“تزوجت منذ ما يقرب من 3 سنوات، ورزقني الله من زوجتي بالصغير (أحمد)، ومع مرور الوقت تمكنت المشاكل من دخول البيت وحاولت أن أنهى هذا الأمر، إلا أن الحكاية انتهت بالتفريق بينى وبين زوجتي رغم أنى تزوجتها عن حب، ولكن عملية الانفصال لم تكن طبيعية فلم تكن طلاقا ولا خلعاَ متعارف عليه”.. بهذه الكلمات بدأ “على. س”، 31 سنة، محافظة القاهرة، سرد مأساته لـ”اليوم السابع” في محاولة لإيجاد حلول شرعية وقانونية لها.

وتابع: “قامت زوجتي بخلعي بطريقة (الخلع الأمريكاني) وهذه الطريقة تتمثل في أن تكون الزوجة بيدها حكم الطلاق خلعا، وبمناقشة المطلقة التي تريد الزواج بزوج أخر تكتشف أن الطلاق تم بدعوى خلعا أمام محكمة الأسرة، خلعا أمريكاني وهو بطريقة خداع وغش بصحيفة دعوى كتب فيها عنوان الزوج خطأ وغير صحيح، أي في عنوان لا يقيم الزوج به وليس له محل إقامة به، قد تلجأ بعض النساء الي رفع دعوى خلع دون اعلان الزوج علي محل اقامته الصحيحة أو الاعلان الأمريكاني.. فما هو الحل القانوني لهذا الأمر وهل يجوز شرعاَ؟”.  

بطلان من طلقت بحكم المحكمة بدون اعلان الزوج

وللإجابة على تلك الإشكالية ، بطلان من طلقت بحكم المحكمة بدون اعلان الزوج حيث أن “الخلع الأمريكاني” هو أن ترفع الزوجة قضية خلع في المحكمة بدون علم الزوج، فتقوم باصطناع ما يسمى بـ “الإعلان الأمريكاني”، وهو عبارة عن إعلان الزوج على عنوان السكن إداريًا، في حال عدم وجوده بالمنزل، كي لا تصل إليه الدعاوى، وتسير إجراءات قضية الخلع من دون علم “الزوج”، رغم ممارستها لعلاقتها الزوجية بشكل طبيعي معه، وتعتبر المحكمة أن الإعلام تحقق وانعقدت الخصومة بعد إعلان الزوج مرتين ولم يحضر أمام المحكمة، وأسباب لجوء المرأة للخلع دون اعلان الزوج علي العنوان الصحيح يعود لـ 4 أسباب كالتالى:

أولا:

في حالة الزوج المغترب والذي يعمل بالخارج، فتتربص الزوجة به وتأخذ ماله وفي نفس الوقت ترفع دعوى خلع حتى إذا حضر الزوج وجد نفسه مخلوعا وقد اخذت الزوجة تحويشة عمره في الغربة.

ثانيا:

وجود مشاكل كبيرة وخلافات أسرية بين الزوجين وترغب الزوجة في انهاء الاجراءات بسرعة دون الدخول في المناوشات القضائية، وتطويل آمد التقاضي، فتختصر الأمر بالإعلان الامريكاني علي محل إقامة غير صحيح للزوج.

ثالثاَ:

قد تخشى الزوجة مواجهة الزوج في الخلع، بسبب عنفه أو شدته أو كونه بلطجي، فتلجأ إلي الخلع الامريكاني لتضمن عدم حضور الزوج ويبطش بها ويتعدي عليها .

رابعا:

الحالة الرابعة التي تلجأ المرأة فيها إلى الخلع الأمريكاني دون اعلان الزوج اعلان صحيح وهي أن يكون هناك مقدم صداق عالي غير مقدم الصداق الصوري المثبت في وثيقة الزواج علي يد مأذون شرعي، وتخشي أن يقوم الزوج بتقديم واثبات مقدم الصداق الحقيقي، فيلزمها القاضي برد مقدم الصداق الحقيقي وليس الثابت في وثيقة الزواج عند المأذون الشرعي ليحكم بالخلع. 

لا تتحقق الخصومة القضائية إلا بالإعلان الصحيح قانونا 

حيث يتم اعلانه علي هذا العنوان وهو غير موجود ولم يستدل عليها، وحيث انتقل محضر المحكمة إلي محل اقامة الزوج المدون بصحيفة وعريض دعوى الخلع، فوجد المكان مغلق فيتم اعلانه علي قسم الشرطة في مواجهة مأمور القسم، وحيث أن هذا الحكم قد حكم به بناء علي تدليس وغش من الزوجة التي دونت عنوان غير صحيح للمدعي عليه وهو الزوج، فهو حكم باطل قانونا.   

وهو ما أكدته محكمة النقض في الدعوى  رقم 10158 لسنة 78 قضائية بجلسة 8 يناير 2012 – والطعن رقم 772 – لسنة 45 قضائية بجلسة 21 أبريل 1981: “أن اعلان صحيفة الدعوى بطريق الغش في غير موطن المدعي عليه أو عدم اعلانها يترتب عليه انعدام الحكم، ويجوز رفع دعوى اصلية ببطلان الحكم المعدوم، حيث ان صحيفة افتتاح العوى هي الاساس التي يبني عليه كل الاجراءات وحيث أنه بني علي غش فهو باطل، وما بني علي باطل فهو باطل حيث أن اعلان المدعي صحيفة الدعوى علي عنوان يعلم أن المدعي عليه لا يقيم فيه فهو من قبل الغش الذي يجعل الحكم منعدما ويترتب عليه بطلان الاعلان و اعتبار الحكم منعدما “.   

يجوز رفع دعوى بطلان للحكم إذا كان حكما منعدما بني علي غش

ويجوز رفع دعوى قضائية أصلية ببطلان الحكم المنعدم وفى هذا قضت محكمة النقض – أن قاعدة “الغش يبطل التصرفات” هي قاعدة قانونية سليمة ولو لم يجر بها نص خاص في القانون، وتقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال، وعدم الانحراف عن جادة حسن النية الواجب توافره في التصرفات والإجراءات عموما صيانة لمصلحة الأفراد والجماعات، ولذا يبطل الحكم إذا ثبت أنه صدر عن إجراءات تنطوي على غش بقصد منع المدعى عليه من العلم بالدعوى وإبداء دفاعه فيها رغم استيفائها ظاهريا لأوامر القانون، ويجوز إثبات الغش – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بكافة طرق الإثبات القانونية ومنها البينة والقرائن.  

4 شروط لقبول الخلع

وحيث أن الخلع يقع أمام المحكمة بـ3 خطوات وهي اعلان الزوج اعلان صحيح قانوني ثم عرض الصلح علي الزوجين وهو شرط جوهري ثم اقرارا الزوجة بأنها تخشى ألا تقيم حدود الله وتبغض العيش في كنف الزوج،  ورد مقدم الصداق للزوج و بتنازل الزوجة عن كافة حقوقها الشرعية من مؤخر صداق المثبت في وثيقة الزواج عند المأذون الشرعي ونفقة العدة ونفقة المتعة، ثم وجب عليها رد مقدم الصداق الحقيقي وليس المثبت في وثيقة الزواج عند مأذون شرعي، حيث وجب عليها شرعا رد مقدم الصداق المثبت في وثيقة عقد الزواج عند المأذون ورد الشبكة المثبتة في قائمة المنقولات الزوجية وهو رد واجب طبقا للشريعة الإسلامية، وما قام به النبي صل الله عليه وسلم عندما قال لمرأة ثابت امهرك شيء قالت نعم حديقة، قال النبي ردي عليه الحديقة وطلقها تطليقه .

الأزهر: للحكم حجيته إلي أن يتم الطعن عليه قضائيا أمام المحكمة

وفي سؤال موجهة لمركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية عن حكم وقوع الطلاق في حالة الخلع دون الاعلان القانوني الصحيح، جاء رد الأزهر بأن الشريعة الاسلامية جعلت الخلع من طرق انهاء الزوجية وهو ما يسمى الطلاق علي مال أو طلاق العوض وهو مشروع، وجاء به قانون الاحوال الشخصية الجديد رقم 1 لسنة 2000 في مادته 20 من جواز أن يتم الخلع بالتراضي بين الزوجين عند المأذون الشرعي.

وفي حالة عدم موافقة الزوج علي الخلع عند مأذون شرعي، للزوجة أن تلجأ لرفع دعوى خلع أمام المحكمة بعد تنازلها عن حقوقها الشرعية السابق ذكرها، فإذا صدر الحكم خلعا فهو حكم بات نهائيا حاز حجية الأمر المقضي قانونا وشرعا، فإذا كان هناك غش أو تدليس وجب على الطرف الأخر اللجوء للمحكمة واثبات التزوير أو الغش باتباع الاجراءات القانونية حتى يحصل علي حكم قانوني ببطلان الطلاق أو بطلاق الحكم القاضي بالخلع.

رأى القانون في الخلع الأمريكاني

أن الخلع الأمريكاني تلجأ له بعض الزوجات للهروب من العنف أو قسوة معاملة الزوج إذا طلبت منه الطلاق أو إذا علم بأنها تطلب الخلع فتضطر بعدم إعلانه.

 أن هناك زوجات يسافر أزواجهن فجأة ولا يعلمن عنهم أى شيء فتكون مهجورة وفى هذه الحالة وتيسيرا للإجراءات تضطر لكتابة عنوان سكنه المحلى رغم سفره وتحصل على ورقة الطلاق التى تجيز لها الزواج مرة أخرى للتخلص من هجر زوجها لها فلا منها متزوجة ولا منها مطلقة، وعلى الرغم من أن الأصل أن يعلم الزوج لكن هناك زوجات يخشين التعدى عليهن بالعنف أو التعرض لهن، وكذلك الخوف من الفضيحة فى حالة ذهب المحضر من المحكمة بالدعوى إلى محل عمله أو سكنه فتضطر لكتابة عنوان آخر.

أن الخلع حق للزوجة فى حالة عدم قدرتها على تحمل المعيشة مع زوجها خاصة إذا كان لا يراعى الله أو يتقيه فى التعاملات الزوجية والأسرية وفى بعض الظروف، لكن الأساس فيه إعلام الزوج لكن بعض الزوجات تكتب عنوانًا إداريًا – ليس شرطا أن يكون محل إقامته الحالي – كى لا تعلم زوجها، فتعيش معه وتأكل وتشرب وتسكن وما إلى ذلك وعند الحكم لها بالخلع لا يجدها فجأة ويعلم من العمل أو من أى جهة أخرى أنها حصلت على الطلاق.

سيناريوهات الزوجة في الحصول على الخلع الأمريكانى

 إن عدم إعلام الزوج وكتابة عنوان آخر فى دعوى الخلع التى ترفعها الزوجة يرجع إلى ضمير الزوجة فهناك زوجات لا يعلمن أزواجهن بالفعل خوفًا من أهله أو من الزوج نفسه لذلك يلجأن إلى ما يسمى بـ”الخلع الأمريكانى”.

وهناك عدة طرق من أجل الحصول على الخلع دون علم الزوج أبرزها اتفاق الزوجة مع حارس العقار أو مع أحد السكان فى العنوان التى سجلته على أنه عنوان الزوج ليتسلموا من المحضر الإعلان القادم من المحكمة أو أن يتم إعلام المحكمة من المحضر أن هذا ليس عنوان الزوج وغير مقيم فيه وفى هذه الحالة يتم الإعلان للزوج فى مواجهة النيابة، وهذا يعنى أن رئيس نيابة المنطقة المذكورة فى العنوان هو المخول بإعلانه والاستعلام عن الزوج فى الدعوى، وبالتالي يصبح وكيل النيابة خصما بدلا من الزوج لعدم الاستدلال على عنوانه ويتم تداول الدعوى فى غيبة عن الزوج ويتحكم فيها بالخلع وبموجب الحكم تحصل أيضًا فى هذه الحالة الزوجة على الحكم علما بأن الحكم بالخلع أصبح نهائيا باتا لا يجوز الطعن عليه ولا استئناف ولا نقض.