عما في باطن الأرض من كنوز وآثار، نظير مبلغ كبير، فضلاَ عن أنه في حال تطور الأمر يكون صاحب الجهاز له نصيب في اقتسام الكنز الأثري.
بنى سويـف: طوريا ومقطف وحبال
وفى محافظة بنى سويف أصبح البحث عن الآثار حلم بعيد المنال يراود مئات الشباب، حيث أن عملية التنقيب والحفر فى المحافظة تكون فى العادة سراَ وليلاَ وتكون بأسلوب بدائى غير علمى يتسبب عنه كوارث وخسائر في الأرواح كانهيار الحوائط أو المنازل أو الممرات والسراديب على رأس القائمين على الحفر، والحفارين يستخدمون أدوات الحفر الخفيفة مثل “طوريا ومقطف وحبال” في المناطق الجبلية التي يصعب دخول المعدات الثقيلة إليها لأنها عبارة عن تلال وجبال.
أسيـوط: طلاسم على أجساد العذارى
التضحية بالماضي من أجل العيش في المستقبل هذا هو الحال في محافظة أسيوط، فحلم الثراء السريع والبحث عن المال أصبح حلمًا يراود الكثيرين من مواطني أسيوط وبخاصة فئة الشباب الذين أصابهم هوس التنقيب والبحث عن الآثار.
طرق التنقيب عن الآثار فى أسيوط مُتعددة للغاية، ولعل الحفر وبخور الطقش المغربي من أيسر تلك الطرق، حيث أن هناك كنوز لا يمكن فتحها إلا عن طريق القتل، حيث تحتاج المقبرة في بعض الأحيان إلى قتل شخص ونشر دمائه بأعلى المقبرة، أو التضحية بعدد من الأطفال، ولذلك كانت هناك فترة انتشرت فيها حالات اختطاف الأطفال، كما توجد طريقة أخرى لكنها تعد نادرة الحدث، وهي أن يقوم “الشيخ” بكتابة مجموعة من الطلاسم على جسد فتاة عذراء، مشيرًا إلى أن لكل مقبرة أو كنز طريقة فتح وذلك حسب نوع السحر المستخدم في تأمين المقبرة.
الأقصـر: قرابين آدمية
البحث والتنقيب عن الآثار حلم لا ينتهي في الأقصر والباحثون عنه كثيرون وحلمهم بالعثور علي ذلك الكنز المدفون لا ينتهي وعمليات البحث ليس لها مكان محدد بالأقصر.
الرصد الفرعوني وعمليات التنقيب في عمليات الرصد عن طريق تقديم القرابين والدماء البشرية للرصد، كما حدث في مدينة أرمنت جنوب الأقصر حين راح شاب ضحية لمثل تلك الأعمال، التي يسعي القائمون بها للوصول الي الكنوز الفرعونية وكذلك حادثة اختطاف طفل لتقديمه كقربان للكشف عن كنز فرعوني بقرية العشي شمال الأقصر، ونجاته من موت محقق بعد إنزاله بالحبال داخل بئر لتقديمه قربانا لما يسمي بالرصد والذي يعتقد المشعوذون في قيامه بحراسة أحد الكنوز الاثرية، حيث ينشط المشعوذون في القري والنجوع المتآخمة للمناطق الأثرية بحثا عن الآثار والذين يطلبون أحيانا قرابين آدمية الرصد حارس الكنز ويبثون في تلك الأوساط انه جني يرفض اقتراب أحد من كنزه الذي يحرسه ربما منذ أكثر ثلاثة آلاف عام وهي أقصي عمر للرصد كما تشيع الحكايات الشعبية.
البحر الأحمـر: غواص الآثار
الصحراء لم تكن المكان الوحيد الذي تتجه إليها أنظار وأحلام “تجار الآثار” فقد بدأت خلال السنوات القليلة الماضية رحلات “غوص” في مياه البحر الأحمر بحثا عن “كنوز غارقة” أو بقايا “أثرية” لم تصل إليها يد السلطات.
البحيـرة: حفر وقرآن
يتناوب الأشخاص الحفر والبحث وقراءة القرآن في نفس الوقت فى محافظة البحيرة، وأثناء البحث عن الآثار، فواحد أو أكثر يقرأ القرآن ويؤذن والبقية يبحثون وينقبون عن الكنز، المهم أن لا يتوقف عن التحصين وقراءة القرآن من أجل إبعاد وصرف الرصد خلال البحث.
وفى نفس السياق يستخدم البعض أجهزة متطورة للبحث على اماكن الدفائن عن طريق الاجهزة اما الحديثة او القديمة فمن الاجهزة الحديثة مثلا الاجهزة الطبقية والتي تقوم بتصوير الارض المراد البحث فيها، أما أجهزة اعواد النحاس او اعواد الرمام او اعواد الزيتون فغالبا ما يستخدمها الناس في البحث عن الآثار
الدقهليـة: أقمار صناعية وسحرة
هناك نوعان من الباحثين عن الاثار فى محافظة الدقهلية، النوع الأول هو عادة مايكون من المهندسين العاملين في شركات البترول والمعامل الكيماوية ومعهم تجار وشخصيات مرموقة والذين يعملون بطريقة علمية في البحث عن الاثار حيث يستخدمون أجهزة حديثة جدا في الكشف عن المعادن الثمينة وهي أجهزة مستوردة وعادة لاتتوافر إلا بشركات التنقيب عن البترول.
هؤلاء المهندسون بمشاركة تجار الآثار لا يعملون إلا في الليل ويستأجرون أحد الاقمار الصناعية لمدة 59 ثانية أى أقل من دقيقة واحدة حتي لا تتمكن هيئة الآثار من تتبع ما يصوره هذا القمر.
وهنا من يلجؤون الي الاستعانة بأحد السحرة الذي يقوم بتحضير الجان لمساعدتهم في تحديد مكان الآثار.
المنوفيــة: خدعة الألباستر
ربما تكون صناعة قطع الألباستر الفرعونية المقلدة سببا في الهوس الأثري بعدما يقوم المشعوذون بوضع عشرات من القطع المصنعة من الألباستر داخل المنازل فى منطقة قويسنا بالمنوفية، وبمجرد حفر صاحب المنزل يعثر عليها وتكون تلك القطع هي الطعم الذي يبتلعه صاحب المنزل وحال عملية البيع والشراء ومع القاء القبض عليهم وانتداب النيابة لجنة من الآثار ينكشف المستور بأن القطع مقلدة، إلا أنه غالبا ما يعتقد الباحثون عن الوهم أن الشرطة قامت بتغيير القطع الأصلية واستبدالها بقطع مزيفة لتستمر مسيرته مرة بعد الأخري بحثا عن الوهم والتنقيب عن الكنز المنتظر.
الشرقيـة: مشايخ وقتله
عمليات التنقيب عن الآثار فى الشرقية تعتمد على طرق بدائية قديمة ولكنها معروفة لدى أبناء الشرقية، إما عن طريق الاستعانة بأحد المشايخ الذين يشتهرون بالتعامل مع الجن أو الحراس الفرعونيين المكلفين بحراسة هذه الخبيئة أو الكنز الفرعونى منذ آلاف السنين.
عقوبة التنقيب عن الآثار
وعن عقوبة التقيب عن الآثار، يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض عبدالرحمن عبدالبارى الشريف، أنه ينص القانون رقم 117 لسنة 1983 على عقوبة السجن لمدة تتراوح بين 5 إلى 7 سنوات، والغرامة من 5 آلاف جنيه إلى 7 آلاف جنيه، ونص الدستور في المادة – 49 – التى تلزم الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها، ورعاية مناطقها، وصيانتها، وترميمها، واسترداد ما استولى عليه منها، وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه، إلا أن ترسانة قوانين الآثار التي بدأت منذ نحو 179 عاماً بمرسوم عام 1835، وتحظر التصدير غير المصرح به للآثار خارج مصر، حتى صدور قانون رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته في 2010، مروراً بعشرات التعديلات القانونية، لم تمنع وجود ثغرات سمحت بالعبث بالآثار المصرية، سواء بتهريبها أو الاتجار بها أو بهدم قصور ومبانٍ أثرية لا مثيل لها، حيث حذر خبراء الآثار من الثغرات الموجودة بقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010، بسبب ضعف عقوبة تهريب وسرقة الآثار والتنقيب العشوائي عنها.
مواد العقوبات
ووفقا لـ”الشريف” في تصريح لـ”اليوم السابع” – أن مسألة هوس التنقيب عن الآثار والبحث عن الثراء السريع، أعمى عيون البعض من أصحاب النفوس الضعيفة عن العقوبات التى قد تلاحقهم حال قيامهم بأعمال التنقيب أو محاولة بيع الآثار وتهريبها خارج البلاد، حيث تنص المادة 41 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 والقانون رقم 61 لسنة 2010 واللائحة التنفيذية للقانون، على: “يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف جنيه كل من قام بتهريب أثر إلى خارج مصر أو اشترك فى ذلك، ويحكم فى هذا الحالة بمصادرة الأثر محل الجريمة والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فيها لصالح المجلس”.
وعلى مدار السنوات الماضية، وقع العديد من جرائم التعدى على الآثار المصرية، بداية من تنقيب بعض المواطنين الحالمين بالثراء الفاحش عند عثورهم على الكنوز الفرعونية أسفل منازلهم أو الأراضى التى يمتلكونها فى مختلف محافظات مصر، أو محاولة بيع هؤلاء للقطع الأثرية التى وجدوها، أو التهريب خارج مصر بمختلف الطرق، ليكتمل المشهد بإقامة المزادات العلنية فى دول الخارج لبيع الآثار، الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل وصل لإهانة تلك الممتلكات بأفعال مخالفة للآداب كان أبطالها من أصحاب الجنسيات الأجنبية، وخلال شهر فبراير الماضى وتحت قبة البرلمان، تمت الدعوة لمناقشة قانون رقم 117 لسنة 1983 الخاص بحماية الآثار من أجل تعديل القانون وتغليظ عقوبات المعتدين على كنوز مصر بمختلف عصورها – الكلام لـ”الشريف”.
من جانبه، قال الخبير القانوني والمحامى محمد الصادق – نصت المادة 42 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 والمعدل بالقانون رقم 3 لسنة 2010 والقانون رقم 61 لسنة 2010 واللائحة التنفيذية للقانون على:
1- يعاقب بالسجن المشدد، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه كل من “سرق أثراً أو جزءاً من أثر أو أشترك فى شيء من ذلك سواء أكان الأثر من الآثار المسجلة المملوكة للدولة أو المعدة للتسجيل أو المستخرجة من الحفائر الأثرية للمجلس أو من أعمال البعثات والهيئات والجامعات المصرح لها بالتنقيب، ويحكم فى هذا الحالة بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات والآلات والسيارات المستخدمة فى الجريمة لصالح المجلس.
2- هدم أو أتلف عمداً أثراً منقولاً أو ثابتاً أو شوهه أو غير معالمه أو فصل جزءاً منه عمداً أو اشترك في ذلك، 3 أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص أو اشترك في ذلك”، وتكون العقوبة في الحالات السابقة بالسجن والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد على مائتين وخمسين ألف جنيه، إذا كان الفاعل من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار، أو من مسئولي أو موظفي أو عمال بعثات الحفائر، أو من المقاولين المتعاقدين مع المجلس أو من عمالهم.
وبحسب “الصادق” في تصريح خاص نصت المادة 42 مكرر على: “يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على مليونى جنية كل من سرق أثراً أو جزءاً من أثر مملوك للدولة، وتكون العقوبة السجن لمدة لا تجاوز 5 سنوات والغرامة المنصوص عليها فق الفقرة الأولى لكل من قام بإخفاء الأثر أو جزء منه إذا كان متحصلاً من أيه جريمة، وفى جميع الأحوال يٌحكم بمصادرة الأثر والأجهزة والأدوات الآلات والسيارات المستخدمة فى الجريمة لصالح المجلس الأعلى للآثار.
كما نصت المادة 43 على: “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 5 سنوات وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه كل من قام بـ”نقل بغير إذن كتابى صادر من المجلس أثرا مملوكا للدولة أو مسجلا أو نزعه من مكانه، حول المبانى أو الأراضى الأثرية أو جزءا منها إلى مسكن أو حظيرة أو مخزن أو مصنع أو زرعها، أو أعدها للزراعة أو غرس فيها أشجارا أو اتخذها جرنا أو شق بها مصارف أو مساقى أو أقام بها أية إشغالات أخرى أو اعتدى عليها بأية صورة كانت بدون ترخيص طبقاً لأحكام هذا القانون، زيف أثراً من الآثار القديمة.
مساعد وزير الداخلية الأسبق
وفى سياق أخر – يقول مجدى البسيونى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن جرائم الآثار تنقسم إلى 3 وقائع، الأولى: التنقيب، والثانية: السرقة أو التجارة، والأخيرة: التهريب خارج مصر، وأن دور شرطة ومباحث الآثار هو جمع التحريات والمعلومات المطلوبة وتسليمها إلى الجهات المختصة، إضافة إلى تأمين تلك الجهات أثناء تنفيذ الضبط، مؤكداَ أنه مهما كان رجل ضليع فى الآثار لن يمكنه الفهم مثل المتخصص حيث أنه فى العديد من عمليات التنقيب انهارت الكثير من المنازل على الأشخاص الذى نقبوا أسفلها، وأن تلك الوقائع تحدث فى المناطق المشتبه أو المرجح أنها تكون أثرية، والتى من المفترض أن يعلمها المختصون داخل الوزارة.
وأوضح “البسيونى” في تصريحات خاصة – على هؤلاء المسئولين تحديد تلك المناطق جيداً، وبعدها يتولون مأمورية التواصل مع أصحاب المنازل التى من المحتمل وجود أسفلها آثار، والاتفاق بين الطرفين أن يقوم المختصون التابعون للوزارة بالحفر، وإذا وجدوا بالفعل قطعاً أثرية تُحدد له نسبة جيدة من كل ما يُستخرج من أسفل منزله، وبالتالى سيتجنب صاحب المنزل الخطورة، ويتم تقنين التنقيب بوضع سليم، وتتحمل الدولة تكاليف الحفر كاملة»، وردد قائلاَ: “كدة لا البيت هيقع ولا هينهار عليهم، والكل هيستفيد، سواء الدولة أو صاحب البيت، وده الحل الأنسب لأزمة التنقيب”.
ويرى مساعد وزير الداخلية الأسبق أن توعية المواطنين إعلامياً مهمة للغاية لمكافحة التنقيب، إضافة إلى إقامة ندوات بالمناطق الأثرية، وأنه يجب أيضاً الانتباه إلى الأراضي التابعة للآثار الخالية والمُعين عليها الخفر، وإحاطتها بسلك شائك، لأن هؤلاء لا يذهبون إليها وتترك خالية، موضحاً أن تركيز المباحث المختصة على تُجار الآثار مهم لأنهم حلقة الوصل، وردد قائلاَ: “ولو ركزنا عليهم هنقطع الطريق على التهريب”.
حكم محكمة استئناف القاهرة
أصدرت الدائرة “7” طعون نقض الجنح – بمحكمة استئناف القاهرة – حكماَ فريدا من نوعه، رسخت فيه لمبدأ قضائي أرسته محكمة النقض بشأن التنقيب عن الآثار، قالت فيه: “التنقيب عن الآثار يخرج عن دائرة التجريم طالما تمت فئ أرض ليست ملك للدولة أو منطقة ليست أثرية، وقيام المتهم بالحفر فى منزله للتنقيب عن الآثار غير كافي للإدانة، حيث كان يجب على محكمة الموضوع استظهار علة التجريم، وهي هل الأرض المقام عليها العقارية أثرية أو صدر بشأنها قرار بأنها ضمن منطقة أثرية”.
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 32770 لسنة 8 قضائية، برئاسة المستشار وجيه شمس الدين، وعضوية المستشارين كمال الدين عليش، وعمرو الإكيابى، وبحضور وكيل النيابة عمرو حجازى، وأمانة سر عماد عبد الرازق.
محكمة المتهم يستند على ماهية الأرض
ومما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة التنقيب عن الأثار دون ترخيص قد شابه القصور فى التسبيب والبيان، ذلك أنه لم يبين ماهية الأرض التى تم الحفر بها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
التنقيب عن الآثار يخرج عن دائرة التجريم طالما تمت فى أرض ليست ملك للدولة أو منطقة ليست أثرية
المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أنه من المقرر وفقا لنص المادة الثالثة من القانون رقم 113 لسنة 1983 المعدل بشأن الأثار أنه: “تعتبر أرضاَ أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على أرض الوزير المختص بشئون الثقافة، ويجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة إخراج أية أرض من عداد الأراضي الأثرية أو أراضي المنافع العامة للآثار إذا ثبت للمجلس خلوها من الآثار، أو أصبحت خارج أراضي خط التجميل المعتمد للآثار.
ووفقا لـ”المحكمة” – كان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة أن يبين واقعة الدعوى بياناَ تتحقق به أركان الجريمة والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، والذى أنشأ لقضائه أسباباَ جديدة – قد قصر على القول بأن الحفر أجرى بمنزل الطاعن بغرض التنقيب عن الأثار بغير أن يبين ماهية تلك الأرض، وما إذا كانت أثرية فى مفهوم أحكام القانون سالف الذكر ولم يحصل الأدلة التى استخلصت منها المحكمة ذلك، واكتفى بالإحالة إلى تقرير اللجنة دون أن يعرض مضمونه، فإنه يكون فى هذا الخصوص قد جاء معيباَ بالقصور فى التسبيب، والبيان مما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة لبحث باقى أو الطعن.
حكم محكمة النقض الذى أرسى المبدأ عام 2014
يشار إلى أنه بالرجوع إلى الأسباب وراء تلك الأحكام بالبراءة هو ما ذكرته محكمة النقض فى الطعن رقم 1827 لسنة 80 تاريخ الجلسة 14 أبريل 2014، والذى جاء فيه: “لا جريمة ولا عقوبة علي المتهمين بتهمة التنقيب عن الآثار ما دامت المنطقة التي تم التنقيب فيها ليست مسجلة كمنطقة أثرية، ولا عقوبة ولا جريمة على القيام بأعمال التنقيب عن الآثار إذا كانت المنطقة ليست آثرية ولم يصدر قرار بشأنها من الوزير المختص باعتبارها أرضاً أثرية”.
وبحسب “المحكمة” – أنه إذا كان الحكم المطعون عليه قد انتهى إلى أنه قد تبين للمحكمة من أقوال الشاهدين أن المسكن الذي أجريت به أعمال الحفر لم تنزع ملكيته ولم يصدر بشأنه قرارات إدارية أو وزارية باعتبار أرضه أثرية، ولا ينال من ذلك أنها قد أجريت دراسات أثرية بالمنطقة عام 1984 إلا أنه لم يصدر بشأنها قرارات باعتبارها منطقة أثرية، الأمر الذي ترى فيه المحكمة أن الجريمة المسندة إلى جميع المتهمين في هذا الاتهام غير متوافرة الأركان، مما يتعين القضاء ببراءتهم عملا بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية”.
وتؤكد: ضرورة إصدار قرار بشأنها من الوزير المختص أنها أثرية
وقالت المحكمة في أسباب حكمها إنه من المقرر وفقا لنص المادة الثالثة من القانون رقم 113 لسنة 1983 بشأن الآثار أنه: “تعتبر أرضاً أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة”، لما كان ذلك، وكان مؤدى ما سلف أن القانون حدد المناطق التي يسري عليها هذا الحظر وهي الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بقانون الآثار أو التي صدر قرار باعتبارها أرضاً أثرية، وكذلك الأراضي المتاخمة لتلك الأراضي التي تقع خارج نطاقها والتي تمتد إلى مسافة ثلاثة كيلومترات في المناطق المأهولة أو المسافة التي تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر في غيرها من المناطق.
وكان الحكم المطعون- وفقا لـ”المحكمة” – فيه قد أسس قضائه بالبراءة – على نحو ما سلف – على سند من أن المنطقة التي قام المتهمون بالحفر فيها ليست منطقة أثرية، وأنها ليست مملوكة للدولة ولم يصدر قرار بشأنها من الوزير المختص باعتبارها أرضاً أثرية، كما أنها لا تدعي بأنها من الأراضي المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها، أو أنها من الأراضي الصحراوية، أو المناطق المرخص بعمل محاجر فيها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد يكون أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون غير سديد .
هل للمواطن مكافأة حال العثور على قطعة آثرية؟
وبعد أن انتشرت فى الفترة الأخيرة عمليات التنقيب عن الآثار أسفل المنازل، خاصة فى صعيد مصر، بحثًا عن الثراء الشريع ولو كان بعمليات غير مشروعة كتهريب آثار الوطن خارج البلاد، غير أن ربما يعٌثر أى مواطن مصادفة على قطع أثرية أسفل منزله أو فى أى مكان، وهنا يبين قانون حماية الآثار للمواطن كيفية التصرف ليجنب نفسه العقوبة المقررة.
وبحسب قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1991، فقد نصت المادة رقم 23 و24 على الآتي:
على كل شخص يعثر على أثر عقاري غير مسجل أن يبلغ هيئة الآثار به، ويعتبر الأثر ملكا للدولة
على الهيئة أن تتخذ الإجراءات اللازمة للمحافظة عليه ولها خلال 3 أشهر إما رفع هذا الأثر الموجود فى ملك الأفراد، أو اتخاذ الإجراءات لنزع ملكية الأرض التى وجد فيها أو إبقائه فى مكانه مع تسجيله طبقا لأحكام هذا القانون ولا يدل فى تقدير قيمة الأرض المنزوع ملكيتها قيمة ما بها من آثار.
وللهيئة أن تمنح من أرشد عن الأثر مكافأة تحددها اللجنة الدائمة المختصة إذا رأت أن هذا الأثر ذو أهمية خاصة.
على كل من يعثر مصادفة على أثر منقول أو يعثر على جزء أو أجزاء من أثر ثابت فيما يتواجد به من مكان أن يخطر بذلك أقرب سلطة إدارية خلال ثمان وأربعين ساعة من العثور عليه وأن يحافظ عليه حتى تتسلمه السلطة المختصة وإلا اعتبر حائزا لأثر بدون ترخيص
على السلطة المذكورة إخطار الهيئة بذلك فورا، ويصبح الأثر ملكا للدولة وللهيئة إذا قدرت أهمية الأثر أن تمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة المختصة.